کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 18
نظم سائر القصص و لا قوله:
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ إذ الظاهر أن الضمير لإلياس.
[سورة الصافات (37): الآيات 133 الى 138]
وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (138)
وَ إِنَّكُمْ يا أهل مكة. لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ على منازلهم في متاجركم إلى الشأم فإن سدوم في طريقه.
مُصْبِحِينَ داخلين في الصباح.
وَ بِاللَّيْلِ أي و مساء أو نهارا و ليلا، و لعلها وقعت قريب منزل يمر بها المرتحل عنه صباحا و القاصد لها مساء. أَ فَلا تَعْقِلُونَ أ فليس فيكم عقل تعتبرون به.
[سورة الصافات (37): الآيات 139 الى 144]
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)
وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ و قرئ بكسر النون.
إِذْ أَبَقَ هرب، و أصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه حسن إطلاقه عليه.
إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ المملوء.
فَساهَمَ فقارع أهله. فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فصار من المغلوبين بالقرعة، و أصله المزلق عن مقام الظفر.
روي أنه لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره اللّه، فركب السفينة فوقفت فقالوا: ها هنا عبد آبق فاقترعوا فخرجت القرعة عليه، فقال أنا الآبق و رمى بنفسه في الماء.
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فابتلعه من اللقمة. وَ هُوَ مُلِيمٌ داخل في الملامة، أو آت بما يلام عليها أو مليم نفسه، و قرئ بالفتح مبنيا من ليم كمشيب في مشوب.
فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ الذاكرين اللّه كثيرا بالتسبيح مدة عمره، أو في بطن الحوت و هو قوله لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ و قيل من المصلين.
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ حيا و قيل ميتا، و فيه حث على إكثار الذكر و تعظيم لشأنه، و من أقبل عليه في السراء أخذ بيده عند الضراء.
[سورة الصافات (37): الآيات 145 الى 148]
فَنَبَذْناهُ بأن حملنا الحوت على لفظه. بِالْعَراءِ بالمكان الخالي عما يغطيه من شجر أو نبت.
روي أن الحوت سار مع السفينة رافعا رأسه يتنفس فيه يونس و يسبح حتى انتهوا إلى البر فلفظه
، و اختلف في مدة لبثه فقيل بعض يوم و قيل ثلاثة أيام و قيل سبعة، و قيل عشرون و قيل أربعون. وَ هُوَ سَقِيمٌ مما ناله قيل صار بدنه كبدن الطفل حين يولد.
وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ أي فوقه مظلة عليه. شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ من شجر ينبسط على وجه الأرض و لا يقوم
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 19
على ساقه، يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به، و الأكثر على أنها كانت الدباء غطته بأوراقها عن الذباب فإنه لا يقع عليه، و يدل عليه أنه
قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: إنك لتحب القرع، قال: «أجل هي شجرة أخي يونس».
و قيل التين و قيل الموز تغطى بورقه و استظل بأغصانه و أفطر على ثماره.
وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ هم قومه الذين هرب عنهم و هم أهل نينوى، و المراد به ما سبق من إرساله أو إرسال ثان إليهم أو إلى غيرهم. أَوْ يَزِيدُونَ في مرأى الناظر أي إذا نظر إليهم، قال هم مائة ألف أو يزيدون و المراد الوصف بالكثرة و قرئ بالواو.
فَآمَنُوا فصدقوه أو فجددوا الإيمان به بمحضره. فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ إلى أجلهم المسمى، و لعله إنما لم يختم قصته و قصة لوط بما ختم به سائر القصص تفرقة بينهما و بين أرباب الشرائع الكبر و أولي العزم من الرسل، أو اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين في آخر السورة.
[سورة الصافات (37): الآيات 149 الى 152]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ معطوف على مثله، في أول السورة أمر رسوله أولا باستفتاء قريش عن وجه إنكارهم البعث، و ساق الكلام في تقريره جارا لما يلائمه من القصص موصولا بعضها ببعض، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة حيث جعلوا للّه البنات و لأنفسهم البنين في قولهم: الملائكة بنات اللّه، و هؤلاء زادوا على الشرك ضلالات أخر، التجسيم و تجويز الفناء على اللّه تعالى، فإن الولادة مخصوصة بالأجسام الكائنة الفاسدة، و تفضيل أنفسهم عليه حيث جعلوا أوضع الجنسين له و أرفعهما لهم، و استهانتهم بالملائكة حيث أنثوهم و لذلك كرر اللّه تعالى إنكار ذلك و إبطاله في كتابه مرارا، و جعله مما تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ، و الإنكار ها هنا مقصور على الأخيرين لاختصاص هذه الطائفة بهما، أو لأن فسادهما مما تدركه العامة بمقتضى طباعهم حيث جعل المعادل للاستفهام عن التقسيم.
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ و إنما خص علم المشاهدة لأن أمثال ذلك لا تعلم إلا بها، فإن الأنوثة ليست من لوازم ذاتهم لتمكن معرفته بالعقل الصرف مع ما فيه من الاستهزاء، و الإشعار بأنهم لفرط جهلهم يبتون به كأنهم قد شاهدوا خلقهم.
أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ لعدم ما يقتضيه و قيام ما ينفيه. وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما يتدينون به، و قرئ «ولد اللّه» أي الملائكة ولده، فعل بمعنى مفعول يستوي فيه الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث.
[سورة الصافات (37): الآيات 153 الى 157]
أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ استفهام إنكار و استبعاد، و الاصطفاء أخذ صفوة الشيء، و عن نافع كسر الهمزة على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم بعدها عليها أو على الإثبات بإضمار القول أي: لكاذبون في قولهم اصطفى، أو إبداله من وَلَدَ اللَّهُ .
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ بما لا يرتضيه عقل.
أَ فَلا تَذَكَّرُونَ أنه منزه عن ذلك.
أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 20
فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ الذي أنزل عليكم. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم.
[سورة الصافات (37): الآيات 158 الى 160]
وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يعني الملائكة ذكرهم باسم جنسهم وضعا منهم أن يبلغوا هذه المرتبة، و قيل قالوا إن اللّه تعالى صاهر الجن فخرجت الملائكة، و قيل قالوا اللّه و الشياطين إخوان. وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ إن الكفرة أو الإنس و الجن إن فسرت بغير الملائكة لَمُحْضَرُونَ في العذاب.
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ من الولد و النسب.
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء من المحضرين منقطع، أو متصل إن فسر الضمير بما يعمهم و ما بينهما اعتراض أو من يَصِفُونَ .
[سورة الصافات (37): الآيات 161 الى 163]
فَإِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ عود إلى خطابهم.
ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ على اللّه. بِفاتِنِينَ مفسدين الناس بالإغواء.
إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ إلّا من سبق في علمه أنه من أهل النار و يصلاها لا محالة، و أَنْتُمْ ضمير لهم و لآلهتهم غلب فيه المخاطب على الغائب، و يجوز أن يكون وَ ما تَعْبُدُونَ لما فيه من معنى المقارنة سادا مسد الخبر أي إنكم و آلهتكم قرناء لا تزالون تعبدونها، ما أنتم على ما تعبدونه بفاتنين بباعثين على طريق الفتنة إلا ضالا مستوجبا للنار مثلكم، و قرئ «صال» بالضم على أنه جمع محمول على معنى من ساقط واوه لالتقاء الساكنين، أو تخفيف صائل على القلب كشاك في شائك، أو المحذوف منه كالمنسي كما في قولهم:
ما باليت به بالة، فإن أصلها بالية كعافية.
[سورة الصافات (37): الآيات 164 الى 166]
وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم و المعنى: و ما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة و العبادة و الانتهاء إلى أمر اللّه في تدبير العالم، و يحتمل أن يكون هذا و ما قبله من قوله سُبْحانَ اللَّهِ من كلامهم ليتصل بقوله: وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ كأنه قال و لقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك و قالوا سُبْحانَ اللَّهِ تنزيها له عنه، ثم استثنوا الْمُخْلَصِينَ تبرئة لهم منه، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة، ثم اعترفوا بالعبودية و تفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف و أقيمت الصفة مقامه.
وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ في أداء الطاعة و منازل الخدمة.
وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المنزهون اللّه عما لا يليق به، و لعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة و هذا في المعارف، و ما في إن و اللام و توسيط الفصل من التأكيد و الاختصاص لأنهم المواظبون على ذلك دائما من غير فترة دون غيرهم. و قيل هو من كلام النبي عليه الصلاة و السلام و المؤمنين و المعنى: و ما منا إلا له مقام معلوم في الجنة أو بين يدي اللّه يوم القيامة، وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ له في الصلاة و المنزهون له عن السوء.
[سورة الصافات (37): الآيات 167 الى 170]
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 21
وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ أي مشركو قريش.
لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ كتابا من الكتب التي نزلت عليهم.
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ لأخلصنا العبادة له و لم نخالف مثلهم.
فَكَفَرُوا بِهِ أي لما جاءهم الذكر الذي هو أشرف الأذكار و المهيمن عليها. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ عاقبة كفرهم.
[سورة الصافات (37): الآيات 171 الى 175]
وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ أي وعدنا لهم النصر و الغلبة و هو قوله: إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ .
وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ و هو باعتبار الغالب و المقضى بالذات، و إنما سماه كلمة و هي كلمات لانتظامهم في معنى واحد.
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فأعرض عنهم. حَتَّى حِينٍ هو الموعد لنصرك عليهم و هو يوم بدر، و قيل يوم الفتح.
وَ أَبْصِرْهُمْ على ما ينالهم حينئذ و المراد بالأمر الدلالة على أن ذلك كائن قريب كأنه قدامه. فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ما قضينا لك من التأييد و النصرة و الثواب في الآخرة، و «سوف» للوعيد لا للتبعيد.
[سورة الصافات (37): الآيات 176 الى 179]
أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ
روي أنه لما نزل فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ قالوا متى هذا فنزلت.
فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فإذا نزل العذاب بفنائهم، شبهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة، و قيل الرسول و قرئ نَزَلَ على إسناده إلى الجار و المجرور و نَزَلَ أي العذاب. فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ فبئس صباح المنذرين صباحهم، و اللام للجنس و ال صَباحُ مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب، و لما كثر فيهم الهجوم و الغارة في الصباح سموا الغارة صباحا و إن وقعت في وقت آخر.
وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ تأكيد إلى تأكيد و إطلاق بعد تقييد للاشعار بأنه يبصر و أنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة و أنواع المساءة، أو الأول لعذاب الدنيا و الثاني لعذاب الآخرة.
[سورة الصافات (37): الآيات 180 الى 182]
سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ عما قاله المشركون فيه على ما حكي في السورة، و إضافة الرب إلى العزة لاختصاصها به إذ لا عزة إلا له أو لمن أعزه، و قد أدرج فيه جملة صفاته السلبية و الثبوتية مع الإشعار بالتوحيد.
وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على ما أفاض عليهم و على من اتبعهم من النعم و حسن العاقبة و لذلك
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 22
أخره عن التسليم، و المراد تعليم المؤمنين كيف يحمدونه و يسلمون على رسله. و
عن علي رضي اللّه عنه: من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه من مجلسه: سبحان ربك إلى آخر السورة.
و
عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من قرأ «و الصافات» أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل جني و شيطان، و تباعدت عنه مردة الجن و الشياطين، و برىء من الشرك و شهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنا بالمرسلين».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 23
(38) سورة ص
مكية و آيها ست أو ثمان و ثمانون آية
[سورة ص (38): الآيات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ (2)
ص و قرئ بالكسر لالتقاء الساكنين، و قيل إنه أمر من المصاداة بمعنى المعارضة، و منه الصدى فإنه يعارض الصوت الأول أي عارض القرآن بعملك، و بالفتح لذلك أو لحذف حرف القسم و إيصال فعله إليه، أو إضماره و الفتح في موضع الجر فإنها غير مصروفة لأنها علم السورة و بالجر و التنوين على تأويل الكتاب.
وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الواو للقسم إن جعل ص اسما للحرف أو مذكور للتحدي، أو للرمز بكلام مثل صدق محمد عليه الصلاة و السلام، أو للسورة خبر المحذوف أو لفظ الأمر، و للعطف إن جعل مقسما به كقولهم: اللّه لأفعلن بالجر و الجواب محذوف دل عليه ما في ص من الدلالة على التحدي، أو الأمر بالمعادلة أي إنه لمعجز أو لواجب العمل به، أو إن محمدا لصادق أو قوله:
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا أي ما كفر به من كفر لخلل وجده فيه بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا به. فِي عِزَّةٍ أي استكبار عن الحق. وَ شِقاقٍ خلاف للّه و رسوله و لذلك كفروا به، و على الأولين الإضراب أيضا من الجواب المقدر و لكن من حيث إشعاره بذلك و المراد بالذكر العظة أو الشرف و الشهرة، أو ذكر ما يحتاج اليه في الدين من العقائد و الشرائع و المواعيد، و التنكير في عِزَّةٍ وَ شِقاقٍ للدلالة على شدتهما، و قرئ في «غرة» أي غفلة عما يجب عليهم النظر فيه.
[سورة ص (38): آية 3]
كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ (3)
كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ وعيد لهم على كفرهم به استكبارا و شقاقا. فَنادَوْا استغاثة أو توبة أو استغفارا. وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس الحين حين مناص، و لا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب و ثم، و خصت بلزوم الأحيان و حذف أحد المعمولين، و قيل هي النافية للجنس أي و لا حين مناص لهم، و قيل للفعل و النصب بإضماره أي و لا أرى حين مناص، و قرئ بالرفع على أنه اسم لا أو مبتدأ محذوف الخبر أي ليس حين مناص حاصلا لهم، أو لا حين مناص كائن لهم و بالكسر كقوله:
طلبوا صلحنا و لات أوان
فأجبنا أنّ لات حين بقاء
إما لأن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر في قوله: لولاك هذا العام لم أحجج، أو لأن أوان شبه باذ لأنه مقطوع عن الإضافة إذ أصله أوان صلح، ثم حمل عليه مَناصٍ تنزيلا لما أضيف إليه الظرف منزلته لما بينهما من الاتحاد، إذ أصله يحن مناصهم ثم بنى الحين لإضافته إلى غير متمكن وَ لاتَ بالكسر كجير، و تقف الكوفية عليها بالهاء كالأسماء و البصرية بالتاء كالأفعال. و قيل إن التاء مزيدة على حين لاتصالها به في الامام و لا يرد عليه أن خط المصحف خارج عن القياس إذ مثله لم يعهد فيه، و الأصل اعتباره إلا فيما خصه الدليل و لقوله:
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 24
العاطفون تحين لا من عاطف
و المطعمون زمان ما من مطعم
و المناص المنجا من ناصه ينوصه إذا فاته.
[سورة ص (38): الآيات 4 الى 5]
وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ بشر مثلهم أو أمي من عدادهم. وَ قالَ الْكافِرُونَ وضع فيه الظاهر موضع الضمير غضبا عليهم و ذما لهم، و إشعارا بأن كفرهم جسرهم على هذا القول. هذا ساحِرٌ فيما يظهره معجزة. كَذَّابٌ فيما يقوله على اللّه تعالى.
أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً بأن جعل الألوهية التي كانت لهم لواحد. إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا، و ما نشاهده من أن الواحد لا يفي علمه و قدرته بالأشياء الكثيرة، و قرئ مشددا و هو أبلغ ككرام و كرام. و
روي أنه لما أسلم عمر رضي اللّه عنه شق ذلك على قريش، فأتوا أبا طالب و قالوا أنت شيخنا و كبيرنا، و قد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء و إنا جئناك لتقضي بيننا و بين ابن أخيك، فاستحضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و قال: هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل عليهم، فقال عليه الصلاة و السلام: ماذا يسألونني، فقالوا: ارفضنا و ارفض ذكر، آلهتنا و ندعك و إلهك، فقال: «أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أ معطي أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب و تدين لكم بها العجم»، فقالوا: نعم و عشرا، فقال: «قولوا لا إله إلا اللّه»، فقالوا و قالوا ذلك.
[سورة ص (38): الآيات 6 الى 7]
وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ و انطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم. أَنِ امْشُوا قائلين بعضهم لبعض امْشُوا . وَ اصْبِرُوا و اثبتوا. عَلى آلِهَتِكُمْ على عبادتها فلا ينفعكم مكالمته، و أَنِ هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول يشعر بالقول. و قيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول، و امْشُوا من مشت المرأة إذا كثرت أولادها و منه الماشية أي اجتمعوا، و قرئ بغير أَنِ و قرئ «يمشون أن اصبروا». إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ إن هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له، أو أن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرئاسة، و الترفع على العرب و العجم لشيء يتمنى أو يريده كل أحد، أو أن دينكم لشيء يطلب ليؤخذ منكم.
ما سَمِعْنا بِهذا بالذي يقوله. فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ في الملة التي أدركنا عليها آباءنا، أو في ملة عيسى عليه الصلاة و السلام التي هي آخر الملل فإن النصارى يثلثون. و يجوز أن يكون حالا من هذا أي ما سمعنا من أهل الكتاب و لا الكهان بالتوحيد كائنا في الملة المترقبة. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ كذب اختلقه.
[سورة ص (38): الآيات 8 الى 9]