کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الميزان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة في مسلك البحث التفسيري في الكتاب.

(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]

(الأخلاق) بيان (بحث روائي في البرزخ و حياة الروح بعد الموت) (بحث فلسفي) تجرد النفس أيضا. (بحث أخلاقي) (بحث روائي آخر) في متفرقات متعلقة بما تقدم

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

الجزء الثالث

(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)

الجزء الرابع

بقية سورة آل عمران

(4) سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية(176)

الجزء الخامس

(5)«سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية»(120)

الجزء السادس

بقية سورة المائدة

الجزء السابع

(6)(سورة الأنعام - مكية و هي مائة و خمس و ستون آية)(165)

الجزء الثامن

(7) سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية(206)

الجزء التاسع

(9)(سورة التوبة مدنية و هي مائة و تسع و عشرون آية)(129)

الجزء العاشر

(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)

[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]

(بيان) (بحث روائي)

الجزء الحادي عشر

(12) سورة يوسف مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

(17) سورة الإسراء مكية و هي مائة و إحدى عشرة آية(111)

(18) سورة الكهف مكية و هي مائة و عشر آيات(110)

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 6

و تختم الكلام بتكرار التهديد و الوعيد و أمر النبي ص بتسبيح ربه. و السورة مكية كما يشهد بذلك سياق آياتها.

قوله تعالى: « وَ الطُّورِ » قيل: الطور مطلق الجبل و قد غلب استعماله في الجبل الذي كلم الله عليه موسى (ع)، و الأنسب أن يكون المراد به في الآية جبل موسى (ع) أقسم الله تعالى به لما قدسه و بارك فيه كما أقسم به في قوله: «وَ طُورِ سِينِينَ» : التين: 2، و قال: «وَ نادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ» : مريم: 52، و قال في خطابه لموسى (ع):

«فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً» : طه: 12، و قال: «نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ» : القصص: 30.

و قيل: المراد مطلق الجبل أقسم الله تعالى به لما أودع فيه من أنواع نعمه قال تعالى: «وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها» : حم السجدة: 10.

قوله تعالى: « وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ » قيل: الرق‏ مطلق ما يكتب فيه و قيل: هو الورق، و قيل: الورق المأخوذ من الجلد، و النشر هو البسط، و التفريق.

و المراد بهذا الكتاب قيل: هو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه ما كان و ما يكون و ما هو كائن تقرؤه ملائكة السماء، و قيل: المراد به صحائف الأعمال تقرؤه حفظة الأعمال من الملائكة، و قيل: هو القرآن كتبه الله في اللوح المحفوظ، و قيل: هو التوراة و كانت تكتب في الرق و تنشر للقراءة.

و الأنسب بالنظر إلى الآية السابقة هو القول الأخير.

قوله تعالى: « وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ » قيل: المراد به الكعبة المشرفة فإنها أول بيت وضع للناس و لم يزل معمورا منذ وضع إلى يومنا هذا قال تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ» : آل عمران: 96.

و في الروايات المأثورة أن البيت المعمور بيت في السماء بحذاء الكعبة تزوره الملائكة.

و تنكير « كِتابٍ‏ » للإيماء إلى استغنائه عن التعريف فهو تنكير يفيد التعريف و يستلزمه.

قوله تعالى: « وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏ » هو السماء.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 7

قوله تعالى: « وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ » قال الراغب: السجر تهييج النار، و في المجمع،:

المسجور المملوء يقال: سجرت التنور أي ملأتها نارا، و قد فسرت الآية بكل من المعنيين و يؤيد المعنى الأول قوله: «وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ» : التكوير: 6، أي سعرت و قد ورد في الحديث أن البحار تسعر نارا يوم القيامة، و قيل: المراد أنها تغيض مياهها بتسجير النار فيها.

قوله تعالى: « إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ‏ » جواب القسم السابق و المراد بالعذاب المخبر بوقوعه عذاب يوم القيامة الذي أوعد الله به الكفار المكذبين كما تشير إليه الآية التالية، و في قوله: « ما لَهُ مِنْ دافِعٍ‏ » دلالة على أنه من القضاء المحتوم الذي لا محيص عن وقوعه قال تعالى: وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» : الحج: 7.

و في قوله: « عَذابَ رَبِّكَ‏ » بنسبة العذاب إلى الرب المضاف إلى ضمير الخطاب دون أن يقال: عذاب الله تأييد للنبي ص على مكذبي دعوته و تطييب لنفسه أن ربه لا يخزيه يومئذ كما قال: «يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» : التحريم: 8.

قوله تعالى: « يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً » ظرف لقوله: « إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ‏ ».

و المور - على ما في المجمع،- تردد الشي‏ء بالذهاب و المجي‏ء كما يتردد الدخان ثم يضمحل، و يقرب منه قول الراغب: إنه الجريان السريع.

و على أي حال فيه إشارة إلى انطواء العالم السماوي كما يذكره تعالى في مواضع من كلامه كقوله: «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ» : الانفطار: 2، و قوله:

«يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ» : الأنبياء: 104، و قوله: «وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ» : الزمر: 67.

كما أن قوله: « وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً » إشارة إلى زلزلة الساعة في الأرض التي يذكرها تعالى في مواضع من كلامه كقوله: «إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا» : الواقعة: 6، و قوله: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً» : النبأ: 20.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 8

(بحث روائي)

في تفسير القمي،": في قوله تعالى: « وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ » قال: الطور جبل بطور سيناء.

و في المجمع،" « وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ » و هو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة- يعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة":. عن ابن عباس و مجاهد،

و روي أيضا عن أمير المؤمنين (ع) قال: . و يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا.

أقول: كون البيت المعمور بيتا في السماء يطوف عليه الملائكة واقع في عدة أحاديث من طرق الفريقين غير أنها مختلفة في محله ففي أكثرها أنه في السماء الرابعة و في بعضها أنه في السماء الأولى، و في بعضها السابعة.

و فيه،: « وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏ » و هو السماء عن علي (ع) .

و في تفسير القمي،": « وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ‏ » قال: السماء، « وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ » قال:

تسجر يوم القيامة.

و في المجمع،": « وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ » أي المملوء. عن قتادة، و قيل: هو الموقد المحمي بمنزلة التنور. عن مجاهد و الضحاك و الأخفش و ابن زيد. ثم قيل: إنه تحمى البحار يوم القيامة فتجعل نيرانا- ثم تفجر بعضها في بعض ثم تفجر إلى النار":. ورد به الحديث.

[سورة الطور (52): الآيات 11 الى 28]

فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى‏ نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (14) أَ فَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15)

اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَعِيمٍ (17) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَ وَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلى‏ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَ أَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَ لَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ (23) وَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (25)

قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 9

(بيان)

تذكر الآيات من يقع عليهم هذا العذاب الذي لا ريب في تحققه و وقوعه، و تصف حالهم إذ ذاك، و هذا هو الغرض الأصيل في السورة كما تقدمت الإشارة إليه و أما ما وقع في الآيات من وصف حال المتقين يومئذ فهو من باب التطفل لتأكيد الإنذار المقصود.

قوله تعالى: « فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ‏ » تفريع على ما دلت عليه الآيات السابقة من تحقق وقوع العذاب يوم القيامة أي إذا كان الأمر كما ذكر و لم يكن محيص عن وقوع العذاب فويل لمن يقع عليه و هم المكذبون لا محالة فالجملة تدل على كون المعذبين هم المكذبين بالاستلزام و على تعلق الويل بهم بالمطابقة.

أو التقدير إذا كان العذاب واقعا لا محالة و لا محالة لا يقع إلا على المكذبين لأنهم الكافرون بالله المكذبون ليوم القيامة فويل يومئذ لهم، فالدال على تعلق العذاب بالمكذبين‏

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 10

هو قوله: « عَذابَ رَبِّكَ‏ » لأن عذاب الله إنما يقع على من دعاه فلم يجبه و كذب دعوته.

قوله تعالى: « الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ‏ » الخوض‏ هو الدخول في باطل القول قال الراغب: الخوض‏ هو الشروع في الماء و المرور فيه، و يستعار في الأمور و أكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه انتهى، و تنوين التنكير في « خَوْضٍ‏ » يدل على صفة محذوفة أي في خوض عجيب.

و لما كان الاشتغال بباطل القول لا يفيد نتيجة حقة إلا نتيجة خيالية يزينها الوهم للخائض سماه لعبا- و اللعب من الأفعال ما ليس له إلا الأثر الخيالي-.

و المعنى: الذين هم مستمرون في خوض عجيب يلعبون بالمجادلة في آيات الله و إنكارها و الاستهزاء بها.

قوله تعالى: « يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى‏ نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا » الدع‏ هو الدفع الشديد، و الظاهر أن « يَوْمَ‏ » بيان لقوله: « يَوْمَئِذٍ ».

قوله تعالى: « هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ‏ » أي يقال لهم: هذه النار التي كنتم بها تكذبون، و المراد بالتكذيب بالنار التكذيب بما أخبر به الأنبياء (ع) بوحي من الله من وجود هذه النار و أنه سيعذب بها المجرمون و محصل المعنى هذه مصداق ما أخبر به الأنبياء فكذبتم به.

قوله تعالى: « أَ فَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ‏ » تفريع على قوله: « هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ‏ » و الاستفهام للإنكار تفريعا لهم أي إذا كانت هذه هي تلك النار التي كنتم تكذبون بها فليس هذا سحرا كما كنتم ترمون إخبار الأنبياء بها أنه سحر و ليس هذا أمرا موهوما خرافيا كما كنتم تتفوهون به بل أمر مبصر معاين لكم فالآية في معنى قوله تعالى: «وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ» : الأحقاف: 34.

و بما مر من المعنى يظهر أن « أَمْ‏ » في قوله: « أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ‏ » متصلة و قيل:

منقطعة و لا يخلو من بعد.

قوله تعالى: « اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ »، الصلي‏ بالفتح فالسكون مقاساة حرارة النار فمعنى اصلوها قاسوا حرارة نار جهنم.

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 11

و قوله: « فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا » تفريع على الأمر بالمقاساة، و الترديد بين الأمر و النهي كناية عن مساواة الفعل و الترك، و لذا أتبعه بقوله: « سَواءٌ عَلَيْكُمْ‏ » أي هذه المقاساة لازمة لكم لا تفارقكم سواء صبرتم أو لم تصبروا فلا الصبر يرفع عنكم العذاب أو يخففه و لا الجزع و ترك الصبر ينفع لكم شيئا.

و قوله: « سَواءٌ عَلَيْكُمْ‏ » خبر مبتدإ محذوف أي هما سواء و إفراد « سَواءٌ » لكونه مصدرا في الأصل.

و قوله: « إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ » في مقام التعليل لما ذكر من ملازمة العذاب و مساواة الصبر و الجزع.

و المعنى: إنما يلازمكم هذا الجزاء السيئ و لا يفارقكم لأنكم تجزون بأعمالكم التي كنتم تعملونها و لا تسلب نسبة العمل عن عامله فالعذاب يلازمكم أو إنما تجزون بتبعات ما كنتم تعملون و جزائه.

قوله تعالى: « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَعِيمٍ‏ » الجنة البستان تجنيه الأشجار و تستره، و النعيم‏ النعمة الكثيرة أي إن المتصفين بتقوى الله يومئذ في جنات يسكنون فيها و نعمة كثيرة تحيط بهم.

قوله تعالى: « فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَ وَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ‏ » الفاكهة مطلق الثمرة، و قيل: هي الثمرة غير العنب و الرمان، و يقال: تفكه و فكه إذا تعاطى الفكاهة، و تفكه و فكه إذا تناول الفاكهة، و قد فسرت الآية بكل من المعنيين فقيل:

المعنى: يتحدثون بما آتاهم ربهم من النعيم، و قيل: المعنى: يتناولون الفواكه و الثمار التي آتاهم ربهم، و قيل: المعنى: يتلذذون بإحسان ربهم و مرجعه إلى المعنى الأول، و قيل:

معناه فاكهين معجبين بما آتاهم ربهم، و لعل مرجعه إلى المعنى الثاني.

و تكرار « رَبُّهُمْ‏ » في قوله: « وَ وَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ‏ » لإفادة مزيد العناية بهم.

قوله تعالى: « كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ » أي يقال لهم: كلوا و اشربوا أكلا و شربا هنيئا أو طعاما و شرابا هنيئا، فهنيئا وصف قائم مقام مفعول مطلق أو مفعول به.

و قوله: « بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ » متعلق بقوله: « كُلُوا وَ اشْرَبُوا » أو بقوله: « هَنِيئاً ».

الميزان فى تفسير القرآن، ج‏19، ص: 12

قوله تعالى: « مُتَّكِئِينَ عَلى‏ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ‏ » الاتكاء الاعتماد على الوسادة و نحوها، و السرر جمع سرير، و مصفوفة من الصف أي مصطفة موصولة بعضها ببعض، و المعنى: متكئين على الوسائد و النمارق قاعدين على سرر مصطفة.

و قوله: « وَ زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ‏ » المراد بالتزويج القرن أي قرناهم بهن دون النكاح بالعقد، و الدليل عليه تعديه بالباء فإن التزويج بمعنى النكاح بالعقد متعد بنفسها، قال تعالى: «زَوَّجْناكَها» : الأحزاب: 37 كذا قيل.

قوله تعالى: « وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ » إلخ، قيل: الفرق بين الاتباع و اللحوق مع اعتبار التقدم و التأخر فيهما جميعا أنه يعتبر في الاتباع اشتراك بين التابع و المتبوع في مورد الاتباع بخلاف اللحوق فاللاحق لا يشارك الملحوق في ما لحق به فيه.

و لات و ألات‏ بمعنى نقص فمعنى ما ألتناهم ما نقصناهم شيئا من عملهم بالإلحاق.

و ظاهر الآية أنها في مقام الامتنان فهو سبحانه يمتن على الذين آمنوا أنه سيلحق بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان فتقر بذلك أعينهم، و هذا هو القرينة على أن التنوين في « بِإِيمانٍ‏ » للتنكير دون التعظيم.

و المعنى: اتبعوهم بنوع من الإيمان و إن قصر عن درجة إيمان آبائهم إذ لا امتنان لو كان إيمانهم أكمل من إيمان آبائهم أو مساويا له.

و إطلاق الاتباع في الإيمان منصرف إلى اتباع من يصح منه في نفسه الإيمان ببلوغه حدا يكلف به فالمراد بالذرية الأولاد الكبار المكلفون بالإيمان فالآية لا تشمل الأولاد الصغار الذين ماتوا قبل البلوغ، و لا ينافي ذلك كون صغار أولاد المؤمنين محكومين بالإيمان شرعا.

اللهم إلا أن يستفاد العموم من تنكير الإيمان و يكون المعنى: و اتبعتهم ذريتهم بإيمان ما سواء كان إيمانا في نفسه أو إيمانا بحسب حكم الشرع.

صفحه بعد