کتابخانه تفاسیر
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 612
تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ - وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً فقد قيل عنى به الهداية العامة التي هى العقل و سنة الأنبياء و أمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا و إن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد و إن كان قد صلى عليه بقوله:
إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ و قيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة و استهواء الشهوات، و قيل هو سؤال للتوفيق الموعود به فى قوله: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً و قيل سؤال للهداية إلى الجنة فى الآخرة و قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فإنه يعنى به من هداه بالتوافق المذكور فى قوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً .
و الهدى و الهداية فى موضوع اللغة واحد لكن قد خص اللَّه عزّ و جلّ لفظة الهدى بما تولاه و أعطاه و اختص هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو قوله تعالى:
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ - أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ - وَ هُدىً لِلنَّاسِ - فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ - قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى - وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ - وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى - إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ - أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى .
و الاهتداء يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار إما فى الأمور الدنيوية أو الأخروية قال تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها و قال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . و يقال ذلك لطلب الهداية نحو قوله تعالى: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ و قال: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِي وَ لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا - فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا .
و يقال المهتدى لمن يقتدى بعالم نحو قوله تعالى: أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم و لا يقتدون بعالم و قوله تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فإن الاهتداء هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية و من الاقتداء و من تحريها، و كذا قوله: وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ و قوله: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فمعناه ثم أدام طلب الهداية و لم يفتر عن تحريه و لم يرجع إلى المعصية. و قوله: الَّذِينَ إِذا
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 613
أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ إلى قوله: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ أي الذين تحروا هدايته و قبلوها و عملوا بها، و قال مخبرا عنهم: وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ .
و الهدى مختص بما يهدى إلى البيت. قال الأخفش و الواحدة هدية، قال:
و يقال للأنثى هدى كأنه مصدر وصف به، قال اللَّه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ - هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ - وَ الْهَدْيَ وَ الْقَلائِدَ - وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً .
و الهدية مختصة باللطف الذي يهدى بعضنا إلى بعض، قال تعالى: وَ إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ - بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ و المهدى الطبق الذي يهدى عليه، و المهداء من يكثر إهداء الهدية، قال الشاعر:
و إنك مهداء الخنا نطف الحشا
و الهدى يقال فى الهدى، و فى العروس يقال هديت العروس إلى زوجها، و ما أحسن هدية فلان و هديه أي طريقته، و فلان يهادى بين اثنين إذا مشى بينهما معتمدا عليهما، و تهادت المرأة إذا مشت مشى الهدى.
(هرع): يقال هرع و أهرع ساقه سوقا بعنف و تخويف، قال اللَّه تعالى: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ و هرع برمحه فتهرع إذا أشرعه سريعا، و الهرع السريع المشي و البكاء، قيل و الهريع و الهرعة القملة الصغيرة.
(هرت): قال تعالى: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ قيل هما الملكان و قال بعض المفسرين هما اسما شيطانين من الإنس أو الجن و جعلهما نصبا بدلا من قوله تعالى: وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ بدل البعض من الكل كقولك القوم قالوا إن كذا زيد و عمرو. و الهرت سعة الشدق، يقال فرس هريت الشدق و أصله من هرت ثوبه إذا مزقه و يقال الهريت المرأة المفضاة.
(هرن): هارون اسم أعجمى و لم يرد فى شىء من كلام العرب.
(هزز): الهز التحريك الشديد، يقال هززت الرمح فاهتز و هززت فلانا للعطاء، قال تعالى: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ - فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ و اهتز
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 614
النبات إذا تحرك لنظارته، قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ و اهتزت الكوكب فى انقضاضه و سيف هزهز و ماء هزهز و رجل هزهز خفيف.
(هزل): قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ الهزل كل كلام لا تحصيل له و لا ريع تشبيها بالهزال.
(هزؤ): الهزء مزح فى خفية و قد يقال لما هو كالمزح، فما قصد به المزح قوله: اتَّخَذُوها هُزُواً وَ لَعِباً - وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً - وَ إِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً - وَ إِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً - أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً - وَ لا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً ، فقد عظم تبكيتهم و نبه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، و الوقوف على صحتها بأنهم يهزءون بها، يقال هزئت به و استهزأت، و الاستهزاء ارتياد الهزؤ و إن كان قد يعبر به عن تعاطى الهزؤ، كالاستجابة فى كونها ارتيادا للإجابة، و إن كان قد يجرى مجرى الإيجاب. قال تعالى: قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ - وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ - ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ - إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها - وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ و الاستهزاء من اللَّه فى الحقيقة لا يصح كما لا يصح من اللَّه اللهو و اللعب، تعالى اللَّه عنه.
و قوله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يجازيهم جزاء الهزء. و معناه أنه أمهلهم مدة ثم أخذهم مغافصة فسمى إمهاله إياهم استهزاء من حيث إنهم اغتروا به اغترارهم بالهزء، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لأنهم استهزءوا فعرف ذلك منهم، فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل من خدعك و فطنت له و لم تعرفه فاحترزت منه فقد خدعته. و
قد روى: أن المستهزئين فى الدنيا يفتح لهم باب من الجنة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سد عليهم
فذلك قوله: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ و على هذه الوجوه قوله عزّ و جلّ: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ .
(هزم): أصل الهزم غمز الشيء اليابس حتى ينحطم كهزم الشن، و هزم القثاء و البطيخ و منه الهزيمة؛ لأنه كما يعبر عنه بذلك يعبر عنه بالحطم و الكسر، قال تعالى: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ - جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ و أصابته هازمة الدهر أي كاسرة كقولهم: فاقرة، و هزم الرعد
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 615
تكسر صوته، و المهزام عود يجعل الصبيان فى رأسه نارا فيلعبون به كأنهم يهزمون به الصبيان. و يقولون للرجل الطبع هزم و اهتزم.
(هشش): الهش يقارب الهز فى التحريك و يقع على الشيء اللين كهش الورق أي خبطه بالعصا. قال تعالى: وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي و هش الرغيف فى التنور يهش و ناقة هشوش لينة غزيرة اللبن، و فرس هشوش ضد الصلود، و الصلود الذي لا يكاد يعرق. و رجل هش الوجه طلق المحيا، و قد هششت، و هش للمعروف يهش و فلان ذو هشاش.
(هشم): الهشم كسر الشيء الرخو كالنبات قال تعالى: فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ - فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ يقال هشم عظمه و منه هشمت الخبز قال الشاعر:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه
و رجال مكة مسنتون عجاف
و الهاشمة الشجة تهشم عظم الرأس، و اهتشم كل ما فى ضرع الناقة إذا احتلبه و يقال تهشم فلان على فلان تعطف.
(هضم): الهضم شدخ ما فيه رخاوة، يقال هضمته فانهضم و ذلك كالقصبة المهضومة التي يزمر بها و مزمار مهضم، قال تعالى: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ أي داخل بعضه في بعض كأنما شدخ، و الهاضوم ما يهضم من الطعام و بطن هضوم و كشح مهضم و امرأة هضيمة الكشحين و استعير الهضم للظلم، قال تعالى: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً .
(هطع): هطع الرجل ببصره إذا صوبه، و بعير مهطع إذا صوب عنقه، قال تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ - مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ .
(هلل): الهلال القمر في أول ليلة و الثانية، ثم يقال له القمر و لا يقال له هلال و جمعه أهلة، قال اللَّه تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ و قد كانوا سألوه عن علة تهلله و تغيره. و شبه به فى الهيئة السنان الذي يصاد به و له شعبتان كرمى الهلال، و ضرب من الحيات و الماء المستدير القليل في أسفل الركي و طرف الرحا، فيقال لكل واحد منهما هلال، و أهل الهلال رؤى،
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 616
و استهل طلب رؤيته. ثم قد يعبر عن الإهلال بالاستهلال نحو الإجابة و الاستجابة، و الإهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم استعمل لكل صوت و به شبه إهلال الصبى، و قوله: وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أي ما ذكر عليه غير اسم اللَّه و هو ما كان يذبح لأجل الأصنام، و قيل الإهلال و التهلل أن يقول لا إله إلا اللَّه، و من هذه الجملة ركبت هذه اللفظة كقولهم التبسمل و البسملة، و التحولق و الحوقلة إذا قال بسم اللَّه الرحمن الرحيم، و لا حول و لا قوة إلا باللَّه، و منه الإهلال بالحج، و تهلل السحاب ببرقة تلألأ و يشبه فى ذلك بالهلال، و ثوب مهلل سخيف النسج و منه شعر مهلهل.
(هل): هل حرف استخبار، إما على سبيل الاستفهام و ذلك لا يكون من اللَّه عزّ و جلّ قال تعالى: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا و إما على التقرير تنبيها أو تبكيتا أو نفيا نحو قوله تعالى: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً . و قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا - فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ كل ذلك تنبيه على النفي. و قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ - هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ - هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ - هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ - هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قيل ذلك تنبيه على قدرة اللَّه، و تخويف من سطوته.
(هلك): الهلاك على ثلاثة أوجه: افتقاد الشيء عنك و هو عند غيرك موجود كقوله تعالى: هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ و هلك الشيء باستحالة و فساد كقوله: وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ و يقال هلك الطعام. و الثالث: الموت كقوله: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ و قال تعالى مخبرا عن الكفار: وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ و لم يذكر اللَّه الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذم إلا فى هذا الموضع و فى قوله: وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا و ذلك لفائدة يختص ذكرها بما بعد هذا الكتاب. و الرابع: بطلان الشيء من العالم و عدمه رأسا و ذلك المسمى فناء المشار إليه بقوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ و يقال للعذاب و الخوف و الفقر و الهلاك و على هذا قوله: وَ إِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ - وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ - وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها - فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها - أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ - أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا . و قوله: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 617
الْفاسِقُونَ و هو الهلاك الأكبر الذي دل
النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم بقوله: «لا شر كشر بعده النار»
، و قوله تعالى: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ و الهلك بالضم الإهلاك، و التهلكة ما يؤدى إلى الهلاك، قال تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ و امرأة هلوك كأنها تتهالك فى مشيها كما قال الشاعر:
مريضات أو بات التهادي كأنما
تخاف على أحشائها أن تقطعا
و كنى بالهلوك عن الفاجرة لتمايلها، و الهالكى كان حدادا من قبيلة هالك فسمى كل حداد هالكيا، و الهلك الشيء الهالك.
(هلم): هلم دعاء إلى الشيء و فيه قولان: أحدهما أن أصله هالم من قولهم لممت الشيء أي أصلحته فحذف ألفها فقيل هلم، و قيل أصله هل أم كأنه قيل هل لك فى كذا أمه أي قصده فركبا، قال عز و جل: وَ الْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا فمنهم من تركه على حالته فى التثنية و الجمع و به ورد القرآن، و منهم من قال هلما و هلموا و هلمى و هلممن.
(همم): الهم الحزن الذي يذيب الإنسان، يقال هممت الشحم فانهم و الهم ما هممت به فى نفسك و هو الأصل و لذا قال الشاعر:
و همك ما لم تمضه لك منصب
قال اللَّه تعالى: إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا - وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها - إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ - لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ - وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا - وَ هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ - وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ و أهمنى كذا أي حملنى على أن أهم به، قال اللَّه تعالى: وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ و يقال هذا رجل همك من رجل، و همتك من رجل كما تقول ناهيك من رجل. و الهوام حشرات الأرض، و رجل هم و امرأة همة أي كبير، قد همه العمر أي أذابه.
(همد): يقال همدت النار طفئت و منه أرض هامدة لا نبات فيها و نبات هامد يابس، قال تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً و الإهماد الإقامة بالمكان كأنه صار ذا همد، و قيل الإهماد السرعة فإن يكن ذلك صحيحا فهو كالإشكاء فى كونه تارة لإزالة الشكوى و تارة لإثبات الشكوى.
(همر): الهمر صب الدمع و الماء، يقال همره فانهمر قال تعالى:
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ و همر ما فى الضرع حلبه كله، و همر الرجل
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 618
فى الكلام، و فلان يهامر الشيء أي يجرفه، و منه همر له منه همر له من ماله أعطاه، و الهميرة العجوز.
(همز): الهمز كالعصر، يقال همزت الشيء فى كفى و منه الهمز فى الحرف و همز الإنسان اغتيابه، قال تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ يقال رجل هامز و هماز و همزة، قال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ و قال الشاعر:
و إن اغتيب فأنت الهامز اللمزة
و قال تعالى: وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ .
(همس): الهمس الصوت الخفي و همس الأقدام أخفى ما يكون من صوتها، قال تعالى: فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً .
(هنا): هنا يقع إشارة إلى الزمان و المكان القريب، و المكان أملك به، يقال هنا و هناك و هنالك كقولك ذا و ذاك و ذلك، قال اللَّه تعالى: جُنْدٌ ما هُنالِكَ - إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ - هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ - هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ - هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ - فَغُلِبُوا هُنالِكَ .
(هن): هن كناية عن الفرج و غيره مما يستقبح ذكره و فى فلان هنات أي خصال سوء و على هذا ما روى: «سيكون هنات»، قال تعالى: إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ .
(هنأ): الهنيء كل ما لا يلحق فيه مشقة و لا يعقب و خامة و أصله فى الطعام يقال هنئ الطعام فهو هنيء، قال عز و جل: فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً - كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ - كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، و الهناء ضرب من القطران، يقال هنأت الإبل فهى مهنوءة.
(هود): الهود الرجوع برفق و منه التهويد و هو مشى كالدبيب و صار الهود فى التعارف التوبة. قال تعالى: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أي تبنا، قال بعضهم:
يهود فى الأصل من قولهم هدنا إليك، و كان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم و إن لم يكن فيه معنى المدح كما أن النصارى في الأصل من قوله تعالى: