کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 223

إليه الإنسان و يتوق إليه نفسه لصرفه في حوائجه، و حيازته و خاصة فيما لا مانع عنه من دءوبه الأولية القديمة، و الإنسان في ما كونه من مجتمعة همجيا أو مدنيا لا يستغني عن اعتبار القرب و الولاية (المنتجين للأقربية و الأولوية) بين أفراد المجتمع الاعتبار الذي عليه المدار في تشكل البيت و البطن و العشيرة و القبيلة و نحو ذلك، فلا مناص في المجتمع من كون بعض الأفراد أولى ببعض كالولد بوالديه و الرحم برحمه، و الصديق بصديقه، و المولى بعبده، و أحد الزوجين بالآخر، و الرئيس بمرءوسه حتى القوي بالضعيف، و إن اختلفت المجتمعات في تشخيص ذلك اختلافا شديدا يكاد لا تناله يد الضبط.

و لازم هذين الأمرين كون الإرث دائرا بينهم من أقدم العهود الاجتماعية.

2- تحول الإرث تدريجيا:

لم تزل هذه السنة كسائر السنن الجارية في المجتمعات الإنسانية تتحول من حال إلى حال و تلعب بها يد التطور و التكامل منذ أول ظهورها غير أن الأمم الهمجية لما لم تستقر على حال منتظم تعسر الحصول في تواريخهم على تحوله المنتظم حصولا يفيد وثوقا به.

و القدر المتيقن من أمرهم أنهم كانوا يحرمون النساء و الضعفاء الإرث، و إنما كان يختص بالأقوياء و ليس إلا لأنهم كانوا يعاملون مع النساء و الضعفاء من العبيد و الصغار معاملة الحيوان المسخر و السلع و الأمتعة التي ليس لها إلا أن ينتفع بها الإنسان دون أن تنتفع هي بالإنسان و ما في يده أو تستفيد من الحقوق الاجتماعية التي لا تتجاوز النوع الإنساني.

و مع ذلك كان يختلف مصداق القوي في هذا الباب برهة بعد برهة فتارة مصداقه رئيس الطائفة أو العشيرة، و تارة رئيس البيت، و تارة أخرى أشجع القوم و أشدهم بأسا، و كان ذلك يوجب طبعا تغير سنة الإرث تغيرا جوهريا.

و لكون هذه السنن الجارية لا تضمن ما تقترحه الفطرة الإنسانية من السعادة المقترحة كان يسرع إليها التغير و التبدل حتى أن الملل المتمدنة التي كان يحكم بينهم القوانين أو ما يجري مجراها من السنن المعتادة الملية كان شأنهم ذلك كالروم و اليونان، و ما عمر قانون من قوانين الإرث الدائرة بين الأمم حتى اليوم مثل ما عمرت سنة الإرث الإسلامية فقد حكمت في الأمم الإسلامية منذ أول ظهورها إلى اليوم ما يقرب من أربعة عشر قرنا.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 224

3- الوراثة بين الأمم المتمدنة:

من خواص الروم أنهم كانوا يرون للبيت في نفسه استقلالا مدنيا يفصله عن المجتمع العام و يصونه عن نفوذ الحكومة العامة في جل ما يرتبط بأفراده من الحقوق الاجتماعية، فكان يستقل في الأمر و النهي و الجزاء و السياسة و نحو ذلك.

و كان رب البيت هو معبودا لأهله من زوجة و أولاد و عبيد، و كان هو المالك من بينهم و لا يملك دونه أحد ما دام أحد أفراد البيت، و كان هو الولي عليهم القيم بأمرهم باختياره المطلق النافذ فيهم، و كان هو يعبد رب البيت السابق من أسلافه.

و إذا كان هناك مال يرثه البيت كما إذا مات بعض الأبناء فيما ملكه بإذن رب البيت اكتسابا أو بعض البنات فيما ملكته بالازدواج صداقا و أذن لها رب البيت أو بعض الأقارب فإنما كان يرثه رب البيت لأنه مقتضى ربوبيته و ملكه المطلق للبيت و أهله.

و إذا مات رب البيت فإنما كان يرثه أحد أبنائه أو إخوانه ممن في وسعه ذلك و ورثه الأبناء فإن انفصلوا و أسسوا بيوتا جديدة كانوا أربابها و إن بقوا في بيتهم القديم كان نسبتهم إلى الرب الجديد (أخيهم مثلا) هي النسبة السابقة إلى أبيهم من الورود تحت قيمومته و ولايته المطلقة.

و كذا كان يرثه الأدعياء لأن الادعاء و التبني كان دائرا عندهم كما بين العرب في الجاهلية.

و أما النساء كالزوجة و البنت و الأم فلم يكن يرثن لئلا ينتقل مال البيت بانتقالهن إلى بيوت أخرى بالازدواج فإنهم ما كانوا يرون جواز انتقال الثروة من بيت إلى آخر، و هذا هو الذي ربما ذكره بعضهم فقال: إنهم كانوا يقولون بالملكية الاشتراكية الاجتماعية دون الانفرادية الفردية و أظن أن مأخذه شي‏ء آخر غير الملك الاشتراكي فإن الأقوام الهمجية المتوحشة أيضا من أقدم الأزمنة كانوا يمتنعون من مشاركة غيرهم من الطوائف البدوية فيما حازوه من المراعي و الأراضي الخصبة و حموه لأنفسهم و كانوا يحاربون عليه و يدفعون عن محمياتهم و هذا نوع من الملك العام الاجتماعي الذي مالكه هيئة المجتمع الإنساني دون أفراده، و هو مع ذلك لا ينفي أن يملك كل فرد من المجتمع شيئا من هذا الملك العام اختصاصا.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 225

و هذا ملك صحيح الاعتبار غير أنهم ما كانوا يحسنون تعديل أمره و الاستدرار منه، و قد احترمه الإسلام كما ذكرناه فيما تقدم، قال تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً : «البقرة: 29» فالمجتمع الإنساني و هو المجتمع الإسلامي و من هو تحت ذمته هو المالك لثروة الأرض بهذا المعنى ثم المجتمع الإسلامي هو المالك لما في يده من الثروة و لذلك لا يرى الإسلام إرث الكافر من المسلم.

و لهذا النظر آثار و نماذج في بعض الملل الحاضرة حيث لا يرون جواز تملك الأجانب شيئا من الأراضي و الأموال غير المنقولة من أوطانهم و نحو ذلك.

و لما كان البيت في الروم القديم ذا استقلال و تمام في نفسه كان قد استقر فيه هذه العادة القديمة المستقرة في الطوائف و الممالك المستقلة.

و كان قد أنتج استقرار هذه العادة أو السنة في بيوت الروم مع سنتهم في التزويج من منع الازدواج بالمحارم أن القرابة انقسمت عندهم قسمين: أحدهما القرابة الطبيعية و هي الاشتراك في الدم، و كان لازمها منع الازدواج في المحارم و جوازه في غيرهم، و الثاني القرابة الرسمية و هي القانونية و لازمها الإرث و عدمه و النفقة و الولاية و غير ذلك فكان الأبناء أقرباء ذوي قرابة طبيعية و رسمية معا بالنسبة إلى رب البيت و رئيسه و في ما بينهم، أنفسهم و كانت النساء جميعا ذوات قرابة طبيعية لا رسمية فكانت المرأة لا ترث والدها و لا ولدها و لا أخاها و لا بعلها و لا غيرهم. هذه سنة الروم القديم.

و أما اليونان فكان وضعهم القديم في تشكل البيوت قريبا من وضع الروم القديم، و كان الميراث فيهم يرثه أرشد الأولاد الذكور، و يحرم النساء جميعا من زوجة و بنت و أخت، و يحرم صغار الأولاد و غيرهم غير أنهم كالروميين ربما كانوا يحتالون لإيراث الصغار من أبنائهم و من أحبوها و أشفقوا عليها من زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم بحبل متفرقة تسهل الطريق لامتاعهن بشي‏ء من الميراث قليل أو كثير بوصية أو نحوها و سيجي‏ء الكلام في أمر الوصية.

و أما الهند و مصر و الصين فكان أمر الميراث في حرمان النساء منه مطلقا

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 226

و حرمان ضعفاء الأولاد أو بقاؤهم تحت الولاية و القيمومة قريبا مما تقدم من سنة الروم و اليونان.

و أما الفرس فإنهم كانوا يرون نكاح المحارم و تعدد الزوجات كما تقدم و يرون التبني، و كانت أحب النساء إلى الزوج ربما قامت مقام الابن بالادعاء و ترث كما يرث الابن و الدعي بالسوية و كانت تحرم بقية الزوجات، و البنت المزوجة لا ترث حذرا من انتقال المال إلى خارج البيت، و التي لم تزوج بعد ترث نصف سهم الابن، فكانت الزوجات غير الكبيرة و البنت المزوجة محرومات، و كانت الزوجة الكبيرة و الابن و الدعي و البنت غير المزوجة بعد مرزوقين.

و أما العرب فقد كانوا يحرمون النساء مطلقا و الصغار من البنين و يمتعون أرشد الأولاد ممن يركب الفرس و يدفع عن الحرمة، فإن لم يكن فالعصبة.

هذا حال الدنيا يوم نزلت آيات الإرث، ذكرها و تعرض لها كثير من تواريخ آداب الملل و رسومهم و الرحلات و كتب الحقوق و أمثالها من أراد الاطلاع على تفاصيل القول أمكنه أن يراجعها.

و قد تلخص من جميع ما مر أن السنة كانت قد استقرت في الدنيا يومئذ على حرمان النساء بعنوان أنهن زوجة أو أم أو بنت أو أخت إلا بعناوين أخرى مختلفة، و على حرمان الصغار و الأيتام إلا في بعض الموارد تحت عنوان الولاية و القيمومة الدائمة غير المنقطعة.

4- ما ذا صنع الإسلام و الظرف هذا الظرف‏

؟: قد تقدم مرارا أن الإسلام يرى أن الأساس الحق للأحكام و القوانين الإنسانية هو الفطرة التي فطر الناس عليها و لا تبديل لخلق الله، و قد بنى الإرث على أساس الرحم التي هي من الفطرة و الخلقة الثابتة، و قد ألغى إرث الأدعياء حيث يقول تعالى: وَ ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَ اللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ‏ : «الأحزاب: 5».

ثم أخرج الوصية من تحت عنوان الإرث و أفردها عنوانا مستقلا يعطى به و يؤخذ و إن كانوا يسمون التملك من جهة الإيصاء إرثا، و ليس ذلك مجرد اختلاف في التسمية

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 227

فإن لكل من الوصية و الإرث ملاكا آخر و أصلا فطريا مستقلا، فملاك الإرث هو الرحم و لا نفوذ لإرادة المتوفى فيها أصلا، و ملاك الوصية نفوذ إرادة المتوفى بعد وفاته (و إن شئت قل: حين ما يوصي) في ما يملكه في حياته و احترام مشيته، فلو أدخلت الوصية في الإرث لم يكن ذلك إلا مجرد تسمية.

و أما ما كان يسميها الناس كالروم القديم مثلا إرثا فلم يكن لاعتبارهم في سنة الإرث أحد الأمرين، إما الرحم و إما احترام إرادة الميت بل حقيقة الأمر أنهم كانوا يبنون الإرث على احترام الإرادة و هي إرادة الميت بقاء المال الموروث في البيت الذي كان فيه تحت يد رئيس البيت و ربه أو إرادته انتقاله بعد الموت إلى من يحبه الميت و يشفق عليه فكان الإرث على أي حال يبتني على احترام الإرادة و لو كان مبتنيا على أصل الرحم و اشتراك الدم لرزق من المال كثير من المحرومين منه، و حرم كثير من المرزوقين.

ثم إنه بعد ذلك عمد إلى الإرث و عنده في ذلك أصلان جوهريان:

أصل الرحم و هو العنصر المشترك بين الإنسان و أقربائه لا يختلف فيه الذكور و الإناث و الكبار و الصغار حتى الأجنة في بطون أمهاتهم و إن كان مختلف الأثر في التقدم و التأخر، و منع البعض للبعض من جهة قوته و ضعفه بالقرب من الإنسان و البعد منه، و انتفاء الوسائط و تحققها قليلا أو كثيرا كالولد و الأخ و العم، و هذا الأصل يقضي باستحقاق أصل الإرث مع حفظ الطبقات المتقدمة و المتأخرة.

و أصل اختلاف الذكر و الأنثى في نحو وجود القرائح الناشئة عن الاختلاف في تجهيزهما بالتعقل و الإحساسات، فالرجل بحسب طبعه إنسان التعقل كما أن المرأة مظهر العواطف و الإحساسات اللطيفة الرقيقة، و هذا الفرق مؤثر في حياتيهما التأثير البارز في تدبير المال المملوك، و صرفه في الحوائج، و هذا الأصل هو الموجب للاختلاف في السهام في الرجل و المرأة و إن وقعا في طبقة واحدة كالابن و البنت، و الأخ و الأخت في الجملة على ما سنبينه.

و استنتج من الأصل الأول ترتب الطبقات بحسب القرب و البعد من الميت لفقدان الوسائط و قلتها و كثرتها فالطبقة الأولى هي التي تتقرب من الميت بلا واسطة و هي الابن و البنت و الأب و الأم، و الثانية الأخ و الأخت و الجد و الجدة و هي تتقرب من‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 228

الميت بواسطة واحدة و هي الأب أو الأم أو هما معا، و الثالثة العم و العمة و الخال و الخالة، و هي تتقرب إلى الميت بواسطتين.

و هما أب الميت أو أمه و جده أو جدته، و على هذا القياس، و الأولاد في كل طبقة يقومون مقام آبائهم و يمنعون الطبقة اللاحقة و روعي حال الزوجين لاختلاط دمائهما بالزواج مع جميع الطبقات فلا يمنعهما طبقة و لا يمنعان طبقة.

ثم استنتج من الأصل الثاني اختلاف الذكر و الأنثى في غير الأم و الكلالة المتقربة بالأم بأن للذكر مثل حظ الأنثيين.

و السهام الستة المفروضة في الإسلام (النصف و الثلثان و الثلث و الربع و السدس و الثمن) و إن اختلفت، و كذا المال الذي ينتهي إلى أحد الوراث و إن تخلف عن فريضته غالبا بالرد أو النقص الوارد و كذا الأب و الأم و كلالة الأم و إن تخلفت فرائضهم عن قاعدة «للذكر مثل حظ الأنثيين» و لذلك يعسر البحث الكلي الجامع في باب الإرث إلا أن الجميع بحسب اعتبار النوع في تخليف السابق للاحق يرجع إلى استخلاف أحد الزوجين للآخر و استخلاف الطبقة المولدة و هم الآباء و الأمهات للطبقة المتولدة و هم الأولاد، و الفريضة الإسلامية في كل من القبيلين أعني الأزواج و الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.

و ينتج هذا النظر الكلي أن الإسلام يرى اقتسام الثروة الموجودة في الدنيا بالثلث و الثلثين فللأنثى ثلث و للذكر ثلثان هذا من حيث التملك لكنه لا يرى نظير هذا الرأي في الصرف للحاجة فإنه يرى نفقة الزوجة على الزوج و يأمر بالعدل المقتضي للتساوي في المصرف و يعطي للمرأة استقلال الإرادة و العمل فيما تملكه من المال لا مداخلة للرجل فيه، و هذه الجهات الثلاث تنتج أن للمرأة أن تتصرف في ثلثي ثروة الدنيا (الثلث الذي تملكها و نصف الثلثين الذين يملكهما الرجل) و ليس في قبال تصرف الرجل إلا الثلث.

5- علام استقر حال النساء و اليتامى في الإسلام:

أما اليتامى فهم يرثون كالرجال الأقوياء، و يربون و ينمي أموالهم تحت ولاية الأولياء كالأب و الجد أو عامة المؤمنين أو الحكومة الإسلامية حتى إذا بلغوا النكاح و أونس منهم الرشد دفعت إليهم أموالهم و استووا على مستوى الحياة المستقلة، و هذا أعدل السنن المتصورة في حقهم.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 229

و أما النساء فإنهن بحسب النظر العام يملكن ثلث ثروة الدنيا و يتصرفن في ثلثيها بما تقدم من البيان، و هن حرات مستقلات فيما يملكن لا يدخلن تحت قيمومة دائمة و لا موقتة و لا جناح على الرجال فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف.

فالمرأة في الإسلام ذات شخصية تساوي شخصية الرجل في حرية الإرادة و العمل من جميع الجهات، و لا تفارق حالها حال الرجل إلا في ما تقتضيه صفتها الروحية الخاصة المخالفة لصفة الرجل الروحية و هي أن لها حياة إحساسية و حياة الرجل تعقلية فاعتبر للرجل زيادة في الملك العام ليفوق تدبير التعقل في الدنيا على تدبير الإحساس و العاطفة، و تدورك ما ورد عليها من النقص باعتبار غلبتها في التصرف، و شرعت عليها وجوب إطاعة الزوج في أمر المباشرة و تدورك ذلك بالصداق، و حرمت القضاء و الحكومة و المباشرة للقتال لكونها أمورا يجب بناؤها على التعقل دون الإحساس، و تدورك ذلك بوجوب حفظ حماهن و الدفاع عن حريمهن على الرجال، و وضع على عاتقهم أثقال طلب الرزق و الإنفاق عليها و على الأولاد و على الوالدين و لها حق حضانة الأولاد من غير إيجاب، و قد عدل جميع هذه الأحكام بأمور أخرى دعين إليها كالتحجب و قلة مخالطة الرجال و تدبير المنزل و تربية الأولاد.

و قد أوضح معنى امتناع الإسلام عن إعطاء التدابير العامة الاجتماعية كتدبير الدفاع و القضاء و الحكومة للعاطفة و الإحساس و وضع زمامها في يدها، النتائج المرة التي يذوقها المجتمع البشري إثر غلبة الإحساس على التعقل في عصرنا الحاضر، و أنت بالتأمل في الحروب العالمية الكبرى التي هي من هدايا المدنية الحاضرة، و في الأوضاع العامة الحاكمة على الدنيا، و عرض هذه الحوادث على العقل و الإحساس العاطفي تقف على تشخيص ما منه الإغراء و ما إليه النصح و الله الهادي.

صفحه بعد