کتابخانه تفاسیر
الموسوعة القرآنية
الجزء الأول
الباب الأول حياة الرسول
الباب الثانى تأريخ القرآن الكريم
الجزء الثاني
الباب الثالث علوم القرآن
الجزء الثالث
الباب السادس موضوعات القرآن الكريم
الجزء الرابع
الباب الثامن وجوه الاعراب فى القرآن
الجزء الخامس
الباب العاشر القراءات فى القرآن الكريم
- 4 - سور القرآن و ما فيها من قراءات ..... ص : 43
الجزء السادس
تتمه الباب العاشر القراءات فى القرآن الكريم
الجزء التاسع
الباب الرابع عشر تفسير القرءان الكريم
(2) سورة البقرة
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
الجزء العاشر
تتمة الباب الرابع عشر تفسير القرآن الكريم
(9) سورة التوبة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة الإسراء
(18) سورة الكهف
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(33) سورة الأحزاب
الجزء الحادي عشر
تتمة الباب الرابع عشر تفسير القرآن الكريم
34 سورة سبأ
35 سورة فاطر
36 سورة يس
37 سورة الصافات
38 سورة ص
39 سورة الزمر
40 سورة غافر
41 سورة فصلت
42 سورة الشورى
43 سورة الزخرف
44 سورة الدخان
45 سورة الجاثية
46 سورة الأحقاف
47 سورة محمد
48 سورة الفتح
51 سورة الذاريات
52 سورة الطور
53 سورة النجم
54 سورة القمر
55 سورة الرحمن
56 سورة الواقعة
57 سورة الحديد
68 سورة القلم
74 سورة المدثر
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 330
و قال آخرون: هو كون قارئه لا يكلّ و سامعه لا يمل، و إن تكررت عليه تلاوته.
و قال آخرون: هو ما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية.
و قال آخرون: هو ما فيه من علم الغيب و الحكم على الأمور بالقطع.
و قال آخرون: هو كونه جامعا لعلوم يطول شرحها و يشقّ حصرها.
و أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال لا بكل واحد على انفراده، فإنه جمع ذلك كله فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع، بل غير ذلك مما لم يسبق.
فمنها: الروعة التى له فى قلوب السامعين و أسماعهم سواء المقرّ و الجاحد.
و منها: أنه لم يزل و لا يزال غضّا طريّا فى أسماع السامعين و على ألسنة القارئين.
و منها: جمعه بين صفتى الجزالة و العذوبة، و هما كالمتضادين لا يجتمعان غالبا فى كلام البشر.
و منها: جعله آخر الكتب غنيّا عن غيره، و جعل غيره من الكتب المتقدمة قد تحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ . و قيل: وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة مع توفر الدواعى و شدة الحاجة و التحدى للكافة و الصرفة و البلاغة و الإخبار عن الأمور المستقبلة و نقض العادة و قياسه بكل معجزة.
و نقض العادة هو أن العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة:
منها: الشعر.
و منها: السجع.
و منها: الخطب.
و منها: الرسائل.
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 331
و منها: المنثور الذى يدور بين الناس فى الحديث.
فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة فى الحسن تفوق به كل طريقة، و يفوق الموزون الذى هو أحسن الكلام.
و أما قياسه بكل معجزة فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة إذا كان سبيل فلق البحر و قلب العصا حية، و ما جرى هذا المجرى فى ذلك سبيلا واحدا فى الإعجاز، إذ خرج عن العادة فصدّ الخلق عن المعارضة.
و القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة، و تحصيلها من جهة ضبط أنواعها فى أربعة وجوه:
أولها: حسن تأليفه و التئام كلمه و فصاحته، و وجوه إيجازه و بلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام و أرباب هذا الشأن.
و الثانى: صورة نظمه العجيب و الأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب.
و منها: نظمها و نثرها الذى جاء عليه و وقفت عليه مقاطع آياته، و انتهت إليه فواصل كلماته، و لم يوجد قبله و لا بعده نظير له.
و كل واحد من هذين النوعين الإيجاز و البلاغة بذاتها، و الأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما، إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها و كلامها، خلافا لمن زعم أن الإعجاز فى مجموع البلاغة و الأسلوب.
الوجه الثالث: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات و ما لم يكن، فوجد كما ورد.
الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة و الأمم البائدة و الشرائع الدائرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذّ من أخبار أهل الكتاب الذى قطع عمره فى تعلم ذلك، فيورده صلّى اللَّه عليه و سلم على وجهه و يأتى به على نصه، و هو أمّى لا يقرأ و لا يكتب.
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 332
فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينة لا نزاع فيها.
و من الوجوه فى إعجازه غير ذلك، أى وردت بتعجيز قوم فى قضايا و إعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا و لا قدروا على ذلك كقوله لليهود: فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً فما تمناه أحد منهم، و هذا الوجه داخل فى الوجه الثالث.
و منها: الروعة التى تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم، و الهيبة التى تعتريهم عند تلاوته، و
قد أسلم جماعة عند سماع آياته منه كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبى صلّى اللَّه عليه و سلم يقرأ فى المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ إلى قوله: الْمُصَيْطِرُونَ كاد قلبه أن يطير.
و ذلك أول ما وقر الإسلام فى قلبه.
و قد مات جماعة عند سماع آيات منه.
و من وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع ما تكفل اللّه بحفظه.
و منها: أن قارئه لا يمله و سامعه لا يمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة و ترديده يوجب له محبة، و غيره من الكلام يعادى إذا أعيد و يملّ مع الترديد، و لهذا وصف صلّى اللَّه عليه و سلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الردّ.
و منها: جمعه لعلوم و معارف لم يجمعها كتاب من الكتب و لا أحاط بعلمها أحد فى كلمات قليلة و أحرف معدودة.
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 333
2 القرآن معجزة
القرآن الذى هو متلوّ محفوظ مرسوم فى المصاحف هو الذى جاء به النبى صلّى اللَّه عليه و سلم، و أنه هو الذى تلاه على من فى عصره ثلاثا و عشرين سنة، و الطريق إلى معرفة ذلك هو النقل المتواتر الذى يقع عنده العلم الضرورى به، و ذلك أنه قام به فى الموقف، و كتب به إلى البلاد، و تحمله عنه إليها من تابعه، و أورده على غيره من لم يتابعه، حتى ظهر فيهم الظهور الذى لا يشتبه على أحد، و لا يحتمل أنه قد خرج من أتى بقرآن يتلوه و يأخذه على غيره، و يأخذه غيره على الناس، حتى انتشر ذلك فى أرض العرب كلها، و تعدّى إلى الملوك المعاقبة، كملك الروم و العجم القبط و الحبش و غيرهم من ملوك الأطراف.
و لما ورد ذلك مضادّا لأديان أهل ذلك العصر كلهم، و مخالفا لوجوه اعتقاداتهم المختلفة فى الكفر، وقف جميع أهل الخلاف على جملته، و وقف أهل دينه الذين أكرمهم اللَّه بالإيمان على جملته و تفاصيله، و تظاهر بينهم حتى حفظه الرجال، و تنقلت به الرحال، و تعلمه الكبير و الصغير، إذ كان عمدة دينهم و علما عليه، و المفروض تلاوته فى صلواتهم، و الواجب استعماله فى أحكامهم.
ثم تناقله خلف عن سلف، ثم مثلهم فى كثرتهم، و توفر دواعيهم عى نقله حتى انتهى إلينا ما وصفناه من حاله.
فلن يتشكك أحد، و لا يجوز أن يتشكك مع وجود هذه الأسباب فى أنه أتى بهذا القرآن من عند اللَّه، فهذا أصل.
و إذا ثبت هذا الأصل وجودا، و لقد تحداهم إلى أن يأتوا بمثله، و قرعهم على ترك الإتيان به طول السنين التى وصفناها فلم يأتوا بذلك، و الذى يدل على هذا الأصل أنا قد علمنا أن ذلك مذكور فى القرآن فى المواضع الكثيرة، كقوله:
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 334
وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ و كقوله: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
فجعل عجزهم عن الإتيان بمثله دليلا على أنه منه، و دليلا على وحدانيته.
و ذلك يدل على بطلان قول من زعم أنه لا يمكن أن يعلم بالقرآن الوحدانية، و زعم أن ذلك مما لا سبيل إليه إلا من جهة العقل، لأن القرآن كلام اللَّه عز و جل، و لا يصح أن يعلم الكلام حتى يعلم المتكلم أولا، و إذا ثبت بما تبين إعجازه، و أن الخلق لا يقدرون عليه، ثبت أن الذى أتى به غيرهم، و أنه إنما يختص بالقدرة عليه من يختص بالقدرة عليهم و أنه صدق، و إذا كان كذلك كان ما يتضمنه صدقا.
و من ذلك قوله عز و جل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً و قوله أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ. فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ .
فقد ثبت بما تبين أنه تحدّاهم إليه و لم يأتوا بمثله.
و فى هذا أمران:
أحدهما التحدّى إليه.
و الآخر أنه لم يأتوا له بمثل.
و الذى يدل على ذلك النقل المتواتر الذى يقع به العلم الضرورى، فلا يمكن جحود واحد من هذين الأمرين.
و إن قال قائل: لعله لم يقرأ عليهم الآيات التى فيها ذكر التحدى، و إنما قرأ عليهم ما سوى ذلك من القرآن.
كان كذلك قولا باطلا يعلم بطلانه مثل ما يعلم به بطلان قول من زعم أن القرآن أضعاف هذا، و هو يبلغ حمل جمل، و أنه كتم و سيظهره المهدى.
و يدعى أن هذا القرآن ليس هو الذى جاء به النبى صلّى اللَّه عليه و سلم، و إنما هو شىء وضعه عمر أو عثمان رضى اللَّه عنهما حيث وضع المصحف.
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 335
أو يدعى فيه زيادة أو نقصانا.
و قد ضمن اللَّه حفظ كتابه أن يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، و وعده الحق. و معروف أن العدد الذين أخذوا القرآن فى الأمصار و فى البوادى و فى الأسفار و الحضر و ضبطوه حفظا من بين صغير و كبير، و عرفوه حتى صار لا يشتبه على أحد منهم حرف، لا يجوز عليهم السهو و النسيان و لا التخليط فيه و الكتمان، و لو زادوا و نقصوا أو غيروا لظهر.
و قد علمت أن شعر امرئ القيس و غيره لا يجوز أن يظهر ظهور القرآن و لا أن يحفظ كحفظه و لا أن يضبط كضبطه، و لا أن تمس الحاجة إليه مساسها إلى القرآن، لو زيد فيه بيت أو نقص منه بيت، لا بل لو غير فيه لفظ، لتبرأ منه أصحابه و أنكره أربابه، فإذا كان كذلك مما لا يمكن فى شعر امرئ القيس و نظائره، مع أن الحاجة إليه تقطع لحفظ العربية، فكيف يجوز أو يمكن ما ذكروه فى القرآن مع شدة الحاجة إليه فى أصل الدين، ثم فى الأحكام و الشرائع و اشتمال الهمم المختلفة على ضبطه.
فمنهم من يضبطه لإحكام قراءته و معرفة وجوهها و صحة أدائها.
و منهم: من يحفظه للشرائع و الفقه.
و منهم من يضبطه ليعرف تفسيره و معانيه. و منهم من يقصد بحفظه الفصاحة و البلاغة.
و من الملحدين من يحصله لينظر فى عجيب شأنه.
و كيف يجوز على أهل هذه الهمم المختلفة و الآراء المتباينة، على كثرة أعدادهم، و اختلاف بلادهم، و تفاوت أغراضهم، أن يجتمعوا على التغيير و التبديل و الكتمان.
و إنك إذا تأملت ما ذكر فى أكثر السور فى ردّ قومه عليه و ردّ غيرهم و قولهم: لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا و قول بعضهم: إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ إلى الوجوه التى يصرف إليها قولهم فى الطعن عليه.
فمنهم من يستهين بها، و يجعل ذلك سببا لتركه الإتيان بمثله.
الموسوعة القرآنية، ج2، ص: 336
و منهم من يزعم أنه مفترى فلذلك لا يأتى بمثله.
و منهم من يزعم أنه دارس و أنه أساطير الأولين.
و لو جاز أن يكون بعضه مكتوما جاز على كله.
و لو جاز أن يكون بعضه موضوعا جاز ذلك فى كله، فثبت من هذا أنه تحدى إليه، و أنهم لم يأتوا له بمثل.
فإذا ثبت هذا وجب أن يعلم أن تركهم للإتيان بمثله كان لعجزهم عنه.
و الذى يدل على أنهم كانوا عاجزين عن الإتيان بمثل القرآن أنه تحداهم إليه حتى طال التحدى، و جعله دلالة على صدقه و ثبوته. و تضمن أحكامه استباحة دمائهم و أموالهم و سبى ذريتهم، فلو كانوا يقدرون على تكذيبه لفعلوا و توصلوا إلى تخليص أنفسهم و أهليهم و أموالهم من حكمه بأمر قريب هو عادتهم فى لسانهم، و مألوف من خطابهم، و كان ذلك يغنيهم عن تكلف القتال و إكثار المراء و الجدال، و عن الجلاء عن الأوطان، و عن تسليم الأهل و الذرية للسبى.
فلما لم يحصل هناك معارضة منهم على أنهم عاجزون عنها.
و معلوم أنهم لو عارضوه بم تحداهم إليه لكان فيه توهين أمره، و تكذيب قوله، و تفريق جمعه، و تشتيت أسبابه، و كان من صدق به يرجع على أعقابه، و يعود فى مذهب أصحابه.
فلما لم يفعلوا شيئا من ذلك مع طول المدة، و وقوع الفسحة، و كان أمره يتزايد حالا فحالا، و يعلو شيئا فشيئا، و هم على العجز عن القدح فى آيته، و الطعن فى دلالته، علم أنهم كانوا لا يقدرون على معارضته و لا على توهين حجته.
و قد أخبر اللَّه تعالى عنهم أنهم قوم خصمون و قال: وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا و قال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ و علم أيضا أن ما كانوا يقولونه من وجوه اعتراضهم على القرآن مما حكى اللَّه عز و جل عنهم من قولهم: