کتابخانه تفاسیر
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 96
و قال أهل البصرة: أصلها (لاه)، فألحقت بها الألف و اللام، فقالوا: (اللّه). و أنشدوا:
كحلفة من أبي رباح
يسمعها الآهه الكبار «1»
فأخرجه على الأصل.
و قال بعضهم: أدخلت الألف و اللام بدلا من الهمزة المحذوفة في (إله)، فلزمتا الكلمة لزوم تلك الهمزة لو أجريت على الأصل، و لهذا لم يدخل عليه في النداء ما يدخل على الأسماء المعرّفة من حروف التشبيه، فلم يقولوا: يا أيها اللّه.
دفع أقاويل أهل التأويل في هذا الاسم مبنيّة على هذين القولين «2» ... ثمة، و اختلفوا فيه؛ فقال الخليل بن أحمد و جماعة: (اللّه) اسم علم موضوع غير مشتق بوجه، و لو كان مشتقّا من صفة كما لو كان موصوفا بتلك الصفة أو بعضها، قال اللّه: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا «3» .
(اللّه): اسم موضوع للّه تعالى لا يشركه فيه أحد، قال اللّه تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ، يعني: أن كل اسم مشترك بينه و بين غيره؛ له على الحقيقة و لغيره على المجاز إلّا هذا الاسم فإنه مختص به لأن فيه معنى الربوبيّة. و المعاني كلها تحته، ألا ترى أنك إذا أسقطت منه الألف بقي للّه، و إذا أسقطت من للّه اللام الأولى بقي (له)، و إذا أسقطت من (له) اللام بقي هو.
قالوا: و إذا أطلق هذا الاسم على غير اللّه فإنما يقال بالإضافة كما يقال: لاه كذا أو ينكر فيقال: لله كما قال تعالى إخبارا عن قوم موسى عليه السّلام: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ «4» . و أما (اللّه)، و (الإله) فمخصوصان للّه تعالى.
و قال قوم: أصله (لاها) بالسريانية، و ذلك أن في آخر أسمائهم مدّة، كقولهم للروح:
(روحا)، و للقدس: (قدسا)، و للمسيح: (مسيحا)، و للابن: (ابنا)، فلما طرحوا المدّة بقي (لاه)، فعرّبه العرب و أقرّوه.
و لا اشتقاق له، و أكثر العلماء على أنه مشتق؛ و اختلفوا في اشتقاقه، فقال النضر بن إسماعيل: هو من التألّه، و هو التنسّك و التعبّد، قال رؤبة:
لله در الغانيات المدّه
سبحن و استرجعن من تألهي «5»
و يقال: أله إلاهة، كما يقال: عبد عبادة. و قرأ ابن عباس: (و يذرك و إلهتك) أي عبادتك؛ فمعناه عبادتك المعبود الذي تحقّ له العبادة.
(1) الصحاح: 67/ 2248.
(2) بياض في المخطوط.
(3) سورة مريم: 65.
(4) سورة الأعراف: 138.
(5) الصحاح: 6/ 2249.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 97
و قال قوم هو من (الإله)، و هو الاعتماد، يقال: ألهت إلى فلان، آله إلها، أي فزعت إليه و اعتمدت عليه، قال الشاعر:
ألهت إليها و الركائب وقّف «1»
و معناه: أن الخلق يفزعون و يتضرعون إليه في الحوادث و الحوائج، فهو يألههم، أي يجيرهم، فسمي إلها، كما يقال: إمام للذي يؤتم به، و لحاف و رداء و إزار و كساء للثوب الذي يلتحف به، و يرتدى به «2» ، و هذا معنى قول ابن عباس و الضحّاك.
و قال أبو عمرو بن العلاء: هو من (ألهت في الشيء) «3» إذا تحيّرت فيه فلم تهتد إليه، قال زهير:
... «4» .. يأله العين وسطها
مخفّفة و قال الأخطل:
و نحن قسمنا الأرض نصفين نصفها
لنا و نرامي أن تكون لنا معا
بتسعين ألفا تأله العين وسطها
متى ترها عين الطرامة تدمعا «5»
و معناه: أن العقول تتحيّر في كنه صفته و عظمته و الإحاطة بكيفيته، فهو إله كما قيل للمكتوب: كتاب، و للمحسوب: حساب «6» .
و قال المبرّد: هو من قول العرب: (ألهت إلى فلان) أي سكنت إليه، قال الشاعر:
ألهت إليها و الحوادث جمّة
فكأن الخلق يسكنون إليه و يطمئنون بذكره، قال اللّه تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «7» .
و سمعت أبا القاسم الحسن: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الرحيم القناد يقول: أصله من (الوله)، و هو ذهاب العقل لفقدان من يعزّ عليك. و أصله (أله)- بالهمزة- فأبدل من الألف واو فقيل الوله، مثل (إشاح، و وشاح) و (و كاف، و إكاف) و (أرّخت الكتاب، و ورّخته) و (و وقّتت، و أقّتت). قال الكميت:
(1) لسان العرب: 13/ 469.
(2) كذا في المخطوط.
(3) يكون مشتق من: الوله، و هو التحيّر.
(4) بياض في المخطوط.
(5) غريب الحديث: 2/ 347.
(6) لسان العرب: 13/ 469.
(7) سورة الرعد: 28.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 98
ولهت نفسي الطروب إليهم
و لها حال دون طعم الطعام «1»
فكأنه سمّي بذلك؛ لأن القلوب تولّه لمحبّته و تضطرب و تشتاق عند ذكره.
و قيل: معناه: محتجب؛ لأن العرب إذا عرفت شيئا، ثم حجب عن أبصارها سمّته إلها، قال: لاهت العروس تلوه لوها، إذ حجبت.
قال الشاعر:
لاهت فما عرفت يوما بخارجة
يا ليتها خرجت حتّى رأيناها «2»
و اللّه تعالى هو الظاهر بالربوبيّة [بالدلائل و الأعلام] و هو المحتجب من جهة الكيفيّة عن الأوهام.
و قيل: معناه المتعالي، يقال: (لاه) أي ارتفع.
و قد قيل: من [إلا هتك]، فهو كما قال الشاعر:
تروّحنا من اللعباء قصرا «3»
و أعجلنا الألاهة أن تؤوبا «4»
و قيل: هو مأخوذ من قول العرب: ألهت بالمكان، إذا أقمت فيه، قال الشاعر:
ألهنا بدار ما تبين رسومها
كأن بقاياها و شام على اليد «5»
فكأن معناه: الدائم الثابت الباقي.
و قال قوم: [ان يقال] «6» ذاته و هي قدرته على الإخضاع.
و قال الحارث بن أسد المجلسي، أبو عبد اللّه البغدادي: اللّه من (ألههم) أي أحوجهم، فالعباد مولوهون إلى بارئهم أي محتاجون إليه في المنافع و المضارّ، كالواله المضطرّ المغلوب.
و قال شهر بن حوشب: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ* ، و قال أبو بكر الوراق: هو.
و غلّظ بعض بقراءة اللام من قوله: (اللَّهِ) حتى طبقوا اللسان به الحنك لفخامة ذكره، و ليصرف عند الابتداء بذكره و هو الرب.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قال قوم: هما بمعنى واحد مثل (ندمان، و نديم) و (سلمان،
(1) لسان العرب: 13/ 561.
(2) تفسير القرطبي: 17/ 101.
(3) في اللسان: عصرا.
(4) تفسير الطبري: 9/ 35، و لسان العرب: 1/ 219.
(5) تاج العروس: 9/ 375.
(6) كذا في المخطوط.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 99
و سليم)، و هوان و هوين. و معناهما: ذو الرحمة، و الرحمة: إرادة اللّه الخير بأهله، و هي على هذا القول صفة ذات. و قيل: هي ترك عقوبة من يستحق العقوبة، [و فعل] الخير إلى من لم يستحق، و على هذا القول صفة فعل، يجمع بينهما للاتّساع، كقول العرب: جاد مجد. قال طرفة:
فما لي أراني و ابن عمي مالكا
متى أدن منه ينأ عني و يبعد «1»
و قال آخر:
و ألفى قولها كذبا و مينا «2»
و فرّق الآخرون بينهما فقال: بعضهم الرَّحْمنِ على زنة فعلان، و هو لا يقع إلّا على مبالغة القول. و قولك: رجل غضبان للممتلئ غضبا، و سكران لمن غلب عليه الشراب. فمعنى (الرَّحْمنِ) : الذي وسعت رحمته كل شيء.
و قال بعضهم: (الرَّحْمنِ) العاطف على جميع خلقه؛ كافرهم و مؤمنهم، برّهم و فاجرهم بأن خلقهم و رزقهم، قال اللّه تعالى: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ «3» ، و (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصّة بالهداية و التوفيق في الدنيا، و الجنة و الرؤية في العقبى، قال تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً «4» .
ف (الرَّحْمنِ) خاصّ اللفظ عامّ المعنى، و (الرَّحِيمِ) عامّ اللفظ خاصّ المعنى. و (الرَّحْمنِ) خاص من حيث إنه لا يجوز أن يسمى به أحد إلّا اللّه تعالى، عامّ من حيث إنه يشمل الموجودات من طريق الخلق و الرزق و النفع و الدفع. و (الرَّحِيمِ) عامّ من حيث اشتراك المخلوقين في المسمّى به، خاص من طريق المعنى؛ لأنه يرجع إلى اللطف و التوفيق. و هذا قول جعفر بن محمد الصادق (رضي اللّه عنه).
الرَّحْمنِ اسم خاص بصفة عامة، و الرَّحِيمِ اسم عام بصفة خاصة، و قول ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرقّ من الآخر.
و أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد المفسّر، حدّثنا أبو عبد اللّه محمد بن يوسف الدّقاق، حدّثنا الحسن بن محمد بن جابر، حدّثنا عبد اللّه بن هاشم، أخبرنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال : الرَّحْمنِ بأهل الدنيا، و الرَّحِيمِ بأهل الآخرة
. و جاء في الدعاء: يا رحمن الدنيا و رحيم الآخرة.
و قال الضحّاك: الرَّحْمنِ بأهل السماء حين أسكنهم السماوات، و طوّقهم الطاعات،
(1) الفروق اللغوية: 118.
(2) الصحاح: 6/ 2210.
(3) سورة الأعراف: 156.
(4) سورة الأحزاب: 43.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 100
و جنّبهم الآفات، و قطع عنهم المطاعم و اللذات. و الرَّحِيمِ بأهل الأرض حين أرسل إليهم الرسل و أنزل عليهم الكتب، و أعذر إليهم في النصيحة و صرف عنهم البلايا.
و قال عكرمة: الرَّحْمنِ برحمة واحدة، و الرَّحِيمِ بمائة رحمة و هذا المعنى قد اقتبسه من قول النبي صلّى اللّه عليه و سلّم الذي
حدّثناه أبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يزيد النسفي بمرو، حدّثنا أبو هريرة و أحمد بن محمد بن شاردة الكشي، حدّثنا جارود ابن معاذ، أخبرنا عمير بن مروان عن عبد الملك أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم : «إن للّه تعالى مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه، فبها يتعاطفون، و بها يتراحمون، و أخّر تسعة و تسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة» «1» [15].
و في رواية أخرى : «إن اللّه تعالى قابض هذه إلى تلك فمكملها مائة يوم القيامة، يرحم بها عباده» «2» [16].
و قال ابن المبارك: ( الرَّحْمنِ : الذي إذا سئل أعطى، و الرَّحِيمِ إذا لم يسأل غضب. يدلّ عليه ما
حدّثنا أبو القاسم المفسّر، حدّثنا أبو يوسف رافع بن عبد اللّه بمرو الروذ، حدّثنا خلف ابن موسى: حدّثنا محمود بن خداش، حدّثنا هارون بن معاوية، حدّثنا أبو الملج و ليس الرقّي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال : من لم يسأل اللّه يغضب عليه «3»
، نظمه الشاعر فقال:
إن اللّه يغضب إن تركت سؤاله
و بنيّ آدم حين يسأل يغضب «4» [17]
و سمعت الحسن بن محمد يقول: سمعت إبراهيم بن محمد النسفي يقول: سمعت أبا عبد اللّه- و هو ختن أبي بكر الوراق- يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عمر الورّاق يقول : ( الرَّحْمنِ :
بالنعماء و هي ما أعطي و حبا، و الرَّحِيمِ بالآلاء و هي ما صرف و زوى).
و قال محمد بن علي المزيدي: الرَّحْمنِ بالانقاذ من النيران، و بيانه قوله تعالى: وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها «5» ، و الرَّحِيمِ بإدخالهم الجنان، بيانه: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ «6» .
و قال المحاسبي: ( الرَّحْمنِ : برحمة النفوس، و الرَّحِيمِ برحمة القلوب).
(1) صحيح مسلم: 8/ 96، سنن ابن ماجة: 2/ 1435 بتفاوت.
(2) المستدرك: 4/ 248، بتفاوت.
(3) فتح الباري: 11/ 79.
(4) تفسير القرطبي: 5/ 164.
(5) سورة الحجر: 46.
(6) سورة آل عمران: 103.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 101
و قال السريّ بن مغلس: ( الرَّحْمنِ بكشف الكروب، و الرَّحِيمِ بغفران الذنوب).
و قال عبد الله بن الجرّاح: ( الرَّحْمنِ ب ... «1» .. الطريق، و الرَّحِيمِ بالعصمة و التوفيق).
و قال مطهر بن الوراق: ( الرَّحْمنِ بغفران السيّئات و إن كن عظيمات، و الرَّحِيمِ بقبول الطاعات و إن كنّ [قليلات] «2» ).
و قال يحيى بن معاذ الرازي: ( الرَّحْمنِ بمصالح معاشهم، و الرَّحِيمِ بمصالح معادهم).
و قال الحسين بن الفضل: ( الرَّحْمنِ الذي يرحم العبد على كشف الضر و دفع الشر، و الرَّحِيمِ الذي يرقّ و ربما لا يقدر على الكشف).
و قال أبو بكر الوراق أيضا: ( الرَّحْمنِ بمن جحده و الرَّحِيمِ بمن وحّده، و الرَّحْمنِ بمن كفر و الرَّحِيمِ بمن شكر، و الرَّحْمنِ بمن قال ندّا و الرَّحِيمِ بمن قال فردا).
في أن التسمية من الفاتحة أو لا؟
و اختلف الناس في أنّ التسمية؛ هل هي من الفاتحة؟ فقال قرّاء المدينة و البصرة و قرّاء الكوفة: إنها افتتاح التيمّن و التبرّك بذكره، و ليست من الفاتحة و لا من غيرها من السور، و لا تجب قراءتها و أن الآية السادسة قوله تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ . و هو قول مالك بن أنس و الأوزاعي و أبي حنيفة- رحمهم الله- و رووا ذلك عن أبي هريرة.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن الحسن النيسابوري، حدّثنا أبو الحسن محمد بن الحسن الكابلي، أخبرنا علي بن عبد العزيز الحلّي، حدّثنا أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، حدّثنا الحجاج عن أبي سعيد الهذلي عن ... «3» .. عن أبي هريرة قال (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) الآية السادسة
، فزعمت فرقة أنها آية من أمّ القرآن، و في سائر السور فصل، فليست هاهنا أنها يجب قراءتها.
[و قال قوم: إنها آية من فاتحة الكتاب] «4» رووا ذلك عن سعيد بن المسيب، و به قال قرّاء مكة و الكوفة و أكثر قرّاء الحجاز، و لم يعدّوا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية.
و قال الشافعي و الشعبي و هو رأي عبد الله أنها نزلت في الآية الأولى من فاتحة الكتاب،
(1) بياض في المخطوط.
(2) بياض في المخطوط، و ما ذكرناه هو الظاهر.
(3) بياض في المخطوط.
(4) كلام غير مقروء و الظاهر ما أثبتناه.
الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج1، ص: 102
و هي من كل سورة آية إلّا التوبة. و الدليل عليه الكتاب و السنة؛ أمّا الكتاب
سمعت أبا عثمان بن أبي بكر الزعفراني يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن موسى يقول:
سمعت الحسن بن المفضّل يقول : رأيت الناس ..... «1» .. في النمل أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيها من القرآن فوجدتها بخطها و لو أنها مكرّرات في القرآن، فعرفنا أماكنها منه بل حتى فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* «2» ، فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* «3» لما كانا في القرآن كانت مكرّراتهما من القرآن.
و بلغنا أن رسول الله صلّى اللّه عليه و سلّم كتب في بدء الأمر على رسم قريش: «باسمك اللهم» حتى نزلت: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها «4» فكتب: بِسْمِ اللَّهِ* حتى نزلت:
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ «5» ، فكتب: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ» ، حتى نزلت: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «6» ، فكتب مثلها فلمّا كانت ..... هذه .... و حيث أن يكون .. «7» .. منه ثم افتخر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بهذه الآية، و حقّ له ذلك.
حدّثنا عبد الله بن حامد بن محمد الوراق: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه حدّثنا محمد ابن يحيى بن سهل، حدّثنا آدم بن أبي إياس، حدّثنا سلمة بن الأحمر عن يزيد بن أبي خالد عن عبد الكريم بن أمية عن أبي بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلّى اللّه عليه و سلّم: «ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد بعد سليمان بن داود غيري؟». فقلت: بلى. قال: «بأي شيء تفتتح إذا افتتحت القرآن؟». قلت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فقال: «هي هي» «8» [18].
و في هذا الحديث دلّ دليل على كون التسمية آية تامّة من الفاتحة و فواتح السور؛ لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم حين لفظ الآية كلها، و التي في سورة النمل ليست بآية و إنما هي بعض الآية، و بالله التوفيق.
و أمّا الأخبار الواردة فيه،
فأخبرنا أبو القاسم السدوسي، حدّثنا أبو زكريا يحيى بن محمد ابن عبد الله العنبري، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا أبو سفيان المعمري عن إبراهيم بن يزيد قال : قلت لعمرو بن دينار: إن الفضل الرقاشي زعم أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ليس من القرآن؟ قال: سبحان الله! ما أجرأ هذا الرجل! سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: كان رسول الله صلّى اللّه عليه و سلّم إذا نزلت آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* علم أن السورة قد ختمت و فتح غيرها.
(1) بياض في المخطوط.
(2) سورة الرّحمن: 13.
(3) سورة المرسلات: 15.
(4) سورة هود: 41.
(5) سورة الإسراء: 110.
(6) سورة النمل: 31.
(7) بياض في المخطوط.