کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الكشف و البيان عن تفسير القرآن

الجزء الأول

علمنا في التفسير

مقدمة المصنف

هذه أسماء الكتب التي عليها مباني كتابنا هذا

سورة البقرة

فضلها: [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 48] [سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 54] [سورة البقرة(2): الآيات 55 الى 59] [سورة البقرة(2): الآيات 60 الى 62] [سورة البقرة(2): الآيات 63 الى 73] [سورة البقرة(2): الآيات 74 الى 79] [سورة البقرة(2): الآيات 80 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 90] [سورة البقرة(2): الآيات 91 الى 93] [سورة البقرة(2): الآيات 94 الى 99] [سورة البقرة(2): الآيات 100 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 106] [سورة البقرة(2): الآيات 107 الى 109] [سورة البقرة(2): الآيات 110 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 117] [سورة البقرة(2): الآيات 118 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 134] [سورة البقرة(2): الآيات 135 الى 137]
محتوى الجزء الأول من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثاني

تكملة سورة البقرة

[سورة البقرة(2): الآيات 142 الى 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 157] [سورة البقرة(2): الآيات 158 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 165] [سورة البقرة(2): الآيات 166 الى 167] [سورة البقرة(2): الآيات 168 الى 176] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 193] [سورة البقرة(2): الآيات 198 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 210] [سورة البقرة(2): الآيات 211 الى 215] [سورة البقرة(2): الآيات 216 الى 218] [سورة البقرة(2): الآيات 219 الى 221] [سورة البقرة(2): الآيات 222 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 230 الى 232] [سورة البقرة(2): الآيات 233 الى 234] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 245] [سورة البقرة(2): آية 246] [سورة البقرة(2): الآيات 247 الى 248] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 264] [سورة البقرة(2): الآيات 265 الى 267] [سورة البقرة(2): الآيات 268 الى 271] [سورة البقرة(2): الآيات 272 الى 273] [سورة البقرة(2): الآيات 274 الى 276] [سورة البقرة(2): آية 282] [سورة البقرة(2): الآيات 283 الى 286]
محتوى الجزء الثاني من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثالث

سوره آل عمران

فضلها: [سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 7] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 43] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 44 الى 54] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 55 الى 64] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 65 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 85] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 86 الى 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 103] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 130 الى 138] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 139 الى 145] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 146 الى 155] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 179 الى 186] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 187 الى 195] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 196 الى 200]

سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 22 الى 28] [سورة النساء(4): الآيات 37 الى 42] [سورة النساء(4): الآيات 43 الى 53] [سورة النساء(4): الآيات 54 الى 63] [سورة النساء(4): الآيات 64 الى 73] [سورة النساء(4): الآيات 74 الى 78] [سورة النساء(4): الآيات 79 الى 84] [سورة النساء(4): الآيات 85 الى 91] [سورة النساء(4): الآيات 104 الى 113] [سورة النساء(4): الآيات 114 الى 117] [سورة النساء(4): الآيات 118 الى 126] [سورة النساء(4): الآيات 136 الى 141] [سورة النساء(4): الآيات 142 الى 147] [سورة النساء(4): الآيات 148 الى 152] [سورة النساء(4): الآيات 153 الى 159] [سورة النساء(4): الآيات 160 الى 166] [سورة النساء(4): الآيات 167 الى 173] [سورة النساء(4): الآيات 174 الى 176]
محتوى الجزء الثالث من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الخامس

محتوى الجزء الخامس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السادس

محتوى الجزء السادس من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء السابع

محتوى الجزء السابع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء الثامن

محتوى الجزء الثامن من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء التاسع

محتوى الجزء التاسع من كتاب تفسير الثعلبي

الجزء العاشر

محتوى الجزء العاشر من كتاب تفسير الثعلبي

الكشف و البيان عن تفسير القرآن


صفحه قبل

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 241

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن عبد الله قال:

حدّثنا أحمد بن حواس قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي قال‏ :

أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض، فيبدأ بالأسفل فيملأ، فهي أسفل السافلين‏

، و في مصحف عبد الله، (أسفل السافلين) بالألف. ثم استثنى فقال‏ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ يعني‏ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ‏ ، فزالت عقولهم و انقطعت أعمالهم، فلا تثبت لهم حسنة إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ منهم، فأنه يكتب لهم في حال هرمهم و خرفهم مثل الذي كانوا يعملونه في حال شبابهم و صحتهم و قوّتهم، فذلك قوله سبحانه‏ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ‏ قال الضحّاك: أجر بغير عمل، ثم قال: إلزاما للحجة و توبيخا للكافر.

فَما يُكَذِّبُكَ‏ أيها الإنسان‏ بَعْدُ هذه الحجة و البرهان‏ بِالدِّينِ‏ بالحساب و الجزاء.

أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ‏

قال قتادة : بلغنا أن نبي الله صلى اللّه عليه و سلم كان إذا قرأ هذه الآية قال: «بلى، و أنا على ذلك من الشاهدين»

[183].

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 242

سورة العلق‏

مكية، و هي مائتان و ثمانون حرفا، و اثنتان و سبعون كلمة، و تسع عشرة آية

أخبرنا الجباري قال: حدّثنا ابن حيّان قال: أخبرنا الفرقدي قال: حدّثنا إسماعيل بن عمرو قال: حدّثنا يوسف بن عطية قال: حدّثنا هارون بن كثير قال: حدّثنا زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامة، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه و سلم‏ «من قرأ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ فكأنّما قرأ المفصّل كله» [184] «1» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة العلق (96): الآيات 1 الى 4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ‏ أي الدم، واحدتها علقة، و إنما جمع و لفظ الإنسان واحد، لأنه في معنى الجمع، و هذه أول سورة نزلت على رسول الله صلى اللّه عليه و سلم من القرآن، و أول ما نزل منها خمس آيات من أولها إلى قوله‏ ما لَمْ يَعْلَمْ‏ ، و على هذا أكثر العلماء.

أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون و عبد الله بن حامد قال: أخبرنا ابن الشرقي قال:

حدّثنا محمد بن يحيى قال: حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت‏ : أوّل ما بدأ به رسول الله صلى اللّه عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبّب [الله‏] إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه، و هو التعبد [في‏] الليالي ذوات العدد و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده بمثلها، حتى فجأه الحق، و هو في غار حراء.

قال: فجاءه الملك و قال: اقرأ فقال رسول الله صلى اللّه عليه و سلم «فقلت له: ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني‏

(1) تفسير مجمع البيان: 10/ 396.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 243

الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقاري، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‏ ، حتى بلغ، ما لَمْ يَعْلَمْ‏ ».

فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زمّلوني زمّلوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: «يا خديجة ما لي؟» [185] و أخبرها الخبر و قال: قد خشيت عليّ؟ قالت له:

كلّا ابشر، فو الله لا يحزنك الله، إنك لتصل الرحم، و تصدق الحديث، و تحمل الكلّ، و تقري الضيف، و تعين على نوائب الحق.

ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي، و هو ابن عم خديجة، و كان امرأ تنصّر في الجاهلية، و كان يكتب الكتاب العربي، و كان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة بن نوفل: يا بن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى اللّه عليه و سلم، ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى اللّه عليه و سلم «أو مخرجي هم؟» [186]، فقال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلّا عودي و أوذي، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا، ثم لم ينشب ورقة ان توفي و فتر الوحي فترة، حتى حزن رسول الله صلى اللّه عليه و سلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلّما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منها تبدّى له جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن بذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا بمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدّى له جبرائيل فقال له مثل ذلك [187] «1» .

قال الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه‏ : «فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسيّ بين السماء و الأرض، فجثيت منه رعبا، فرجعت فقلت: زمّلوني، زمّلوني، فدثّروني» [188] «2» و أنزل الله سبحانه‏ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ إلى قوله سبحانه‏ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ . قبل: أن تفرض للصلاة، و هي الأوثان، ثم كان ما نزل على رسول الله صلى اللّه عليه و سلم من القرآن بعد اقرأ و المدثر، ن وَ الْقَلَمِ‏ إلى قوله: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ‏ ، ثم‏ وَ الضُّحى‏ .

(1) صحيح البخاري: 8/ 68 ط. دار الفكر، و العجب من نسبة ذلك للرسول نبي الرحمة! فكيف يعقل أن يصل الاطمئنان إلى ورقة و لا يصل إلى من هو أفضل من ورقة بدرجات؟! كيف يعقل أن يفكر و يهمّ النبي الذي أرسل لتتميم الأخلاق و نبذ المحرمات، بالانتحار و قتل نفسه؟! و الأعجب أنهم نسبوا ذلك له صلوات المصلين عليه عدة مرات، ثم يعود لما نهاه عنه جبرائيل! و كأنهم يريدون أن يصوّره كالطفل أو كالساذج!! أو ليس نبينا أفضل أهل زمانه؟ فما بال ورقة أحكم و أهدى و أوعى و أعقل منه؟! عصمنا الله من الزلل.

(2) صحيح البخاري: 1/ 4، و تفسير الطبري: 29/ 179.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 244

أخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم، عن ابن جرير قال: حدّثنا ابن أبي الشوارب قال:

حدّثنا عبد الواحد قال: حدّثنا سليمان الشيباني قال: حدّثنا عبد الله بن شداد قال‏ : نزلت على رسول الله صلى اللّه عليه و سلم‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ ، ثم أبطأ عليه جبرائيل، فقالت له خديجة: ما أرى إلّا قد قلاك، فأنزل الله سبحانه‏ وَ الضُّحى‏ وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‏ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى‏ .

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي قال: حدّثنا عبد الرحمن بن بشير قال: حدّثنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت‏ : إن أول سورة نزلت‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ .

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا علي بن حرب قال:

حدّثنا أبو عامر العقدي، عن قرّة بن خالد، عن أبي رجاء العطاردي قال‏ : كان أبو موسى يقرئنا القرآن في هذا المسجد فنقعد له حلقا حلقا، كأني أنظر إليه الآن في ثوبين أبيضين، فعنه أخذت هذه السورة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‏ «1» .

و قال: كانت أول سورة نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاتحة الكتاب.

أخبرنا محمد بن حمدويه و عبد اللّه بن حامد قالا: حدّثنا محمد قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدّثنا يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن أبيه عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل‏ أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لخديجة: «إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء و قد و اللّه خشيت أن يكون هذا أمرا».

فقالت: معاذ اللّه، ما كان اللّه عزّ و جلّ ليفعل بك ذاك، فو اللّه إنّك لتؤدّي الأمانة و تصل الرحم و تصدّق الحديث.

فلمّا دخل أبو بكر رضي اللّه عنه و ليس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم [في الدار] ثم ذكرت خديجة له و قالت: يا عتيق اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل، فلمّا دخل رسول الله صلى اللّه عليه و سلم أخذ أبو بكر بيده و قال:

انطلق بنا إلى ورقة، فقال: «من أخبرك؟» فقال: خديجة. فانطلقا إليه فقصّ عليه فقال: «إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي: يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض».

فقال له: لا تفعل، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني، فلمّا خلا ناداه يا محمد قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ «2» حتّى بلغ‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ «3» قل: لا إله إلّا اللّه، فأتى ورقة فذكر ذلك له، فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر فأنا

(1) سورة العلق: 1.

(2) سورة الفاتحة: 1- 2.

(3) سورة الفاتحة: 7.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 245

أشهد أنّك الذي بشّر به ابن مريم، و أنّك على مثل ناموس موسى، و أنّك نبي مرسل، و أنّك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، و لئن أدركني ذلك لأجاهدنّ معك، فلمّا توفي ورقة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لقد رأيت القس في الجنة، عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي و صدّقني» [189] «1» يعني ورقة، قالوا: و قال ورقة:

فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي‏

حديثك إيّانا فأحمد مرسل‏

و جبريل يأتيه و ميكال معهما

من اللّه وحي يشرح الصدر منزل‏ «2»

يفوز به من فاز عزّ لدينه‏

و يشقى به الغاوي الشقيّ المضلل‏

فريقان منهم فرقة في جنانه‏

و أخرى بأغلال الجحيم تغلغل‏ «3»

اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ‏ قال الكلبي: يعني الحليم عن جهل العبادة و لا يعجل عليهم بالعقوبة الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ‏ يعني الخط و الكتاب.

أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شيبة قال: حدّثنا ابن ماهان قال: حدّثنا محمد بن أيوب بن هشام المزني قال: حدّثنا أبو الحسن عاصم بن علي بن عاصم و عبد اللّه بن عاصم الجماني قالا: حدّثنا محمد بن راشد عن مسلم بن موسى قال: أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن عبد اللّه بن عمر بن العاص قال‏ : قلت: يا نبي اللّه أكتب ما أسمع منك من الحديث؟ قال: «نعم، فاكتب فإنّ اللّه‏ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ‏ » [190] «4» .

[سورة العلق (96): الآيات 5 الى 19]

عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏ (7) إِنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الرُّجْعى‏ (8) أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏ (9)

عَبْداً إِذا صَلَّى (10) أَ رَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى‏ (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى‏ (12) أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى (13) أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى‏ (14)

كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (19)

عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ‏ من البيان و العمل، قال قتادة: العلم نعمة من اللّه، لولا العلم لم يقم دين و لم يصلح عيش‏ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ‏ من أنواع الهدى و البيان. و قيل: عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ، و قيل: الإنسان هاهنا محمد صلى اللّه عليه و سلم، بيانه‏ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ‏ «5» .

(1) بتمامه في تفسير القرطبي: 1/ 116.

(2) البداية و النهاية: 3/ 16.

(3) تفسير مجمع البيان: 10/ 398.

(4) تفسير القرطبي: 20/ 120.

(5) سورة النساء: 113.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 246

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ «1» ليتجاوز حدّه و يستكبر على ربّه‏ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏ قال الكلبي: يرتفع من منزلة إلى منزلة في اللباس و الطعام و غيرهما،

و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول‏ :

«أعوذ بك من فقر ينسي و من غنى يطغي» [191] «2» .

إِنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الرُّجْعى‏ المرجع في الآخرة أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏. عَبْداً إِذا صَلَّى‏ نزلت في أبي جهل- لعنه اللّه- نهى النبيّ صلى اللّه عليه و سلم عن الصلاة حتى فرضت عليه.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد فقال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه ابن يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدّثنا معمر بن سليمان عن أبيه قال: حدّثنا نعيم بن أبي مهند عن أبي حازم عن أبي هريرة قال‏ : قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟

قالوا: نعم، قال: فو الذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن رقبته.

قال فما [فجأهم‏] منه إلّا يتقي بيديه و ينكص على عقبيه، قال: فقالوا له: ما ذاك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني و بينه خندقا من نار و هولا و أجنحة، [فقال رسول الله صلى اللّه عليه و سلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا]

[192] «3» فأنزل اللّه سبحانه‏ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏* عَبْداً إِذا صَلَّى* أَ رَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى‏* أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى‏* أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ‏ أبو جهل لعنه اللّه‏ وَ تَوَلَّى* أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى‏* كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ لنأخذن بمقدم رأسه فلنذلّنّه، ثم قال على البدل: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ .

قال ابن عباس‏ : لمّا نهى أبو جهل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الصلاة انتهره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال أبو جهل: أ تهدّدني؟ فو اللّه لأملأن عليك إن شئت هذا خيلا جردا أو رجالا مردا، فأنزل اللّه سبحانه‏ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ‏ «4» أي قومه‏ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لأخذته الزبانية عيانا» [193] «5» .

كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ‏ و صلّ و اقترب من اللّه سبحانه و تعالى.

(1) سورة العلق: 6.

(2) مسند أبي يعلى: 7/ 313 بتفاوت.

(3) تفسير الطبري: 30/ 324 و ما بين معكوفين منه، و صحيح مسلم: 8/ 130 ط. دار الفكر.

(4) سورة العلق: 17.

(5) البداية و النهاية: 3/ 58، تفسير الجلالين: 815.

الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏10، ص: 247

سورة القدر

مدنيّة في قول أكثر المفسرين، قال علي بن الحسين بن واقد: هي أوّل سورة نزلت بالمدينة، و روى شيبان عن قتادة أنها مكيّة، و هي رواية نوفل ابن أبي عقرب عن ابن عباس و هي مائة و اثنا عشر حرفا و ثلاثون كلمة و خمس آيات‏

أخبرنا الجنازي قال: حدّثنا ابن خنيس قال: حدّثني أبو العباس محمد بن موسى الدقّاق الرازي قال: حدّثنا عبد اللّه بن روح المدائني [عن بكر] بن سواد قال: حدّثنا مخلد بن عبد الواحد عن علي بن زيد عن زر بن حبيش عن أبي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم‏ : «من قرأ سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان، و أعطي إحياء ليلة القدر» [194] «1» .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة القدر (97): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)

سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)

إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يعني القرآن كناية عن غير مذكور، جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، فوضعناه في بيت العزّة و أملاه جبرئيل على السّفرة ثم كان ينزله جبرئيل على محمد (عليهما السلام) بنحو ما كان، من أوّله إلى آخره بثلاث و عشرين سنة، ثم عجّب نبيّه (عليه السلام) فقال: وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ .

و الكلام في ليلة القدر على خمسة أبواب:

الباب الأوّل: في مأخذ هذا الاسم و معناه‏

، و اختلف العلماء، فقال أكثرهم: هي ليلة الحكم و الفصل يقضي اللّه فيها قضاء السنة، و هو مصدر من قولهم: قدر اللّه الشي‏ء قدرا و قدرا لغتان كالنّهر و النّهر و الشّعر و الشّعر، و قدّره تقديرا له بمعنى واحد، قالوا: و هي الليلة التي قال اللّه سبحانه: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏ «2» و إنّما سمّيت ليلة القدر مباركة؛ لأن اللّه سبحانه ينزل فيها الخير و البركة و المغفرة.

(1) تفسير مجمع البيان: 10/ 403.

صفحه بعد