کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 531

و زوجه «موت»* و ابنه «خونس» و هو تثليث بلدة «تب»* و هم الأب و الأم و الولد، ثم المكوّن من (فتاح- سنحت- ايموس) و هو لبلدة «منف» ثم المكوّن من (انوبيس- معات- توت) ثم المكوّن من (آنوا- بعل- آيا) و هو ثالوث الكلدانيين، ثم المكوّن من (سن- شمش- عشتار) الأب و الابن و الأم، ثم المكوّن من (مينوسن- رادامانت- ايبال) أولاد «زوس» الإله الأعظم، ثم المكوّن من (الأب و الابن و روح القدس) و هو للمسيحيين‏ «1» «يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» .

و لقد «كان عند أكثر الأمم البائدة الوثنية تعاليم دينية جاء فيها القول باللاهوت الثالوثي، أي الإله ذو الأقانيم الثلاثة» «2» .

و حقا إنه عزيز علينا اتباع الديانات الكتابية الإلهية هكذا أن يتبع بعضها الأمم البائدة الوثنية في الأصول الإلهية ..

فإلى كلمة سواء بيننا و بينكم، يرضاها العقل و الدين!

بداية الثالوث المسيحي:

إن أقدم صيغة تعليمية رسمية لإيمان الكنيسة بشأن الثالوث (حسب ما في مختصر في علم اللاهوت العقائدي) هي قانون الرسل الذي اتخذته الكنيسة منذ القرن الثاني في شكل قانون العماد الروماني القديم كأساس لتعليم الموعوظين، و لاعتراف الإيمان في حفلة العماد عند اللاتين.

ثم .. قانون نيقية القسطنطنية (381 م) و قد نشأ ضد مذهبي آريوس و مقدونيوس، ثم المجمع الروماني برئاسة البابا القديس (داماسيوس) (382)

(1). حياة السيد المسيح ل: فاروق الدملوجي، ص 162.

(2) موريس في كتابه «خرافات المصريين الوثنيين» ص 285- ينقله عنه محمد طاهر التنير البيروتي في كتابه «العقائد الوثنية».

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 532

يدين بصورة اجمالية أضاليل القرون الأولى في الثالوث الأقدس! ثم إلى القرن 5 و 6 قانون أثناسيوس، ثم قانون مجمع طليطلة الحادي عشر (765 م) ثم في القرون الوسطى قانون المجمع اللاتراني الرابع (1215 م) ثم مجمع فلورنس (1441 م) ثم في العصر الحديث تعليم لبيوس السادس (1794 م).

و إن أول من دسّ في فكرة الكنيسة فكرة الأبوة و البنوّة الإلهيين، هو الخصي الكوسج المصري خادم الرهبان «اوريفين» «1» إلى أن تشكل مجمع «نيقية» (325 م) إذ جاءت من الجماعات الروحية المسيحية من مختلف الأقطار من يزيدون على ألف مبعوث لانتخاب الأناجيل التي يجب أن تعتبر قانونية، و لقد كان 318 شخصا من هؤلاء من القائلين بألوهية المسيح.

و قد اجتهد آريوس رئيس الموحدين على أن المسيح مخلوق، و أنه عبد اللّه، مستدلا بما لديه من الآيات الانجيلية و بتفاسير الأعزة و الآباء من ايقليسيا، و اعترف بهذه الحقيقة الثلثان الباقون من الألف، أعضاء المجمع.

و من ناحية أخرى قام رؤساء الثالوثيين (و على رأسهم اثناسيوس) للبرهنة على أن المسيح إله تام، و أنه متحد الجوهر مع اللّه، و أخيرا ترجّح رأي المثلثين، لا لشي‏ء إلا للسلطة الجبارة آنذاك من قسطنطين (قونسطنطينوس) تحت ستار إيجاد الأمن بين المتخالفين، و أن قسطنطين هذا يرجح رأي صديقه البابا كاهن رومية الأعظم، و هو من الأقلية الثالوثية في النيقية، و يأمر بإخراج أكثر من سبعمائة من الرؤساء الروحيين الباقين الموحدين من المجمع، و يقتل آريوس رئيس الموحدين لكي يصفّي جو المجمع (318) الباقين المثلثين.

و لقد صرح السيد المسيح بهذا الحادث العظيم تنديدا بالمثلثين، و ترحما على الموحدين بقوله: «سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من‏

(1). هو راهب أعزب عارف باللغات عاش في القرن الثاني الميلادي.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 533

يقتلكم أنه يقدّم خدمة للّه و سيفعلون بكم لأنهم لم يعرفوا الآب و لا عرفوني (يوحنا 15: 2- 3 و 13: 9).

أي لم يعرفوا الآب «الخالق» بالوحدانية، و لا عرفوني بالعبودية.

و قسطنطين هذا كان و ثنيا ملحدا، فإن «بوسيبوس» بسقيوس قيصرية (الذي تقدسه الكنيسة و تمنحه لقب سلطان المؤرخين) كان صديق الامبراطور، و هو يصرح: أن الامبراطور اعتمد و تنصّر حين كان أسير الفراش قبيل وفاته، و بناء على هذا نتأكد: أن خرافة الثالوث هذه ليست إلا من سلطان و ثني ملحد، و خصي كوسج مصري.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 534

سورة الفلق- مكية- و آياتها خمس‏

[سورة الفلق (113): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)

وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)

*** ان هناك محاولات دائبة لإغلاق أبواب الخير و الفلاح على من يبتغيهما، فلا بد إذا من فالق و هو الخالق الذي خلق و فلق.

إن لشياطين الجن و الإنس إيجابيات و سلبيات كلها تنحو منحى الشر، غلقا لأبواب الخير، و فلقا لأبواب الشر، فسورة الناس تأمرنا بالاستعاذة من النوع الثاني، و سورة الفلق منهما، و لكي تتم المكافحة علّ المؤمنين ينتصرون.

فربّ الفلق هو الذي يفلق ما أغلقته الشياطين: من غاسق إذا وقب، و من النفاثات في العقد، و من حاسد إذا حسد:

«ثالوث الشر و الفساد، الذي هو في قمة الشر، و لذلك تختص هي بالذكر بعد عموم الشر.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 535

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏ :

«إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى‏ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» (6: 95- 96) .

فالفلق هو شق الشي‏ء و استخراج ما فيه، و نحن نعوذ برب الفلق ليفلق لنا ما أغلقته الشياطين من أبواب الخير، و علينا أن نظل على الدروب: دروب الخير لنفتحها، و دروب الشر لنغلقها، مستعيذين برب الناس و الفلق، الذي يغلق للناس كل غلق، إلى ما فيه خير.

و الشر- أيا كان- قد يحصل بضم شي‏ء إلى شي‏ء، ففلقه فتقه، أو بفصله عنه، ففلقه رتقه، فكلاهما فلق اعتبارا بتحرير الخير الذي كان في أسر الشر، ففالق الحب و النوى يحررهما عن جمود الحياة إلى حريتها و نضوبها و نضوجها، و فالق الإصباح يشق بطن الليل ليوضح وضح النهار.

و الشر- أيا كان- غلق على الحياة و أسر لها، فالفالق يفتح الحياة المغلقة و ينير الدرب على الأحرار، الذين يحاولون الفرار عن حياة الحيونة المتأخرة أو المجمدة، إلى حياة التقدم.

و كما يفلق اللّه تعالى الليل لإخراج النهار، و يفلق الحب و النوى لإخراج الأشجار، كذلك هو الذي يفلق كل شر و يفتقه ليخرج منه الخير، كما و يخرج الحي من الميت بفلق الميت، و يخرج الميت من الحي بفلق الحي، و يخرج الجنين من المني بفلقه، و غير ذلك من فلق خيّر.

هذا الإله هو الذي يحق أن يستعاذ به من شر ما خلق:

مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ‏ :

.. «ما خلق»* لا «خلقه»* إذ ليس في خلقه- و هو فعل من أفعاله- ليس‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 536

فيه شر، فالخير كله بيديه و الشر ليس اليه: «بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ» .

و أما ما خلق: المخلوقون، فهم الدين يفعلون الشر بسوء اختيارهم، أو سوء الاختيار و التصرف فيهم من المتخلفين، و شاهد مسبّق عليه، الأمر بالاستعاذة برب الفلق، فهل يستعاذ به تعالى مما فعل؟ كلا- و إنما مما يفعله ما خلق:

الأشرار من خلقه.

فللخلائق شرور عدة في حالات اتصال بعضها ببعض و بعضهم ببعض، و اللّه يفلق هذه الشرور فصلا بين عماله و أعمالهم.

و شرور الخلق تعم التفكير السوء و العقيدة و العمل السيئين، و تعم الجانب التشريعي و التكويني من الشر، و هو الفالق هنا و هناك: أن يسن قوانين و أحكاما لتحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، حيث الشرور ناتجة عن الانفصالات و التضادات، أو من الاتصالات السيئة، و هو الفالق: أن يقدر و يدبر الخير رغم هجمات الشر و همجاته.

و داعية الشر يفحص عن مجالاته الملائمة و هي الظلمات و لا سيما الغاسقة، يفحص عن ظلمات العقول و الأجواء .. و ليتمكن من تحقيق شره: و رب الفلق يفلق الظلمات إلى النور أيا كان:

وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ‏ :

فالليل له غسق و هو مرتفعة في الظلام: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ» (17: 78) و الطعام له غسق و هو الذي يظلم على الإنسان حياته و كأنه يعميه من شدة الغصة: «هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ» (38: 57) .

و الغاسق- و هو الذي يدخل في غسق- ليس فيه كثير خطورة ما لم يقب، و الوقب هو النقرة في الجبل يسيل منها الماء، فإذا وقب الغاسق و مكّن فهناك تمام الشر و وقعته.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏30، ص: 537

فالليل مجال الغاسق: ليل الأفق الخارجي، وافق العقل و الصدر و القلب، فإذا وقب و نقر في واحد من هذه الآفاق فقد انتصر.

و الليل حين يتدفق فيغمر البسيطة، إنه مخوف بذاته، فضلا عما يثيره من توقع المجهول الخافي من كل شي‏ء: من وحش مفترس يهجم، و لص فاتك يقتحم، و عدو ماكر يتمكن، و حشرة ضارية، و من شهوة تستيقظ في الوحدة و الظلام، و عقل قاصر، و شهوة حاضرة ... كل ذلك ميدان لتجوال الغاسق، فلو لا الإمداد الرباني و الإعاذة الإلهية لكان يقب.

فليغلق المستعيذ برب الفلق على نفسه أولا دخول الغاسق: بخروجه عن الظلام أيا كان، أو إخراج الظلام عن نفسه، ثم إذا قصّر هنا فليستعذ برب الفلق من شر غاسق إذا وقب ... إذا دخل الظلام و نقر، فرب الفلق هو الذي يفلق بعد الوقب، كما أنه الذي يفلق قبله ...

وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ :

.. النفاثات: أظنها جمع نفاثة كعلّامة، مبالغة مضاعفة، و هم الذين ينفثون و ينفخون بكل ما يملكون من وسائل النفث و النفخ لتنفّج الباطل في غيه، و فلج الحق في مضيه: ينفثون في عقد الحياة، التي يعقدها غاسق إذا وقب: فهنا شيطان أول يحقق خطوة أولى: أنه يعقد في نقرته، يعقد أمرا فيه تعقيد الحياة في أية مجالة من مجالاتها، ثم شيطان ثان- أو شطنة ثانية- ينفث فيما عقده الأول ليحكم العقد كيلا ينحل بسهولة.

صفحه بعد