کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 299

محاوراتهم الناس على اختلافهم المنقولة عن نوح فمن بعده،

و قد روى الفريقان عن النبي ص: «إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم‏

». و ليعلم أن البعثة بالنبوة إنما بنيت على أساس الهداية إلى الحق و بيانه و الانتصار له فعليهم أن يتجهزوا بالحق في دعوتهم، و ينخلعوا عن الباطل و يتقوا شبكات الضلال أيا ما كانت سواء وافق ذلك رضى الناس أو سخطهم، و استعقب طوعهم أو كرههم و لقد ورد منه تعالى أشد النهي في ذلك لأنبيائه و أبلغ التحذير حتى عن اتباع الباطل قولا و فعلا بغرض نصرة الحق فإن الباطل باطل سواء وقع في طريق الحق أو لم يقع، و الدعوة إلى الحق لا يجامع تجويز الباطل و لو في طريق الحق و الحق الذي يهدي إليه الباطل و ينتجه ليس بحق من جميع جهاته.

و لذلك قال تعالى: «وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» : الكهف: 51 و قال:

«وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا، إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً» : الإسراء: 75 فلا مساهلة و لا ملابسة و لا مداهنة في حق و لا حرمة لباطل.

و لذلك جهز الله سبحانه رجال دعوته و أولياء دينه و هم الأنبياء (ع) بما يسهل لهم الطريق إلى اتباع الحق و نصرته، قال تعالى: «ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً، الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ حَسِيباً» : الأحزاب:

39 فأخبر أنهم لا يتحرجون فيما فرض الله لهم و يخشونه و لا يخشون أحدا غيره فليس أي مانع من إظهارهم الحق و لو بلغ بهم أي مبلغ و أوردهم أي مورد.

ثم وعدهم النصر فيما انتهضوا له فقال: «وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ» : الصافات: 173 و قال: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا» : المؤمن: 51.

و لذلك نجدهم فيما حكي عنهم لا يبالون شيئا في إظهار الحق و قول الصدق و إن لم يرتضه الناس و استمروه في مذاقهم، قال تعالى حاكيا عن نوح يخاطب قومه:

«وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ» : هود: 29 و قال عن قول هود: «إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ»:

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 300

هود: 50 و قوله لقومه: «قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ أَ تُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ»» : الأعراف: 71، و قال تعالى يحكي عن لوط: «بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» : الأعراف: 81 و حكى عن إبراهيم من قوله لقومه: «أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» : الأنبياء:

67 و حكى عن موسى في جواب قول فرعون له: «إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى‏ مَسْحُوراً، قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً» : الإسراء: 102 أي ممنوعا من الإيمان بالحق مطرودا هالكا، إلى غير ذلك من الموارد.

فهذه كلها من رعاية الأدب في جنب الحق و اتباعه، و لا مطلوب أعز منه و لا بغية أشرف منه و أغلى، و إن كان في بعضها ما ينافي الأدب الدائر بين الناس لابتناء حياتهم على اتباع جانب الهوى و السلوك إلى أمتعة الحياة بمداهنة المبطلين و الخضوع و التملق إلى المفسدين و المترفين سياسة في العمل.

و جملة الأمر أن الأدب كما تقدم في أول هذه المباحث إنما يتأتى في القول السائغ و العمل الصالح، و يختلف حينئذ باختلاف مسالك الحياة في المجتمعات و الآراء و العقائد التي تتمكن فيها و تتشكل هي عنها، و الدعوة الإلهية التي تستند إليها المجتمع الديني إنما تتبع الحق في الاعتقاد و العمل، و الحق لا يخالط الباطل و لا يمازجه و لا يستند إليه و لا يعتضد به فلا محيص عن إظهاره و اتباعه، و الأدب الذي يتأتى فيه أن يسلك في طريق الحق أحسن المسالك و يتزيى فيه بأظرف الأزياء كاختيار لين القول إذا صح أن يتكلم بلينة و خشونة، و اختيار الاستعجال في الخبر إذا أمكن فيه كل من المسارعة و التبطي.

و هذا هو الذي يأمر به في قوله تعالى: «وَ كَتَبْنا لَهُ‏ - أي لموسى- فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها» : الأعراف: 145 و بشر عباده الآخذين به في قوله: «فَبَشِّرْ عِبادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ» : الزمر: 18 فلا أدب في باطل و لا أدب في ممزوج من حق و باطل فإن الخارج من صريح الحق ضلال لا يرتضيه ولي الحق و قد قال: «فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ» : يونس: 32.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 301

و هذا هو الذي دعا أنبياء الحق إلى صراحة القول و صدق اللهجة و إن كان ذلك في بعض الموارد مما لا يرتضيه سنة المداهنة و التساهل و الأدب الكاذب الدائر في المجتمعات غير الدينية.

و من أدبهم مع الناس في معاشرتهم و سيرتهم فيهم احترام الضعفاء و الأقوياء على حد سواء و الإكثار و المبالغة في حق أهل العلم و التقوى منهم فإنهم لما بنوا على أساس العبودية و تربية النفس الإنسانية تفرع عليه تسوية الحكم في الغني و الفقير و الصغير و الكبير و الرجل و المرأة و المولى و العبد و الحاكم و المحكوم و الأمير و المأمور و السلطان و الرعية، و عند ذلك لغا تمايز الصفات، و اختصاص الأقوياء بمزايا اجتماعية، و بطل تقسم الوجدان و الفقدان و الحرمان و التنعم و السعادة و الشقاء بين صفتي الغنى و الفقر و القوة و الضعف، و أن للقوي و الغني من كل مكانة أعلاها، و من كل عيشة أنعمها، و من كل مجاهدة أروحها و أسهلها، و من كل وظيفة أخفها بل كان الناس في ذلك شرعا سواء، قال: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» : الحجرات: 13 و تبدل استكبار الأقوياء بقوتهم و مباهاة الأغنياء بغنيتهم تواضعا للحق و مسارعة إلى المغفرة و الرحمة، و تسابقا في الخيرات و جهادا في سبيل الله و ابتغاء لمرضاته.

و احترم حينئذ للفقراء كما للأغنياء، و تؤدب مع الضعفاء كما مع الأغنياء بل اختص هؤلاء بمزيد شفقة و رأفة و رحمة، قال تعالى يؤدب نبيه ص: «وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً» : الكهف: 28 و قال تعالى: «وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ» : الأنعام:

52، و قال: «لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ» : الحجر: 89.

و يشتمل على هذا الأدب الجميل ما حكاه الله من محاورة بين نوح (ع) و قومه إذ قال: «فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَ ما نَرى‏ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ، قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ آتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 302

لَها كارِهُونَ، وَ يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ‏ - أي في تحقيركم أمر الفقير الضعيف- وَ يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ، وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ‏ - أي لا أدعي شيئا يميزني منكم بمزية إلا أني رسول إليكم- وَ لا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ‏ - أي من الخير و السعادة اللذين يرجيان منهم- إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ» : هود: 31.

و نظيره في نفي التمييز قول شعيب لقومه على ما حكاه الله: «وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى‏ ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ» : هود: 88، و قال الله تعالى يعرف رسوله ص للناس: «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» : التوبة: 128 و قال أيضا: «وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» : التوبة: 61 و قال أيضا: «وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ» : القلم: 4 و قال أيضا و فيه جماع ما تقدم: «وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ» : الأنبياء: 107.

و هذه الآيات و إن كانت بحسب المعنى المطابقي ناظرة إلى أخلاقه (ص) الحسنة دون أدبه الذي هو أمر وراء الخلق إلا أن نوع الأدب- كما تقدم بيانه- يستفاد من نوع الخلق، على أن نفس الأدب من الأخلاق الفرعية.

(بحث روائي آخر) [في سنن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و آدابه خاصة]

الآيات القرآنية التي يستفاد منها خلقه (ص) الكريم و أدبه الجميل أكثرها واردة في صورة الأمر و النهي، و لذلك رأينا أن نورد في هذا المقام روايات من سننه (ص) فيها مجامع أخلاقه التي تلوح إلى أدبه الإلهي الجميل، و هي مع ذلك متأيدة بالآيات الشريفة القرآنية.

1- في معاني الأخبار، بطريق عن أبي هالة التميمي عن الحسن بن علي (ع) و بطريق آخر عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين عن الحسن بن علي (ع)،

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 303

و بطريق آخر عن رجل من ولد أبي هالة عن الحسن بن علي (ع):

قال: سألت خالي هند بن أبي هالة، و كان وصافا للنبي ص، و أنا أشتهي أن يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به- فقال: كان رسول الله ص فخما مفخما- يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع و أقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن تفرقت عقيقته فرق- و إلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفرة، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب- له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، مفلج، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المشربة، كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا متماسكا، سواء البطن و الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، عريض الصدر، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة و السرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين و البطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين و المنكبين و أعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين و القدمين، سائل الأطراف، سبط القصب، خمصان الأخمصين، فسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا، و يمشي هونا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط في صبب، و إذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة يبدر من لقيه بالسلام.

قال: فقلت له: صف لي منطقه، فقال: كان (ص) متواصل الأحزان، دائم الفكر ليس له راحة، طويل الصمت لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام و يختتمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه و لا تقصير، دمثا ليس بالجافي و لا بالمهين، يعظم عنده النعمة و إن دقت، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا و لا يمدحه، و لا تغضيه الدنيا و ما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، و لم يقم لغضبه شي‏ء حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفه كلها، و إذا تعجب قلبها، و إذا تحدث اتصل بها- فضرب راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، و إذا غضب أعرض و انشاح، و إذا غضب غض طرفه جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام:.

قال الصدوق: إلى هنا رواية القاسم بن المنيع عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، و الباقي رواية عبد الرحمن إلى آخره:

قال الحسن (ع): فكتمتها الحسين (ع) زمانا- ثم حدثته به فوجدته قد سبقني‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 304

إليه- فسألته عنه فوجدته قد سأل أباه (ع)- عن مدخل النبي ص و مخرجه و مجلسه و شكله- فلم يدع منه شيئا.

قال الحسين (ع) قد سألت أبي (ع) عن مدخل رسول الله ص- فقال: كان دخوله في نفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، و جزء لأهله، و جزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه و بين الناس- فيرد ذلك بالخاصة على العامة، و لا يدخر عنهم منه شيئا.

و كان من سيرته (ص) في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بأدبه، و قسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، و منهم ذو الحاجتين، و منهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم، و يشغلهم فيما أصلحهم و الأمة من مسألته عنهم، و بإخبارهم بالذي ينبغي، و يقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته- فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها- ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك، و لا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا، و لا يفترقون إلا عن ذواق و يخرجون أدلة.

و سألته عن مخرج رسول الله ص كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله ص يخزن لسانه إلا عما كان يعنيه، و يؤلفهم و لا ينفرهم، و يكرم كريم كل قوم و يوليه عليهم، و يحذر الناس و يحترس منهم- من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه، و يتفقد أصحابه، و يسأل الناس عن الناس، و يحسن الحسن و يقويه، و يقبح القبيح و يوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا و يميلوا، و لا يقصر عن الحق و لا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة.

قال (ع) فسألته عن مجلسه (ص) فقال: كان لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر، لا يوطن الأماكن و ينهى عن إيطانها- و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس- و يأمر بذلك، و يعطي كل جلسائه نصيبه، و لا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أبا، و كانوا عنده في‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 305

الحق سواء، مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة، و لا ترفع فيه الأصوات، و لا يؤبن فيه الحرم، و لا تثنى فلتاته، متعادلين، متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقرون الكبير، و يرحمون الصغير، و يؤثرون ذا الحاجة، و يحفظون الغريب.

فقلت: كيف كانت سيرته (ص) في جلسائه؟ فقال (ع): كان (ص) دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ و لا غليظ- و لا صخاب و لا فحاش و لا عياب، و لا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيب منه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء و الإكثار و ما لا يعنيه، و ترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا و لا يعيره، و لا يطلب عثراته و لا عورته، و لا يتكلم إلا فيما رجى ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رءوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، و لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوليتهم، يضحك مما يضحكون منه، و يتعجب مما يتعجبون منه، و يصبر للغريب على الجفوة في مسألته و منطقه- حتى إن كان أصحابه يستجلبونهم، و يقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه، و لا يقبل الثناء إلا من مكافئ، و لا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.

قال: فسألته عن سكوت رسول الله ص- فقال (ع) كان سكوته (ص) على أربع: على الحلم و الحذر و التقدير و التفكير: فأما التقدير ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس، و أما تفكره ففيما يبقى و يفنى، و جمع له الحلم و الصبر فكان لا يغضبه شي‏ء و لا يستفزه، و جمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدي به، و تركه القبيح لينتهي عنه، و اجتهاده الرأي في صلاح أمته، و القيام فيما جمع له خير الدنيا و الآخرة:.

أقول: و رواه في مكارم الأخلاق نقلا من كتاب محمد بن إسحاق بن إبراهيم الطالقاني بروايته عن ثقاته عن الحسن و الحسين (ع)؛ قال في البحار: و الرواية من الأخبار المشهورة روته العامة في أكثر كتبهم، انتهى‏ .

و قد روي في معناها أو معنى بعض أجزائها روايات كثيرة عن الصحابة.

صفحه بعد