کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 292

(بحث روائي)

في تفسير القمي،: في قوله تعالى: « وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ‏ » قال:

هو أمير المؤمنين (ع).

أقول: يحتمل التفسير و الجري.

و في الكافي، بإسناده عن يحيى عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): و لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير- من المال يأكله و يورثه.

الحديث.

و في الدر المنثور،: في قوله تعالى: « وَ اغْفِرْ لِأَبِي‏ »: أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن قتادة: في قوله: « وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ‏ » قال: ذكر لنا أن نبي الله ص قال: ليجيئن رجل يوم القيامة من المؤمنين- آخذا بيد أب له مشرك- حتى يقطعه النار و يرجو أن يدخله الجنة- فيناديه مناد أنه لا يدخل الجنة مشرك- فيقول:

ربي أبي و وعدت أن لا تخزيني.

قال: فما يزال متشبثا به حتى يحوله الله- في صورة سيئة و ريح منتنة في صورة ضبعان- فإذا رآه كذلك تبرأ منه و قال: لست بأبي. قال: فكنا نرى أنه يعني إبراهيم و ما سمى به يومئذ.

و فيه، أخرج البخاري و النسائي عن أبي هريرة عن النبي ص قال: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة- و على وجه آزر قترة و غبرة- يقول له إبراهيم: أ لم أقل لك:

لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك.

فيقول إبراهيم: رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون- فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين- ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار.

أقول: الخبران من أخبار بنوة إبراهيم لآزر لصلبه و قد مر في قصص إبراهيم من سورة الأنعام أنها مخالفة للكتاب و كلامه تعالى نص في خلافه.

و في الكافي، بإسناده عن سفيان بن عيينة قال: سألته عن قول الله عز و جل:

« إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ‏ » قال: السليم الذي يلقى ربه و ليس فيه أحد سواه.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 293

قال: و كل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط- و إنما أرادوا بالزهد في الدنيا- لتفرغ قلوبهم إلى الآخرة.

و في المجمع، و روي عن الصادق (ع) أنه قال: هو القلب الذي سلم من حب الدنيا. و يؤيده قول النبي ص: حب الدنيا رأس كل خطيئة.

و في الكافي، بإسناده عن محمد بن سالم عن أبي جعفر (ع): في حديث‏ « وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ‏ » جنود إبليس ذريته من الشياطين.

قال: و قولهم: « وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ‏ » إذ دعونا إلى سبيلهم- ذلك قول الله عز و جل فيهم إذ جمعهم إلى النار: قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ- رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ » و قوله: « كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها- حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً » برى‏ء بعضهم من بعض و لعن بعضهم بعضا- يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج- فيفلتوا جميعا من عظيم ما نزل بهم- و ليس بأوان بلوى و لا اختبار- و لا قبول معذرة و لا حين نجاة.

و في الكافي، أيضا بسندين عن أبي بصير عن أبي جعفر و أبي عبد الله (ع): في قول الله عز و جل: « فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ‏ » هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره.

أقول: و روى هذا المعنى القمي في تفسيره، و البرقي في المحاسن، عن أبي عبد الله (ع)

، و الظاهر أن الرواية كانت واردة في ذيل قوله تعالى: « وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ‏ » لما بعده من قوله تعالى: « وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ‏ » و قد وقع الخطأ في إيرادها في ذيل قوله: « فَكُبْكِبُوا فِيها » إلخ، و هو ظاهر للمتأمل.

و في المجمع، و في الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي ص يقول: إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي؟ و صديقه في الجحيم. فيقول الله: أخرجوا له صديقه إلى الجنة فيقول من بقي في النار: « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ‏ »

و روي بالإسناد عن حمران بن أعين عن أبي عبد لله (ع) قال: و الله لنشفعن لشيعتنا ثلاث مرات حتى يقول الناس: « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ‏ » إلى قوله‏ - فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ » و في رواية أخرى حتى يقول عدونا.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 294

و في تفسير القمي،": « فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ » قال: من المهتدين قال: لأن الإيمان قد لزمهم بالإقرار.

أقول: مراده أنهم يؤمنون يومئذ إيمان إيقان لكنهم يرون أن الإيمان يومئذ لا ينفعهم بل الإيمان النافع هو الإيمان في الدنيا فيتمنون أن يرجعوا إلى الدنيا ليكون ما عنده من الإيمان من إيمان المهتدين و هم المؤمنون حقا المهتدون بإيمانهم يوم القيامة و هذا معنى لطيف، و إليه يشير قوله تعالى: «وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ» : سجدة: 13 فلم يقولوا فارجعنا نؤمن و نعمل صالحا بل قالوا فارجعنا نعمل صالحا فافهم ذلك.

[سورة الشعراء (26): الآيات 105 الى 122]

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (108) وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ (109)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (110) قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قالَ وَ ما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى‏ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَ ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114)

إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119)

ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (120) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 295

(بيان)

تشير الآيات بعد الفراغ عن قصتي موسى و إبراهيم (ع) و هما من أولي العزم إلى قصة نوح (ع) و هو أول أولي العزم سادة الأنبياء، و إجمال ما جرى بينه و بين قومه فلم يؤمن به أكثرهم فأغرقهم الله و أنجى نوحا و من معه من المؤمنين.

قوله تعالى: « كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ‏ » قال في المفردات:، القوم‏ جماعة الرجال في الأصل دون النساء، و لذلك قال: « لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ‏ » الآية، قال الشاعر: أ قوم آل حصن أم نساء،. و في عامة القرآن أريدوا به و النساء جميعا. انتهى.

و لفظ القوم قيل: مذكر و تأنيث الفعل المسند إليه بتأويل الجماعة و قيل:

مؤنث و قال في المصباح: يذكر و يؤنث.

و عد القوم مكذبين للمرسلين مع أنهم لم يكذبوا إلا واحدا منهم و هو نوح (ع) إنما هو من جهة أن دعوتهم واحدة و كلمتهم متفقة على التوحيد فيكون المكذب للواحد منهم مكذبا للجميع و لذا عد الله سبحانه الإيمان ببعض رسله دون بعض كفرا بالجميع قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا» : النساء: 151.

و قيل: هو من قبيل قولهم فلان يركب الدواب و يلبس البرود و ليس له إلا دابة واحدة و بردة واحدة فيكون الجمع كناية عن الجنس، و الأول أوجه و نظير الوجهين جار في قوله الآتي: « كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ‏ » « كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ‏ » و غيرهما.

قوله تعالى: « إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ‏ » المراد بالأخ النسيب كقولهم:

أخو تميم و أخو كليب و الاستفهام للتوبيخ.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 296

قوله تعالى: « إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ‏ » أي رسول من الله سبحانه أمين على ما حملته من الرسالة لا أبلغكم إلا ما أمرني ربي و أراده منكم، و لذا فرع عليه قوله:

« فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ‏ » فأمرهم بطاعته لأن طاعته طاعة الله.

قوله تعالى: « وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ » مسوق لنفي الطمع الدنيوي بنفي سؤال الأجر فيثبت بذلك أنه ناصح لهم فيما يدعوهم إليه لا يخونهم و لا يغشهم فعليهم أن يطيعوه فيما يأمرهم، و لذا فرع عليه ثانيا قوله: « فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ‏ ».

و العدول في قوله: « إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ » عن اسم الجلالة إلى « رَبِّ الْعالَمِينَ‏ » للدلالة على صريح التوحيد فإنهم كانوا يرون أنه تعالى إله عالم الآلهة و كانوا يرون لكل عالم إلها آخر يعبدونه من دون الله فإثباته تعالى ربا للعالمين جميعا تصريح بتوحيد العبادة و نفي الآلهة من دون الله مطلقا.

قوله تعالى: « فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ‏ » قد تقدم وجه تكرار الآية فهو يفيد أن كلا من الأمانة و عدم سؤال الأجر سبب مستقل في إيجاب طاعته عليهم.

قوله تعالى: « قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ‏ » الأرذلون‏ جمع أرذل على الصحة و هو اسم تفضيل من الرذالة و الرذالة الخسة و الدناءة، و مرادهم بكون متبعيه أراذل أنهم ذوو أعمال رذيلة و مشاغل خسيسة و لذا أجاب ع عنه بمثل قوله:

« وَ ما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ ».

و الظاهر أنهم كانوا يرون الشرف و الكرامة في الأموال و الجموع من البنين و الأتباع كما يستفاد من دعاء نوح (ع) إذ يقول: «رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً» : نوح: 21. فمرادهم بالأرذلين من يعدهم الأشراف و المترفون سفلة يتجنبون معاشرتهم من العبيد و الفقراء و أرباب الحرف الدنية.

قوله تعالى: « قالَ وَ ما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ » الضمير لنوح (ع)، و « ما » استفهامية و قيل: نافية و عليه فالخبر محذوف لدلالة السياق عليه، و المراد على أي حال نفي علمه بأعمالهم قبل إيمانهم به لمكان قوله: « كانُوا يَعْمَلُونَ‏ ».

قوله تعالى: « إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى‏ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ‏ » المراد بقوله: « رَبِّي‏ » رب‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 297

العالمين فإنه الذي كان يختص نوح بالدعوة إليه من بينهم، و قوله: « لَوْ تَشْعُرُونَ‏ » مقطوع عن العمل أي لو كان لكم شعور، و قيل: المعنى لو تشعرون بشي‏ء لعلمتم ذلك و هو كما ترى.

و المعنى: بالنظر إلى الحصر الذي في صدر الآية أنه لا علم لي بسابق أعمالهم و ليس علي حسابهم حتى أتجسس و أبحث عن أعمالهم و إنما حسابهم على ربي « لَوْ تَشْعُرُونَ‏ » فيجازيهم حسب أعمالهم.

قوله تعالى: « وَ ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ‏ » الآية الثانية بمنزلة التعليل للأولى و المجموع متمم للبيان السابق و المعنى: لا شأن لي إلا الإنذار و الدعوة فلست أطرد من أقبل علي و آمن بي و لست أتفحص عن سابق أعمالهم لأحاسبهم عليها فحسابهم على ربي و هو رب العالمين لا علي.

قوله تعالى: « قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ‏ » المراد بالانتهاء ترك الدعوة، و الرجم‏ هو الرمي بالحجارة، و قيل: المراد به الشتم و هو بعيد، و هذا مما قالوه في آخر العهد من دعوتهم يهددونه (ع) بقول جازم كما يشهد به ما في الكلام من وجوه التأكيد.

قوله تعالى: « قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً » إلخ، هذا استفتاح منه (ع) و قد قدم له قوله: « رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ‏ » على سبيل التوطئة أي تحقق منهم التكذيب المطلق الذي لا مطمع في تصديقهم بعده كما يستفاد من دعائه عليهم إذ يقول: «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً» : نوح: 27.

و قوله: « فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً » كناية عن القضاء بينه و بين قومه كما قال تعالى: «وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ» : يونس: 47.

و أصله من الاستعارة بالكناية كأنه و أتباعه و الكفار من قومه اختلطوا و اجتمعوا من غير تميز فسأل ربه أن يفتح بينهم بإيجاد فسحة بينه و بين قومه يبتعد بذلك أحد القبيلين من الآخر و ذلك كناية عن نزول العذاب و ليس يهلك إلا القوم الفاسقين و الدليل عليه قوله بعد: « وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ ».

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏15، ص: 298

و قيل: الفتح‏ بمعنى الحكم و القضاء من الفتاحة بمعنى الحكومة.

قوله تعالى: « فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ‏ » أي المملوء منهم و من كل زوجين اثنين كما ذكره في سورة هود.

قوله تعالى: « ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ‏ » أي أغرقنا بعد إنجائهم الباقين من قومه.

قوله تعالى: « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً - إلى قوله- الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ‏ » تقدم الكلام في معنى الآيتين.

(بحث روائي)

في كتاب كمال الدين، و روضة الكافي، مسندا عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) في حديث: فمكث نوح ألف سنة إلا خمسين عاما- لم يشاركه في نبوته أحد- و لكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء- الذين كانوا بينه و بين آدم- و ذلك قوله عز و جل: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ‏ » يعني من كان بينه و بين آدم إلى أن انتهى إلى قوله: « وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ‏ »

و قال فيه، أيضا: فكان بينه و بين آدم عشرة آباء كلهم أنبياء

، و في تفسير القمي":

في قوله تعالى: « وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ‏ » قال: الفقراء.

و فيه، و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع): في قوله تعالى: « الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ‏ » المجهز الذي قد فرغ منه و لم يبق إلا دفعه.

[سورة الشعراء (26): الآيات 123 الى 140]

كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (126) وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ (127)

أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ (131) وَ اتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (132)

أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ (133) وَ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ (134) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (136) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137)

صفحه بعد