کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 390

و قال في تفسير الجواهر بعد ذكر مقدمة ملخصها أن المعروف من دول اليمن بمعونة من النقوش المكشوفة في خرائب اليمن ثلاث دول:.

دولة معين و عاصمتها قرناء و قد قدر العلماء أن آثار دولة معين تبتدئ من القرن الرابع عشر قبل الميلاد إلى القرن السابع أو الثامن قبله، و قد عثروا على بعض ملوك هذه الدولة و هم ستة و عشرون ملكا مثل «أب يدع» و «أب يدع ينيع» أي المنقد.

و دولة سبإ و هم من القحطانيين كانوا أولا أذواء فأقيالا، و الذي نبغ منهم «سبأ» صاحب قصر صرواح شرقي صنعاء فاستولى على الجميع، و يبتدئ ملكهم من 850 ق م إلى 115 ق م و المعروف من ملوكهم سبعة و عشرون ملكا خمسة عشر منهم يسمى مكربا كالمكرب «يثعمر» و المكرب «ذمر على»، و اثنا عشرة منهم يسمى ملكا فقط كالملك «ذرح» و الملك «يريم أيمن».

و دولة الحميريين و هم طبقتان الأولى ملوك سبإ و ريدان من سنة 115 ق م إلى سنة 275 ق م و هؤلاء ملوك فقط، و الطبقة الثانية ملوك سبإ و ريدان و حضرموت و غيرها، و هؤلاء أربعة عشر ملكا أكثرهم تبابعة أولهم «شمر يرعش» و ثانيهم «ذو القرنين» و ثالثهم «عمرو» زوج بلقيس‏ «1» و ينتهي إلى ذي جدن و يبتدئ ملكهم من سنة 275 م إلى سنة 525.

ثم قال: فقد ظهرت صلة الاتصاف بلقب «ذي» بملوك اليمن و لا نجد في غيرهم كملوك الروم مثلا من يلقب بذي، فذو القرنين من ملوك اليمن، و قد تقدم من ملوكهم من يسمى بذي القرنين، و لكن هل هذا هو ذو القرنين المذكور في القرآن؟.

نحن نقول: كلا لأن هذا مذكور في ملوك قريبي العهد منا جدا، و لم ينقل ذلك عنهم اللهم إلا في روايات ذكرها القصاصون في التاريخ مثل أن «شمر يرعش» وصل إلى بلاد العراق و فارس و خراسان و الصغد، و بنى مدينة سمرقند و أصله شمركند، و أن‏

(1) بلقيس هذه غير ملكة سبإ التي يقال إن سليمان بن داود ع تزوج بها بعد ما أحضرها من سبإ و هو سابق على الميلاد بما يقرب من ألف سنة.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 391

أسعد أبو كرب غزا أذربيجان، و بعث حسانا ابنه إلى الصغد، و ابنه يعفر إلى الروم، و ابن أخيه إلى الفرس، و أن من الحميريين من بقوا في الصين لهذا العهد بعد غزو ذلك الملك لها.

و كذب ابن خالدون و غيره هذه الأخبار، و وسموها بأنها مبالغ فيها، و نقضوها بأدلة جغرافية و أخرى تاريخية.

إذن يكون ذو القرنين من أمة العرب و لكنه في تاريخ قديم قبل التاريخ المعروف. انتهى ملخصا.

و- و قيل: إن ذا القرنين هو كورش أحد ملوك الفرس الهخامنشيين (539- 560 ق م) و هو الذي أسس الإمبراطورية الإيرانية، و جمع بين مملكتي الفارس و ماد، و سخر بابل و أذن في رجوع اليهود من بابل إلى أورشليم و ساعد في بناء الهيكل و سخر مصر ثم اجتاز إلى يونان فغلبهم و بلغ المغرب ثم سار إلى أقاصي المعمورة في المشرق.

ذكره بعض من قارب‏ «1» عصرنا ثم بذل الجهد في إيضاحه و تقريبه بعض محققي‏ «2» الهند في هذه الأواخر بيان ذلك إجمالا أن الذي ذكره القرآن من وصف ذي القرنين منطبق على هذا الملك العظيم فقد كان مؤمنا بالله بدين التوحيد عادلا في رعيته سائرا بالرأفة و الرفق و الإحسان سائسا لأهل الظلم و العدوان، و قد آتاه الله من كل شي‏ء سببا فجمع بين الدين و العقل و فضائل الأخلاق و العدة و القوة و الثروة و الشوكة و مطاوعة الأسباب.

و قد سار كما ذكره الله في كتابه مرة نحو المغرب حتى استولى على ليديا و حواليها ثم سار ثانيا نحو المشرق حتى بلغ مطلع الشمس و وجد عنده قوما بدويين همجيين يسكنون في البراري ثم بنى السد و هو على ما يدل عليه الشواهد السد المعمول في مضيق داريال بين جبال قفقاز بقرب «مدينة تفليس» هذا إجمال الكلام و دونك التفصيل.

إيمانه بالله و اليوم الآخر: يدل على ذلك ما في كتب العهد العتيق ككتاب عزرا،

(1) سر أحمد خان الهندي.

(2) الباحث المحقق مولانا أبو الكلام آزاد.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 392

(الإصحاح 1) و كتاب دانيال، (الإصحاح 6) و كتاب أشعيا، (الإصحاح 44 و 45) من تجليله و تقديسه حتى سماه في كتاب الأشعياء «راعي الرب» و قال في الإصحاح الخامس و الأربعين: «هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما و أحقاء ملوك أحل لأفتح أمامه المصراعين و الأبواب لا تغلق. أنا أسير قدامك و الهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس و مغاليق الحديد أقصف. و أعطيك ذخائر الظلمة و كنوز المخابي. لكي تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك. لقبتك و أنت لست تعرفني».

و لو قطع النظر عن كونه وحيا فاليهود على ما بهم من العصبية المذهبية لا يعدون رجلا مشركا مجوسيا أو وثنيا- لو كان كورش كذلك- مسيحا إلهيا مهديا مؤيدا و راعيا للرب.

على أن النقوش و الكتابات المخطوطة بالخط المسماري المأثور عن داريوش الكبير و بينهما من الفصل الزماني ثماني سنين ناطقة بكونه موحدا غير مشرك، و ليس من المعقول أن يتغير ما كان عليه كورش في هذا الزمن القصير.

و أما فضائله النفسانية فيكفي في ذلك الرجوع إلى المحفوظ من أخباره و سيرته و ما قابل به الطغاة و الجبابرة الذين خرجوا عليه أو حاربهم كملوك «ماد» و «ليديا» و «بابل» و «مصر» و طغاة البدو في أطراف «بكتريا» و هو البلخ و غيرهم، و كان كلما ظهر على قوم عفا عن مجرميهم، و أكرم كريمهم و رحم ضعيفهم و ساس مفسدهم و خائنهم.

و قد أثنى عليه كتب العهد القديم، و اليهود يحترمه أعظم الاحترام لما نجاهم من إسارة بابل و أرجعهم إلى بلادهم و بذل لهم الأموال لتجديد بناء الهيكل و رد إليهم نفائس الهيكل المنهوبة المخزونة في خزائن ملوك بابل، و هذا في نفسه مؤيد آخر لكون ذي القرنين هو كورش فإن السؤال عن ذي القرنين إنما كان بتلقين من اليهود على ما في الروايات.

و قد ذكره مؤرخو يونان القدماء كهرودت و غيره فلم يسعهم إلا أن يصفوه‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 393

بالمروة و الفتوة و السماحة و الكرم و الصفح و قلة الحرص و الرحمة و الرأفة و يثنوا عليه بأحسن الثناء.

و أما تسميته بذي القرنين‏

فالتواريخ و إن كانت خالية عما يدل على شي‏ء في ذلك لكن اكتشاف تمثاله الحجري أخيرا في مشهد مرغاب في جنوب إيران يزيل الريب في اتصافه بذي القرنين فإنه مثل فيه ذا قرنين نابتين من أم رأسه من منبت واحد أحد القرنين مائل إلى قدام و الآخر آخذ جهة الخلف. و هذا قريب من قول من قال من القدماء في وجه تسمية ذي القرنين أنه كان له تاج أو خوذة فيه قرنان.

و قد ورد في كتاب دانيال، ذكر رؤيا رأى كورش فيه في صورة كبش ذي قرنين قال فيه‏ «1» :

«في السنة الثالثة من ملك «بيلشاصر» الملك ظهرت لي أنا دانيال رؤيا بعد التي ظهرت لي في الابتداء. فرأيت في الرؤيا و كأن في رؤياي و أنا في «شوشن» القصر الذي في ولاية عيلام. و رأيت في الرؤيا و أنا عند نهر «أولاي» فرفعت عيني و إذا بكبش واقف عند النهر و له قرنان و القرنان عاليان و الواحد أعلى من الآخر و الأعلى طالع أخيرا. رأيت الكبش ينطح غربا و شمالا و جنوبا فلم يقف حيوان قدامه و لا منفذ من يده و فعل كمرضاته و عظم.

و بينما كنت متأملا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض و لم يمس الأرض و للتيس قرن معتبر بين عينيه. و جاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رأيته واقفا عند النهر و ركض إليه بشدة قوته و رأيته قد وصل جانب الكبش فاستشاط عليه و ضرب الكبش و كسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه و طرحه على الأرض و داسه و لم يكن للكبش منفذ من يده. فتعظم تيس المعز جدا».

ثم ذكر بعد تمام الرؤيا أن جبرئيل تراءى له و عبر رؤياه بما ينطبق فيه الكبش ذو القرنين على كورش، و قرناه مملكتا الفارس و ماد، و التيس ذو القرن الواحد على‏

(1) كتاب دانيال الإصحاح الثامن 1- 9.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 394

الإسكندر المقدوني.

و أما سيره نحو المغرب و المشرق فسيره نحو المغرب كان لدفع طاغية «ليديا» و قد سار بجيوشه نحو كورش ظلما و طغيانا من غير أي عذر يجوز له ذلك فسار إليه و حاربه و هزمه ثم عقبه حتى حاصره في عاصمة ملكه ثم فتحها و أسره ثم عفا عنه و عن سائر أعضاده و أكرمه و إياهم و أحسن إليهم و كان له أن يسوسهم و يبيدهم و انطباق القصة على قوله تعالى: « حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ - و لعلها الساحل الغربي من آسيا الصغرى- وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً » و ذلك لاستحقاقهم العذاب بطغيانهم و ظلمهم و فسادهم.

ثم إنه سار نحو الصحراء الكبير بالمشرق حوالي بكتريا لإخماد غائلة قبائل بدوية همجية انتهضوا هناك للمهاجمة و الفساد و انطباق قوله تعالى: « حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى‏ قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً » عليه ظاهر.

و أما بناؤه السد:

فالسد الموجود في مضيق جبال قفقاز الممتدة من بحر الخزر إلى البحر الأسود، و يسمى المضيق «داريال» «1» و هو واقع بلدة «تفليس» و بين «ولادي كيوكز».

و هذا السد واقع في مضيق بين جبلين شاهقين يمتدان من جانبيه و هو وحدة الفتحة الرابطة بين جانبي الجبال الجنوبي و الشمالي و الجبال مع ما ينضم إليها من بحر الخزر و البحر الأسود حاجز طبيعي في طول ألوف من الكيلومترات يحجز جنوب آسيا من شمالها.

و كان يهجم في تلك الأعصار أقوام شريرة من قاطني الشمال الشرقي من آسيا من مضيق جبال قفقاز إلى ما يواليها من الجنوب فيغيرون على ما دونها من أرمينستان ثم إيران حتى الآشور و كلدة، و هجموا في حوالي المائة السابعة قبل الميلاد فعمموا البلاد قتلا و سبيا و نهبا حتى بلغوا نينوى عاصمة الآشور و كان ذلك في القرن السابق على عهد

(1) و لعله محرف «داريول» بمعنى المضيق بالتركية، و يسمى السد باللغة المحلية «دمير قابو» و معناه باب الحديد.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 395

كورش تقريبا.

و قد ذكر المؤرخون من القدماء كهرودوت اليوناني سير كورش إلى شمال إيران لإخماد نوائر فتن اشتعلت هناك، و الظاهر أنه بنى السد في مضيق داريال في مسيره هذا لاستدعاء من أهل الشمال و تظلم منهم، و قد بناه بالحجارة و الحديد و هو الردم الوحيد الذي استعمل فيه الحديد، و هو بين سدين جبلين، و انطباق قوله تعالى:

« فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ » الآيات عليه ظاهر.

و مما أيد به هذا المدعى وجود نهر بالقرب منه يسمى «سايروس» و هو اسم كورش عند الغربيين، و نهر آخر يمر بتفليس يسمى «كر» و قد ذكر هذا السد «يوسف» اليهودي المؤرخ عند ذكر رحلته إلى شمال قفقاز و ليس هو الحائط الموجود في باب الأبواب على ساحل بحر الخزر فإن التاريخ ينسب بناءه إلى كسرى أنوشيروان و كان يوسف قبله‏ «1» .

على أن سد باب الأبواب غير سد ذي القرنين المذكور في القرآن قطعا إذ لم يستعمل فيه حديد قط.

و أما يأجوج و مأجوج‏

فالبحث عن التطورات الحاكمة على اللغات يهدينا إلى أنهم المغول فإن الكلمة بالتكلم الصيني «منكوك» أو «منجوك» و لفظتا يأجوج و مأجوج كأنهما نقل عبراني و هما في التراجم اليونانية و غيرها للعهد العتيق «كوك» و «مأكوك» و الشبه الكامل بين «مأكوك» و «منكوك» يقضي بأن الكلمة متطورة من التلفظ الصيني «منكوك» كما اشتق منه «منغول» و «مغول» و لذلك في باب تطورات الألفاظ نظائر لا تحصى.

فيأجوج و مأجوج هما المغول و كانت هذه الأمة القاطنة بالشمال الشرقي من آسيا من أقدم الأعصار أمة كبيرة مهاجمة تهجم برهة إلى الصين و برهة من طريق داريال قفقاز إلى أرمينستان و شمال إيران و غيرها و برهة و هي بعد بناء السد إلى شمال أوربة و تسمى‏

(1) فهو على ما يقال كان يعيش في القرن الأول الميلادي.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏13، ص: 396

عندهم بسيت و منهم الأمة الهاجمة على الروم و قد سقطت في هذه الكرة دولة رومان، و قد تقدم أيضا أن المستفاد من كتب العهد العتيق أن هذه الأمة المفسدة من سكنة أقاصي الشمال.

هذه جملة ما لخصناه من كلامه، و هو و إن لم يخل عن اعتراض ما في بعض أطرافه لكنه أوضح انطباقا على الآيات و أقرب إلى القبول من غيره.

ز- و مما قيل في ذي القرنين ما سمعته عن بعض مشايخي أنه من أهل بعض الأدوار السابقة على هذه الدورة الإنسانية و هو غريب و لعله لتصحيح ما ورد في الأخبار من عجائب حالات ذي القرنين و غرائب ما وقع منه من الوقائع كموته و حياته مرة بعد مرة و رفعه إلى السماء و نزوله إلى الأرض و قد سخر له السحاب يسير به إلى المغرب و المشرق، و تسخير النور و الظلمة و الرعد و البرق له، و من المعلوم أن تاريخ هذه الدورة لا يحفظ شيئا من ذلك فلا بد أن يكون ذلك في بعض الأدوار السابقة هذا، و قد بالغ في حسن الظن بتلك الأخبار.

[4- معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن‏]

4- أمعن أهل التفسير و المؤرخون في البحث حول القصة، و أشبعوا الكلام في أطرافها، و أكثرهم على أن يأجوج و مأجوج أمة كبيرة في شمال آسيا، و قد طبق جمع منهم ما أخبر به القرآن من خروجهم في آخر الزمان و إفسادهم في الأرض على هجوم التتر في النصف الأول من القرن السابع الهجري على غربي آسيا، و إفراطهم في إهلاك الحرث و النسل بهدم البلاد و إبادة النفوس و نهب الأموال و فجائع لم يسبقهم إليها سابق.

و قد أخضعوا أولا الصين ثم زحفوا إلى تركستان و إيران و العراق و الشام و قفقاز إلى آسيا الصغرى، و أفنوا كل ما قاومهم من المدن و البلاد و الحصون كسمرقند و بخارا و خوارزم و مرو و نيسابور و الري و غيرها؛ فكانت المدينة من المدن تصبح و فيها مات الألوف من النفوس، و تمسي و لم يبق من عامة أهلها نافخ نار، و لا من هامة أبنيتها حجر على حجر.

صفحه بعد