کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز

الجزء الثالث

سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة المؤمن سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة«محمد» صلى الله عليه و آله و سلم و تسمى سورة القتال سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة كورت سورة الإنفطار سورة التطفيف سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة ا لم نشرح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة إذا زلزلت سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة تبت سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

الفهارس

فهرس الفرق و المذاهب فهرس مصادر التحقيق فهرس الكتاب

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز


صفحه قبل

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 55

العباد على مطلوبهم منه، و لأنّ المتكلّم لمّا نسب العبادة الى نفسه كان كالمعتدّ بما يصدر منه فعقّبه‏ «1» ب «إيّاك نستعين»، إيذانا بأنّ العبادة لا تتمّ إلّا بمعونته.

و إيثار صيغة المتكلّم مع الغير على المتكلّم وحده، ليلاحظ القارئ دخول الحفظة أو حاضري صلاة الجماعة، او كلّ موجود وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ‏ ، «2» و ليؤذن بحقارة نفسه عن عرض العبادة و طلب المعونة منفردا على باب الكبرياء بدون انضمامه إلى جماعة تشاركه في العرض، كما يصنع في عرض الهدايا، و رفع الحوائج إلى الملوك، و ليحترز عن الكذب لو انفرد في ادّعائه: قصر خضوعه التّام و استعانته عليه تعالى، مع خضوعه التّام لأهل الدنيا من الملوك و نحوهم.

و في الجمع يمكن أن يقصد تغليب الخلّص على غيرهم فيصدق، و ليدرج عبادته و حاجته في عبادة المقرّبين و حاجتهم لعلّها تقبل و تجاب ببركتهم.

و العدول من الغيبة الى الخطاب التفات، و يكون بالعكس، و من أحدهما الى التّكلّم و بالعكس، و من عادة العرب العدول من أسلوب الى آخر تفنّنا في الكلام، و تطرية له، و تنشيطا للسّامع، و تختصّ مواقعه بنكت.

و ممّا اختص به هذا الموضع: أنّ الحمد إظهار مزايا المحمود، فالمخاطب به غيره تعالى، فالمناسب له طريق الغيبة.

و أما العبادة و الاستعانة، فينبغي كتمانهما من غير المعبود و المستعان؛ ليكون أقرب الى الإخلاص و أبعد عن الرّياء، فالمناسب له طريق الخطاب.

و منه: التّلويح إلى ما

في حديث: «اعبد اللّه كأنّك تراه» «3»

إذ العبادة الكاملة هي ما يكون العابد حال اشتغاله بها مستغرقا في الحضور، كأنّه مشاهد لجناب معبوده.

(1) في «ج»: فعقّب.

(2) سورة الإسراء: 17/ 44.

(3) عوالي اللآلي 1: 405 الحديث 65.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 56

و منه التّنبيه على علوّ مرتبة الذّكر، و أنّ العبد بإجراء هذا القدر منه على لسانه صار أهلا للخطاب، فكيف لو لازمه ليلا و نهارا.

و منه الإيماء إلى أنّ من تأدّب و كسر نفسه و رءاها بعيدة عن ساحة القرب حقيق أن تدركه رحمة إلهيّة توصله إلى مقام أهل القرب و الخطاب.

[6]- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ فصل عمّا قبله لكمال الانقطاع؛ لتخالفهما خبرا و إنشاء، أو لكمال الاتّصال لأنّه بيان للمعونة المطلوبة كأنّه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: «اهدنا».

و الهداية: الدّلالة بلطف- أوصلت إلى المطلوب أم لا-، و قيل: الموصلة. «1» و يدفعه‏ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ . «2» و قيل: إراءة ما يوصل، «3» و يدفعه: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏ «4» و قيل إن تعدّت الى ثاني مفعوليها بنفسها فالموصلة، و لا تسند إلّا اليه تعالى، أو بالحرف فالإراءة و تسند الى النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و القرآن، و يدفعه: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ «5» و الإسناد إلى غيره تعالى في: فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا . «6» ثمّ إنّ أصناف هديته سبحانه- و إن لم يحصرها العدّ- على أربعة أوجه:

الاول: إفاضة القوى و الحواس لجلب النّفع و دفع الضّرر أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ . «7»

(1) ذكره البيضاوي في تفسيره 1: 34.

(2) سورة فصّلت: 41/ 17 و تمامه: «و أمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى علي الهدى».

(3) أشار اليه البيضاوي في تفسيره 1: 35.

(4) سورة القصص: 28/ 56.

(5) سورة البلد: 90/ 10.

(6) سورة مريم: 19/ 43.

(7) سورة طه: 20/ 50.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 57

الثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحقّ و الباطل‏ وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ . «1» الثالث: إرسال الرّسل و إنزال الكتب‏ وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ . «2» الرابع: إزالة الغواشي البدنيّة و إراءة الأشياء كما هي، بالوحي أو الإلهام أو المنام الصّادق، و الاستغراق في ملاحظة جماله و جلاله، و هذا يختصّ به الأنبياء و الأولياء و نحوهم‏ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ‏ ، «3» فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ ، «4» فإذا تلا هذه الآية غير الواصلين أرادوا بالهداية: المرتبة الرّابعة، و إذا تلاها الواصلون أرادوا: زيادة ما منحوه من الهدى‏ وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً‏ . «5» و الثبات عليه.

عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «اهدنا»: ثبّتنا. «6»

و الصّراط: الجادّة، من: سرط الطّعام، أي ابتلعه، فكأنّه يسترط السّابلة و هم يسترطونه، كما سمّي: لقما كأنّه يلتقمهم. و جمعه: ككتب، و يذكّر و يؤنّث كالسّبيل، و أصله: السين، قلبت صادا لتطابق الطاء في الإطباق، و قد يشمّ الصّاد صوت الزّاء.

و قرأ «ابن كثير» بالأصل‏ «7» و «حمزة» بالإشمام، «8» و الباقون بالصّاد- و هي لغة قريش-. «9» و المراد ب «الصراط المستقيم»: طريق الحقّ أو دين الإسلام، أو كتاب اللّه.

[7]- صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بدل كلّ من: الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ،

(1) سورة البلد: 90/ 10.

(2) سورة فصّلت: 41/ 17.

(3) سورة الزمر: 39/ 18.

(4) سورة الانعام: 6/ 90.

(5) سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: 47/ 17.

(6) رواه الزمخشري في تفسير الكشّاف: 1/ 67.

(7، 8، 9) الكشف عن وجوه القراءات 1: 34.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 58

للتأكيد و التّنصيص على أنّ الطريق الذي هو علم في الاستقامة هو طريق المنعم عليهم، حيث جعل كالتّفسير له.

و المراد بهم المذكورون في قوله تعالى: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ‏ . «1» و قيل: المراد بهم المسلمون، «2» فإنّ نعمة الإسلام أصل كلّ النّعم. و قيل: الأنبياء. «3» و الإنعام: إيصال النّعمة، و هي- في الأصل- مصدر، بمعنى: الحالة المستلذّة، ككون الإنسان مليّا- مثلا، ثمّ أطلقت على نفس الشّي‏ء المستلذّ، تسمية للسّبب باسم المسبّب.

و نعمه سبحانه- على كثرتها و تعذّر حصرها وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «4» - ثمانية أنواع: إمّا دنيويّ موهبيّ روحاني- كإفاضة العقل-، أو جسمانيّ- كخلق الأعضاء-.

و إمّا دنيويّ كسبيّ روحانيّ- كتحلية النّفس بالأخلاق الزّكية-، أو جسمانيّ- كتزيين البدن بالهيئات المطبوعة.

و إمّا أخرويّ موهبيّ روحانيّ- كغفران ذنب من لم يتب-، أو جسماني كأنهار العسل، و امّا أخرويّ كسبي روحانيّ كغفران ذنب التائب او جسماني كاللذّات الجسمانية المستجلبة بالطّاعات.

و المراد- هنا-: الأربعة الأخيرة، و ما يكون وصلة إليها من الأربعة الاول- لاشتراك المؤمن و الكافر فيما عدا ذلك-. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ .

(1) سورة النساء: 4/ 69.

(2) قاله وكيع كما في تفسير ابن كثير 1: 28.

(3) أورد هذا القول ابن كثير في تفسيره (1: 28) أيضا.

(4) سورة النحل: 16/ 18.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 59

الغضب: ثوران النفس‏ «1» لإرادة الانتقام، فإن أسند إليه تعالى فباعتبار الغاية- كالرّحمة-.

و العدول عن اسناده إليه تعالى إلى صيغة المجهول، و إسناد عديله اليه سبحانه تأسيس لمباني الرّحمة، فكأنّ الغضب صادر من غيره تعالى، و إلّا فالظّاهر: غير الذين غضبت عليهم، و مثله- في التّصريح بالوعد و التّعريض بالوعيد- كثير في الكتاب المجيد، و منه: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «2» و المقابل: لاعذبنّكم.

و الضّلال: العدول عن الطّريق السّويّ و لو خطأ، و شعبه كثيرة، بشهادة

قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ستفترق امّتي ثلاثا و سبعين فرقة، فرقة ناجية و الباقون في النار». «3»

و تفسير «المغضوب عليهم» باليهود، و «الضّالين» بالنصارى مشهور. «4» و قيل: المراد بهما مطلق الكفار، «5» و قيل: مطلق الموصوفين بالعنوانين من الكفّار و غيرهم. «6» و «غير» بدل كلّ من «الذين»، و المعنى: أنّ المنعم عليهم هم الذين- سلموا من الغضب و الضّلال، فيفيد التأكيد و التنصيص- كما مرّ-، أو صفة له.

و يبتنى- كونها مبيّنة او مقيّدة- على تفاسير «المنعم عليهم»، و «المغضوب عليهم» و «الضّالّين»، و لا يكاد يخفى على المتدبّر.

(1) اي: هيجانها- كما في مجمع البحرين «ثور».

(2) سورة ابراهيم: 14/ 7.

(3) أورده السيوطي في الجامع الصغير 1: 184 و الدر المنثور 1: 136 و غيره، و قد الّف في هذا الحديث عدّة كتب، فينظر.

(4) ذهب اليه كثير من علمائنا و منهم العياشي في تفسيره 1: 22 و الطبرسي في تفسير مجمع البيان 1: 31.

(5) نقل هذا القول الطبرسي في تفسير مجمع البيان 1: 30.

(6) قاله عبد القاهر الجرجاني- كما في تفسير مجمع البيان 1: 30.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 60

و كيف كان: فتعرّف الموصوف، و توغّل الصّفة في النّكارة يحوج إلى إخراج أحدهما عن صرافته، اما: بجعل الموصول مقصودا به جماعة- لا بأعيانهم-، فيصير معهودا ذهنيا، فيجري مجرى النّكرات كالمعرّف بلام الجنس- المراد به فرد غير معيّن-.

أو بجعل «غير» بالإضافة الى ذي الضد الواحد معيّنا تعيّن المعارف، فينكسر إبهامه، فيصّح وصف المعرفة به كقولهم: «عليك بالحركة غير السكون».

و رجّح هذا على سابقه بأنّ إرادة بعض غير معيّن تخدش بدليّة صراطهم من «الصراط المستقيم»، إذ مدارها على علميّة صراطهم في الاستقامة، و ذلك انّما هو من حيث انتسابه الى كلّهم لا إلى البعض.

و لفظة «لا» بعد «واو» العطف في سياق النّفي، تفيد توكيده و التّصريح بشموله كلا من المتعاطفين لا أنّه لمجموعهما. و صحّح مجيئها هنا تضمّن «غير» المغايرة و النّفي، و لذا جاز «أنا زيدا غير ضارب» رعاية لجانب النّفي، فتكون الإضافة كالعدم، فيجوز تقديم معمول المضاف اليه على المضاف، كما جاز: «أنا زيدا لا ضارب» و إن لم يجز في: «أنا مثل ضارب زيدا»: «أنا زيدا مثل ضارب» لامتناع وقوع المعمول حيث يمتنع وقوع العامل.

روي عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ أفضل سورة أنزلها اللّه في كتابه هي «الحمد»، أمّ الكتاب، و إنّها شفاء من كلّ داء». «1»

و

عن الصّادق عليه السّلام: «لو قرئت الحمد على ميّت سبعين مرة، ثم ردّت فيه الرّوح، ما كان عجبا». «2»

و

عنه عليه السّلام أنه قال: اسم اللّه الأعظم مقطّع في أمّ الكتاب». «3»

(1) رواه العياشي في تفسيره، 1: 20 الحديث 9.

(2) رواه الكليني في الكافي 2: 456- كتاب: فضل القرآن- الحديث 16.

(3) رواه الصدوق في ثواب الأعمال: 130.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 61

سورة البقرة

[2] مائتان و ستّ و ثمانون آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ [1]- الم‏ و باقي الألفاظ المتهجّى بها، «1» أسماء مسمّياتها: الحروف التي منها ركّبت الكلم، لصدق حدّ الاسم عليها و قبولها خواصّه، و قد تسمّى حروفا مجازا.

و ما

في حديث: «من قرأ حرفا من كتاب اللّه فله حسنة و الحسنة بعشر أمثالها».

لا أقول: «الم» حرف، بل «الف» حرف و «لام» حرف و «ميم» حرف‏ «2» فلغوي، إذ

(1) و هي الألفاظ الواردة في أوائل السّور التالية: آل عمران: 3، و الأعراف: 7، يونس: 10، هود: 11، يوسف: 12، الرعد: 13، ابراهيم: 14، الحجر: 15، مريم: 19، طه: 20، الشعراء:

26، النمل: 27، القصص: 28، العنكبوت: 29، الروم: 30، لقمان: 31، السجدة: 32، يس: 36، ص: 38، و الحواميم السبعة و هي: غافر: 40، فصّلت: 41، الشورى: 42، الزخرف: 43، الدخان: 44، الجاثية: 45 و الأحقاف: 46، و الألفاظ الواردة في أول سورتي ق: 50 و القلم: 68.

صفحه بعد