کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم

الجزء السابع

(سورة القصص) مكية و قيل إلا قوله الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله الجاهلين و هى ثمان و ثمانون آية (سورة العنكبوت) مكية و هى تسع و ستون آية (سورة الروم) مكية إلا قوله فسبحان الله الآية. و هى ستون آية (سورة القمان)(مكية و قيل إلا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة فإن وجوبهما بالمدينة و هو ضعيف لأنه ينافى شرعيتهما بمكة و قيل إلا ثلاثا من قوله و لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام و هى أربع و ثلاثون آية) (سورة السجدة مكية و هى ثلاثون آية و قيل تسع و عشرون) (سورة الأحزاب مدنية و هى ثلاث و سبعون آية) (سورة سبأ مكية و قيل إلا و يرى الذين أوتوا العلم الآية و هى أربع و خمسون آية) (سورة فاطر مكية و هى خمس و أربعون آية) (سورة يس مكية. و عنه صلى الله عليه و سلم تدعى المعمة تعم صاحبها خير الدارين و الدافعة و القاضية تدفع عنه كل سوء و تقضى له كل حاجة و آياتها ثلاث و ثمانون) (سورة الصافات مكية و آياتها مائة و اثنتان و ثمانون آية) (سورة ص مكية و آياتها ثمان و ثمانون آية) (سورة الزمر مكية إلا قوله قل يا عبادي الآية و آياتها خمس و سبعون آية) (سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون آية) فهرست الجزء السابع من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

الجزء الثامن

(سورة فصلت مكية و آياتها أربع و خمسون آية) (سورة الشورى مكية و آياتها ثلاث و خمسون آية) (سورة الزخرف مكية و قيل الا قوله و سئل من أرسلنا و آياتها تسع و ثمانون) (سورة الدخان مكية إلا قوله إنا كاشفوا العذاب و آياتها تسع و خمسون آية) (سورة الجاثية مكية و هى سبع و ثلاثون آية) (سورة الأحقاف مكية و آيها خمس و ثلاثون) (سورة محمد صلى الله عليه و سلم و تسمى سورة القتال و هى مدنية و قيل مكية و آياتها ثمان و ثلاثون) (سورة الفتح مدنية نزلت فى مرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحديبية و آياتها تسع و عشرون) (سورة الحجرات مدنية و آياتها ثمانى عشرة) (سورة ق مكية و أياتها خمس و أربعون) (سورة الذاريات مكية و آياتها ستون) (سورة الطور مكية و أياتها تسع و أربعون) (سورة النجم مكية و آياتها إثنتان و ستون) (سورة القمر مكية إلا الآيات 44، 45، 46 فمدنية و آياتها خمس و خمسون) (سورة الرحمن مكية أو مدنية أو متبعضة و آياتها ثمان و سبعون) (سورة الواقعة مكية إلا آية 81، 82 فمدنيتان و آياتها ست و تسعون آية) (سورة الحديد مكية و قيل مدنية و آياتها تسع و عشرون) (سورة المجادلة مدنية و قيل العشر الأول مكى و الباقى مدنى و آياتها إثنتان و عشرون آية) (سورة الحشر مدنية و آياتها أربع و عشرون) (سورة الممتحنة مدنية و آياتها ثلاث عشرة) (سورة الصف مدنية و قيل مكية و آياتها أربع عشرة) (سورة الجمعة مدنية و آياتها إحدى عشرة) (سورة المنافقون مدنية و آياتها إحدى عشرة) (سورة التغابن مدنية مختلف فيها و آياتها ثمانى عشرة) (سورة الطلاق مدنية و آياتها إثنتا عشرة آية) (سورة التحريم مدنية و آياتها إثنتا عشرة) فهرست الجزء الثامن من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

الجزء التاسع

(سورة الملك مكية و تسمى الواقية و المنجية لأنها تقى و تنجى قارئها من عذاب القبر و آياتها ثلاثون) (سورة القلم مكية إلا من آية 17 إلى آية 33 و من آية 48 إلى آية 50 فمدنية و آياتها اثنتان و خمسون) (سورة الحاقة مكية و آياتها إثنتان و خمسون آية) (سورة المعارج مكية و آياتها أربع و أربعون) (سورة نوح عليه السلام مكية و آياتها ثمان و عشرون) (سورة الجن مكية و آياتها ثمان و عشرون) (سورة المزمل مكية إلا آية 10، 11، 20 فمدنية و آياتها عشرون) (سورة المدثر مكية و آياتها ست و خمسون) (سورة القيامة مكية و آياتها أربعون) (سورة الإنسان مدنية و آياتها إحدى و ثلاثون) (سورة المرسلات مكية إلا آية 48 فمدنية و آياتها خمسون) (سورة النبأ مكية و آياتها أربعون) (سورة النازعات مكية و آياتها ست و أربعون) (سورة عبس مكية و آياتها إثنان و أربعون) (سورة التكوير مكية و آياتها تسع و عشرون) (سورة الانفطار مكية و آياتها تسعة عشر) (سورة المطففين مكية مختلف فيها و آيها ست و ثلاثون) (سورة الإنشقاق مكية و آيها خمس و عشرون) (سورة البروج مكية و آيها إثنتان و عشرون) (سورة الطارق مكية و آيها سبع عشرة) (سورة الأعلى مكية و آيها تسع عشرة) (سورة الغاشية مكية و آيها ست و عشرون) (سورة الفجر مكية و آيها ثلاثون) (سورة البلد مكية و آيها عشرون) (سورة الشمس مكية و آيها خمس عشرة) (سورة الليل مكية و آيها إحدى و عشرون) (سورة الضحى مكية و آيها إحدى عشرة) (سورة الشرح مكية و آيها ثمان) (سورة التين مكية و قيل مدنية و آيها ثمان) (سورة العلق مكية و آيها تسع عشرة) (سورة القدر مكية مختلف فيها و آيها خمس) (سورة البينة مدنية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة الزلزلة مدنية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة العاديات مكية مختلف فيها و آيها إحدى عشرة) (سورة القارعة مكية و آيها إحدى عشرة) (سورة التكاثر مكية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة العصر مكية و آيها ثلاث) (سورة الهمزة مكية و آيها تسع) (سورة الفيل مكية و آيها خمس) (سورة قريش مكية و آيها أربع) (سورة الماعون مكية مختلف فيها و آيها سبع) (سورة الكوثر مكية و آيها ثلاث) (سورة الكافرون مكية و آيها ست) (سورة النصر مدنية و آيها ثلاث) (سورة المسد مكية و آيها خمس) (سورة الإخلاص مكية مختلف فيها و آيها أربع) (سورة الفلق مكية مختلف فيها و آيها خمس) (سورة الناس مكية مختلف فيها و آيها ست) خاتمة المؤلف فهرست الجزء التاسع من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم


صفحه قبل

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 8

النزول كما قيل أما الأول فبين إذ ليس المراد بالكتاب القدر المشترك الصادق على ما يقرأ فى الصلاة حتى تعتبر فى التسمية مبدئيتها له و أما الاخيران فلأن اعتبار المبدئية من حيث التعليم أو من حيث النزول يستدعى مراعاة الترتيب فى بقية أجزاء الكتاب من تينك الحيثيتين و لا ريب فى أن الترتيب التعليمى و الترتيب النزولى ليسا على نسق الترتيب المعهود و تسمى أم القرآن لكونها أصلا و منشأ له إما لمبدئيتها له و إما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على اللّه عز و جل و التعبد بأمره و نهيه و بيان و عده و وعيده أو على جملة معانيه من الحكم النظرية و الأحكام العملية التى هى سلوك الصراط المستقيم و الاطلاع على معارج السعداء و منازل الأشقياء و المراد بالقرآن هو المراد بالكتاب و تسمى أم الكتاب أيضا كما يسمى بها اللوح المحفوظ لكونه أصلا لكل الكائنات و الآيات الواضحة الدالة على معانيها لكونها بينة تحمل عليها المتشابهات و مناط التسمية ما ذكر فى أم القرآن لا ما أورده الإمام البخارى فى صحيحه من أنه يبدأ بقراءتها فى الصلاة فإنه مما لا تعلق له بالتسمية كما أشير إليه و تسمى سورة الكنز لقوله صلّى اللّه عليه و سلم أنها أنزلت من كنز تحت العرش أو لما ذكر فى أم القرآن كما أنه الوجه فى تسميتها الأساس و الكافية و الوافية و تسمى سورة الحمد و الشكر و الدعاء و تعليم المسئلة لاشتمالها عليها و سورة الصلاة لوجوب قراءتها فيها و سورة الشفاء و الشافية لقوله صلّى اللّه عليه و سلم هى شفاء من كل داء و السبع المثانى لأنها سبع آيات تثنى فى الصلاة أو لتكرر نزولها على ما روى أنها نزلت مرة بمكة حين فرضت الصلاة و بالمدينة أخرى حين حولت القبلة و قد صح أنها مكية لقوله تعالى‏ وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي‏ و هو مكى بالنص‏

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) اختلف الأئمة فى شأن التسمية فى أوائل السور الكريمة فقيل إنها ليست من القرآن أصلا و هو قول ابن مسعود رضى اللّه عنه و مذهب مالك و المشهور من مذهب قدماء الحنفية و عليه قراء المدينة و البصرة و الشام و فقهاؤها و قيل إنها آية فذة من القرآن أنزلت للفصل و التبرك بها و هو الصحيح من مذهب الحنفية و قيل هى آية تامة من كل سورة صدرت بها و هو قول ابن عباس و قد نسب إلى ابن عمر أيضا رضى اللّه عنهم و عليه يحمل إطلاق عبارة ابن الجوزى فى زاد المسير حيث قال روى عن ابن عمر رضى اللّه عنهما أنها أنزلت مع كل سورة و هو أيضا مذهب سعيد بن جبير و الزهرى و عطاء و عبد اللّه بن المبارك و عليه قراء مكة و الكوفة و فقهاؤهما و هو القول الجديد للشافعى رحمه اللّه و لذلك يجهر بها عنده فلا عبرة بما نقل عن الجصاص من أن هذا القول من الشافعى لم يسبقه إليه أحد و قيل إنها آية من الفاتحة مع كونها قرآنا فى سائر السور أيضا من غير تعرض لكونها جزأ منها أو لا و لا لكونها آية تامة أولا و هو أحد قولى الشافعى على ما ذكره القرطبى و نقل عن الخطابى أنه قول ابن عباس و أبى هريرة رضى اللّه عنهم و قيل إنها آية تامة فى الفاتحة و بعض فى البواقى و قيل بعض آية فى الفاتحة و آية تامة فى البواقى و قيل إنها بعض آية فى الكل و قيل إنها آيات من القرآن متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير أن تكون جزأ منها و هذا القول غير معزى فى الكتب إلى أحد و هناك قول آخر ذكره بعض المتأخرين و لم ينسبه إلى أحد و هو إنها آية تامة فى الفاتحة و ليست بقرآن فى سائر السور و لولا اعتبار كونها آية تامة لكان ذلك أحد محملى تردد الشافعى فإنه قد نقل عنه أنها بعض آية فى الفاتحة و أما فى غيرها فقوله فيها

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 9

متردد فقيل بين أن يكون قرآنا أو لا و قيل بين أن يكون آية تامة أو لا قال الإمام الغزالى و الصحيح من الشافعى هو التردد الثانى و عن أحمد بن حنبل فى كونها آية كاملة و فى كونها من الفاتحة روايتان ذكرهما ابن الجوزى و نقل أنه مع مالك و غيره ممن يقول أنها ليست من القرآن هذا و المشهور من هذه الأقاويل هى الثلاث الأول و الاتفاق على إثباتها فى المصاحف مع الإجماع على أن ما بين الدفتين كلام اللّه عز و جل يقضى بنفى القول الأول و ثبوت القدر المشترك بين الأخيرين من غير دلالة على خصوصية أحدهما فإن كونها جزأ من القرآن لا يستدعى كونها جزأ من كل سورة منه كما لا يستدعى كونها آية منفردة منه و أما ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما من أن من تركها فقد ترك مائة و أربع عشرة آية من كتاب اللّه تعالى و ما روى عن أبى هريرة من أنه صلّى اللّه عليه و سلم قال فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ و ما روى عن أم سلمة من أنه صلّى اللّه عليه و سلم قرأ سورة الفاتحة و عد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ آية و إن دل كل واحد منها على نفى القول الثانى فليس شى‏ء منها نصا فى إثبات القول الثالث أما الأول فلأنه لا يدل إلا على كونها آيات من كتاب اللّه تعالى متعددة بعدد السور المصدرة بها لا على ما هو المطلوب من كونها آية تامة من كل واحدة منها إلا أن يلتجأ إلى أن يقال أن كونها آية متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير أن تكون جزأ منها قول لم يقل به أحد و أما الثانى فساكت عن التعرض لحالها فى بقية السور و أما الثالث فناطق بخلافه مع مشاركته للثانى فى السكوت المذكور و الباء فيها متعلقة بمضمر ينبئ عنه الفعل المصدر بها كما أنها كذلك فى تسمية المسافر عند الحلول و الارتحال و تسمية كل فاعل عند مباشرة الأفعال و معناها الإستعانة أو الملابسة تبركا أى باسم اللّه أقرأ أو أتلو و تقديم المعمول للإعتناء به و القصد إلى التخصيص كما فى إياك نعبد و تقدير أبدأ لاقتضائه اقتصار التبرك على البداية مخل بما هو المقصود أعنى شمول البركة للكل و ادعاء أن فيه امتثالا بالحديث الشريف من جهة اللفظ و المعنى معا و فى تقدير اقرأ من جهة المعنى فقط ليس بشى‏ء فإن مدار الامتثال هو البدء بالتسمية لا تقدير فعله إذ لم يقل فى الحديث الكريم كل أمر ذى بال لم يقل فيه أو لم يضمر فيه أبدأ و هذا إلى آخر السورة الكريمة مقول على ألسنة العباد تلقينا لهم و إراشادا إلى كيفية التبرك باسمه تعالى و هداية إلى منهاج الحمد و سؤال الفضل و لذلك سميت السورة الكريمة بما ذكر من تعليم المسألة و إنما كسرت و من حق الحروف المفردة أن تفتح لاختصاصها بلزوم الحرفية و الجر كما كسرت لام الأمر و لام الإضافة داخلة على المظهر للفصل بينهما و بين لام الإبتداء و الاسم عند البصريين من الأسماء المحذوفة الأعجاز المبنية الأوائل على السكون قد أدخلت عليها عند الإبتداء همزة لأن من دأبهم البدء بالمتحرك و الوقف على الساكن و يشهد له تصريفهم على أسماء و سمى و سميت و سمى كهدى لغة فيه قال‏

[ و اللّه أسماك سمى مباركا

آثرك اللّه به إيثاركا ]

و القلب بعيد غير مطرد و اشتقاقه من السمو لأنه رفع للمسمى و تنويه له و عند الكوفيين من السمة و أصله و سم حذفت الواو و عوضت عنها همزة الوصل ليقل إعلالها ورد عليه بأن الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره فى كلامهم و من لغاتهم سم و سم قال باسم الذى فى كل سورة سمه و إنما لم يقل باللّه للفرق بين اليمين و التيمن أو لتحقيق ما هو المقصود بالإستعانة ههنا فإنها تكون تارة بذاته تعالى و حقيقتها طلب المعونة على إيقاع‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 10

الفعل و إحداثه أى إفاضة القدرة المفسرة عند الأصوليين من أصحابنا بما يتمكن به العبد من أداء مالزمه المنقسمة إلى ممكنة و ميسرة و هى المطلوبة بإياك نستعين و تارة أخرى باسمه عز و علا و حقيقتها طلب المعونة فى كون الفعل معتدا به شرعا فإنه ما لم يصدر باسمه تعالى يكون بمنزلة المعدوم و لما كانت كل واحدة من الإستعانتين واقعة وجب تعيين المراد بذكر الاسم و إلا فالمتبادر من قولنا باللّه عند الإطلاق لا سيما عند الوصف بالرحمن الرحيم هى الإستعانة الأولى إن قيل فليحمل الباء على التبرك و ليستغن عن ذكر الاسم لما أن التبرك لا يكون إلا به قلنا ذاك فرع كون المراد باللّه هو الاسم و هل التشاجر إلا فيه فلا بد من ذكر الاسم لينقطع احتمال إرادة المسمى و يتعين حمل الباء على الإستعانة الثانية أو التبرك و إنما لم يكتب الألف لكثرة الإستعمال قالوا و طولت الباء عوضا عنها. و (اللَّهِ) أصله الإله فحذفت همزته على غير قياس كما ينبئ عنه وجوب الإدغام و تعويض الألف و اللام عنها حيث لزماه و جردا عن معنى التعريف و لذلك قيل يا للّه بالقطع فإن المحذوف القياسى فى حكم الثابث فلا يحتاج إلى التدارك بما ذكر من الإدغام و التعويض و قيل على قياس تخفيف الهمزة فيكون الإدغام و التعويض من خواص الاسم الجليل ليمتاز بذلك عما عداه امتياز مسماه عما سواه بما لا يوجد فيه من نعوت الكمال و الإله فى الأصل اسم جنس يقع على كل معبود بحق أو باطل أى مع قطع النظر عن وصف الحقية و البطلان لامع اعتبار أحدهما لا بعينه ثم غلب على المعبود بالحق كالنجم و الصعق و أما اللّه بحذف الهمزة فعلم مختص بالمعبود بالحق لم يطلق على غيره أصلا و اشتقاقه من الإلاهة و الألوهة و الألوهية بمعنى العبادة حسبما نص عليه الجوهرى على أنه اسم منها بمعنى المألوه كالكتاب بمعنى المكتوب لا على أنه صفة منها بدليل أنه يوصف و لا يوصف به حيث يقال إله واحد و لا يقال شى‏ء إله كما يقال كتاب مرقوم و لا يقال شى‏ء كتاب و الفرق بينهما أن الموضوع له فى الصفة هو الذات المبهمة باعتبار اتصافها بمعنى معين و قيامه بها فمدلولها مركب من ذات مبهمة لم يلاحظ معها خصوصية أصلا و من معنى معين قائم بها على أن ملاك الأمر تلك الخصوصية فبأى ذات يقوم ذلك المعنى يصح إطلاق الصفة عليها كما فى الأفعال و لذلك تعمل عملها كاسمى الفاعل و المفعول و الموضوع له فى الاسم المذكور هو الذات المعينة و المعنى الخاص فمدلوله مركب من ذينك المعنيين من غير رجحان للمعنى على الذات كما فى الصفة و لذلك لم يعمل عملها و قيل اشتقاقه من إله بمعنى تحير لأنه سبحانه يحار فى شأنه العقول و الأفهام و أما أله كعبد وزنا و معنى فمشتق من الإله المشتق من إله بالكسر و كذا تأله و استأله اشتقاق استنوق و استحجر من الناقة و الحجر و قيل من أله إلى فلان أى سكن إليه لاطمئنان القلوب بذكره تعالى و سكون الأرواح إلى معرفته و قيل من أله إذا فزع من أمر نزل به و آلهه غيره إذا أجاره إذ العائذ به تعالى يفزع إليه و هو يجيره حقيقة أو فى زعمه و قيل أصله لاه على أنه مصدر من لاه يليه بمعنى احتجب و ارتفع أطلق على الفاعل مبالغة و قيل هو اسم علم للذات الجليل ابتداء و عليه مدار أمر التوحيد فى قولنا لا إله إلا اللّه و لا يخفى أن اختصاص الاسم الجليل بذاته سبحانه بحيث لا يمكن إطلاقه على غيره أصلا كاف فى ذلك و لا يقدح فيه كون ذلك الاختصاص بطريق الغلبة بعد أن كان اسم جنس فى الأصل و قيل هو وصف فى الأصل لكنه لما

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 11

غلب عليه بحيث لا يطلق على غيره أصلا صار كالعلم و يرده امتناع الوصف به و اعلم أن المراد بالمنكر فى كلمة التوحيد هو المعبود بالحق فمعناها لافراد من أفراد المعبود بالحق إلا ذلك المعبود بالحق و قيل أصله لاها بالسريانية فعرب بحذف الألف الثانية و إدخال الألف و اللام عليه و تفخيم لامه إذا لم ينكسر ما قبله سنة و قيل مطلقا و حذف ألفه لحن تفسد به الصلاة و لا ينعقد به صريح اليمين و قد جاء لضرورة الشعر فى قوله‏

[ ألا لا بارك اللّه فى سهيل‏

إذا ما اللّه بارك فى الرجال‏ ]

. و (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) صفتان مبنيتان من رحم بعد جعله لازما بمنزلة الغرائز بنقله إلى رحم بالضم كما هو المشهور و قد قيل إن الرحيم ليس بصفة مشبهة بل هى صيغة مبالغة نص عليه سيبويه فى قولهم هو رحيم فلانا و الرحمة فى اللغة رقة القلب و الانعطاف و منه الرحم لانعطافها على ما فيها و المراد ههنا التفضل و الإحسان و إرادتهما بطريق إطلاق اسم السبب بالنسبة إلينا على مسببه البعيد أو القريب فإن أسماء اللّه تعالى تؤخذ باعتبار الغايات التى هى أفعال دون المبادى‏ء التى هى انفعالات و الأول من الصفات الغالبة حيث لم يطلق على غيره تعالى و إنما امتنع صرفه إلحاقا له بالأغلب فى بابه من غير نظر إلى الاختصاص العارض فإنه كما حظر وجود فعلى حظر وجود فعلانة فاعتباره يوجب اجتماع الصرف و عدمه فلزم الرجوع إلى أصل هذه الكلمة قبل الاختصاص بأن تقاس إلى نظائرها من باب فعل يفعل فإذا كان كلها ممنوعة من الصرف لتحقق وجود فعلى فيها علم أن هذه الكلمة أيضا فى أصلها مما تحقق فيها وجود فعلى فتمنع من الصرف و فيه من المبالغة ما ليس فى الرحيم و لذلك قيل يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيم الدنيا و تقديمه مع كون القياس تأخيره رعاية لأسلوب الترقى إلى الأعلى كما فى قولهم فلان عالم نحرير و شجاع باسل و جواد فياض لأنه باختصاصه به عز و جل صار حقيقا بأن يكون قرينا للاسم الجليل الخاص به تعالى و لأن ما يدل على جلائل النعم و عظائمها و أصولها أحق بالتقديم مما يدل على دقائقها و فروعها و إفراد الوصفين الشريفين بالذكر لتحريك سلسلة الرحمة

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) الحمد هو النعت بالجميل على الجميل اختياريا كان أو مبدأ له على وجه يشعر ذلك بتوجيهه إلى المنعوت و بهذه الحيثية يمتاز عن المدح فإنه خال عنها يرشدك إلى ذلك ما نرى بينهما من الاختلاف فى كيفية التعلق بالمفعول فى قولك حمدته و مدحته فإن تعلق الثانى بمفعوله على منهاج تعلق عامة الأفعال بمفعولاتها و أما الأول فتعلقه بمفعوله منبى‏ء عن معنى الإنهاء كما فى قولك كلمته فإنه معرب عما يقيده لام التبليغ فى قولك قلت له و نظيره و شكرته و عبدته و خدمته فإن تعلق كل منها منبئ عن المعنى المذكور و تحقيقه أن مفعول كل فعل فى الحقيقة هو الحدث الصادر عن فاعله و لا يتصور فى كيفية تعلق الفعل به أى فعل كان اختلاف أصلا و أما المفعول به الذى هو محله و موقعه فلما كان تعلقه به و وقوعه عليه على أنحاء مختلفة حسبما يقتضيه خصوصيات الأفعال بحسب معانيها المختلفة فإن بعضها يقتضى أن يلابسه ملابسة تامة مؤثرة فيه كعامة الأفعال و بعضها يستدعى أن يلابسه أدنى ملابسة إما بالانتهاء إليه كالإعانة مثلا أو بالإبتداء منه كالإستعانة مثلا اعتبر فى كل نحو من أنحاء تعلقه به كيفية لائقة بذلك النحو مغايرة لما اعتبر فى النحوين الأخيرين فنظم القسم الأول من التعلق فى سلك التعلق بالمفعول الحقيقى مراعاة لقوة الملابسة و جعل كل واحد من القسمين الأخيرين‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 12

من قبيل التعلق بواسطة الجار المناسب له فإن قولك أعنته مشعر بانتهاء الإعانة إليه و قولك استعنته بابتدائها منه و قد يكون لفعل واحد مفعولان يتعلق بأحدهما على الكيفية الأولى و بالآخر على الثانية أو الثالثة كما فى قولك حدثنى الحديث و سألنى المال فإن التحديث مع كونه فعلا واحدا قد تعلق بك على الكيفية الثانية و بالحديث على الأولى و كذا السؤال فإنه فعل واحد و قد تعلق بك على الكيفية الثالثة و بالمال على الأولى و لا ريب فى أن اختلاف هذه الكيفيات الثلاث و تباينها و اختصاص كل من المفاعيل المذكورة بما نسب إليه منها مما لا يتصور فيه تردد و لا نكير و إن كان لا يتضح حق الاتضاح إلا عند الترجمة و التفسير و إن مدار ذلك الاختلاف ليس إلا اختلاف الفعل أو اختلاف المفعول و إذ لاختلاف فى مفعول الحمد و المدح تعين أن اختلافهما فى كيفية التعلق لاختلافهما فى المعنى قطعا هذا و قد قيل المدح مطلق عن قيد الإختيار يقال مدحت زيدا على حسنه و رشاقة قده و أيا ما كان فليس بينهما ترادف بل أخوة من جهة الاشتقاق الكبير و تناسب تام فى المعنى كالنصر و التأييد فإنهما متناسبان معنى من غير ترادف لما ترى بينهما من الاختلاف فى كيفية التعلق بالمفعول و إنما مرادف النصر الإعانة و مرادف التأييد التقوية فتدبر ثم إن ما ذكر من التفسير هو المشهور من معنى الحمد و اللائق بالإرادة فى مقام التعظيم و أما ما ذكر فى كتب اللغة من معنى الرضى مطلقا كما فى قوله تعالى‏ عَسى‏ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً و فى قولهم لهذا الأمر عاقبة حميدة و فى قول الأطباء بحران محمود مما لا يختص بالفاعل فضلا عن الإختيار فبمعزل عن استحقاق الإرادة ههنا استقلالا أو استتباعا بحمل الحمد على ما يعم المعنيين إذ ليس فى إثباته له عز و جل فائدة يعتد بها و أما الشكر فهو مقابلة النعمة بالثناء و آداب الجوارح و عقد القلب على وصف المنعم بنعت الكمال كما قال من قال‏

[ أفادتكم النعماء منى ثلاثة

يدى و لسانى و الضمير المحجبا

فإذن هو أعم منهما من جهة و أخص من أخرى و نقيضه الكفران و لما كان الحمد من بين شعب الشكر أدخل فى إشاعة النعمة و الاعتداد بشأنها و أدل على مكانها لما فى عمل القلب من الخفاء و فى أعمال الجوارح من الاحتمال جعل الحمد رأس الشكر و ملاكا لأمره فى قوله صلّى اللّه عليه و سلم الحمد رأس الشكر ما شكر اللّه عبد لم يحمده و ارتفاعه بالابتداء و خبره الظرف و أصله النصب كما هو شأن المصادر المنصوبة بأفعالها المضمرة التى لا تكاد تستعمل معها نحو شكرا و عجبا كأنه قيل نحمد اللّه حمدا بنون الحكاية ليوافق ما فى قوله تعالى‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لاتحاد الفاعل فى الكل و أما ما قيل من أنه بيان لحمدهم له تعالى كأنه قيل كيف تحمدون فقيل إياك نعبد فمع أنه لا حاجة إليه مما لا صحة له فى نفسه فإن السؤال المقدر لابد أن يكون بحيث يقتضيه انتظام الكلام و ينساق إليه الأذهان و الأفهام و لا ريب فى أن الحامد بعد ما ساق حمده تعالى على تلك الكيفية اللائقة لا يخطر ببال أحد أن يسأل عن كيفيته على أن ما قدر من السؤال غير مطابق للجواب فإنه مسوق لتعيين المعبود لا لبيان العبادة حتى يتوهم كونه بيانا لكيفية حمدهم و الاعتذار بأن المعنى نخصك بالعبادة و به يتبين كيفية الحمد تعكيس للأمر و تمحل لتوفيق المنزل المقرر بالموهوم المقدر و بعد اللتيا و التى أن فرض السؤال من جهته عز و جل فأتت نكتت الإلتفات التى أجمع عليها السلف و الخلف و إن فرض من جهة الغير يختل النظام لابتناء الجواب على خطابه تعالى‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 13

و بهذا يتضح فساد ما قيل أنه استئناف جوابا لسؤال يقتضيه إجراء تلك الصفات العظام على الموصوف بها فكأنه قيل ما شأنكم معه و كيف توجهكم إليه فأجيب بحصر العبادة و الاستعانة فيه فإن تناسى جانب السائل بالكلية و بناء الجواب على خطابه عز و علا مما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله و الحق الذى لا محيد عنه أنه استئناف صدر عن الحامد بمحض ملاحظة اتصافه تعالى بما ذكر من النعوت الجليلة الموجبة للإقبال الكلى عليه من غير أن يتوسط هناك شى‏ء آخر كما ستحيط به خبرا و إيثار الرفع على النصب الذى هو الأصل للإيذان بأن ثبوت الحمد له تعالى لذاته لا لإثبات مثبت و أن ذلك أمر دائم مستمر لا حادث متجدد كما تفيده قراءة النصب و هو السر فى كون تحية الخليل للملائكة عليهم التحية و السلام أحسن من تحيتهم له فى قوله تعالى‏ قالُوا سَلاماً* قال سلام و تعريفه للجنس و معناه الإشارة إلى الحقيقة من حيث هى حاضرة فى ذهن السامع و المراد تخصيص حقيقة الحمد به تعالى المستدعى لتخصيص جميع أفرادها به سبحانه على الطريق البرهانى لكن لا بناء على أن أفعال العباد مخلوقة له تعالى فتكون الأفراد الواقعة بمقابلة ما صدر عنهم من الأفعال الجميلة راجعة إليه تعالى بل بناء على تنزيل تلك الأفراد و دواعيها فى المقام الخطابى منزلة العدم كيفا و كما و قد قيل للإستغراق الحاصل بالقصد إلى الحقيقة من حيث تحققها فى ضمن جميع افرادها حسبما يقتضيه المقام و قرى‏ء الحمد للّه بكسر الدال اتباعا لها باللام و بضم اللام اتباعا لها بالدال بناء على تنزيل الكلمتين لكثرة استعمالهما مقترنتين منزلة كلمة واحدة مثل المغيرة و منحدر الجبل.

(رَبِّ الْعالَمِينَ) بالجر على أنه صفة للّه فإن إضافته حقيقية مفيدة للتعريف على كل حال ضرورة تعين إرادة الاستمرار و قرى‏ء منصوبا على المدح أو بما دل عليه الجملة السابقة كأنه قيل نحمد اللّه رب العالمين و لا مساغ لنصبه بالحمد لقلة أعمال المصدر المحلى باللام و للزوم الفصل بين العامل و المعمول بالخبر و الرب فى الأصل مصدر بمعنى التربية و هى تبليغ الشى‏ء إلى كماله شيئا فشيئا وصف به الفاعل مبالغة كالعدل و قيل صفة مشبهة من ربه يربه مثل نمه ينمه بعد جعله لازما بنقله إلى فعل بالضم كما هو المشهور سمى به المالك لأنه يحفظ ما يملكه و يربيه و لا يطلق على غيره تعالى إلا مقيد كرب الدار و رب الدابة و منه قوله تعالى‏ فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً و قوله تعالى‏ ارْجِعْ إِلى‏ رَبِّكَ‏ و ما فى الصحيحين من أنه صلّى اللّه عليه و سلم قال لا يقل أحدكم أطعم ربك و ضى‏ء ربك و لا يقل أحدكم ربى و ليقل سيدى و مولاى فقد قيل إن النهى فيه للتنزيه و أما الأرباب فحيث لم يكن إطلاقه على اللّه سبحانه جاز فى إطلاقه الإطلاق و التقييد كما فى قوله تعالى‏ أَ أَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ الآية و العالم اسم لما يعلم به كالخاتم و القالب غلب فيما يعلم به الصانع تعالى من المصنوعات أى فى القدر المشترك بين أجناسها و بين مجموعها فإنه كما يطلق على كل جنس جنس منها فى قولهم عالم الأفلاك و عالم العناصر و عالم النبات و عالم الحيوان إلى غير ذلك يطلق على المجموع أيضا كما فى قولنا العالم بجميع أجزائه محدث و قيل هو اسم لأولى العلم من الملائكة و الثقلين و تناوله لما سواهم بطريق الاستتباع و قيل أريد به الناس فقط فإن كل واحد منهم من حيث اشتماله على نظائر ما فى العالم الكبير من الجواهر و الأعراض يعلم بها الصانع كما يعلم بما فيه عالم على حياله و لذلك أمر بالنظر فى الأنفس كالنظر فى الآفاق فقيل‏ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ‏ و الأول هو الأحق الأظهر و إيثار صيغة الجمع لبيان شمول ربوبيته تعالى لجميع‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 14

صفحه بعد