کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الكشف و البيان عن تفسير القرآن

الجزء الأول

علمنا في التفسير

مقدمة المصنف

هذه أسماء الكتب التي عليها مباني كتابنا هذا

سورة البقرة

فضلها: [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 48] [سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 54] [سورة البقرة(2): الآيات 55 الى 59] [سورة البقرة(2): الآيات 60 الى 62] [سورة البقرة(2): الآيات 63 الى 73] [سورة البقرة(2): الآيات 74 الى 79] [سورة البقرة(2): الآيات 80 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 90] [سورة البقرة(2): الآيات 91 الى 93] [سورة البقرة(2): الآيات 94 الى 99] [سورة البقرة(2): الآيات 100 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 106] [سورة البقرة(2): الآيات 107 الى 109] [سورة البقرة(2): الآيات 110 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 117] [سورة البقرة(2): الآيات 118 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 134] [سورة البقرة(2): الآيات 135 الى 137]
محتوى الجزء الأول من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثاني

تكملة سورة البقرة

[سورة البقرة(2): الآيات 142 الى 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 157] [سورة البقرة(2): الآيات 158 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 165] [سورة البقرة(2): الآيات 166 الى 167] [سورة البقرة(2): الآيات 168 الى 176] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 193] [سورة البقرة(2): الآيات 198 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 210] [سورة البقرة(2): الآيات 211 الى 215] [سورة البقرة(2): الآيات 216 الى 218] [سورة البقرة(2): الآيات 219 الى 221] [سورة البقرة(2): الآيات 222 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 230 الى 232] [سورة البقرة(2): الآيات 233 الى 234] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 245] [سورة البقرة(2): آية 246] [سورة البقرة(2): الآيات 247 الى 248] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 264] [سورة البقرة(2): الآيات 265 الى 267] [سورة البقرة(2): الآيات 268 الى 271] [سورة البقرة(2): الآيات 272 الى 273] [سورة البقرة(2): الآيات 274 الى 276] [سورة البقرة(2): آية 282] [سورة البقرة(2): الآيات 283 الى 286]
محتوى الجزء الثاني من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثالث

سوره آل عمران

فضلها: [سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 7] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 43] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 44 الى 54] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 55 الى 64] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 65 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 85] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 86 الى 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 103] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 130 الى 138] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 139 الى 145] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 146 الى 155] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 179 الى 186] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 187 الى 195] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 196 الى 200]

سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 22 الى 28] [سورة النساء(4): الآيات 37 الى 42] [سورة النساء(4): الآيات 43 الى 53] [سورة النساء(4): الآيات 54 الى 63] [سورة النساء(4): الآيات 64 الى 73] [سورة النساء(4): الآيات 74 الى 78] [سورة النساء(4): الآيات 79 الى 84] [سورة النساء(4): الآيات 85 الى 91] [سورة النساء(4): الآيات 104 الى 113] [سورة النساء(4): الآيات 114 الى 117] [سورة النساء(4): الآيات 118 الى 126] [سورة النساء(4): الآيات 136 الى 141] [سورة النساء(4): الآيات 142 الى 147] [سورة النساء(4): الآيات 148 الى 152] [سورة النساء(4): الآيات 153 الى 159] [سورة النساء(4): الآيات 160 الى 166] [سورة النساء(4): الآيات 167 الى 173] [سورة النساء(4): الآيات 174 الى 176]
محتوى الجزء الثالث من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الخامس

محتوى الجزء الخامس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السادس

محتوى الجزء السادس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السابع

محتوى الجزء السابع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثامن

محتوى الجزء الثامن من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء التاسع

محتوى الجزء التاسع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء العاشر

محتوى الجزء العاشر من كتاب تفسير الثعلبي

الكشف و البيان عن تفسير القرآن


صفحه قبل

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 32

و روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عثمان النهدي قال‏ : كنت مع سلمان فأخذ غصنا من شجرة يابسة فحتّه ثم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول: «من توضأ فأحسن الوضوء [ثمّ صلى الصلوات الخمس‏] تحاتّت عنه خطاياه كما تحات هذه الورق» «1» [34].

و روى زر بن حبيش عن عبد اللّه بن مسعود قال‏ : قيل: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم كيف تعرف من لم تر من أمتك يوم القيامة؟ قال: «هم غر محجلون من آثار الوضوء» «2» [35].

و روى أبو أمامة عن عمرو بن عبسة قال‏ : قلت: يا رسول اللّه ما الوضوء حدّثني عنه؟

قال: «ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض و يستنشق و ينثر إلّا جرت خطايا فيه و خياشيمه مع الماء ثم إذا غسل وجهه كما أمر اللّه إلّا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم إذا غسل يديه من المرفقين إلّا جرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلّا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلّا جرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإذا هو قام فصلّى و حمد اللّه و أثنى عليه و مجّده و فرّغ قلبه للّه إلّا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه» «3» [36].

و عن أنس بن مالك قال‏ : خدمت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و أنا ابن ثمان سنين و كان أول ما علّمني أن قال: «يا أنس يا بني أحسن وضوءك لصلاتك يحبك اللّه و يزاد في عمرك» «4» [37].

و روى سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن حمزة الأنصاري قال‏ : خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و نحن في مسجد المدينة فقال: «لقد رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاء وضوؤه فاستنقذه من ذلك» [38].

وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا فاغتسلوا.

روى أبو ذر عن علي (عليه السلام) فقال‏ : أقبل عشرة من أحبار اليهود، فقالوا: يا محمد لما ذا أمر اللّه بالغسل من الجنابة و لم يأمر من البول و الغائط و هما أقذر من النطفة؟ فقال النبي صلى اللّه عليه و سلّم: «إنّ آدم لما أكل من الشجرة تحوّل في عروقه و شعره، و إذا جامع الإنسان نزل من أصل كل شعرة فافترضه اللّه عز و جل عليّ و على أمتي تكفيرا و تطهيرا و شكرا لما أنعم عليهم من اللذة التي يصيبونها منه».

قالوا: صدقت يا محمد، فأخبرنا بثواب ذلك من اغتسل من الحلال، فقال صلى اللّه عليه و سلّم: «إنّ‏

(1) مجمع الزوائد: 1/ 297.

(2) مسند أحمد: 5/ 199.

(3) صحيح مسلم: 2/ 210.

(4) مجمع الزوائد: 1/ 271، و مسند أبي يعلى: 6/ 307 بتفاوت.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 33

المؤمن إذا أراد أن يغتسل من الحلال بنى اللّه له قصرا في الجنّة و هو سرّ بين المؤمن و بين ربه، و المنافق لا يغتسل من الجنابة فما من عبد و لا أمة من أمتي قاما للغسل من الجنابة تيقنا أني ربهما، أشهدكم أني غفرت لهما كتبت لهما بكل شعرة على رأسه و جسده ألف [سنة] و محى عنه مثل ذلك و رفع له مثل ذلك». قالوا: صدقت، نشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّك رسول اللّه.

و عن أبي محمد الثقفي قال: سمعت أنس بن مالك يقول‏ : قال لي النبي صلى اللّه عليه و سلّم: «يا بني الغسل من الجنابة فبالغ فيه فإنّ تحت كلّ شعرة جنابة». قلت: يا رسول اللّه كيف أبالغ؟ قال:

«نقّوا أصول الشعر و أنق بشرتك تخرج من مغتسلك و قد غفر لك كل ذنب» «1» [39].

و قال عبد الرحمن بن حمزة : خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ذات يوم و نحن في مسجد المدينة. فقال: «إني رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتي و النبيون قعود حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقه طردوه فجاءه اغتساله من الجنابة [فأخذ بيده‏] فأقعده إلى جنبي» «2» [40].

وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى‏ أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ إلى قوله‏ بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ‏ أي من الصعيد و ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ‏ بما فرض عليكم من الوضوء و الغسل و التيمم‏ مِنْ حَرَجٍ‏ من ضيق‏ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ‏ من الأحداث و الجنابات و الذنوب و الخطيئات‏ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ‏ فيما أباح اللّه لكم من التيمم عند عدم الماء و سائر نعمه التي لا تحصى‏ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ اللّه عليها.

و روى محمد بن كعب القرضي عن عبد اللّه بن داره مولى عثمان بن عفّان (رضي اللّه عنه) عن عمران مولى عثمان قال‏ : مرّت على عثمان فخارة من ماء فدعا به فتوضأ فأسبغ وضوءه ثم قال: لو لم أسمعه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلّا مرّة أو مرّتين أو ثلاثا ما حدّثتكم به‏ «3» .

سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول: «ما توضّأ عبد فأسبغ وضوءه ثم قام إلى الصلاة إلّا غفر [اللّه‏] له ما بينه و بين الصلاة الأخرى» «4» [41].

قال محمد بن كعب: فكنت إذا سمعت الحديث من رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم التمسته في القرآن فالتمست هذا في القرآن فوجدته‏ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ‏ «5» فعلمت أن اللّه لم يتم عليه النعمة حتّى غفر له ذنوبه.

(1) كنز العمال: 9/ 549. ح 27361.

(2) تفسير ابن كثير: 2/ 555.

(3) مسند ابن المبارك: 21.

(4) مسند ابن المبارك: 21.

(5) سورة الفتح: 2.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 34

ثم قرأت الآية التي في المائدة إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ حتّى بلغ قوله‏ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ‏ فعرفت أنّ اللّه لم يتم عليهم النعمة حتى غفر لهم.

قتادة عن شهر بن حوشب عن الصّدي بن عجلان و هو أبو إمامة عن النبي صلى اللّه عليه و سلّم إنه قال‏ :

«الطهور يكفر ما قبله [ثمّ‏] تصير الصلاة نافلة» «1» [42].

وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ يعني النعم كلها وَ مِيثاقَهُ‏ عهده‏ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ‏ عاهدتم به أيها المؤمنون‏ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا و ذلك حين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم على السمع و الطاعة فيما أحبوا و كرهوا. هذا قول أكثر المفسرين.

و قال مجاهد: من الميثاق الذي أخذ اللّه على عباده حين أخرجهم من صلب آدم (عليه السلام) وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ عليم ما في القلوب من خير و شر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ أمرهم بالصدق و العدل في أقوالهم و أفعالهم‏ وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ‏ و لا يحملنكم بغض قوم‏ عَلى‏ أَلَّا تَعْدِلُوا أي على ترك العدل فيهم لعداوتهم، ثم قال: اعْدِلُوا بين أوليائكم و أعدائكم‏ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‏ يعني إلى التقوى‏ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ عالم‏ بِما تَعْمَلُونَ‏ مجازيكم به‏ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏ تقديرها: و قال لهم مغفرة، لأنّ الوعد قول، فلذلك جمع الكلام‏ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ‏ .

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ بالدفع عنكم‏ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ‏ بالقتل‏ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏ .

نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و هو ببطن نخل في الغزوة السابعة فإذا بنو ثعلبة، و بنو

(1) المعجم الكبير: 8/ 125 و فيه: الوضوء، بدل: الطهور.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 35

محارب أرادوا أن يمسكوا به و بأصحابه إذا اشتغلوا بالصلاة، قالوا: إن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم و أمهاتهم فإذا سجدوا فيها أوقعنا بهم، فأطلع اللّه نبيّه على ذلك، و هي صلاة الخوف.

و قال الحسن‏ : كان النبي صلى اللّه عليه و سلّم محاصرا بطن نخلة. فقال رجل من المشركين: هل لكم في أن أقتل محمدا، قالوا: فكيف تقتله؟ قال أمسك به، قالوا: وددنا إنّك فعلت ذلك. فأتى النبي صلى اللّه عليه و سلّم و هو متقلد سيفه، فقال: يا محمد أرني سيفك فأعطاه إياه فجعل الرجل يهز السيف و ينظر مرّة إلى السيف و مرّة إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم و قال: من يمنعك مني يا محمد؟ قال: اللّه، فتهدّده أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلّم و أغلظوا له فشام السيف و مضى. فأنزل اللّه هذه الآية.

الزهري عن ابن سلام عن جابر بن عبد اللّه‏ : أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلّم نزل منزلا و تفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها فعلّق النبي صلى اللّه عليه و سلّم سلاحه بشجرة فجاء أعرابي إلى سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم فسلّه ثمّ أقبل على النبي صلى اللّه عليه و سلّم فقال: من يمنعك منّي؟ قال: اللّه، قال الأعرابي مرّتين أو ثلاثا: من يمنعك منّي؟ و النبي صلى اللّه عليه و سلّم يقول: اللّه، فشام الأعرابي السيف، فدعا النبي صلى اللّه عليه و سلّم أصحابه فأخبرهم بخبر الأعرابي و هو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.

و قال مجاهد و عبد اللّه بن كثير و عكرمة و الكلبي، و ابن يسار عن رجاله‏ : بعث النبي صلى اللّه عليه و سلّم المنذر ابن عمرو الأنصاري الساعدي و هو أحد النقباء ليلة العقبة في ثلاثين راكبا من المهاجرين و الأنصار بني عامر بن صعصعة فخرجوا فلقوا عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر على بئر معونة و هي من مياه بني عامر، فاغتسلوا فقتل المنذر بن عمرو الأنصاري الساعدي و أصحابه إلّا ثلاثة نفر كانوا في طلب ضالة لهم أحدهم: عمرو بن أميّة الصيمري، فلم يرعهم إلّا و الطير تحوم في السماء تسقط من بين خراطيمها علق الدّم، فقال أحد النفر: قتل أصحابنا، ثم تولى يشتد حتّى لقي رجلا فاختلفا ضربتين فلما خالطت الضربة رفع رأسه إلى السماء و فتح عينيه و قال: اللّه أكبر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* . و رجع صاحباه، فلقيا رجلين من بني سليم و بين النبي صلى اللّه عليه و سلّم و بين قومهما موادعة، فانتسبا لهما إلى بني عامر فقتلاهما و قدم قومهما إلى النبي صلى اللّه عليه و سلّم يطلبون الدية فخرج و معه أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و عبد الرحمن بن عوف حتّى دخلوا على كعب بن الأشرف و بني النظير فاستعانهم في عقلهما، فقال: نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا و تسألنا حاجة.

اجلس حتّى نطعمك و نعطيك الذي تسألنا، فجلس النبي صلى اللّه عليه و سلّم و أصحابه فخلا بعضهم ببعض، و قالوا: إنّكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيرتحل عنّا. فقال عمرو بن جحش بن كعب: أنا، فجاء إلى رحى عظيمة ليطرحها عليه فأمسك اللّه أيديهم و جاء جبرئيل (عليه السلام) و أخبره بذلك فخرج النبي صلى اللّه عليه و سلّم ثمّ دعا عليا فقال: لا تبرح من مكّة، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عنّي فقل توجه إلى المدينة، ففعل ذلك علي (عليه السلام) حتّى قاموا إليه ثم لقوه فأنزل اللّه عز و جل هذه الآية.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 36

قال الثعلبي: و هذا القول أولى بالصواب لأنّ اللّه تعالى عقّب هذه الآية بذم اليهود، و ذكر قبح أفعالهم و أعمالهم فقال عز من قائل‏ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ‏ الآية، و ذلك أنّ اللّه تعالى وعد موسى أن يورثه و قومه الأرض المقدسة و هي الشام و كان يسكنها الكنعانيون الجبارون، و وعده أن يهلكهم و يجعل أرض الشام مساكن بني إسرائيل، فلما تركت بني إسرائيل الدّار بمصر أمرهم اللّه تعالى المسير إلى أريحا أرض الشام و هي الأرض المقدسة.

و قال: يا موسى إني قد كتبتها لكم دارا قرارا فاخرج إليها و جاهد من فيها من العدو فإني ناصركم عليهم، و خذ من قومك‏ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً من كلّ سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء منهم على ما أمروا، به فاختار موسى (عليه السلام) النقباء و هذه أسماؤهم: من سبط روبيل:

شامل بن ران، و من سبط شمعون: شاقاط بن [حوري‏]، و من سبط يهودا: كالب بن يوقنا، و من سبط آبين: مقايل بن يوسف، و من سبط يوسف، و هو سبط إفراهيم و يوشع بن نون، و من سبط بنيامين: قنطم بن أرقون و من سبط ريالون: مدي بن عدي، و من سبط يوسف و هو ميشا بن يوسف: جدي بن قامن، و من سبط آهر: بيانون بن ملكيا و من سبط تفتال: نفتا لي محر بن وقسي، و من سبط دان: حملائل بن حمل، و من سبط أشار: سابور بن ملكيا «1» .

فسار موسى ببني إسرائيل حتّى إذا قربوا من أرض كنعان و هي أريحا. بعث هؤلاء النقباء إليها يتجسّسون له الأخبار و يعلمونه فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عوج بن عنق و كان طوله ثلاثة آلاف و عشرون ألف ذراع و ثلاثمائة و ثلاثون ذراعا و ثلث ذراع.

قال ابن عمر: كان عوج يحتجز بالسحاب و يشرب منه و يتناول الحوت من أقرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله.

و يروى له أنه رأى نوحا يوم الطوفان فقال: احملني معك في سفينتك، فقال له: أخرج يا عدو اللّه فإنّي لم أؤمر بك و طبق الماء ما على الأرض من جبل و ما جاوز ركبتي عوج، و عاش عوج ثلاثة ألاف سنة ثم أهلكه اللّه على يد موسى، و كان لموسى (عليه السلام) عسكر فرسخا في فرسخ، فجاء عوج حتى نظر إليهم ثم جاء فنحت الجبل فأخذ منه بصخرة على قدر العسكر ثم حملها ليطبقها عليهم فبعث اللّه تعالى إليه الهدهد و معه المص يعني منقاره حتّى نقر الصخرة فانثقبت فوقعت في عنق عوج فطوقته و أقبل موسى (عليه السلام) و طوله عشرة أذرع و طول عصاه عشرة أذرع و تراقي السماء عشرة أذرع فما أصاب إلّا كعبه و هو مصروع بالأرض فقتله.

قالوا: فأقبلت جماعة كثيرة و معهم الخناجر فجهدوا حتّى جزّوا رأسه فلما قتل وقع في نيل‏

(1) في الأسماء تفاوت كبير عمّا هو موجود في تفسير الطبري: 6/ 205، و كذا فيهما تفاوت عمّا هو موجود في تفسير القرطبي: 6/ 113، و كذلك عمّا في تاريخ دمشق: 8/ 41.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 37

مصر فجسرهم سنة و كانت أمّه عنق و يقال عناق إحدى بنات آدم، و يقال: إنّها كانت أوّل من بغت على وجه الأرض و كان كل إصبع من أصابعها ثلاثة أذرع و ذراعين، و في كل إصبع ظفران حديدان مثل المنجلين. و كان موضع مجلسها جريبا من الأرض. فلمّا بغت بعث اللّه عز و جل عليها أسدا كالفيلة و ذئبا كالإبل و نسورا كالحمر و سلّطهم عليها فقتلوها و أكلوها.

قالوا: فلما لقيهم عوج و على رأسه حزمة حطب أخذ الإثني عشر فجعلهم في حجزته.

و حجزة الإزار معقد السراويل التي فيها التكّة. فانطلق بهم إلى امرأته و قال: أنظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، فطرحهم بين يديها.

و قال: ألا أطحنهم برجلي، فقالت امرأته: لا بل خلّ عنهم حتّى يخبروا قومهم بما رأوا، ففعل ذلك فجعلوا يتعرّفون أحوالهم، و كان لا يحمل عنقود عنبهم إلّا خمسة أنفس منهم في خشبة و يدخل في شطر الرّمانة إذا نزع حبّها خمسة أنفس أو أربعة، فلمّا خرجوا قال بعضهم لبعض: يا قوم إنّكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدّوا عن نبي اللّه و لكن اكتموا و أخبروا موسى (عليه السلام) و هارون فيكونان هما يريان رأيهما، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك. ثم انصرفوا إلى موسى و حاول بحبّة من عنبهم و فرّ رجل منهم، ثم إنّهم نكثوا العهد، و كل واحد منهم نهى سبطه عن قتالهم و يخبرهم بما رأى، إلّا رجلان منهم يوشع و كالب‏ «1» ، فذلك قوله تعالى‏ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً .

و قال اللّه لبني إسرائيل‏ إِنِّي مَعَكُمْ‏ ناصركم على عدوّكم.

ثم ابتدأ الكلام فقال عزّ من قائل: لَئِنْ أَقَمْتُمُ‏ يا معشر بني إسرائيل‏ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ‏ أي و نصرتموهم و وقرتموهم.

و أشعر أبو عبيدة:

و كم من ماجد منهم‏ «2» كريم‏

و من ليث يعزّر في الندي‏ «3»

و يروى: و كم من سيّد يحصى نداه و من ليث.

وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً و لم يقل أقراضا، و هذا مما جاء من المصدر بخلاف المصدر كقوله‏ فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ‏ «4» لَأُكَفِّرَنَ‏ لأستبرأنّ و لأمحونّ‏ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ‏ أي أخطأ قصد

(1) تفسير الطبري: 6/ 204 بتفاوت، و تاريخ الطبري: 1/ 302.

(2) في المصدر: لهم.

(3) تفسير القرطبي: 6/ 114، و الندي: مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه.

(4) سورة آل عمران: 37.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏4، ص: 38

السبيل و هو لكل شي‏ء وسطه، و منه قيل للظهر: سواء فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ‏ أي فبنقضهم و ما فيه ما المصدر، و كلّ ما ورد عليك من هذا الباب فهو سبيله.

قال قتادة: نقضوه من وجوه: كذّبوا الرسل الذين جاءوا بعد موسى فقتلوا أنبياء اللّه و نبذوا كتابه و ضيّعوا فرائضه.

قال سلمان: إنما هلكت هذه الأمّة بنكثها عهودها.

لَعَنَّاهُمْ‏ قال ابن عباس: عذّبناهم بالجزية. الحسن و مقاتل: بالمسخ عطاء أبعدناهم من رحمتنا وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً .

قرأ يحيى بن رئاب و حمزة و الكسائي قسيّة بتشديد الياء من غير ألف. و هي قراءة النخعي، و قرأ الأخفش: قسية بتخفيف الياء على وزن فعلية نحو عمية و شجية من قسى يقسي لا من قسى يقسو، و قرأ الباقون: قاسِيَةً على وزن فاعلة، و هو اختيار أبو عبيدة، و هما لغتان مثل العلية و العالية و الزكية و الزاكية.

قال ابن عباس: قاسية يائسة، و قيل: غليظة لا تلين، و قيل: متكبرة لا تقبل الوعظ، و قيل: ردية فاسدة، من الدراهم القسية و هي الودية المغشوشة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ‏ قرأه العامّة بغير ألف، و قرأ السلمي و النخعي: الكلام بالألف‏ وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ‏ و تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى اللّه عليه و سلّم و بيان نعمته‏ وَ لا تَزالُ‏ يا محمد تَطَّلِعُ عَلى‏ خائِنَةٍ مِنْهُمْ‏ .

و اختلفوا في الخائنة:

قال المبرّد: هي مصدر، كالكاذبة، و اللّاغية، و قيل: هي اسم كالعاقبة و المعاقبة، و قيل:

هي بمعنى المبالغة، و الهاء هنا للمبالغة مثل: راوية و علامة و نسابة.

قال الشاعر:

حدّثت نفسك بالوفاء و لم تكن‏

للغدر خائنة مغلّ الإصبع‏ «1»

و يجوز أن يكون جمع الخائن كقولك فرقة كافرة و طائفة خارجة.

قال ابن عباس: خائنة أي معصية، و قيل: كذب و فجور، و كانت خيانتهم نقضهم العهد و مظاهرتهم المشركين على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و همهم بقتله و سمّه و نحوها من عمالتهم و خيانتهم التي أخبرت‏ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ‏ لم يخونوا أو لم ينقضوا العهد، [من‏] أهل الكتاب‏ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏ و هذا منسوخ بآية السيف.

صفحه بعد