کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 26

و في الكافي، بإسناده عن علي بن أسباط قال: رأيت أبا جعفر (ع) و قد خرج إلي فأجدت النظر إليه- و جعلت أنظر إلى رأسه و رجليه- لأصف قامته لأصحابنا بمصر- فبينا أنا كذلك حتى قعد فقال: يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة- فقال: «وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» - «حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً» - فقد يجوز أن يؤتى الحكمة و هو صبي، و يجوز أن يؤتى الحكمة و هو ابن أربعين سنة.

أقول: و في الرواية تفسير الحكم بالحكمة فتؤيد ما قدمناه.

و في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق و أحمد في الزهد و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن قتادة: «في قوله: «وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا» قال: كان سعيد بن المسيب يقول: قال النبي ص: ما من أحد يلقى الله يوم القيامة- إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا. قال قتادة: و قال الحسن: قال النبي ص: ما أذنب يحيى بن زكريا قط- و لا هم بامرأة.

و فيه،: أخرج أحمد و الحكيم الترمذي في نوادر الأصول و الحاكم و ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي ص قال: ما من أحد من ولد آدم- إلا و قد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا- لم يهم بخطيئة و لم يعملها.

أقول: و هذا المعنى مروي من طرق أهل السنة بألفاظ مختلفة و ينبغي تخصيص الجميع بأهل العصمة من الأنبياء و الأئمة و إن كانت آبية عنه ظاهرا لكن الظاهر أن ذلك ناشئ من سوء تعبير الرواة لابتلائهم بالنقل بالمعنى و توغلهم فيه. و بالجملة الأخبار في زهد يحيى (ع) كثيرة فوق الإحصاء، و كان (ع)- على ما فيها- يأكل العشب و يلبس الليف و بكى من خشية الله حتى اتخذت الدموع مجرى في وجهه.

و فيه،: أخرج ابن عساكر عن قرة قال": ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا و الحسين بن علي، و حمرتها بكاؤها.

أقول:

و روى هذا المعنى في المجمع، عن الصادق (ع)،: و في آخره: و كان قاتل يحيى ولد زنا- و قاتل الحسين ولد زنا.

و فيه، أخرج الحاكم و ابن عساكر عن ابن عباس قال": أوحى الله إلى محمد ص:

إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا- و إني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 27

و في الكافي، بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: قلت: فما عنى بقوله في يحيى: «وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً» ؟ قال تحنن الله. قلت: فما بلغ من تحنن الله عليه؟ قال: كان إذا قال: يا رب قال الله عز و جل: لبيك يا يحيى.

الحديث.

و في عيون الأخبار، بإسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضا (ع) يقول: إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن: يوم يولد و يخرج من بطن أمه فيرى الدنيا، و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها، و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا.

و قد سلم الله عز و جل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن- و آمن روعته فقال:

«وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» ، و قد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن- فقال: «وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» .

(قصة زكريا في القرآن)

وصفه (ع):

وصفه الله سبحانه في كلامه بالنبوة و الوحي، و وصفه في أول سورة مريم بالعبودية، و ذكره في سورة الأنعام في عداد الأنبياء و عدة من الصالحين ثم من المجتبين- و هم المخلصون- و المهديين.

تاريخ حياته:

لم يذكر من أخباره في القرآن إلا دعاؤه لطلب الولد و استجابته و إعطاؤه يحيى (ع)، و ذلك بعد ما رأى من أمر مريم في عبادتها و كرامتها عند الله ما رأى.

فذكر سبحانه أن زكريا تكفل مريم لفقدها أباها عمران ثم لما نشأت اعتزلت عن الناس و اشتغلت بالعبادة في محراب لها في المسجد، و كان يدخل عليها زكريا يتفقدها «كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ» .

هنالك دعا زكريا ربه و سأله أن يهب له من امرأته ذرية طيبة و كان هو شيخا فانيا و امرأته عاقرا فاستجيب له و نادته الملائكة و هو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى فسأل ربه آية لتطمئن نفسه أن النداء من جانبه سبحانه‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 28

فقيل له: إن آيتك أن يعتقل لسانك فلا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا و كان كذلك و خرج على قومه من المحراب و أشار إليهم أن سبحوا بكرة و عشيا و أصلح الله له زوجه فولدت له يحيى (ع) (آل عمران: 37- 41 مريم: 2- 11 الأنبياء: 89- 90).

و لم يذكر في القرآن مآل أمره (ع) و كيفية ارتحاله لكن وردت أخبار متكاثرة من طرق العامة و الخاصة، أن قومه قتلوه و ذلك أن أعداءه قصدوه بالقتل فهرب منهم و التجأ إلى شجرة فانفرجت له فدخل جوفها ثم التأمت فدلهم الشيطان عليه و أمرهم أن ينشروا الشجرة بالمنشار ففعلوا و قطعوه نصفين فقتل (ع) عند ذلك.

و قد ورد في بعض الأخبار أن السبب في قتله أنهم اتهموه في أمر مريم و حبلها بالمسيح و قالوا: هو وحده كان المتردد إليها الداخل عليها، و قيل غير ذلك.

(قصة يحيى (ع) في القرآن)

1- الثناء عليه:

ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه و أثنى عليه ثناء جميلا فوصفه بأنه كان مصدقا بكلمة من الله و هو تصديقه بنبوة المسيح، و أنه كان سيدا يسود قومه، و أنه كان حصورا لا يأتي النساء، و كان نبيا و من الصالحين (سورة آل عمران: 39) و من المجتبين و هم المخلصون- و من المهديين (الأنعام: 85- 87)، و أن الله هو سماه بيحيى و لم يجعل له من قبل سميا، و أمره بأخذ الكتاب بقوة و آتاه الحكم صبيا، و سلم عليه يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيا (مريم: 2- 15) و مدح بيت زكريا بقوله: «إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ» : الأنبياء: 90 و هم يحيى و أبوه و أمه.

2- تاريخ حياته:

ولد (ع) لأبويه على خرق العادة فقد كان أبوه شيخا فانيا و أمه عاقرا فرزقهما الله يحيى و هما آيسان من الولد، و أخذ بالرشد و العبادة و الزهد في صغره و آتاه الله الحكم صبيا، و قد تجرد للتنسك و الزهد و الانقطاع فلم يتزوج قط و لا ألهاه شي‏ء من ملاذ الدنيا.

و كان معاصرا لعيسى بن مريم (ع) و صدق نبوته، و كان سيدا في قومه تحن‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 29

إليه القلوب و تميل إليه النفوس و يجتمع إليه الناس فيعظهم و يدعوهم إلى التوبة و يأمرهم بالتقوى حتى استشهد (ع).

و لم يرد في القرآن مقتله (ع)، و الذي ورد في الأخبار أنه كان السبب في قتله أن امرأة بغيا افتتن بها ملك بني إسرائيل و كان يأتيها فنهاه يحيى و وبخه على ذلك- و كان مكرما عند الملك يطيع أمره و يسمع قوله- فأضمرت المرأة عداوته و طلبت من الملك رأس يحيى و ألحت عليه فأمر به فذبح و أهدي إليها رأسه.

و في بعض الأخبار أن التي طلبت منه رأس يحيى كانت ابنة أخي الملك و كان يريد أن يتزوج بها فنهاه يحيى عن ذلك فزينتها أمها بما يأخذ بمجامع قلب الملك و أرسلتها إليه و لقنتها إذا منح الملك عليها بسؤال حاجة أن تسأله رأس يحيى ففعلت فذبح (ع) و وضع رأسه في طست من ذهب و أهدي إليها.

و في الروايات نوادر كثيرة من زهده و تنسكه و بكائه من خشية الله و مواعظه و حكمه.

3- قصة زكريا و يحيى في الإنجيل:

قال" «1» : كان في أيام هيردوس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا- من فرقة أبيا و امرأته من بنات هارون و اسمها إليصابات- و كان كلاهما بارين أمام الله- سالكين في جميع وصايا الرب و أحكامه بلا لوم. و لم يكن لهما ولد إذ كانت إليصابات عاقرا- و كانا كلاهما متقدمين في أيامهما.

فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله. حسب عادة الكهنوت، أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب و يبخر. و كان كل جمهور الشعب يصلون خارجا وقت البخور. فظهر له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور. فلما رآه زكريا اضطرب و وقع عليه خوف. فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت- و امرأتك إليصابات ستلد ابنا و تسميه يوحنا. و يكون لك فرج و ابتهاج و كثيرون سيفرحون بولادته. لأنه يكون عظيما أمام الرب و خمرا و مسكرا لا يشرب- و من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس. و يرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. و يتقدم أمامه بروح‏

(1) إنجيل لوقا. الإصحاح الأول 5.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 30

إيليا و قوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء- و العصاة إلى فكر الأبرار- لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا.

فقال زكريا للملاك كيف أعلم هذا- لأني أنا شيخ و امرأتي متقدمة في أيامها- فأجاب الملاك و قال أنا جبريل الواقف قدام الله- و أرسلت لأكلمك و أبشرك بهذا- و ها أنت تكون صامتا- و لا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا- لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته.

و كان الشعب منتظرين زكريا- و متعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم- ففهموا أنه قد رأى رؤيا في الهيكل- فكان يومئ إليهم و بقي صامتا- و لما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته. و بعد تلك الأيام حبلت إليصابات امرأته- و أخفت نفسها خمسة أشهر قائلة: هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي فيها نظر إلي- لينزع عاري بين الناس.

إلى أن قال: و أما إليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنا- و سمع جيرانها و أقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها ففرحوا معها. و في اليوم جاءوا ليختنوا الصبي- و سموه باسم أبيه زكريا فأجابت أمه- و قالت لا بل يسمى يوحنا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك يسمى بهذا الاسم. ثم أومئوا إلى أبيه ما ذا يريد أن يسمى. فطلب لوحا و كتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع. و في الحال انفتح فمه و لسانه و تكلم و بارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم- و تحدث بهذه الأمور جميعها في كل جبال اليهودية. فأودعها جميع السامعين في قلوبهم- قائلين أ ترى ما ذا يكون هذا الصبي و كانت يد الرب معه. و امتلأ زكريا أبوه من الروح القدس و تنبأ ... إلخ.

و فيه‏ «1» ،": و في السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر- إذ كان بيلاطس النبطي واليا على اليهودية، و هيرودس رئيس ربع على الجليل، و فيلبس أخوه رئيس ربع على إيطورية و كورة تراخوتينس، و ليسانيوس رئيس ربع على الأبلية- في أيام رئيس الكهنة حنان- و قيافا كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا في البرية.

(1) إنجيل الإصحاح الثالث- 1.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 31

فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن- يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا.

كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبي القائل «صوت خارج في البرية أعدوا طريق الرب- اصنعوا سبله مستقيمة، كل واد يمتلئ و كل جبل و أكمة ينخفض- و تصير المعوجات مستقيمة و الشعاب طرقا سهلة- و يبصر كل بشر خلاص الله.

و كان يقول للجموع الذين خرجوا ليعمدوا منه- يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي- فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة- و لا تبتدءوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبا- لأني أقول لكم- إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم- و الآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر- فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار.

و سأله الجموع قائلين فما ذا نفعل. فأجاب و قال لهم من له ثوبان فليعط من ليس له- و من له طعام فليفعل هكذا. و جاء عشارون أيضا ليعمدوا- فقالوا له يا معلم ما ذا نفعل- فقال لهم لا تستوفوا أكثر مما فرض لكم. و سأله جنديون أيضا قائلين و ما ذا نفعل نحن، فقال لهم لا تظلموا أحدا- و لا تشوا بأحد و اكتفوا بعلائقكم.

و إذ كان الشعب ينتظر- و الجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح- أجاب يوحنا الجميع قائلا أنا أعمدكم بماء- و لكن يأتي من هو أقوى مني- الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه هو- سيعمدكم بروح القدس و نار الذي رفشه في يده- و سينقي بيدره و يجمع القمح إلى مخزنة- و أما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ- و بأشياء أخر كثيرة كان يعظ الشعب و يبشرهم.

أما هيردوس رئيس الربع- فإذا توبخ منه لسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه- و لسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها- زاد هذا أيضا على الجميع أنه حبس يوحنا في السجن. و لما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا.

«1»

و فيه،": أن هيرودس نفسه كان قد أرسل و أمسك يوحنا- و أوثقه في السجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه- إذ كان قد تزوج بها. لأن يوحنا كان يقول لهيرودس- لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك. فحنقت هيروديا عليه و أرادت أن‏

(1) إنجيل مرقس الإصحاح السادس 17- 29

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏14، ص: 32

تقتله و لم تقدر. لأن هيرودس كان يهاب يوحنا عالما- أنه رجل بار و قديس و كان يحفظه.

و إذ سمعه فعل كثيرا و سمعه بسرور.

و إذ كان يوم موافق لما صنع هيرودس- في مولده عشاء لعظمائه و قواد الألوف و وجوه الجليل. دخلت ابنة هيروديا و رقصت، فسرت هيرودس و المتكئين معه.

فقال الملك للصبية مهما أردت اطلبي مني فأعطيك. و أقسم لها أن مهما طلبت مني لأعطينك- حتى نصف مملكتي. فخرجت و قالت لأمها ما ذا أطلب. فقالت رأس يوحنا المعمدان. فدخلت للوقت بسرعة إلى الملك- و طلبت قائلة أريد أن تعطيني حالا رأس يوحنا- المعمدان على طبق. فحزن الملك جدا- و لأجل الإقسام و المتكئين لم يرد أن يردها.

فللوقت أرسل الملك سيافا- و أمر أن يؤتى برأسه فمضى و قطع رأسه في السجن- و أتى برأسه على طبق و أعطاه للصبية- و الصبية أعطته لأمها. و لما سمع تلاميذه جاءوا و رفعوا جثته و وضعوها في قبر انتهى.

و ليحيي (ع) أخبار أخر متفرقة في الأناجيل لا تتعدى حدود ما أوردناه و للمتدبر الناقد أن يطبق ما نقلناه من الأناجيل على ما تقدم حتى يحصل على موارد الاختلاف.

[سورة مريم (19): الآيات 16 الى 40]

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (17) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (19) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)

قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا وَ كانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (22) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى‏ جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (23) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (25)

فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (27) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا (30)

وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (32) وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)

صفحه بعد