کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الكشف و البيان عن تفسير القرآن

الجزء الأول

علمنا في التفسير

مقدمة المصنف

هذه أسماء الكتب التي عليها مباني كتابنا هذا

سورة البقرة

فضلها: [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 48] [سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 54] [سورة البقرة(2): الآيات 55 الى 59] [سورة البقرة(2): الآيات 60 الى 62] [سورة البقرة(2): الآيات 63 الى 73] [سورة البقرة(2): الآيات 74 الى 79] [سورة البقرة(2): الآيات 80 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 90] [سورة البقرة(2): الآيات 91 الى 93] [سورة البقرة(2): الآيات 94 الى 99] [سورة البقرة(2): الآيات 100 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 106] [سورة البقرة(2): الآيات 107 الى 109] [سورة البقرة(2): الآيات 110 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 117] [سورة البقرة(2): الآيات 118 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 134] [سورة البقرة(2): الآيات 135 الى 137]
محتوى الجزء الأول من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثاني

تكملة سورة البقرة

[سورة البقرة(2): الآيات 142 الى 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 157] [سورة البقرة(2): الآيات 158 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 165] [سورة البقرة(2): الآيات 166 الى 167] [سورة البقرة(2): الآيات 168 الى 176] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 193] [سورة البقرة(2): الآيات 198 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 210] [سورة البقرة(2): الآيات 211 الى 215] [سورة البقرة(2): الآيات 216 الى 218] [سورة البقرة(2): الآيات 219 الى 221] [سورة البقرة(2): الآيات 222 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 230 الى 232] [سورة البقرة(2): الآيات 233 الى 234] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 245] [سورة البقرة(2): آية 246] [سورة البقرة(2): الآيات 247 الى 248] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 264] [سورة البقرة(2): الآيات 265 الى 267] [سورة البقرة(2): الآيات 268 الى 271] [سورة البقرة(2): الآيات 272 الى 273] [سورة البقرة(2): الآيات 274 الى 276] [سورة البقرة(2): آية 282] [سورة البقرة(2): الآيات 283 الى 286]
محتوى الجزء الثاني من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثالث

سوره آل عمران

فضلها: [سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 7] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 43] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 44 الى 54] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 55 الى 64] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 65 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 85] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 86 الى 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 103] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 130 الى 138] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 139 الى 145] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 146 الى 155] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 179 الى 186] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 187 الى 195] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 196 الى 200]

سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 22 الى 28] [سورة النساء(4): الآيات 37 الى 42] [سورة النساء(4): الآيات 43 الى 53] [سورة النساء(4): الآيات 54 الى 63] [سورة النساء(4): الآيات 64 الى 73] [سورة النساء(4): الآيات 74 الى 78] [سورة النساء(4): الآيات 79 الى 84] [سورة النساء(4): الآيات 85 الى 91] [سورة النساء(4): الآيات 104 الى 113] [سورة النساء(4): الآيات 114 الى 117] [سورة النساء(4): الآيات 118 الى 126] [سورة النساء(4): الآيات 136 الى 141] [سورة النساء(4): الآيات 142 الى 147] [سورة النساء(4): الآيات 148 الى 152] [سورة النساء(4): الآيات 153 الى 159] [سورة النساء(4): الآيات 160 الى 166] [سورة النساء(4): الآيات 167 الى 173] [سورة النساء(4): الآيات 174 الى 176]
محتوى الجزء الثالث من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الخامس

محتوى الجزء الخامس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السادس

محتوى الجزء السادس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السابع

محتوى الجزء السابع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثامن

محتوى الجزء الثامن من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء التاسع

محتوى الجزء التاسع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء العاشر

محتوى الجزء العاشر من كتاب تفسير الثعلبي

الكشف و البيان عن تفسير القرآن


صفحه قبل

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 118

و بعير معبد إذا كان مطليا بالقطران، قال طرفة:

إلى أن تحامتني العشيرة كلّها

و أفردت إفراد البعير المعبّد «1»

و سمّي العبد عبدا لذلّته و انقياده لمولاه.

وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ : نستوفي و نطلب المعونة على عبادتك و على أمورنا كلّها، يقال: استعنته و استعنت به، و قرأ يحيى بن رئاب: (نستعين) بكسر النون. قال الفرّاء: تميم و قيس و أسد و ربيعة يكسرون علامات المستقبل إلّا الياء، فيقولون إستعين و نستعين و نحوها، و يفتحون الياء لأنها أخت الكسرة. و قريش و كنانة يفتحونها كلّها و هي الأفصح و الأشهر.

و إنّما كرّر إِيَّاكَ‏ ؛ ليكون أدلّ على الإخلاص و الاختصاص و التأكيد لقول اللّه تعالى خبرا عن موسى: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَ نَذْكُرَكَ كَثِيراً «2» ، و لم يقل: كي نسبحك و نذكرك كثيرا.

و قال الشاعر:

و جاعل الشمس مصرا لا خفاء به‏

بين النهار و بين الليل قد فصلا «3»

و لم يقل بين النهار و الليل. و قال الآخر:

بين الأشجّ و بين قيس باذخ‏

بخ بخ لوالده و للمولود «4»

و قال أبو بكر الورّاق: إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك خلقتنا، وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لأنك هديتنا و سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن الفرّان، و قد سئل عن الآية فقال:

إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك الصانع، و إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لأن المصنوع لا غنى به عن الصانع، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لتدخلنا الجنان، و إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لتنقذنا من النيران، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنّا عبيد و إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لأنك كريم مجيد، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك المعبود بالحقيقة و إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لأننا العباد بالوثيقة.

[سورة الفاتحة (1): آية 6]

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

اهْدِنَا ،

قال علي بن أبي طالب (كرّم اللّه وجهه) و أبيّ بن كعب‏ : أرشدتنا

فهذا كما يقال للرجل الذي يأكل: كل، و الذي يقرأ: اقرأ، و للقائم: قم لي حتّى أعود لك أي دم على ما أنت‏

(1) لسان العرب: 3/ 274.

(2) سورة طه: 33- 34.

(3) ترتيب إصلاح المنطق: 355.

(4) الصحاح: 1/ 418.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 119

عليه. و قال السدّي و مقاتل: أرشدنا، يقال: هديته للدّين و هديته الى الدين هدى و هداية، قال الحسن بن الفضل: الهدى في القرآن على وجهين:

الوجه الأول: هدى دعاء و بيان كقوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ «1» ، و قوله:

وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «2» و وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ «3» .

الوجه الثاني: هدى توفيق و تسديد كقوله: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ* «4» ، و قوله:

إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏ «5» .

و الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ الطريق الواضح المستوي، قال عامر بن الطفيل:

خشونا أرضهم بالخيل حتّى‏

تركناهم أذل من الصراط «6»

و قال جرير:

أمير المؤمنين على صراط

إذا اعوجّ الموارد مستقيم‏ «7»

الإختلاف في قراءة الصِّراطَ

و في‏ الصِّراطَ خمس قراءات: بالسين و هو الأصل، سمّي الطريق سراطا لأنّه يسترط المارّة.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا محمد بن حمدويه، حدّثنا محمود بن آدم، حدّثنا سفيان عن عمر عن ثابت قال‏ : سمعت ابن عباس قرأ السراط بالسين‏

، و به قرأ ابن كثير [من‏] طريق .. «8» .. و يعقوب [من‏] طريق .. «9» ...

و بإشمام السين و هي رواية أبي حمدون عن الكسائي، و بالزاي و هي رواية أبي حمدون عن سليم عن حمزة.

و بإشمام الزاي و هي قراءة حمزة في أكثر الروايات و الكسائي في رواية نهشل و الشيرازي.

و بالصاد قراءة الباقين من القرّاء.

و كلّها لغات فصيحة صحيحة إلّا إن الاختيار الصاد؛ لموافقة المصحف لأنها كتبت في جميع المصاحف بالصاد. و لأن آخرتها بالطاء لأنهما موافقتان في الاطباق و الاستعلاء.

و اختلف المفسّرون في‏ الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏

فأخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن حامد، و أبو

(1) سورة الشورى: 52.

(2) سورة الرعد: 7.

(3) سورة فصّلت: 17.

(4) سورة النحل: 93.

(5) سورة القصص: 56.

(6) الفروق اللغوية: 313.

(7) الصحاح: 2/ 550.

(8) بياض في المخطوط.

(9) بياض في المخطوط.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 120

القاسم الحسن بن محمد النيسابوري قالا: أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد اللّه المزني، حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن سليمان، حدّثنا الحسين بن علي عن حمزة الزيّات عن أبي المختار الطائي عن [ابن‏] أبي أخ الحرث الأعسر عن الحرث عن علي قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم [يقول‏] : «الصراط المستقيم كتاب اللّه عزّ و جلّ» «1» [29].

و أخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا حامد بن محمد، حدّثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدّثنا زكريا بن عديّ عن مقتضي عن منصور عن أبي وائل عن عبد اللّه قال‏ : الصراط المستقيم كتاب اللّه عزّ و جلّ.

و أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا عبد الرّحمن بن محمد، حدّثنا ليث، حدّثنا عقبة بن سليمان، حدّثنا الحسين بن صالح عن أبي عقيل عن جابر قال‏ : الصراط المستقيم الإسلام، و هو أوسع مما بين السماء و الأرض [و إنما كان‏] الصراط المستقيم الإسلام لأن كل دين و طريق [غير] الإسلام فليس بمستقيم.

و روى عاصم الأحول عن أبي العالية الرياحي‏ : هو طريق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و صاحباه‏ «2» .

قال عاصم: فذكرت ذلك للحسن فقال: صدق أبو العالية و نصح.

و قال بكر بن عبد اللّه المزني: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في المنام، فسألته عن‏ الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ، فقال: سنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي.

و قال سعيد بن جبير: يعني طريق [الحق‏].

و قال السدّي: أرشدنا إلى دين يدخل صاحبه به الجنة و لا يعذب في النار أبدا، و يكون خروجه من قبره إلى الجنة.

و قال محمد بن الحنفية: هو دين [اللّه‏] الذي لا يقبل من عباده غيره.

أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه العايني، حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد، حدّثنا أبو القاسم [....] «3» ابن نهار، حدّثنا أبو حفص المستملي، حدّثنا أبي، حدّثنا حامد بن سهل، حدّثنا عبد اللّه بن محمد العجلي، حدّثنا إبراهيم بن جابر عن مسلم بن حيان عن أبي بريدة في قول اللّه تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ قال: صراط محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و آله (عليهم السلام) «4» .

(1) معاني القرآن: 1/ 76، و تفسير القرطبي: 8/ 329.

(2) الكامل لابن عدي: 3/ 163.

(3) بياض في مصورة المخطوط، و الظاهر ما أثبتناه.

(4) تفسير أبي حمزة الثمالي: 167، و شواهد التنزيل: 1/ 74 ح 86، و نهج الايمان لابن جبر عن كتاب ابن شاهين: 54.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 121

و قال عبد العزيز بن يحيى: يعني طريق السواد الأعظم. [و قال‏] أبو بكر الورّاق: يعني صراطا لا تزيغ به الأهواء يمينا و شمالا. و قال محمد بن علي النهدي: يعني طريق الخوف و الرجاء. و قال أبو عثمان الداراني: [يعني‏] طريق العبودية.

و سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد يقول: سمعت أبا نصر منصور بن عبد اللّه بهرات يقول: سمعت أبا الحسن عمر بن واصل العنبري يقول: سمعت [سهل‏] بن عبد اللّه التستري يقول‏ : طريق السنّة و الجماعة لأن البدعة لا تكون مستقيمة.

و أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن المفسّر: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي: أخبرنا أبو بكر بن عيّاش عن عاصم عن زر عن أبي وائل عن عبد اللّه قال‏ : خطّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم خطّين، خطّا عن يمينه و خطّا عن شماله ثم قال: «هذه السبل، و على كلّ سبيل منهما شيطان يدعو إليه، و هذا سبيل اللّه» [30] «1» ، ثم قرأ وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏ «2» .

و أخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف، حدّثنا معمّر بن سفيان الصغير، حدّثنا يعقوب بن سفيان الكبير، حدّثنا أبو صالح عبد اللّه بن صالح، حدّثنا معاوية بن صالح أن عبد الرّحمن بن جبير بن نصر حدّثه عن أبيه جبير عن نواس بن معاذ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال‏ : «ضرب اللّه مثلا (صِراطاً مُسْتَقِيماً)* و على جانبي الصراط ستور مرخاة فيها أبواب مفتّحة و على الأبواب ستور مرخاة، و على باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط و لا تعوجوا، و داع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد فتح شي‏ء من تلك الأبواب قال: ويلك لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه بالصراط: الإسلام. و الستور حدود اللّه، و الأبواب المفتحة محارم اللّه، و ذلك الداعي على الصراط كتاب اللّه عزّ و جلّ، و الداعي من فوق واعظ اللّه في قلب كل مسلم» [31] «3» .

[سورة الفاتحة (1): آية 7]

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

صِراطَ بدل من الأول‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ يعني: طريق الذين أنعمت عليهم بالتوفيق و الرعاية، و التوحيد و الهداية، و هم الأنبياء و المؤمنون الذين ذكرهم اللّه تعالى في قوله:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «4» .

(1) مسند أحمد: 1/ 465، السنن الكبرى: 6/ 343 بتفاوت.

(2) سورة الأنعام: 153.

(3) مسند أحمد: 4/ 182، المستدرك: 1/ 73 بتفاوت يسير.

(4) سورة النساء: 69.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 122

قال ابن عباس: هم قوم موسى و عيسى من قبل أن يغيّروا نعم اللّه عليهم.

و قال شهر بن حوشب هم أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و رضي عنهم و أهل بيته (عليهم السلام). و قال عكرمة: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ ) بالثبات على الإيمان و الاستقامة.

و قال علي بن الحسين بن داود: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بالشكر على السرّاء و الصبر على الضرّاء. و قال .. «1» .. بن .. «2» ..: بما قد سنّه محمد صلّى اللّه عليه و سلّم. و قال الحسين بن الفضل: يعني أتممت عليهم النعمة فكم من منعم عليه .. «3» ...

و أصل النعمة المبالغة و الزيادة، يقال: دققت الدواء فأنعمت دقّه أي بالغت في دقه، و منه‏

قول العرب النبي صلّى اللّه عليه و آله‏ «إن أهل الجنة يتراءون الغرفة منها كما يتراءون الكوكب الدرّي الشرقي أو الغربي في أفق السماء و إن أبا بكر و عمر منهم و أنعما» «4» [32].

أي زادا عليه. و قال أبو عمرو: بالغا في الخير.

و قرأ الصادق‏ : (صراط من أنعمت عليهم)، و به قرأ عمرو بن الزبير و علي‏

، حرف اللام يجر ما بعده. و في‏ عَلَيْهِمْ‏ سبع قراءات:

الأولى: عَلَيْهِمْ‏ - بكسر الهاء و جزم الميم- و هي قراءة العامّة.

و الثانية:

عليهُمْ- بضم الهاء و جزم الميم- و هي قراءة الأعمش و حمزة. و روي ذلك عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عمر (رضي اللّه عنه) .

و الثالثة: عليهُمُ- بضم الهاء و الميم و إلحاق الواو- و هي قراءة عيسى بن عمر و ابن أبي إسحاق.

و الرابعة: عليهمو- بكسر الهاء و ضم الميم و إلحاق الواو- و هي قراءة ابن كثير و الأعرج.

و الخامسة: عليهِمِ- بكسر الهاء و الميم و إلحاق الياء- و هي قراءة الحسن.

و السادسة: عليهِمُ- بكسر الهاء و ضم الميم مضمومة مختلسة- و هي رواية عبد اللّه بن عطاء الخفّاف عن أبي عمرو.

و السابعة: عليهِمِ- بكسر الهاء و الميم- و هي قراءة عمرو بن حامد.

(1) بياض في المخطوط.

(2) بياض في المخطوط.

(3) بياض في المخطوط.

(4) الجامع الصغير: 2/ 203.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 123

فمن ضمّ الهاء ردّه إلى الأصل لأنه لو أفرد كان مضموما عند الابتداء به، و من كسره فلأجل الياء الساكنة. و من كسر الهاء و جزم الميم فإنه يستثقل الضمّ مع مجاورة الياء الساكنة، و الياء أخت الكسرة و الخروج من الضم إلى الكسر ثقيل. و من ضمّ الهاء و الميم أتبع فيه الضمّة.

و من كسر الهاء و ضمّ الميم فإنه كسر الهاء لأجل الياء و ضمّ الميم على الأصل، و الاختلاس للاستخفاف، و إلحاق الواو و الياء للإتباع و اللّه أعلم. قال الشاعر في الميم المختلسة:

و اللّه لو لا شعبة من الكرم‏

وسطة في الحي من خال و عم‏ «1»

لكنت فيهم رجلا بلا قدم‏

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ‏ غير: صفة الذين. و الذين معرفة و لا توصف المعارف بالنكرات و لا النكرات بالمعارف إلّا إن الذين ليس بمعرفة موقتة و لكنّه بمنزلة قولك: إني لأمرّ بالصادق غير الكاذب، كأنك قلت: من يصدق لا من يكذب. و لا يجوز: مررت بعبد اللّه غير الظريف.

و معنى كلامه: غير صراط الذين غضبت‏ عَلَيْهِمْ‏ .

في معنى الغضب‏

و اختلفوا في معنى الغضب من اللّه عزّ و جلّ، فقال قوم: هو إرادة الانتقام من العصاة.

و قيل: هو جنس من العقاب يضادّ و الرضا. و قيل: هو ذم العصاة على قبح أفعالهم.

و لا يلحق غضب اللّه تعالى العصاة من المؤمنين بل يلحق الكافرين.

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ عن الهدى.

و أصل الضلال الهلاك، يقال ضلّ الماء في اللبن إذا خفي و ذهب، و: رجل ضالّ إذا أخطأ الطريق، و: مضلّل إذا لم يتوجّه لخير، قال الشاعر:

ألم تسأل فتخبرك الديار

عن الحي المضلل أين ساروا «2»

قال الزجاج و غيره: و إنما جاز أن يعطف ب (لا) على غير؛ لأن غير متضمّن معنى النفي؛ فهو بمعنى لا، مجازه: غير المغضوب عليهم و غير الضالين كما تقول: فلان غير محسن و لا مجمل. فإذا كان (غير) بمعنى سوى لم يجز أن يعطف عليها ب (لا)؛ لأنه لا يجوز في الكلام عندي سوى عبد اللّه و لا زيد. و روى الخليل بن أحمد عن ابن كثير: غَيْرَ الْمَغْضُوبِ نصبا.

و قرأ عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب- رضي اللّه عنهما-: (و غير الضالين)

، و قرأ السختياني (و لأ الضالئين) بالهمزة؛ لالتقاء الساكنين، و اللّه أعلم.

(1) كتاب المنمق للبغدادي: 130.

(2) تفسير القرطبي: 1/ 150.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏1، ص: 124

فأما التفسير:

فأخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا أحمد بن عبد اللّه المزني، حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن سليمان، أخبرنا أحمد بن حنبل و محمد بن دينار قالا: حدّثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سماك قال: سمعت عباد بن حبيش عن عديّ بن حاتم عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم‏ : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ قال: «اليهود»، وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال: «النصارى» «1» [33].

و أخبرنا أبو القاسم الحبيبي، أخبرنا أبو زكريا العنبري، حدّثنا محمد بن عبد اللّه الوراق، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق عن معمر بن عبد اللّه بن بديل العقيلي عن عبد اللّه بن شقيق‏ أنه أخبره من سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و هو بوادي القرى على فرسه فسأله رجل من القين، فقال: يا رسول اللّه، من هؤلاء الذين يقاتلونك؟ قال: «المغضوب عليهم»، و أشار إلى اليهود. فقال: من هؤلاء الطائفة الأخرى؟ فقال: «الضالون»، و أشار إلى النصارى‏ «2» [34].

و تصديق هذا الحديث حكم اللّه تعالى بالغضب على اليهود في قوله: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ‏ «3» ، و حكم الضلال على النصارى في قوله:

وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا «4» .

و قال الواقدي: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ بالمخالفة و العصيان، وَ لَا الضَّالِّينَ‏ عن الدين و الإيمان.

و قال التستري: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ البدعة، وَ لَا الضَّالِّينَ‏ عن السنة.

فصل في آمين‏

و السنّة المستحبة أن يقول القارئ بعد فراغه من قراءة فاتحة الكتاب: آمين؛ سواء كان في الصلاة أو غير الصلاة؛ لما

أخبرنا عبد اللّه بن حامد الاصفهاني، أخبرنا محمد بن جعفر المطيري، حدّثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، حدّثنا أبو داود عن سفيان، و أخبرنا عبد اللّه قال: و أخبرنا عبدوس بن الحسين، حدّثنا أبو حاتم الرازي، حدّثنا ابن كثير، أخبرنا سفيان عن سلمة عن حجر أبي العنبس الحضرمي عن أبي قايل بن حجر قال‏ : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قرأ: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، قال: «آمين»، و رفع بها صوته‏ «5» [35].

(1) تفسير ابن كثير: 1/ 32.

(2) تفسير ابن كثير: 1/ 32 بتفاوت يسير.

(3) سورة المائدة: 60.

(4) سورة المائدة: 77.

صفحه بعد