کتابخانه تفاسیر
النكت و العيون
المجلد الاول
سورة البقرة
سورة آل عمران
سورة النساء
المجلد الثالث
سوره يوسف
سورة الرعد
سورة ابراهيم
سورة الحجر
سورة النحل
سورة الاسراء
سورة الكهف
سورة مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
المجلد الرابع
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
سورة العنكبوت
سورة الروم آياتها
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
المجلد الخامس
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
سورة غافر
سورة فصلت
سورة الشورى
سورة الزخرف
سورة الأحقاف
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الواقعة
سورة الحديد
المجلد السادس
فهارس
فهرس المجلد السادس
النكت و العيون، ج1، ص: 56
و الثاني: أن اشتقاقهما من القدرة، قال الشاعر:
ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها
يرى قائم من دونها ما وراءها «72»
و الفرق بين المالك و الملك من وجهين:
أحدهما: أن المالك من كان خاصّ الملك، و الملك من كان عامّ الملك.
و الثاني: أن المالك من اختص بملك الملوك، و الملك من اختص بنفوذ الأمر.
و اختلفوا أيهما أبلغ في المدح، على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الملك أبلغ في المدح من المالك، لأنّ كلّ ملك مالك، و ليس كلّ مالك ملكا، و لأن أمر الملك نافذ على المالك.
و الثاني: أن مالك أبلغ في المدح «73» من ملك، لأنه قد يكون ملكا على من لا يملك، كما يقال ملك العرب، و ملك الروم، و إن كان لا يملكهم، و لا يكون مالكا إلا على من يملك، و لأن الملك يكون على الناس و غيرهم.
و الثالث: و هو قول أبي حاتم، أن مالك أبلغ في مدح الخالق من ملك، و ملك أبلغ من مدح المخلوق من مالك.
و الفرق بينهما، أن المالك من المخلوقين، قد يكون غير ملك، و إن كان اللّه تعالى مالكا كان ملكا، فإن وصف اللّه تعالى بأنه ملك، كان ذلك من صفات ذاته، و إن وصف بأنه مالك، كان من صفات أفعاله.
و أما قوله تعالى: يَوْمِ الدِّينِ ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه الجزاء.
و الثاني: أنه الحساب.
و في أصل الدين «74» في اللغة قولان:
(72) الشاعر هو قيس بن الخطيم.
(73) لأنه يجمع الاسم و الفعل. [كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد ص 104].
(74) قال الحافظ رحمه اللّه (8/ 156 فتح): و للدين معان أخرى منها: العادة و العمل و الحكم و الحال و الخلق و الطاعة و القهر و الملة و الشريعة و الورع و السياسة و شواهد ذلك يطول ذكرها.
النكت و العيون، ج1، ص: 57
أحدهما: العادة، و منه قول المثقّب العبدي:
تقول و قد درأت لها و ضيني
أ هذا دينه أبدا و ديني
أي عادته و عادتي.
و الثاني: أنّ أصل الدين الطاعة، و منه قول زهير بن أبي سلمى:
لئن حللت بجوّ في بني أسد
في دين عمرو و مالت بيننا فدك
أي في طاعة عمرو.
و في هذا اليوم قولان:
أحدهما: أنه يوم، ابتداؤه طلوع الفجر، و انتهاؤه غروب الشمس.
و الثاني: أنه ضياء، يستديم إلى أن يحاسب اللّه تعالى جميع خلقه، فيستقر أهل الجنة في الجنة، و أهل النار في النار.
و في اختصاصه بملك يوم الدين تأويلان:
أحدهما: أنه يوم ليس فيه ملك سواه، فكان أعظم من ملك الدنيا التي تملكها الملوك، و هذا قول الأصم.
و الثاني: أنه لما قال: رَبِّ الْعالَمِينَ ، يريد به ملك الدنيا، قال بعده: ملك يوم الدّين يريد به ملك الآخرة، ليجمع بين ملك الدنيا و الآخرة.
[سورة الفاتحة (1): آية 5]
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
قوله عزوجل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
قوله: إِيَّاكَ هو كناية عن اسم اللّه تعالى، و فيه قولان:
أحدهما: أن اسم اللّه تعالى مضاف إلى الكاف، و هذا قول الخليل.
و الثاني: أنها كلمة واحدة كنّي بها عن اسم اللّه تعالى، و ليس فيها إضافة لأن المضمر لا يضاف، و هذا قول الأخفش.
و قوله: نَعْبُدُ فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن العبادة الخضوع، و لا يستحقها إلا اللّه تعالى، لأنها أعلى
النكت و العيون، ج1، ص: 58
مراتب الخضوع، فلا يستحقها إلا المنعم بأعظم النعم، كالحياة و العقل و السمع و البصر.
و الثاني: أن العبادة الطاعة.
و الثالث: أنها التقرب بالطاعة.
و الأول أظهرها، لأن النصارى عبدت عيسى عليه السّلام، و لم تطعه بالعبادة، و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مطاع، و ليس بمعبود بالطاعة.
[سورة الفاتحة (1): الآيات 6 الى 7]
قوله عزوجل: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ إلى آخرها.
أما قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ففيه تأويلان:
أحدهما: معناه أرشدنا و دلّنا.
و الثاني: معناه وفقنا، و هذا قول ابن عباس.
و أما الصراط ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه السبيل المستقيم، و منه قول جرير:
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوجّ الموارد مستقيم «75»
و الثاني: أنه الطريق الواضح و منه قوله تعالى: وَ لا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ ، [الأعراف: 86] و قال الشاعر:
...
فصدّ عن نهج الصّراط القاصد
و هو مشتق من مسترط الطعام، و هو ممره في الحلق.
و في الدعاء بهذه الهداية، ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنهم دعوا باستدامة الهداية، و إن كانوا قد هدوا.
و الثاني: معناه زدنا هداية.
(75) ديوانه: 507.
النكت و العيون، ج1، ص: 59
و الثالث: أنهم دعوا بها إخلاصا للرغبة، و رجاء لثواب الدعاء.
و اختلفوا في المراد بالصراط المستقيم، على أربعة أقاويل:
أحدها: أنه كتاب اللّه تعالى، و هو قول علي و عبد اللّه، و يروى نحوه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «76» .
و الثاني: أنه الإسلام، و هو قول جابر بن عبد اللّه، و محمد بن الحنفية «77» .
و الثالث: أنه الطريق الهادي إلى دين اللّه تعالى، الذي لا عوج فيه، و هو قول ابن عباس.
و الرابع: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أخيار أهل بيته و أصحابه «78» ، و هو قول الحسن البصري و أبي العالية الرياحي «79» .
و في قوله تعالى: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ خمسة أقاويل:
أحدها: أنهم الملائكة.
و الثاني: أنهم الأنبياء.
(76) تقدم تخريجه موسعا ص
(77) هو محمد بن علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب. من كبراء التابعين ولد في العام الذي توفي فيه أبو بكر و رأى عمر و روى عنه و عن أبيه و أبي هريرة و عثمان و غيرهم و وفد على معاوية و كان الشيعة في زمانه تتغالى فيه و تدعي إمامته و لقبوه بالمهدي. توفي رحمه اللّه سنة إحدى و ثمانين و قيل سنة ثلاث و ثمانين و اللّه أعلم. أنظر:-
وفيات الأعيان (4/ 169)، تاريخ الإسلام (3/ 294)، البداية و النهاية (9/ 38)، تهذيب التهذيب (9/ 354)، شذرات الذهب (1/ 88)
(78) قال الحافظ ابن كثير (1/ 28) و كل هذه الأقوال صحيحة و هي متلازمة. فإنه من اتبع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و اقتدى بالذين من بعده أبي بكر و عمر فقد اتبع الحق و من اتبع الحق فقد اتبع الاسلام و من اتبع الاسلام فقد اتبع القرآن و هو كتاب اللّه و حبله المتين و صراطه المستقيم فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضا و للّه الحمد.
(79) هو رفيع بن مهران الرياحي، أبو العالية الإمام المقرىء الحافظ المفسر أدرك زمان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و هو شاب و أسلم في خلافة أبي بكر سمع من عمر و علي و ابن مسعود و غيرهم. و كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر.
اختلف في موته فقيل سنة 90 و قيل 93، 106 و اللّه أعلم. أنظر:-
طبقات ابن سعد (7/ 112)، تهذيب التهذيب (3/ 284)، تاريخ البخاري (3/ 326) شذرات الذهب (1/ 102)، تذكرة الحفاظ (1/ 58).
النكت و العيون، ج1، ص: 60
و الثالث: أنهم المؤمنون بالكتب السالفة.
و الرابع: أنهم المسلمون و هو قول وكيع «80» .
و الخامس: هم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و من معه من أصحابه، و هذا قول عبد الرحمن بن زيد «81» .
و قرأ عمر بن الخطاب و عبد اللّه بن الزبير «82» : (صراط من أنعمت عليهم) و أما قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ فقد روى عن عديّ بن حاتم «83» قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، عن المغضوب عليهم، فقال: «هم اليهود»، و عن الضالين فقال: «هم النّصارى» «84» .
(80) هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان فقيه، محدث، حافظ ولد بالكوفة و تفقه و حفظ الحديث. أراد الرشيد أن يوليه القضاء فامتنع. توفي رحمه اللّه منصرفا من الحج سنة (197 ه) من آثاره: السنن، تفسير القرآن، الزهد و غيرها. أنظر:- طبقات الحنابلة (257)، الفهرست (1/ 226)، الاعلام للزركلي (9/ 135)، و غيرها.
(81) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. فقيه، محدث، مفسر. توفي في أول خلافة هارون الرشيد سنة 170 ه. له من الكتب: الناسخ و المنسوخ، التفسير. أنظر:- الفهرست (1/ 225)، معجم المؤلفين (5/ 138).
(82) هو عبد اللّه بن الزبير بن العوام القرشي، أبو بكر صحابي جليل. أول مولود في المدينة بعد الهجرة، بويع بالخلافة له سنة 64 ه و كان من خطباء قريش المعدودين استشهد رضي اللّه عنه في سنة 73 ه. أنظر:-
تهذيب التهذيب (5/ 213)، الإصابة (2/ 309)، البداية و النهاية (8/ 332) أسد الغابة (3/ 242).
(83) هو عدي بن حاتم بن عبد اللّه بن سعد الطائي. أبو وهب، أبو طريف أسير، صحابي. من الأجواد و العقلاء. و هو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بجوده المثل. مات رضي اللّه عنه سنة 68 بالكوفة. أنظر:-
الإصابة (2/ 468)، تهذيب التهذيب (7/ 166)، التاريخ الكبير (7/ 43)، طبقات ابن سعد (6/ 22).
(84) رواه الطبري في التفسير (1/ 185، 193) و صححه الشيخ أحمد شاكر و زاد السيوطي نسبته في الدر (1/ 16) لعبد بن حميد و ابن المنذر و ابن حبان في صحيحه و الحديث أصله قصة إسلام عدي بن حاتم الطائي رضي اللّه عنه. و قد جاء بروايات متعددة كثيرة كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره. و قد رواه الإمام أحمد في مسنده (4/ 194، 378، 379) أنظر تخريج القصة في الدر المنثور (4/ 174) و كذا تخريج تفسير الطبري للشيخ أحمد شاكر و حسن القصة الترمذي و حسنها الشيخ الألباني في غاية المرام (ص 6) وفات السيوطي نسبتها لأحمد في مسنده. تنبيه:- و أما قول-
النكت و العيون، ج1، ص: 61
و هو قول جميع المفسرين «85» .
و في غضب اللّه عليهم، أربعة أقاويل:
أحدها: الغضب المعروف من العباد «86» .
و الثاني: أنه إرادة الإنتقام، لأن أصل الغضب في اللغة هو الغلظة، و هذه الصفة لا تجوز على اللّه تعالى.
و الثالث: أن غضبه عليهم هو ذمّه لهم.
و الرابع: أنه نوع من العقوبة سمّي غضبا، كما سمّيت نعمه رحمة.
و الضلال ضد الهدى، و خصّ اللّه تعالى اليهود بالغضب، لأنهم أشد عداوة.
و قرأ عمر بن الخطاب «87» (غير المغضوب عليهم و غير الضّالّين).
- الشيخ الدوسري حفظه اللّه في كتابه النهج السديد (ص 53) «و عزو الحديث لأحمد وهم و لذلك لم يعز السيوطي في الدر الحديث إليه». فوهم منه حفظه اللّه فقد رواه الإمام أحمد في مسنده كما رأيت ... و أما قوله: «و لذلك لم يعز السيوطي في الدر الحديث إليه» فيقال كم من حديث رواه أحمد في مسنده وفات السيوطي في الجامع الصغير و الدر المنثور و الأمثلة على ذلك كثير لا يتسع المقام لها.
(85) قال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه (8/ 159) قال ابن أبي حاتم لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافا قال السهيلي و شاهد ذلك في قوله تعالى في اليهود: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ و في النصارى قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً ا ه ثم اعلم أيها القارىء أن تفسير غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ» ورد من حديث أبي ذر و اسناده حسن حسنه الحافظ رحمه اللّه في نفس المكان من الفتح (8/ 159) أخرجه ابن مردويه.
(86) إن اللّه سبحانه و تعالى يغضب و لا سيما يوم القيامة فإنه يغضب غضبة لم يغضب مثلها و لا قبلها و لا بعدها و أن غضب اللّه تعالى لا يتأثر بالانفعالات و لا يوصف بالمزاجية الناشئة عن الضعف و عدم التمالك لأن اللّه سبحانه و تعالى «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» لا في ذاته و لا في صفاته و كذلك فقد وصف الرب جل و علا نفسه بقوله «وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» أي ليس للّه شبيها أحد. لذا فمن جعل صفة من صفات اللّه تعالى كصفات المخلوقات متأثره بالانعكاسات و الانفعالات فقد خيل ضلالا بعيدا و قد قال الإمام أبو جعفر الطحاوي و هو من السلف الصالح. (من وصف اللّه بمعنى من معاني البشر فقد كفر).