کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 528

الآن، تقلّد قوما مثلثين ضلوا من قبل و أضلوا كثيرا، و هم الثلث الثالوثيون من مجلس «نيقية» و على رأسهم «اثناسيوس» و هؤلاء أيضا يضاهئون في خرافة الثالوث‏ «قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ» و هم من يذكرهم تاريخ الأديان الوثنية طوال قرونها، كالثواليث التالية:

الثالوث الفرعوني: (اوزيرس- ايزس- حورس).

و الثالوث البرهمي: (برهمة- فشنو- سيفا) و مثله البوذي و الصيني و الهندي و المصري و اليوناني و الروماني و ثالوث الفرس: (أورمزد- مترات- اهرمان) و الفنلندي: (تريكلاف) و الاسكندنافي (اورين- تورا- فري) و الدردي:

تولاك- فان- مولا) و الأوقيانوسي و المكسيكي و الكندي‏ «1» .

أنا و الآب واحد!

و من الآيات الإنجيلية التي توهم إلى الشرك، هي القائلة عن السيد المسيح:

«أنا و الآب واحد» (يوحنا 10: 30).

لكنها لا تدل على الثالوث، إنما على التثنية- لو دلت- (أنا و الآب) و لكنها أيضا لا تعني الوحدة في جوهر الذات و الكيان الإلهي، و إنما وحدة الهدف و الاتجاه، فلا شك أن يسوع لم يكن يناقض الآيات المقدسة التي سبقت في التوحيد، و ما عناه هنا إنما أوضحه هو نفسه فيما بعد، عند ما صلى لأجل أتباعه: «ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد» (يوحنا 17:) فيسوع و آبوه خالقه، هما واحد، بمعنى أن يسوع على وفاق تام مع خالقه، و صلى ليكون كل أتباعه على وفاق مع الخالق و مع يسوع بعضهم مع بعض.

فهناك في الكتب المقدسة آيات مقحمات كالمصرحة بربوبية المسيح، و آخر متشابهات كهذه، و ثالثة محكمات، فالمفروض إرجاع متشابهاتها إلى محكماتها، و رفض مقحماتها.

(1). راجع «حوار» و «عقائدنا».

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 529

فمن المقحمات الآية: «أ لست تؤمن أني أنا في الآب و الآب في، لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال» (يوحنا 14: 10) أو يقال إنها يفسرها قول السيد المسيح عليه السّلام: «كما أنك أيها الآب في و أنا فيك، ليكونوا هم أيضا واحدا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني» (يوحنا 17: 21).

و ترى كذلك بجنبها محكمات في التوراة و في الإنجيل قائلة:

«قال الله لن تسكن روحي في الإنسان إلى الأبد لأنه لحم» (تكوين 6: 3) «و فيما هم يتكلمون بهذا أوقف يسوع نفسه في وسطهم، و قال لهم:

سلام لكم. فجزعوا و خافوا و ظنوا أنهم نظروا روحا. فقال لهم ما بالكم مضطربين و لماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يدي و رجلي أني أنا هو.

جسوني و انظروا فإن الروح ليس له لحم و عظام كما ترون لي. و حين قال هذا أراهم يديه و رجليه. و بينما هم غير مصدقين من الفرح و متعجبون قال لهم أ عندكم هاهنا طعام. فناولوه جزءا من سمك مشوي و شيئا من عسل فأخذ و أكل قدامهم» (لوقا 24: 36- 43).

فالآية التوراتية تحيل حلول الإله المجرد عن الجسم في الجسم- أيا كان- لأنه جسم، فإن المحدود لا يشمل اللامحدود، و المجرد لا يحوي الجسم.

و كذلك الآيات الإنجيلية تحيل هكذا حلول، إذا فالمعني من الآية: «الآب في و أنا فيه» ليس هو التداخل الجوهري، و إنما يعني كمال العبودية و الذلة:

ألّا يعتبر السيد المسيح نفسه في جنب ربه شيئا مذكورا، فكأنه فيه «أنا فيه» و أنه لا ينطق و لا يعمل إلا حسب مخططات الوحي الإلهي ليس إلّا: «الآب في» لا سيما مع كون الآب يعني: الخالق، و من المستحيل اتحاد الخالق و المخلوق في الجوهر.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 530

و يزيد توضيحا للآية: «أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا» (يوحنا 5: 30).

فالسيد المسيح- و معه النبيون أجمع- يسلب عن نفسه الربوبية و الشرك باللّه، و القدرة الإلهية و الحول و القوة المستقلة، و إنما يصرح: «أنه إنسان نبي» (لوقا 24: 19) و ليس أحد صالحا إلا إله واحد و هو اللّه» (متى 19: 17) «و أما ذلك اليوم فلا يعلم أحد به و لا الملائكة و لا الابن إلا الآب الخالق» (لوقا 5: 14 و 4: 12) «و الله لم يره أحد قط» (يوحنا 1: 8) «و لا يقدر أحد أن يراه» (اتيموثاوس 6: 16) «و لا يقدر أحد أن يخدم سيدين» (متى 4: 26).

و في التوراة: «أن الله ليس له مكان» (أشعيا 66: 1- 2) «و لا يعبد إلا هو، و من عبد غيره يقتل» (خروج 20: 34 و تثنية 13 و 18).

إذا فإلى كلمة سواء:

«يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى‏ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» .

أصحابنا المسيحيين! تعالوا اتبعوا المسيح و النبيين في توحيد الإله و رفض خرافة الثالوث اللامعقولة، و المضادة لنصوص الكتب المقدسة، هذه الخرافة الوثنية التي أصبحت كأنها من أصول الديانة المسيحية ... تعالوا إلى كلمة سواء.

الثالوث في مختلف الأديان الوثنية:

«إن أقدم ما نعثر عليه في تاريخ الفراعنة، الثالوث المكوّن من الآلهة (اوزيريس- ايزيس- حورس) الأب و الأم و الولد، ثم المكوّن من «آمون»

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 531

و زوجه «موت»* و ابنه «خونس» و هو تثليث بلدة «تب»* و هم الأب و الأم و الولد، ثم المكوّن من (فتاح- سنحت- ايموس) و هو لبلدة «منف» ثم المكوّن من (انوبيس- معات- توت) ثم المكوّن من (آنوا- بعل- آيا) و هو ثالوث الكلدانيين، ثم المكوّن من (سن- شمش- عشتار) الأب و الابن و الأم، ثم المكوّن من (مينوسن- رادامانت- ايبال) أولاد «زوس» الإله الأعظم، ثم المكوّن من (الأب و الابن و روح القدس) و هو للمسيحيين‏ «1» «يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» .

و لقد «كان عند أكثر الأمم البائدة الوثنية تعاليم دينية جاء فيها القول باللاهوت الثالوثي، أي الإله ذو الأقانيم الثلاثة» «2» .

و حقا إنه عزيز علينا اتباع الديانات الكتابية الإلهية هكذا أن يتبع بعضها الأمم البائدة الوثنية في الأصول الإلهية ..

فإلى كلمة سواء بيننا و بينكم، يرضاها العقل و الدين!

بداية الثالوث المسيحي:

إن أقدم صيغة تعليمية رسمية لإيمان الكنيسة بشأن الثالوث (حسب ما في مختصر في علم اللاهوت العقائدي) هي قانون الرسل الذي اتخذته الكنيسة منذ القرن الثاني في شكل قانون العماد الروماني القديم كأساس لتعليم الموعوظين، و لاعتراف الإيمان في حفلة العماد عند اللاتين.

ثم .. قانون نيقية القسطنطنية (381 م) و قد نشأ ضد مذهبي آريوس و مقدونيوس، ثم المجمع الروماني برئاسة البابا القديس (داماسيوس) (382)

(1). حياة السيد المسيح ل: فاروق الدملوجي، ص 162.

(2) موريس في كتابه «خرافات المصريين الوثنيين» ص 285- ينقله عنه محمد طاهر التنير البيروتي في كتابه «العقائد الوثنية».

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 532

يدين بصورة اجمالية أضاليل القرون الأولى في الثالوث الأقدس! ثم إلى القرن 5 و 6 قانون أثناسيوس، ثم قانون مجمع طليطلة الحادي عشر (765 م) ثم في القرون الوسطى قانون المجمع اللاتراني الرابع (1215 م) ثم مجمع فلورنس (1441 م) ثم في العصر الحديث تعليم لبيوس السادس (1794 م).

و إن أول من دسّ في فكرة الكنيسة فكرة الأبوة و البنوّة الإلهيين، هو الخصي الكوسج المصري خادم الرهبان «اوريفين» «1» إلى أن تشكل مجمع «نيقية» (325 م) إذ جاءت من الجماعات الروحية المسيحية من مختلف الأقطار من يزيدون على ألف مبعوث لانتخاب الأناجيل التي يجب أن تعتبر قانونية، و لقد كان 318 شخصا من هؤلاء من القائلين بألوهية المسيح.

و قد اجتهد آريوس رئيس الموحدين على أن المسيح مخلوق، و أنه عبد اللّه، مستدلا بما لديه من الآيات الانجيلية و بتفاسير الأعزة و الآباء من ايقليسيا، و اعترف بهذه الحقيقة الثلثان الباقون من الألف، أعضاء المجمع.

و من ناحية أخرى قام رؤساء الثالوثيين (و على رأسهم اثناسيوس) للبرهنة على أن المسيح إله تام، و أنه متحد الجوهر مع اللّه، و أخيرا ترجّح رأي المثلثين، لا لشي‏ء إلا للسلطة الجبارة آنذاك من قسطنطين (قونسطنطينوس) تحت ستار إيجاد الأمن بين المتخالفين، و أن قسطنطين هذا يرجح رأي صديقه البابا كاهن رومية الأعظم، و هو من الأقلية الثالوثية في النيقية، و يأمر بإخراج أكثر من سبعمائة من الرؤساء الروحيين الباقين الموحدين من المجمع، و يقتل آريوس رئيس الموحدين لكي يصفّي جو المجمع (318) الباقين المثلثين.

و لقد صرح السيد المسيح بهذا الحادث العظيم تنديدا بالمثلثين، و ترحما على الموحدين بقوله: «سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من‏

(1). هو راهب أعزب عارف باللغات عاش في القرن الثاني الميلادي.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 533

يقتلكم أنه يقدّم خدمة للّه و سيفعلون بكم لأنهم لم يعرفوا الآب و لا عرفوني (يوحنا 15: 2- 3 و 13: 9).

أي لم يعرفوا الآب «الخالق» بالوحدانية، و لا عرفوني بالعبودية.

و قسطنطين هذا كان و ثنيا ملحدا، فإن «بوسيبوس» بسقيوس قيصرية (الذي تقدسه الكنيسة و تمنحه لقب سلطان المؤرخين) كان صديق الامبراطور، و هو يصرح: أن الامبراطور اعتمد و تنصّر حين كان أسير الفراش قبيل وفاته، و بناء على هذا نتأكد: أن خرافة الثالوث هذه ليست إلا من سلطان و ثني ملحد، و خصي كوسج مصري.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 534

سورة الفلق- مكية- و آياتها خمس‏

[سورة الفلق (113): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)

وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)

*** ان هناك محاولات دائبة لإغلاق أبواب الخير و الفلاح على من يبتغيهما، فلا بد إذا من فالق و هو الخالق الذي خلق و فلق.

إن لشياطين الجن و الإنس إيجابيات و سلبيات كلها تنحو منحى الشر، غلقا لأبواب الخير، و فلقا لأبواب الشر، فسورة الناس تأمرنا بالاستعاذة من النوع الثاني، و سورة الفلق منهما، و لكي تتم المكافحة علّ المؤمنين ينتصرون.

فربّ الفلق هو الذي يفلق ما أغلقته الشياطين: من غاسق إذا وقب، و من النفاثات في العقد، و من حاسد إذا حسد:

صفحه بعد