کتابخانه تفاسیر
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 835
[سورة العنكبوت (29): الآيات 50 الى 60]
(50) وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ كما أنزل على من قبله من الأنبياء قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ إذا شاء أرسلها، و ليست بيدي.
(51) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً يشهد على صدقي و على تكذيبكم. و قوله:
(55) وَ يَقُولُ: ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: جزاءه من العذاب.
(56) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ نزلت في حثّ من كانوا بمكّة لا يقدرون على إظهار دينهم على الهجرة.
(57) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ أينما كانت، فلا تقيموا بدار الشّرك. و قوله:
(58) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً أي: و لننزلنّهم منها قصورا.
(60) وَ كَأَيِّنْ و كم مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا فتخبئه لغد اللَّهُ يَرْزُقُها يوما بيوم وَ إِيَّاكُمْ و ذلك أنّ الذين كانوا بمكّة من المؤمنين إذا قيل لهم اخرجوا إلى
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 836
[سورة العنكبوت (29): الآيات 61 الى 67]
المدينة قالوا: فمن يطعمنا بها، و لا مال لنا هناك، فأنزل اللّه تعالى: اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ.
(63) وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على إنزاله الماء لإحياء الأرض بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ العقل الذي يعرفون به الحقّ من الباطل.
(64) وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ لنفادها عن قريب وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ الحياة الدّائمة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أنّها كذلك، و لكنّهم لا يعلمون.
(65) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ و خافوا الغرق دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ.
(66) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ أي: ليجحدوا بما أنعمنا عليهم من إنجائهم، و الظّاهر أنّ هذا لام الأمر، أمر التّهديد، و يدلّ عليه قوله تعالى: وَ لِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .
(67) أَ وَ لَمْ يَرَوْا يعني: أهل مكّة أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ذا أمن لا يغار على أهله وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ بالقتل و النّهب و السّبي أَ فَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ يعني: الأصنام وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يعني: محمدا صلّى اللّه عليه و سلم و القرآن يَكْفُرُونَ .
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 837
[سورة العنكبوت (29): الآيات 68 الى 69]
(69) وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا أعداء الدّين و الكفّار لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا سبل الشّهادة و المغفرة. و قيل: من اجتهد في عمل للّه زاده اللّه تعالى هدى على هدايته وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ بنصره إيّاهم.
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 838
سورة الرّوم
[مكية، ستون آية] «1»
[سورة الروم (30): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(1) الم .
(2) غُلِبَتِ الرُّومُ غلبتها فارس فِي أَدْنَى الْأَرْضِ أدنى أرض الشّام من أرض العرب و فارس، و هي أذرعات و عسكر. وَ هُمْ و الرّوم مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ غلبة فارس إيّاهم سَيَغْلِبُونَ فارس،
(4) فِي بِضْعِ سِنِينَ البضع: ما بين الثّلاث إلى التّسع. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ من قبل أن تغلب الرّوم وَ مِنْ بَعْدُ ما غلبت. وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ يوم تغلب الرّوم فارس يفرح المؤمنون بِنَصْرِ اللَّهِ الرّوم؛ لأنّهم أهل كتاب، فهم أقرب إلى المؤمنين، و فارس مجوس فكانوا أقرب إلى المشركين، فالمؤمنون يفرحون بنصر اللّه الرّوم على فارس، و المشركون يحزنون لذلك «2» .
(1) زيادة من ظا.
(2) عن أبي سعيد الخدريّ قال: لما كان يوم بدر ظهرت الرّوم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت الم* غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ، وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ، وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. أخرجه الترمذي في التفسير برقم 3190؛ و فيه عطية العوفي، و هو صدوق يخطىء كثيرا.
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 839
[سورة الروم (30): الآيات 4 الى 12]
(6) وَعْدَ اللَّهِ وعد ذلك وعدا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعني: مشركي مكّة لا يَعْلَمُونَ ذلك، ثمّ بيّن مقدار ما يعلمون فقال:
(7) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني: أمر معاشهم، و ذلك أنّهم كانوا أهل تجارة و تكسّب بها.
(8) أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ فيعلموا ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ أي: للحقّ، و هو الدّلالة على توحيده و قدرته وَ أَجَلٍ مُسَمًّى و وقت معلوم تفنى عنده. يعني: يوم القيامة. و قوله:
(9) وَ أَثارُوا الْأَرْضَ أي: قلبوها للزّراعة وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها يعني: إنّ الذين أهلكوا من الأمم الخالية كانوا أكثر حرثا و عمارة من أهل مكّة.
(10) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا أشركوا السُّواى النّار أَنْ كَذَّبُوا بأن كذّبوا.
و قوله:
(12) يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ أي: يسكتون لانقطاع حجّتهم، و ليأسهم من الرّحمة.
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 840
[سورة الروم (30): الآيات 13 الى 22]
(13) وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ أوثانهم التي عبدوها رجاء الشّفاعة شُفَعاءُ وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ قالوا: ما عبدتمونا. و قوله:
(14) يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ يعني: المؤمنين و الكافرين، ثمّ بيّن كيف ذلك التّفرّق فقال:
(15) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ أي: يسمعون في الجنّة.
(17) فَسُبْحانَ اللَّهِ فصلّوا للّه سبحانه حِينَ تُمْسُونَ يعني: صلاة المغرب و العشاء الآخرة وَ حِينَ تُصْبِحُونَ صلاة الفجر «و عشيا» يعني: صلاة العصر وَ حِينَ تُظْهِرُونَ يعني: صلاة الظّهر.
(20) وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ يعني: أباكم آدم ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ يعني: ذريته.
(21) وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً يعني: الألفة بين الزّوجين.
(22) وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ و أنتم بنو رجل واحد، و امرأة واحدة.
الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج2، ص: 841
[سورة الروم (30): الآيات 23 الى 27]
(23) وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي: اللّيل لتناموا فيه، و النّهار لتبتغوا فيه من فضله.
(24) وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً للمسافر وَ طَمَعاً للحاضر. و قوله:
(25) ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ثم إذا دعاكم دعوة، إذا أنتم تخرجون من الأرض، هكذا تقدير الآية على التّقديم و التأخير. و قوله:
(26) كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ أي: مطيعون، لا طاعة العبادة و لكن طاعة الإرادة، خلقهم على ما أراد فكانوا على ما أراد، لا يقدر أحد أن يتغيّر عمّا خلق عليه. و قوله:
(27) وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أي: هيّن عليه. و قيل: هو أهون عليه عندكم و فيما بينكم؛ لأنّ الإعادة عندنا أيسر من الابتداء وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى الصّفة العليا، و هو أنّه لا إله إلّا هو و لا ربّ غيره.