کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 360

شكل الكعبة:

شكل الكعبة مربع تقريبا و هي مبنية بالحجارة الزرقاء الصلبة و يبلغ ارتفاعها ستة عشر مترا، و قد كانت في زمن النبي ص أخفض منه بكثير على ما يستفاد من حديث رفع النبي ص عليا (ع) على عاتقه يوم الفتح لأخذ الأصنام التي كانت على الكعبة و كسرها.

و طول الضلع الذي فيه الميزاب و الذي قبالته عشرة أمتار و عشرة سانتيمترات، و طول الضلع الذي فيه الباب و الذي قبالته اثنا عشر مترا، و الباب على ارتفاع مترين من الأرض، و في الركن الذي على يسار الباب للداخل، الحجر الأسود على ارتفاع متر و نصف من أرض المطاف، و الحجر الأسود حجر ثقيل بيضي الشكل غير منتظم لونه أسود ضارب إلى الحمرة، و فيه نقط حمراء، و تعاريج صفراء، و هي أثر لحام القطع التي كانت تكسرت منه، قطرة نحو ثلاثين سانتي مترا.

و تسمى زوايا الكعبة من قديم أيامها بالأركان فيسمى الشمالي بالركن العراقي، و الغربي بالشامي و الجنوبي باليماني، و الشرقي الذي فيه الحجر الأسود بالأسود، و تسمى المسافة التي بين الباب و ركن الحجر بالملتزم لالتزام الطائف إياه في دعائه و استغاثته، و أما الميزاب على الحائط الشمالي و يسمى ميزاب الرحمة فمما أحدثه الحجاج بن يوسف ثم غيره السلطان سليمان سنة 954 إلى ميزاب من الفضة ثم أبدله السلطان أحمد سنة 1021 بآخر من فضة منقوشة بالميناء الزرقاء يتخللها نقوش ذهبية، ثم أرسل السلطان عبد المجيد من آل عثمان سنة 1273 ميزابا من الذهب فنصب مكانه و هو الموجود الآن.

و قبالة الميزاب حائط قوسي يسمى بالحطيم، و هو قوس من البناء طرفاه إلى زاويتي البيت الشمالية و الغربية، و يبعدان عنهما مقدار مترين و ثلاثة سانتيمترات، و يبلغ ارتفاعه مترا، و سمكه مترا و نصف متر، و هو مبطن بالرخام المنقوش، و المسافة بين منتصف هذا القوس من داخله إلى منتصف ضلع الكعبة ثمانية أمتار و أربعة و أربعون سانتي مترا.

و الفضاء الواقع بين الحطيم و بين حائط البيت هو المسمى بحجر إسماعيل، و قد كان يدخل منه ثلاثة أمتار تقريبا في الكعبة في بناء إبراهيم، و الباقي كان زريبة لغنم هاجر و ولدها، و يقال: إن هاجر و إسماعيل مدفونان في الحجر.

و أما تفصيل ما وقع في داخل البيت من تغيير و ترميم، و ما للبيت من السنن‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 361

و التشريفات فلا يهمنا التعرض له.

كسوة الكعبة:

قد تقدم في ما نقلناه من الروايات في سورة البقرة في قصة هاجر و إسماعيل و نزولهما أرض مكة أن هاجر علق كساءها على باب الكعبة بعد تمام بنائها.

و أما كسوة البيت نفسه فيقال: إن أول من كساها تبع أبو بكر أسعد كساها بالبرود المطرزة بأسلاك الفضة، و تبعه خلفاؤه ثم أخذ الناس يكسونها بأردية مختلفة فيضعونها بعضها على بعض، و كلما بلي منها ثوب وضع عليها آخر إلى زمن قصي، و وضع قصي على العرب رفادة لكسوتها سنويا و استمر ذلك في بنيه و كان أبو ربيعة بن المغيرة يكسوها سنة و قبائل قريش سنة.

و قد كساها النبي ص بالثياب اليمانية، و كان على ذلك حتى إذا حج الخليفة العباسي المهدي شكى إليه سدنة الكعبة من تراكم الأكسية على سطح الكعبة، و ذكروا أنه يخشى سقوطه فأمر برفع تلك الأكسية، و إبدالها بكسوة واحدة كل سنة، و جرى العمل على ذلك حتى اليوم، و للكعبة كسوة من داخل، و أول من كساها من داخل أم العباس بن عبد المطلب لنذر نذرته في ابنها العباس.

منزلة الكعبة:

كانت الكعبة مقدسة معظمة عند الأمم المختلفة فكانت الهنود يعظمونها، و يقولون: إن روح «سيفا» و هو الأقنوم الثالث عندهم حلت في الحجر الأسود حين زار مع زوجته بلاد الحجاز.

و كانت الصابئة من الفرس و الكلدانيين يعدونها أحد البيوت السبعة المعظمة «1» ، و ربما قيل: إنه بيت زحل لقدم عهده و طول بقائه.

و كانت الفرس يحترمون الكعبة أيضا زاعمين أن روح هرمز حلت فيها، و ربما حجوا إليها زائرين.

و كانت اليهود يعظمونها و يعبدون الله فيها على دين إبراهيم، و كان بها صور

(1) البيوت المعظمة هي: 1- الكعبة، 2- مارس على رأس جبل بأصفهان، 3- مندوسان ببلاد الهند، 4- نوبهار بمدينة بلخ، 5- بيت غمدان بمدينة صنعاء، 6- كاوسان بمدينة فرغانة من خراسان، 7- بيت بأعالي بلاد الصين.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 362

و تماثيل منها تمثال إبراهيم و إسماعيل، و بأيديهما الأزلام، و منها صورتا العذراء و المسيح، و يشهد ذلك على تعظيم النصارى لأمرها أيضا كاليهود.

و كانت العرب أيضا تعظمها كل التعظيم، و تعدها بيتا لله تعالى، و كانوا يحجون إليها من كل جهة و هم يعدون البيت بناء لإبراهيم، و الحج من دينه الباقي بينهم بالتوارث.

ولاية الكعبة:

كانت الولاية على الكعبة لإسماعيل ثم لولده من بعده حتى تغلبت عليهم جرهم فقبضوا بولايتها ثم ملكتها العماليق و هم طائفة من بني كركر بعد حروب وقعت بينهم، و قد كانوا ينزلون أسفل مكة كما أن جرهم كانت تنزل أعلى مكة و فيهم ملوكهم.

ثم كانت الدائرة لجرهم على العماليق فعادت الولاية إليهم فتولوها نحو من ثلاثمائة سنة، و زادوا في بناء البيت و رفعته على ما كان في بناء إبراهيم.

ثم لما نشأت ولد إسماعيل و كثروا و صاروا ذوي قوة و منعة و ضاقت بهم الدار حاربوا جرهم فغلبوهم و أخرجوهم من مكة و مقدم الإسماعيليين يومئذ عمرو بن لحي، و هو كبير خزاعة فاستولى على مكة و تولى أمر البيت، و هو الذي وضع الأصنام على الكعبة و دعا الناس إلى عبادتها، و أول صنم وضعه عليها هو «هبل»، حمله معه من الشام إلى مكة و وضعه عليها ثم أتبعه بغيره حتى كثرت و شاعت عبادتها بين العرب، و هجرت الحنيفية.

و في ذلك يقول شحنة بن خلف الجرهمي يخاطب عمرو بن لحي.

يا عمرو إنك قد أحدثت آلهة

شتى بمكة حول البيت أنصابا

و كان للبيت رب واحد أبدا

فقد جعلت له في الناس أربابا

لتعرفن بأن الله في مهل‏

سيصطفي دونكم للبيت حجابا

و كانت الولاية في خزاعة إلى زمن حليل الخزاعي فجعلها حليل من بعده لابنته و كانت تحت قصي بن كلاب، و جعل فتح الباب و غلقها لرجل من خزاعة يسمى أبا غبشان الخزاعي فباعه أبو غبشان من قصي بن كلاب ببعير و زق خمر، و في ذلك يضرب المثل السائر «أخسر ممن صفقة أبي غبشان».

فانتقلت الولاية إلى قريش، و جدد قصي بناء البيت كما قدمناه و كان الأمر على‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 363

ذلك حتى فتح النبي ص مكة، و دخل الكعبة و أمر بالصور و التماثيل فمحيت، و أمر بالأصنام فهدمت و كسرت، و قد كان مقام إبراهيم و هو الحجر الذي عليه أثر قدمي إبراهيم موضوعا بمعجن في جوار الكعبة ثم دفن في محله الذي يعرف به الآن، و هو قبة قائمة على أربعة أعمدة يقصدها الطائفون للصلاة.

و أخبار الكعبة و ما يتعلق بها من المعاهد الدينية كثيرة طويلة الذيل اقتصرنا منها على ما تمسه حاجة الباحث المتدبر في آيات الحج و الكعبة.

و من خواص هذا البيت الذي بارك الله فيه و جعله هدى أنه لم يختلف في شأنه أحد من طوائف الإسلام‏

. [سورة آل‏عمران (3): الآيات 98 الى 101]

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى‏ ما تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَ أَنْتُمْ شُهَداءُ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (100) وَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ وَ أَنْتُمْ تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَ فِيكُمْ رَسُولُهُ وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)

بيان‏

الآيات كما ترى باتصال السياق تدل على أن أهل الكتاب (فريق منهم و هم اليهود أو فريق من اليهود) كانوا يكفرون بآيات الله، و يصدون المؤمنين عن سبيل الله بإراءته إياهم عوجا غير مستقيم، و تمثيل سبيل الضلال المعوج المنحرف سبيلا لله،

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 364

و ذلك بإلقاء شبهات إلى المؤمنين يرون بها الحق باطلا، و الباطل الذي يدعونهم إليه حقا، و الآيات السابقة تدل على ما انحرفوا فيه من إنكار حلية كل الطعام قبل التوراة، و إنكار نسخ استقبال بيت المقدس، فهذه الآيات متممات للآيات السابقة المتعرضة لحل الطعام قبل التوراة، و كون الكعبة أول بيت وضع للناس فهي تشتمل على الإنكار و التوبيخ لليهود في إلقائهم الشبهات و تفتينهم المؤمنين في دينهم، و تحذير للمؤمنين أن يطيعوهم فيما يدعون إليه فيكفروا بالدين، و ترغيب و تحريص لهم أن يعتصموا بالله فيهتدوا إلى صراط الإيمان و تدوم هدايتهم.

و قد ورد عن زيد بن أسلم كما رواه السيوطي في لباب النقول، على ما قيل‏ «1» : أن شاش بن قيس- و كان يهوديا- مر على نفر من الأوس و الخزرج يتحدثون- فغاظه ما رأى من تألفهم بعد العداوة- فأمر شابا معه من اليهود أن يجلس بينهم- فيذكرهم يوم بعاث ففعل، فتنازعوا و تفاخروا- حتى وثب رجلان. أوس بن قرظي من الأوس، و جبار بن صخر من الخزرج فتقاولا و غضب الفريقان، و تواثبوا للقتال فبلغ ذلك رسول الله ص فجاء- حتى وعظهم و أصلح بينهم فسمعوا و أطاعوا- فأنزل الله في أوس و جبار:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً- مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ الآية، و في شاش بن قيس:

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ الآية.

و الرواية مختصرة مستخرجة مما رواه في الدر المنثور، عن زيد بن أسلم مفصلا و روي ما يقرب منها عن ابن عباس و غيره.

و كيف كان، الآيات أقرب انطباقا على ما ذكرنا منها على الرواية كما هو ظاهر، على أن الآيات يذكر الكفر و الإيمان، و شهادة اليهود، و تلاوة آيات الله على المؤمنين، و نحو ذلك، و كل ذلك لما ذكرناه أنسب، و يؤيد ذلك قوله تعالى: «وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ» : الآية البقرة- 109 فالحق كما ذكرنا أن الآيات متممة لسابقتها.

قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ‏ «إلخ»، المراد بالآيات بقرينة وحدة السياق حلية الطعام قبل نزول التوراة، و كون القبلة هي الكعبة في الإسلام.

(1) المجلد الرابع من تفسير المنار: سورة آل عمران- تفسير الآية.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 365

قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ إلى قوله: عِوَجاً ، الصد الصرف، و قوله: تَبْغُونَها أي تطلبون السبيل، و قوله: عِوَجاً : العوج‏ المعطوف المحرف، و المراد طلب سبيل الله معوجا من غير استقامة.

قوله تعالى: وَ أَنْتُمْ شُهَداءُ ، أي تعلمون أن الطعام كان حلا قبل نزول التوراة و أن من خصائص النبوة تحويل القبلة إلى الكعبة، و قد حاذى في عدهم شهداء في هذه الآية ما في الآية السابقة من عد نفسه تعالى شهيدا على فعلهم و كفرهم، و فيه من اللطف ما لا يخفى فهم شهداء على حقيقة ما ينكرونه و الله شهيد على إنكارهم و كفرهم.

و لما نسب الشهادة إليهم في هذه الآية أبدل ما ذيل به الآية السابقة أعني قوله: وَ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى‏ ما تَعْمَلُونَ‏ من قوله في ذيل هذه الآية . وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ فأفاد ذلك أنهم شهداء على الحقية، و الله سبحانه شهيد على الجميع.

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا - إلى قوله:- وَ فِيكُمْ رَسُولُهُ‏ ، المراد بالفريق كما تقدم هم اليهود أو فريق منهم، و قوله تعالى: وَ أَنْتُمْ تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَ فِيكُمْ رَسُولُهُ‏ أي يمكنكم أن تعتصموا بالحق الذي يظهر لكم بالإنصات إلى آيات الله و التدبر فيها ثم الرجوع فيما خفي عليكم منها لقلة التدبر أو الرجوع ابتداء إلى رسوله الذي هو فيكم غير محتجب عنكم و لا بعيد عنكم، و استظهار الحق بالرجوع إليه ثم إبطال شبهة ألقتها اليهود إليكم و التمسك بآيات الله و برسوله و الاعتصام بهما اعتصام بالله، وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ .

فالمراد بالكفر في قوله: وَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ‏ ، الكفر بعد الإيمان، و قوله: وَ أَنْتُمْ تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ‏ ، كناية من إمكان الاعتصام في الاجتناب عن الكفر بآيات الله و برسوله، و قوله: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ‏ ، بمنزلة الكبرى الكلية لذلك و المراد بالهداية إلى صراط مستقيم الاهتداء إلى إيمان ثابت و هو الصراط الذي لا يختلف و لا يتخلف أمره، و يجمع سالكيه في مستواه و لا يدعهم يخرجون عن الطريق فيضلوا.

و في تحقيق الماضي في قوله: فَقَدْ هُدِيَ‏ ، مع حذف الفاعل دلالة على تحقق الفعل من غير شعور بفاعله.

و يتبين من الآية أن الكتاب و السنة كافيان في الدلالة على كل حق يمكن أن يضل فيه.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص: 366

[سورة آل‏عمران (3): الآيات 102 الى 110]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى‏ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

صفحه بعد