کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 166
و الأرض نسب إلى جميعهم كما يسند فعل البعض إلى الكل، و الإضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم، و قيل الأول إضراب عن نفي الشعور بوقت القيامة عنهم إلى وصفهم باستحكام علمهم في أمر الآخرة تهكما بهم، و قيل أدرك بمعنى انتهى و اضمحل من قولهم أدركت الثمرة لأن تلك غايتها الّتي عندها تعدم. و قرأ نافع و ابن عامر و حمزة و الكسائي و حفص بَلِ ادَّارَكَ بمعنى تتابع حتى استحكم، أو تتابع حتى انقطع من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك، و أبو بكر «ادّرك» و أصلهما تفاعل و افتعل. و قرئ «أأدرك» و «أم أدرك» بهمزتين «و ءاأدرك» بألف بينهما و «بل أدرك» و «بل تدارك» و «بلى أأدرك» و «بلى أأدرك» و «أم أدرك» و «أم تدارك»، و ما فيه استفهام صريح أو مضمن من ذلك فإنكار و ما فيه بلى فإثبات لشعورهم و تفسير له بالإدراك على التهكم، و ما بعده إضراب عن التفسير مبالغة في نفيه و دلالة على أن شعورهم بها أنهم شاكون فيها بَلِ إنهم مِنْها عَمُونَ أو رد و إنكار لشعورهم.
[سورة النمل (27): الآيات 67 الى 68]
وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ إِذا كُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ كالبيان لعمههم و العامل في إذا ما دل عليه أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ ، و هو نخرج لا مخرجون لأن كلا من الهمزة و إن و اللام مانعة من عمله فيما قبلها، و تكرير الهمزة للمبالغة في الإنكار، و المراد بالإخراج الإخراج من الأجداث أو من حال الفناء إلى الحياة، و قرأ نافع «إذا كنا» بهمزة واحدة مكسورة، و قرأ ابن عامر و الكسائي «إننا لمخرجون» بنونين على الخبر.
لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ من قبل وعد محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم، و تقديم هذا على نحن لأن المقصود بالذكر هو البعث و حيث أخر فالمقصود به المبعوث. إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ الّتي هي كالأسمار.
[سورة النمل (27): الآيات 69 الى 70]
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ تهديد لهم على التكذيب و تخويف بأن ينزل بهم مثل ما نزل بالمكذبين قبلهم، و التعبير عنهم ب الْمُجْرِمِينَ ليكون لطفا بالمؤمنين في ترك الجرائم.
وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ على تكذبيهم و إعراضهم. وَ لا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ في حرج صدر، و قرأ ابن كثير بكسر الضاد و هما لغتان، و قرئ ضيق أي أمر ضيق. مِمَّا يَمْكُرُونَ من مكرهم فإن اللّه يعصمك من الناس.
[سورة النمل (27): الآيات 71 الى 72]
وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ العذاب الموعود. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ .
قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ تبعكم و لحقكم، و اللام مزيدة للتأكيد أو الفعل مضمن معنى فعل يتعدى باللام مثل دنا. و قرئ بالفتح و هو لغة فيه. بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ حلوله و هو عذاب يوم بدر، و عسى و لعل و سوف في مواعيد الملوك كالجزم بها و إنما يطلقونها إظهارا لوقارهم و إشعارا بأن الرمز منهم كالتصريح من غيرهم و عليه جرى وعد اللّه تعالى و وعيده.
[سورة النمل (27): الآيات 73 الى 75]
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 167
وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ لتأخير عقوبتهم على المعاصي، و الفضل و الفاضلة الأفضال و جمعها فضول و فواضل. وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ لا يعرفون حق النعمة فيه فلا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم وقوعه.
وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ما تخفيه و قرئ بفتح التاء من كننت أي سترت. وَ ما يُعْلِنُونَ من عداوتك فيجازيهم عليه.
وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ خافية فيهما، و هما من الصفات الغالبة و التاء فيهما للمبالغة كما في الراوية، أو اسمان لما يغيب و يخفى كالتاء في عافية و عاقبة. إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ بين أو مُبِينٍ ما فيه لما يطالعه، و المراد اللوح أو القضاء على الاستعارة.
[سورة النمل (27): الآيات 76 الى 78]
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ كالتشبيه و التنزيه و أحوال الجنة و النار و عزير و المسيح.
وَ إِنَّهُ لَهُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فإنهم المنتفعون به.
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بين بني إسرائيل. بِحُكْمِهِ بما يحكم به و هو الحق، بحكمته و يدل عليه أنه قرئ بحكمه. وَ هُوَ الْعَزِيزُ فلا يرد قضاؤه. الْعَلِيمُ بحقيقة ما يقضي فيه، و حكمه.
[سورة النمل (27): الآيات 79 الى 81]
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ و لا تبال بمعاداتهم. إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ و صاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ اللّه و نصره.
إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى تعليل آخر للأمر بالتوكل من حيث إنه يقطع طعمه عن مشايعتهم و معاضدتهم رأسا، و إنما شبهوا بالموتى لعدم انتفاعهم باستماع ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في قوله: وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ فإن إسماعهم في هذه الحالة أبعد. و قرأ ابن كثير وَ لا يَسْمَعُ الصُّمُ .
وَ ما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ حيث الهداية لا تحصل إلا بالبصر. و قرأ حمزة وحده «و ما أنت تهدي العمي». إِنْ تُسْمِعُ أي ما يجدي إسماعك. إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا من هو في علم اللّه كذلك.
فَهُمْ مُسْلِمُونَ مخلصون من أسلم وجهة للّه.
[سورة النمل (27): آية 82]
وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ إذا دنا وقوع معناه و هو ما وعدوا به من البعث و العذاب. أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ و هي الجساسة روي أن طولها ستون ذراعا و لها أربع قوائم و زغب و ريش و جناحان، لا يفوتها
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 168
هارب و لا يدركها طالب. و
روي أنه عليه الصلاة و السلام سئل من أين مخرجها فقال: من أعظم المساجد حرمة على اللّه، يعني المسجد الحرام.
تُكَلِّمُهُمْ من الكلام، و قيل من الكلم إذ قرئ «تكلمهم». و
روي أنها تخرج و معها عصا موسى و خاتم سليمان عليهما الصلاة و السلام، فتنكت بالعصا في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فيبيض وجهه، و بالخاتم في أنف الكافر نكتة سوداء فيسود وجهه.
أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا خروجها و سائر أحوالها فإنها من آيات اللّه تعالى، و قيل القرآن، و قرأ الكوفيون أن الناس بالفتح. لا يُوقِنُونَ لا يتيقنون، و هو حكاية معنى قولها أو حكايتها لقول اللّه عز و جل أو علة خروجها، أو تكلمها على حذف الجار.
[سورة النمل (27): الآيات 83 الى 85]
وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً يعني يوم القيامة. مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا بيان للفوج أي فوجا مكذبين، و مِنْ الأولى للتبعيض لأن أمة كل نبي و أهل كل قرن شامل للمصدقين و المكذبين. فَهُمْ يُوزَعُونَ يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا، و هو عبارة عن كثرة عددهم و تباعد أطرافهم.
حَتَّى إِذا جاؤُ إلى المحشر. قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً الواو للحال أي أ كذبتم بها بادئ الرأي غير ناظرين فيها نظرا يحيط علمكم بكنهها و أنها حقيقة بالتصديق أو التكذيب، أو للعطف أي أجمعتم بين التكذيب بها و عدم إلقاء الأذهان لتحققها. أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أم أي شيء كنتم تعملونه بعد ذلك، و هو للتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب من الجهل فلا يقدرون أن يقولوا فعلنا غير ذلك.
وَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ حل بهم العذاب الموعود و هو كبهم في النار بعد ذلك. بِما ظَلَمُوا بسبب ظلمهم و هو التكذيب بآيات اللّه. فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ باعتذار لشغلهم بالعذاب.
[سورة النمل (27): آية 86]
أَ لَمْ يَرَوْا ليتحقق لهم التوحيد و يرشدهم إلى تجويز الحشر و بعثة الرسل، لأن تعاقب النور و الظلمة على وجه مخصوص غير متعين بذاته لا يكون إلا بقدرة قاهر، و أن من قدر على إبدال الظلمة بالنور في مادة واحدة قدر على إبدال الموت بالحياة في مواد الأبدان، و أن من جعل النهار ليبصروا فيه سببا من أسباب معاشهم لعله لا يخل بما هو مناط جميع مصالحهم في معاشهم و معادهم. أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ بالنوم و القرار. وَ النَّهارَ مُبْصِراً فإن أصله ليبصروا فيه فبولغ فيه بجعل الإبصار حالا من أحواله المجعول عليها بحيث لا ينفك عنها. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لدلالتها على الأمور الثلاثة.
[سورة النمل (27): آية 87]
وَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ في الصور أو القرن، و قيل إنه تمثيل لانبعاث الموتى بانبعاث الجيش إذا نفخ في البوق. فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ من الهول و عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه. إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ أن لا يفزع بأن يثبت قلبه. قيل هم جبريل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل، و قيل الحور و الخزنة و حملة العرش، و قيل الشهداء، و قيل موسى عليه الصلاة و السلام لأنه صعق مرة و لعل المراد ما يعم ذلك.
وَ كُلٌّ أَتَوْهُ حاضرون الموقف بعد النفخة الثانية، أو راجعون إلى أمره و قرأ حمزة و حفص أَتَوْهُ على
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 169
الفعل، و قرئ «أتاه» على التوحيد للفظ الكل. داخِرِينَ صاغرين و قرئ «دخرين».
[سورة النمل (27): آية 88]
وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً ثابتة في مكانها. وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ في السرعة، و ذلك لأن الأجرام الكبار إذا تحركت في سمت واحد لا تكاد تبين حركتها. صُنْعَ اللَّهِ مصدر مؤكد لنفسه و هو لمضمون الجملة المتقدمة كقوله وَعَدَ اللَّهُ* . الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أحكم خلقه و سواه على ما ينبغي. إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ عالم بظواهر الأفعال و بواطنها فيجازيكم عليها كما قال:
[سورة النمل (27): الآيات 89 الى 90]
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها إذ ثبت له الشريف بالخسيس و الباقي بالفاني و سبعمائة بواحدة، و قيل خَيْرٌ مِنْها أي خير حاصل من جهتها و هو الجنة، و قرأ ابن كثير و أبو عمر و هشام خبير بما يفعلون بالياء و الباقون بالتاء. وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ يعني به خوف عذاب يوم القيامة، و بالأول ما يلحق الإنسان من التهيب لما يرى من الأهوال و العظائم و لذلك يعم الكافر و المؤمن، و قرأ الكوفيون بالتنوين لأن المراد فزع واحد من أفزاع ذلك اليوم، و آمن يتعدى بالجار و بنفسه كقوله أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ* . و قرأ الكوفيون و نافع يَوْمَئِذٍ بفتح الميم و الباقون بكسرها.
وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ قيل بالشرك. فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ فكبوا فيها على وجوههم، و يجوز أن يراد بالوجوه أنفسهم كما أريدت بالأيدي في قوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ* . هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ على الالتفات أو بإضمار القول أي قيل لهم ذلك.
[سورة النمل (27): الآيات 91 الى 92]
إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها أمر الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم بأن يقول لهم ذلك بعد ما بين المبدأ و المعاد و شرح أحوال القيامة، إشعارا بأنه قد أتم الدعوة و قد كملت و ما عليه بعد إلا الاشتغال بشأنه و الاستغراق في عبادة ربه، و تخصيص مكة بهذه الإضافة تشريف لها و تعظيم لشأنها و قرئ «الّتي حرمها».
وَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ خلقا و ملكا. وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ المنقادين أو الثابتين على ملة الإسلام.
وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ و أن أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئا فشيئا، أو اتباعه و قرئ «و اتل عليهم» «و أن اتل». فَمَنِ اهْتَدى باتباعه إياي في ذلك، فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ فإن منافعه عائدة إليه.
وَ مَنْ ضَلَ بمخالفتي. فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ فلا علي من وبال ضلاله شيء إذ ما على الرسول إلا البلاغ و قد بلغت.
[سورة النمل (27): آية 93]
وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على نعمة النبوة أو على ما علمني و وفقني للعمل به. سَيُرِيكُمْ آياتِهِ القاهرة في
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 170
الدنيا كوقعة بدر و خروج دابة الأرض، أو في الآخرة. فَتَعْرِفُونَها أنها آيات اللّه و لكن حين لا تنفعكم المعرفة. وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ فلا تحسبوا أن تأخير عذابكم لغفلته عن أعمالكم، و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و حمزة و الكسائي بالياء.
عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «من قرأ سورة طس كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان و كذب به و هودا و صالحا و إبراهيم و شعيبا، و يخرج من قبره و هو ينادي لا إله إلا اللّه».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 171
(28) سورة القصص
مكية و قيل إلا قوله تعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) إلى قوله (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) و هي ثمان و ثمانون آية
[سورة القصص (28): الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طسم .
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ .
نَتْلُوا عَلَيْكَ نقرؤه بقراءة جبريل، و يجوز أن يكون بمعنى ننزله مجازا. مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بعض نبئهما مفعول نَتْلُوا . بِالْحَقِ محقين. لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لأنهم المنتفعون به.
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ استئناف «مبين» لذلك البعض، و الأرض أرض مصر. وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً فرقا يشيعونه فيما يريد، أو يشيع بعضهم بعضا في طاعته أو أصنافا في استخدامه استعمل كل صنف في عمل، أو أحزابا بأن أغرى بينهم العداوة كي لا يتفقوا عليه. يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ و هم بنو إسرائيل، و الجملة حال من فاعل جَعَلَ أو صفة ل شِيَعاً أو استئناف، و قوله: يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ بدل منها، كان ذلك لأن كاهنا قال له يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده، و ذلك كان من غاية حمقه فإنه لو صدق لم يندفع بالقتل و إن كذب فما وجهه. إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء لتخيل فاسد.
[سورة القصص (28): الآيات 5 الى 6]
وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ أن نتفضل عليهم بإنقاذهم من بأسه، وَ نُرِيدُ حكاية حال ماضية معطوفة على إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ من حيث إنهما واقعان تفسيرا لل نَبَإِ ، أو حال من يَسْتَضْعِفُ و لا يلزم من مقارنة الإرادة للاستضعاف مقارنة المراد له، لجواز أن يكون تعلق الإرادة به حينئذ تعلقا استقباليا مع أن منة اللّه بخلاصهم لما كانت قريبة الوقوع منه جاز أن تجري مجرى المقارن. وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً مقدمين في أمر الدين. وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ لما كان في ملك فرعون و قومه.
وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أرض مصر و الشام، و أصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يتمكن فيه ثم استعير للتسليط و إطلاق الأمر. وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ من بني إسرائيل. ما كانُوا يَحْذَرُونَ من ذهاب ملكهم و هلاكهم على يد مولود منهم. و قرأ حمزة و الكسائي و يرى بالياء و فِرْعَوْنَ وَ هامانَ
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج4، ص: 172
وَ جُنُودَهُما بالرفع.
[سورة القصص (28): الآيات 7 الى 8]
وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى بإلهام أو رؤيا. أَنْ أَرْضِعِيهِ ما أمكنك إخفاؤه. فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ بأن يحس به. فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ في البحر يريد النيل. وَ لا تَخافِي عليه ضيعة و لا شدة. وَ لا تَحْزَنِي لفراقه.
إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ عن قريب بحيث تأمنين عليه. وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
روي أنها لما ضربها الطلق دعت قابلة من الموكلات بحبالى بني إسرائيل فعالجتها، فلما وقع موسى على الأرض هالها نور بين عينيه و ارتعشت مفاصلها و دخل حبه في قلبها بحيث منعها من السعاية، فأرضعته ثلاثة أشهر ثم ألح فرعون في طلب المواليد و اجتهد العيون في تفحصها فأخذت له تابوتا فقذفته في النيل.
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً تعليل لالتقاطهم إياه بما هو عاقبته و مؤداه تشبيها له بالغرض الحامل عليه. و قرأ حمزة و الكسائي وَ حَزَناً . إِنَّ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ في كل شيء فليس ببدع منهم أن قتلوا ألوفا لأجله ثم أخذوه يربونه ليكبر و يفعل بهم ما كانوا يحذرون، أو مذنبين فعاقبهم اللّه تعالى بأن ربي عدوهم على أيديهم، فالجملة اعتراض لتأكيد خطئهم أو لبيان الموجب لما ابتلوا به، و قرئ «خاطين» تخفيف خاطِئِينَ أو «خاطين» الصواب إلى الخطأ.
[سورة القصص (28): آية 9]
وَ قالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ أي لفرعون حين أخرجته من التابوت. قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ هو قرة عين لنا لأنهما لما رأياه أخرج من التابوت أحباه، أو لأنه كانت له ابنة برصاء و عالجها الأطباء بريق حيوان بحري يشبه الإنسان فلطخت برصها بريقه فبرئت، و
في الحديث أنه قال : لك لا لي.
و لو قال هو لي كما هو لك لهداه اللّه كما هداها. لا تَقْتُلُوهُ خطاب بلفظ الجمع للتعظيم. عَسى أَنْ يَنْفَعَنا فإن فيه مخايل اليمن و دلائل النفع، و ذلك لما رأت من نور بين عينيه و ارتضاعه إبهامه لبنا و برء البرصاء بريقه. أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أو نتبناه فإنه أهل له. وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ حال من الملتقطين أو من القائلة و المقول له أي و هم لا يشعرون أنهم على الخطأ في التقاطه أو في طمع النفع منه و التبني له، أو من أحد ضميري نتخذه على أن الضمير للناس أي وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أنه لغيرنا و قد تبنيناه.
[سورة القصص (28): الآيات 10 الى 11]
وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً صفرا من العقل لما دهمها من الخوف و الحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون كقوله تعالى: وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ أي خلاء لا عقول فيها، و يؤيده أنه قرئ «فرغا» من قولهم دماؤهم بينهم فرغ أي هدر، أو من الهم لفرط وثوقها بوعد اللّه تعالى أو سماعها أن فرعون عطف عليه و تبناه. إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ أنها كادت لتظهر بموسى أي بأمره و قصته من فرط الضجر أو الفرح لتبنيه.