کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 92
أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ أو إن أردنا أن نريك ما وعدناهم من العذاب، و قرأ يعقوب برواية رويس أو نُرِيَنَّكَ بإسكان النون و كذا نَذْهَبَنَ . فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ لا يفوتوننا.
[سورة الزخرف (43): الآيات 43 الى 44]
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ من الآيات و الشرائع، و قرئ «أوحي» على البناء للفاعل و هو اللّه تعالى. إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا عوج له.
وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ لشرف لك. وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ أي عنه يوم القيامة و عن قيامكم بحقه.
[سورة الزخرف (43): آية 45]
وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أي و اسأل أممهم و علماء دينهم، و قرأ ابن كثير و الكسائي بتخفيف الهمزة. أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ هل حكمنا بعبادة الأوثان و هل جاءت في ملة من مللهم، و المراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد و الدلالة على أنه ليس ببدع ابتدعه فيكذب و يعادى له، فإنه كان أقوى ما حملهم على التكذيب و المخالفة.
[سورة الزخرف (43): الآيات 46 الى 47]
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ يريد باقتصاصه تسلية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و مناقضة قولهم لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ و الاستشهاد بدعوة موسى عليه السلام إلى التوحيد ليتأملوا فيها.
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ فاجؤوا وقت ضحكهم منها، أي استهزءوا بها أول ما رأوها و لم يتأملوا فيها.
[سورة الزخرف (43): آية 48]
وَ ما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها إلا هي بالغة أقصى درجات الإعجاز بحيث يحسب الناظر فيها أنها أكبر مما يقاس إليها من الآيات، و المراد وصف الكل بالكبر كقولك: رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض، و كقوله:
من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم
مثل النّجوم الّتي يسري بها السّاري
أو إِلَّا و هي مختصة بنوع من الإعجاز مفضلة على غيرها بذلك الاعتبار. وَ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ كالسنين و الطوفان و الجراد. لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ على وجه يرجى رجوعهم.
[سورة الزخرف (43): الآيات 49 الى 50]
وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ نادوه بذلك في تلك الحال لشدة شكيمتهم و فرط حماقتهم، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرا. و قرأ ابن عامر بضم الهاء ادْعُ لَنا رَبَّكَ فيكشف عنا العذاب. بِما عَهِدَ
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 93
عِنْدَكَ بعهده عندك من النبوة، أو من أن يستجيب دعوتك، أو أن يكشف العذاب عمن اهتدى، أو بِما عَهِدَ عِنْدَكَ فوفيت به و هو الإيمان و الطاعة. إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ .
فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ فاجؤوا نكث عهدهم بالاهتداء.
[سورة الزخرف (43): الآيات 51 الى 52]
وَ نادى فِرْعَوْنُ بنفسه أو بمناديه. فِي قَوْمِهِ في مجمعهم أو فيما بينهم بعد كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمن بعضهم. قالَ يا قَوْمِ أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ أنهار النيل و معظمها أربعة أنهر: نهر الملك، و نهر طولون، و نهر دمياط، و نهر تنيس. تَجْرِي مِنْ تَحْتِي تحت قصري أو أمري، أو بين يدي في جناني و الواو إما عاطفة لهذه الْأَنْهارُ على الملك و تَجْرِي حال منها. أو واو حال و هذه مبتدأ و الْأَنْهارُ صفتها و تَجْرِي خبرها. أَ فَلا تُبْصِرُونَ ذلك.
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مع هذه المملكة و البسطة. مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ضعيف حقير لا يستعد للرئاسة، من المهانة و هي القلة. وَ لا يَكادُ يُبِينُ الكلام لما به من الرتة فكيف يصلح للرسالة، و أَمْ إما منقطعة و الهمزة فيها للتقرير إذ قدم من أسباب فضله، أو متصلة على إقامة المسبب مقام السبب. و المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه.
[سورة الزخرف (43): الآيات 53 الى 54]
فلو لا ألقي عليه أساورة من ذهب أي فهلا ألقي عليه مقاليد الملك إن كان صادقا، إذ كانوا إذا سودوا رجلا سوروه و طوقوه بسوار و طوق من ذهب، و أساورة جمع إسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير. و قد قرئ به و قرأ يعقوب و حفص «أَسْوِرَةٌ» و هي جمع سوار. و قرئ «أساور» جمع «أسورة» و «ألقى عليه أسورة» و «أساور» على البناء للفاعل و هو اللّه تعالى. أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن، أو متقارنين من اقترن بمعنى تقارن.
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم. فَأَطاعُوهُ فيما أمرهم به إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ فلذلك أطاعوا ذلك الفاسق.
[سورة الزخرف (43): الآيات 55 الى 56]
فَلَمَّا آسَفُونا أغضبونا بالإفراط في العناد و العصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه. انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ في اليم.
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً قدوة لمن بعدهم من الكفار يقتدون به في استحقاق مثل عقابهم، مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم و خادم، و قرأ حمزة و الكسائي بضم السين و اللام جمع سليف كرغف و رغيف، أو سالف كصبر جمع صابر أو سلف كخشب. و قرئ «سلفا» بإبدال ضمة اللام فتحة أو على أنه جمع سلفة أي ثلة قد سلفت. وَ مَثَلًا لِلْآخِرِينَ و عظة لهم أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال: مثلكم مثل قوم فرعون.
[سورة الزخرف (43): الآيات 57 الى 58]
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 94
وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا أي ضربه ابن الزبعري لما جادل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أو غيره بأن قال النصارى أهل كتاب و هم يعبدون عيسى عليه السلام و يزعمون أنه ابن اللّه و الملائكة أولى بذلك، أو على قوله تعالى: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أو أن محمدا يريد أن نعبده كما عبد المسيح. إِذا قَوْمُكَ قريش مِنْهُ من هذا المثل. يَصِدُّونَ يضجون فرحا لظنهم أن الرسول صلّى اللّه عليه و سلم صار ملزما به. و قرأ نافع و ابن عامر و الكسائي بالضم من الصدود أي يصدون عن الحق و يعرضون عنه. و قيل هما لغتان نحو يعكف و يعكف.
وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ أي آلهتنا خير عندك أم عيسى عليه السلام فإن يكن في النار فلتكن آلهتنا معه، أو آلهتنا الملائكة خير أم عيسى عليه السلام فإذا جاز أن يعبد و يكون ابن اللّه كانت آلهتنا أولى بذلك، أو آلهتنا خير أم محمد صلّى اللّه عليه و سلم فنعبده و ندع آلهتنا. و قرأ الكوفيون «أ آلهتنا» بتحقيق الهمزتين و ألف بعدهما. ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ما ضربوا هذا المثل إلا لأجل الجدل و الخصومة لا لتمييز الحق من الباطل. بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ شداد الخصومة حراص على اللجاج.
[سورة الزخرف (43): الآيات 59 الى 60]
إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ بالنبوة. وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ أمرا عجيبا كالمثل السائر لبني إسرائيل، و هو كالجواب المزيح لتلك الشبهة.
وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ لولدنا منكم يا رجال كما ولدنا عيسى من غير أب، أو لجعلنا بدلكم.
مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ملائكة يخلفونكم في الأرض، و المعنى أن حال عيسى عليه السلام و إن كانت عجيبة فإنه تعالى قادر على ما هو أعجب من ذلك، و أن الملائكة مثلكم من حيث إنها ذوات ممكنة يحتمل خلقها توليدا كما جاز خلقها إبداعا، فمن أين لهم استحقاق الألوهية و الانتساب إلى اللّه سبحانه و تعالى.
[سورة الزخرف (43): الآيات 61 الى 62]
وَ إِنَّهُ و إن عيسى عليه السلام. لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ لأن حدوثه أو نزوله من أشراط الساعة يعلم به دنوها، أو لأن احياء الموتى يدل على قدرة اللّه تعالى عليه. و قرئ «لعلم» أي لعلامة و لذكر على تسمية ما يذكر به ذكرا، و
في الحديث ينزل عيسى عليه السلام على ثنية بالأرض المقدسة يقال لها أفيق و بيده حربة يقتل بها الدجال، فيأتي بيت المقدس و الناس في صلاة الصبح فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى عليه السلام و يصلي خلفه على شريعة محمد عليه الصلاة و السلام، ثم يقتل الخنازير و يكسر الصليب، و يخرب البيع و الكنائس، و يقتل النصارى إلا من آمن به.
و قيل الضمير للقرآن فإن فيه الإعلام بالساعة و الدلالة عليها. فَلا تَمْتَرُنَّ بِها فلا تشكن فيها. وَ اتَّبِعُونِ و اتبعوا هداي أو شرعي أو رسولي. و قيل هو قول الرسول صلّى اللّه عليه و سلم أمر أن يقوله.
هذا الذي أدعوكم إليه. صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه.
وَ لا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ عن المتابعة. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ثابت عداوته بأن أخرجكم عن الجنة و عرضكم للبلية.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 95
[سورة الزخرف (43): الآيات 63 الى 64]
وَ لَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات أو بآيات الإنجيل، أو بالشرائع الواضحات. قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ بالإنجيل أو بالشريعة. وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ و هو ما يكون من أمر الدين لا ما يتعلق بأمر الدنيا، فإن الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لم يبعثوا لبيانه، و لذلك
قال عليه الصلاة و السلام «أنتم أعلم بأمر دنياكم».
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ فيما أبلغه عنه.
إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ بيان لما أمرهم بالطاعة فيه، و هو اعتقاد التوحيد و التعبد بالشرائع.
هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ الإشارة إلى مجموع الأمرين و هو تتمة كلام عيسى عليه السلام، أو استئناف من اللّه تعالى يدل على ما هو المقتضي للطاعة في ذلك.
[سورة الزخرف (43): الآيات 65 الى 67]
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ الفرق المتحزبة. مِنْ بَيْنِهِمْ من بين النصارى أو اليهود و النصارى من بين قومه المبعوث إليهم. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا من المتحزبين مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ هو القيامة.
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ الضمير لقريش أو لِلَّذِينَ ظَلَمُوا . أَنْ تَأْتِيَهُمْ بدل من السَّاعَةَ و المعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. بَغْتَةً فجأة. وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ غافلون عنها لاشتغالهم بأمور الدنيا و إنكارهم لها.
الْأَخِلَّاءُ الأحباء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أي يتعادون يومئذ لانقطاع العلق لظهور ما كانوا يتخالون له سببا للعذاب. إِلَّا الْمُتَّقِينَ فإن خلتهم لما كانت في اللّه تبقى نافعة أبد الآباد.
[سورة الزخرف (43): الآيات 68 الى 69]
يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في اللّه يومئذ، و قرأ ابن كثير و حمزة و الكسائي و حفص بغير الياء.
الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا صفة المنادى. وَ كانُوا مُسْلِمِينَ حال من الواو أي الذين آمنوا مخلصين، غير أن هذه العبارة آكد و أبلغ.
[سورة الزخرف (43): الآيات 70 الى 71]
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ نساؤكم المؤمنات. تُحْبَرُونَ تسرون سرورا يظهر حباره أي أثره على وجوهكم، أو تزينون من الحبر و هو حسن الهيئة أو تكرمون إكراما يبالغ فيه، و الحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ أَكْوابٍ الصحاف جمع صحفة، و الأكواب جمع كوب و هو كوز لا
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 96
عروة له. وَ فِيها و في الجنة ما تشتهي الأنفس و قرأ نافع و ابن عامر و حفص تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ على الأصل. وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ بمشاهدته و ذلك تعميم بعد تخصيص ما يعد من الزوائد في التنعم و التلذذ. وَ أَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ و خوف الزوال و مستعقب للتحسر في ثاني الحال.
[سورة الزخرف (43): الآيات 72 الى 73]
وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و قرأ ورثتموها، شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل، و تلك إشارة إلى الجنة المذكورة وقعت مبتدأ و الجنة خبرها، و الَّتِي أُورِثْتُمُوها صفتها أو الْجَنَّةُ صفة تِلْكَ و الَّتِي خبرها أو صفة الْجَنَّةُ و الخبر بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، و عليه يتعلق الباء بمحذوف لا ب أُورِثْتُمُوها .
لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ بعضها تأكلون لكثرتها و دوام نوعها، و لعل تفصيل التنعم بالمطاعم و الملابس و تكريره في القرآن و هو حقير بالإضافة إلى سائر نعائم الجنة لما كان بهم من الشدة و الفاقة.
[سورة الزخرف (43): الآيات 74 الى 76]
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ الكاملين في الإجرام و هم الكفار لأنه جعل قسيم المؤمنين بالآيات، و حكى عنهم ما يخص بالكفار. فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ خبر إن أو خالدون خبر و الظرف متعلق به.
لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا و التركيب للضعف. وَ هُمْ فِيهِ في العذاب مُبْلِسُونَ آيسون من النجاة.
وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ مر مثله غير مرة و هم فصل.
[سورة الزخرف (43): الآيات 77 الى 78]
وَ نادَوْا يا مالِكُ و قرئ «يا مال» على الترخيم مكسورا و مضموما، و لعله إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بالتمام و لذلك اختصروا فقالوا: لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ و المعنى سل ربنا أن يقضي علينا من قضى عليه إذا أماته، و هو لا ينافي إبلاسهم فإنه جؤار و تمن للموت من فرط الشدة قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لا خلاص لكم بموت و لا بغيره.
لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ بالإرسال و الإنزال، و هو تتمة الجواب إن كان في قالَ ضمير اللّه و إلا فجواب منه فكأنه تعالى تولى جوابهم بعد جواب مالك. وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ لما في اتباعه من إتعاب النفس و آداب الجوارح.
[سورة الزخرف (43): الآيات 79 الى 80]
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً في تكذيب الحق ورده و لم يقتصروا على كراهته. فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أمرا في مجازاتهم و العدول عن الخطاب للإشعار بأن ذلك أسوأ من كراهتهم، أو أم أحكم المشركون أمرا من كيدهم بالرسول
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 97
فَإِنَّا مُبْرِمُونَ كيدنا بهم، و يؤيده قوله:
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ حديث أنفسهم بذلك. وَ نَجْواهُمْ و تناجيهم. بَلى نسمعهما.
وَ رُسُلُنا و الحفظة مع ذلك. لَدَيْهِمْ ملازمة لهم. يَكْتُبُونَ ذلك.
[سورة الزخرف (43): آية 81]
قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (81)
قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ منكم فإن النبي صلّى اللّه عليه و سلم يكون أعلم باللّه و بما يصح له و بما لا يصح له، و أولى بتعظيم ما يوجب تعظيمه و من تعظيم الوالد تعظيم ولده، و لا يلزم من ذلك صحة كينونة الولد و عبادته له إذ المحال قد يستلزم المحال بل المراد نفيهما على أبلغ الوجوه كقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا غير أن لَوْ ثم مشعرة بانتفاء الطرفين، و إن هاهنا لا تشعر به و لا بنقيضه فإنها لمجرد الشريطة بل الانتفاء معلوم لانتفاء اللازم الدال على انتفاء ملزومه، و الدلالة على أن إنكاره الولد ليس لعناد و مراء بل لو كان لكان أولى الناس بالاعتراف به. و قيل معناه إن كان له ولد في زعمكم فأنا أول العابدين للّه الموحدين له أو الآنفين منه، أو من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفه، أو ما كان له ولد فأنا أول الموحدين من أهل مكة. و قرأ حمزة و الكسائي ولد بالضم و سكون اللام.
[سورة الزخرف (43): الآيات 82 الى 83]
سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ عن كونه ذا ولد فإن هذه الأجسام لكونها أصولا ذات استمرار تبرأت عما يتصف به سائر الأجسام من توليد المثل، فما ظنك بمبدعها و خالقها.
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا في باطلهم. وَ يَلْعَبُوا في دنياهم. حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ أي يوم القيامة، و هو دلالة على أن قولهم هذا جهل و اتباع هوى، و أنهم مطبوع على قلوبهم معذبون في الآخرة.
[سورة الزخرف (43): الآيات 84 الى 85]
وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ مستحق لأن يعبد فيهما، و الظرف متعلق به لأنه بمعنى المعبود أو متضمن معناه كقولك: هو حاتم في البلد، و كذا فيمن قرأ «اللّه» و الراجع مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر و العطف عليه، و لا يجوز جعله خبرا له لأنه لا يبقى له عائد لكن لو جعل صلة و قدر الإله مبتدأ محذوف يكون به جملة مبينة للصلة دالة على أن كونه في السماء بمعنى الألوهية دون الاستقرار، و فيه نفي الآلهة السماوية و الأرضية و اختصاصه باستحقاق الألوهية. وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ كالدليل عليه.
وَ تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما كالهواء. وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ العلم بالساعة التي تقوم القيامة فيها. وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ للجزاء، و قرأ نافع و ابن عامر و أبو عمرو و عاصم و روح بالتاء على الالتفات للتهديد.
[سورة الزخرف (43): الآيات 86 الى 87]
وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند اللّه.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 98
إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ بالتوحيد، و الاستثناء متصل إن أريد بالموصول كل ما عبد من دون اللّه لاندراج الملائكة و المسيح فيه، و منفصل إن خص بالأصنام.
وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ سألت العابدين أو المعبودين. لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لتعذر المكابرة فيه من فرط ظهوره فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.
[سورة الزخرف (43): الآيات 88 الى 89]
وَ قِيلِهِ و قول الرسول و نصبه للعطف على سرهم، أو على محل الساعة أو لإضمار فعله أي و قال قِيلِهِ . و جره عاصم و حمزة عطفا على السَّاعَةِ ، و قرئ بالرفع على أنه مبتدأ خبره: يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ أو معطوف على عِلْمُ السَّاعَةِ بتقدير مضاف. و قيل هو قسم منصوب بحذف الجار أو مجرور بإضماره، أو مرفوع بتقدير وَ قِيلِهِ يا رَبِ قسمي، و إِنَّ هؤُلاءِ جوابه.
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ فأعرض عن دعوتهم آيسا عن إيمانهم. وَ قُلْ سَلامٌ تسلم منكم و متاركة. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ تسلية للرسول و تهديد لهم، و قرأ نافع و ابن عامر بالتاء على أنه من المأمور بقوله.