کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 94

لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ الأذن التي تعي الحقائق الناصعة إنها تعي آية سفينة نوح، بما على لوحتها من آيات، و أوعى الآذان آذان النبيين، و أوعاها بينهم جميعا أذن الرسول الأقدس محمد عليه السلام. فحياته وعي للحقائق دون نسيان، و يخلفه في وعيه الشامل أذن علي عليه السلام. و على حد

قوله (ص) لما نزلت آية الأذن، «سألت ربي أن يجعلها أذن علي قال مكحول فكان علي يقول: ما سمعت من رسول اللّه (ص) شيئا فنسيته» «1»

و

عن علي (ع): ضمني رسول اللّه (ص) و قال: أمرني ربي أن أدنيك و لا أقصيك و أن تسمع و تعي‏ «2»

[سورة الحاقة (69): الآيات 13 الى 18]

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (13) وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (15) وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (16) وَ الْمَلَكُ عَلى‏ أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (17)

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى‏ مِنْكُمْ خافِيَةٌ (18)

فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ هي الأولى من نفختي الإماتة و الإحياء و الواحدة توحي بنفاذها و سرعتها و شدة مفعولها دون مهل و لا فشل، نفخة و صرخة تسمع أعماق الكائنات و تصرعها و تمحقها كأن لم تكن، و على أثر هذه النفخة المدمرة:

وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً : نفخة واحدة تخلق دكة واحدة، واحدة في عدها، مزدوجة في شدها و مدها: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (89: 21) : يسمع منها صوت الدكداك: أشد الدقّ الذي يسحق و يبدل الشي‏ء إلى أجزاء دقاق كالدقيق.

(1). الدر المنثور 6: 260، و قد اخرج في غاية المرام ستة عشر حديثا مثله عن طريق الفريقين.

(2) رواه ابو نعيم في الحلية و الواحدي في اسباب النزول عن بريدة و ابو القاسم بن حبيب في تفسيره عن زر بن حبيش عن علي (ع) و رواه في تفسير روح البيان ج 10 ص 136.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 95

فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ : واقعة الاماتة و التدمير و تتلوها واقعة الإحياء و التعمير، و من الأولى: وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ .. و من الثانية:

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى‏ مِنْكُمْ خافِيَةٌ اعتبرت الثانية كأنها الأولى أو من الأولى لاتصالهما: «يومئذ» إذ دكت الأرض و الجبال و وهت السماء.

وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ : مسترخية بشد رباطها بعد شد قماطها، فلقد كانت سبعا شدادا: وَ بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (78- 12) فهذه السبع الشداد سوف تسترخي و توهي: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ (14: 48) تصبح السماء غير السماء مغايرة في الصورة و الماهية، و المادة الاصلية هي نفس المادة، بانقلابها و انسلاخها عن ناموس العمار الى ناموس البوار.

وَ الْمَلَكُ عَلى‏ أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ إن الملك- عند انفراط الكون و تغيره بأرضه و سمائه- يخرج عن ميدان النضال الموت إلى الأرجاء: الجوانب، فرارا من الموت، إلى تحقيق أمر اللّه، بأمر اللّه و لعلهم ملائكة خصوص ممن شاء اللّه. إذ يصعق وقتئذ من في السماوات و من في الأرض: .. وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ. وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى‏ فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (29: 68) فعلهم هؤلاء الخصوص الذين شاء اللّه ألا يصعقوا، و لا سيما إذا كان‏ الْمَلَكُ عَلى‏ أَرْجائِها حالا من انشقاق السماء و وهيها! و يؤيده المروي عن النبي (ص) «1» » أو علهم كمن سواهم ممن هم قيام ينظرون في نفخة الإحياء، و لكنه يبقى السؤال:

لماذا على الأرجاء؟ أقول: و لكي يحملوا مع العرش، يحملهم الثمانية

(1).

نور الثقلين 5: 403 عن ارشاد المفيد عن النبي (ص) قال: ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر، و لا حي الا مات، الا ما شاء الله. ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات ...

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 96

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ‏ : الملك الذين هم على الأرجاء «ثمانية»: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ (40: 7) فهم المحمولون مع العرش، و لكي يساعدوا الحملة في تحقيق أمر اللّه.

فإذ

«ليس في طبقات السماوات موضع إهاب إلا و عليه ملك ساجد، أو ساع حافد «1»

فكونهم وقتئذ على الأرجاء، و باقي السماء منهم خلاء، ليس إلا أن منهم من صعق في الصيحة فانتهى دوره و منهم من لحق حملة العرش على الأرجاء، و هم ممن شاء اللّه ألا يصعقوا.

ما هو العرش هنا و من هم حملة العرش؟:

إن للّه عروشا عدة، منها عرش الخلق و التدبير، و منها عرش العلم، و منها كما هنا- عرش التربية: جسدانية، و نفسانية روحانية، يعنى به أعلى المقامات في أعلى الملإ، يحمله من خلق اللّه الملأ الأعلى ملائكية و بشرية أم ماذا؟!.

فهو على أية حال ليس عرشا كعروشنا يتكأ عليه، ثم خلقه يحملونه على عرشه، فيصبح في ازدواجية الحمل: محمولا مرتين! و إنما العرش خلق من خلق اللّه يحيط بسائر الخلائق من مصادر الأمر العليا بشأن الكون، في تدبيره جسدانيا و روحانيا.

فيوم الدنيا، لعرش العلم الإلهي حملة بين الخلق هم النبيون و أهلوهم المعصومون، و لعرش التدبير حملة منهم و من الملائكة المدبرات أمرا بإذن اللّه، و اللّه خالقهم و خالق العرش، و هو من ورائهم محيط.

لقد ذكر العرش في واحد و عشرين موضعا من القرآن و الكرسي في واحد، منها آيات استوائه تعالى على العرش، حينما كانت المادة الأولية دون أرض و لا سماء: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ (11: 7)

(1). نهج البلاغة عن علي عليه السلام.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 97

و منها ما في استوائه عليه بعد ما خلق الأرض و السماء:

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى‏ (20: 6) عرش الالوهية و الملك المطلق، و منها ما يعنى به عرش التدبير:

ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ (10: 3) و منها عرش العلم: ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (57: 4) .. و ما إلى ذلك من عروش تناسب و ساحة الالوهية و الربوبية، و الحامل الأول و الأخير لهذه العروش هو اللّه تعالى، و قد يحملها من خلقه من يشاء، يحملونه باذنه و كما يريد من مصالح الخلق، و كما في الحملة الثمانية:

آيات ثلاث تحمل ذكر الحملة الثمانية، ثانيتها: وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ (39: 75) تعني العرش يوم قيامة الإحياء و الحساب.

و آخرها: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (50: 7) و هي كذلك تعني يوم الحساب ثم عرش الحاقة يمتاز بأمور عدة: منها ذكر العدد «ثمانية» و منها اختصاصهم بيوم الحساب‏ وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فهل لأنهم أقل منهم يوم الدنيا فزادوا يوم الدين، أم كانوا أكثر فقلوا؟

ثم الملائكة الحافون حول العرش ليسوا كلهم حملة، فمنهم محمولون‏ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ‏ و لا ان الحملة هم الملائكة فحسب، كما أن آيتي الحمل لا تختصانه بهم: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ‏ وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فمن هم الثمانية؟ و هل كانوا يوم الدنيا أقل أو أكثر؟.

(تفسير الفرقان- ج 29- م 7)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 98

نقول: هنا عرش قبل خلق السماوات و الأرض، و عرش بعدهما يوم الدنيا و عرش يوم الدين، كل حسب ما يتطلبه الخلق من حاجاتهم إلى اللّه فيما يصدر من لدنه تعالى، و لعل لكل عرش حملة، و آية الحاقة تصريحة لحملته يوم الدين «ثمانية» و تلويحة لهم يوم الدنيا، لا ندري الآن عدتهم.

ثم الثمانية يوم الدين: هل هم أشخاص أم أصناف ثمانية؟ أم طوائف ثمان، تأنيث العدد يوحي أنهم أشخاص، إذ الطوائف ثمان لا ثمانية! و لا بد للأصناف من دلالة زائدة، و إذا كانوا أصنافا فلا دليل أنهم كلهم حملة العرش.

و بما أن العرش هو المقام العلي الذي ترجع اليه أزمة جميع التدابير التكوينية و التشريعية، فلتكن فيه جميع الوقائع و الحوادث، إلا ما يستثنى للّه تعالى، الخاص بساحة الالوهية و الربوبية، فليس العرش الذي تحمله ثمانية، هو الذي استوى عليه الرب، إنما قدر منه يقدر على حمله أصفياء من خلقه لتحقيق أمره فيكونوا على مستوى عظمة العرش، و معنى الحمل للعرش.

فحملة عرش التربية و العلم هم العلماء الربانيون من الأنبياء المرسلين و الملائكة الكروبيين، حملة الوحي إليهم، و المدبرين أمر الخلق بأمره.

و بما أن القيامة فيها خلاصة النشأة الأولى و زيادة، فليكن حملة العرش فيها أكثر منهم يوم الدنيا، و يصدّق هذا الإيحاء، إضافة إلى «يومئذ» الدال على اختصاص العدد بيوم القيامة، يصدقه‏

المروي عن الرسول (ص): يحمله اليوم‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 99

أربعة و يوم القيامة ثمانية «1»

و روايات عدة أخرى تحصر الثمانية بيوم القيامة

كالمروي عن الصادق عليه السلام قال: حملة العرش- و العرش العلم- ثمانية: أربعة منا و أربعة ممن شاء اللّه» «2»

لو عني ب «منّا» الحملة البشر، أو حملته يوم الدنيا.

و بالنسبة لهؤلاء الأربعة لو نظرنا من زوايا عدة إلى نبوات عدة أصيلة كان الأربعة هم «نوح و ابراهيم و موسى و عيسى و محمد (ص)» فإن موسى و المسيح لم يحملا إلا رسالة واحدة هي التورات، فهما إذا واحد «3» .

و لو نظرنا إلى القمة المقسّمة على حملتها في الرسالة المحمدية الشاملة للرسالات كلها، المضيئة عليها كلها، كان الأربعة هم «محمد و علي و الحسن و الحسين» «4» و على أية حال هؤلاء هم حملة العلم و التربية الإلهية تحقيقا و جزاء.

و

عن الإمام أمير المؤمنين علي (ع) «5» : إذ سأله الجاثليق فقال: اخبرني عن اللّه عز و جل‏

(1). الدر المنثور 6: 261- ابن جرير عن ابن زيد قال: قال رسول الله (ص): و

في التفسير الكبير (ج 30 ص 109) عن النبي (ص): «هم اليوم اربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله باربعة آخرين فيكونون ثمانية».

(2) نور الثقلين 5: 406 عن الصادق (ع).

(3) راجع كتابنا «المقارنات العلمية و تفسير سورة الجن في هذا الجزء».

(4) نور الثقلين 5: 406 عن تفسير القمي قال: حملة العرش ثمانية: اربعة من الأولين و اربعة من الآخرين، فاما الاربعة من الأولين فنوح و ابراهيم و موسى و عيسى، و اما الآخرون فمحمد و علي و الحسن و الحسين، و معنى يحملون يعني العلم.

(5) نور الثقلين 5: 405- عن اصول الكافي عدة من أصحابنا عن‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص: 100

يحمل العرش أو العرش يحمله؟ فقال: اللّه عز و جلّ حامل العرش و السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول اللّه عز و جلّ: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً قال: فأخبرني عن قوله‏ وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ : فكيف ذاك؟

و قلت: إنه يحمل العرش و السماوات و الأرض! فقال أمير المؤمنين عليه السلام:

«إن العرش خلقه اللّه من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة و نور أخضر منه اخضرت الخضرة، و نور أصفر منه اصفرت الصفرة، و نور أبيض منه ابيض البياض، و هو العلم الذي حمّله اللّه الحملة، و ذلك نور من نور عظمته.

فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة، و الأديان المتشتتة، فكل شي‏ء محمول يحمله اللّه بنوره و عظمته و قدرته، لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياتا و لا نشورا، فكل شي‏ء محمول و اللّه تبارك و تعالى الممسك لهما ان تزولا: و المحيط بهما من شي‏ء، و هو حياة كل شي‏ء و نور كل شي‏ء، سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا، قال له فأخبرني أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام هو هاهنا و هاهنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى، و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى، و ذلك قوله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ‏ فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم اللّه علمه، و ليس يخرج عن هذه الأربعة شي‏ء خلقه اللّه في ملكوته، و هو الملكوت الذي‏

احمد بن محمد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق امير المؤمنين (ع) فقال له:

صفحه بعد