کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 158
أوحي إليه بنفي البعد الملبس.
فَأَوْحى جبريل عليه السلام. إِلى عَبْدِهِ عبد الله و إضماره قبل الذكر لكونه معلوما كقوله: عَلى ظَهْرِها ما أَوْحى جبريل عليه السلام و فيه تفخيم للموحى به أو اللّه إليه، و قيل الضمائر كلها للّه تعالى و هو المعني بشديد القوى كما في قوله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ و دنوه منه برفع مكانته و تدليه جذبه بشراشره إلى جناب القدس.
[سورة النجم (53): الآيات 11 الى 12]
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (11) أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (12)
ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام أو اللّه تعالى، أي ما كذب بصره بما حكاه له فإن الأمور القدسية تدرك أولا بالقلب ثم تنتقل منه إلى البصر، أو ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك و لو قال ذلك كان كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره، أو ما رآه بقلبه و المعنى أنه لم يكن تخيلا كاذبا. و يدل عليه
«أنه عليه الصلاة و السلام سئل هل رأيت ربك؟ فقال رأيته بفؤادي».
و قرأ هشام ما كذب أي صدقه و لم يشك فيه.
أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أ فتجادلونه عليه، من المراء و هو المجادلة و اشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمري ما عند صاحبه. و قرأ حمزة و الكسائي و خلف و يعقوب «أ فتمرونه» أي أ فتغلبونه في المراء من ماريته فمريته، أو أ فتجحدونه من مراه حقه إذا جحده و على لتضمين الفعل معنى الغلبة فإن المماري و الجاحد يقصدان بفعلهما غلبة الخصم.
[سورة النجم (53): الآيات 13 الى 16]
وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى مرة أخرى فعلة من النزول أقيمت مقام المرة و نصبت نصبها إشعارا بأن الرؤية في هذه المرة كانت أيضا بنزول و دنو و الكلام في المرئي و الدنو ما سبق. و قيل تقديره و لقد رآه نازلا نزلة أخرى، و نصبها على المصدر و المراد به نفي الريبة عن المرة الأخيرة.
عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى التي ينتهي إليها أعمال الخلائق و علمهم، أو ما ينزل من فوقها و يصعد من تحتها، و لعلها شبهت بالسدرة و هي شجرة النبق لأنهم يجتمعون في ظلها. و روي مرفوعا أنها في السماء السابعة.
عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى الجنة التي يأوي إليها المتقون أو أرواح الشهداء.
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى تعظيم و تكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها نعت و لا يحصبها عد، و قيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون اللّه عندها.
[سورة النجم (53): الآيات 17 الى 18]
ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (17) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (18)
ما زاغَ الْبَصَرُ ما مال بصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عما رآه. وَ ما طَغى و ما تجاوزه بل أثبته إثباتا صحيحا مستيقنا، أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها و ما جاوزها.
لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أي و اللّه لقد رأى الكبرى من آياته و عجائبه الملكية و الملكوتية ليلة المعراج و قد قيل إنها المعنية بما رَأى . و يجوز أن تكون الْكُبْرى صفة لل آياتِ على أن المفعول محذوف أي شيئا من آيات ربه أو مِنْ مزيدة.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 159
[سورة النجم (53): الآيات 19 الى 22]
أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى هي أصنام كانت لهم، فاللات كانت لثقيف بالطائف أو لقريش بنخلة و هي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها أي يطوفون. و قرأ هبة اللّه عن البزي و رويس عن يعقوب اللَّاتَ بالتشديد على أنه سمي به لأنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن و يطعم الحاج.
وَ الْعُزَّى بالتشديد سمرة لغطفان كانوا يعبدونها فبعث إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم خالد بن الوليد فقطعها، و أصلها تأنيث الأعز وَ مَناةَ صخرة كانت لهذيل و خزاعة أو لثقيف و هي فعلة من مناه إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين و منه منى. و قرأ ابن كثير مناءة و هي مفعلة من النوء فإنهم كانوا يستمطرون الأنواء عندها تبركا بها، و قوله الثَّالِثَةَ الْأُخْرى صفتان للتأكيد كقوله: يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ أو الْأُخْرى من التأخر في الرتبة.
أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى إنكار لقولهم الملائكة بنات اللّه، و هذه الأصنام استوطنها جنيات هن بناته، أو هياكل الملائكة و هو المفعول الثاني لقوله أَ فَرَأَيْتُمُ .
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى جائرة حيث جعلتم له ما تستنكفون منه و هي فعلى من الضيز و هو الجور، لكنه كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في بيض فإن فعلى بالكسر لم تأت وصفا. و قرأ ابن كثير بالهمزة من ضأزه إذا ظلمه على أنه مصدر نعت به.
[سورة النجم (53): آية 23]
إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ الضمير للأصنام أي ما هي باعتبار الألوهية إلا أسماء تطلقونها عليها لأنهم يقولون أنها آلهة و ليس فيها شيء من معنى الألوهية، أو للصفة التي تصفونها بها من كونها آلهة و بنات و شفعاء، أو للأسماء المذكورة فإنهم كانوا يطلقون اللات عليها باعتبار استحقاقها للعكوف على عبادتها، و العزى لعزتها و مناة لاعتقادهم أنها تستحق أن يتقرب إليها بالقرابين. سَمَّيْتُمُوها سميتم بها.
أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ بهواكم. ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ برهان تتعلقون به. إِنْ يَتَّبِعُونَ و قرئ بالتاء.
إِلَّا الظَّنَ إلا توهم أن ما هم عليه حق تقليدا و توهما باطلا. وَ ما تَهْوَى الْأَنْفُسُ و ما تشتهيه أنفسهم.
وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى الرسول أو الكتاب فتركوه.
[سورة النجم (53): الآيات 24 الى 26]
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى أَمْ منقطعة و معنى الهمزة فيها الإنكار، و المعنى ليس له كل ما يتمناه و المراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة و قولهم: لَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى و قولهم: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ و نحوهما.
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَ الْأُولى يعطي منهما ما يشاء لمن يريد و ليس لأحد أن يتحكم عليه في شيء منهما.
وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً و كثير من الملائكة لا تغني شفاعتهم شيئا و لا تنفع.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 160
إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ في الشفاعة. لِمَنْ يَشاءُ من الملائكة أن يشفع أو من الناس أن يشفع له.
وَ يَرْضى و يراه أهلا لذلك فكيف تشفع الأصنام لعبدتهم.
[سورة النجم (53): الآيات 27 الى 28]
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ أي كل واحد منهم. تَسْمِيَةَ الْأُنْثى بأن يسموه بنتا.
وَ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ أي بما يقولون، و قرئ بها أي بالملائكة أو بالتسمية. إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً فإن الحق الذي هو حقيقة الشيء لا يدرك إلا بالعلم، و الظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية، و إنما العبرة به في العمليات و ما يكون وصلة إليها.
[سورة النجم (53): الآيات 29 الى 30]
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا فأعرض عن دعوته و الاهتمام بشأنه فإن من غفل عن اللّه و أعرض عن ذكره. و انهمك في الدنيا بحيث كانت منتهى همته و مبلغ علمه لا تزيده الدعوة إلا عنادا و إصرارا على الباطل.
ذلِكَ أي أمر الدنيا أو كونها شهية. مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ لا يتجاوزه علمهم و الجملة اعتراض مقرر لقصور هممهم بالدنيا و قوله: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى تعليل للأمر بالإعراض أي إنما يعلم اللّه من يجيب ممن لا يجيب فلا تتعب نفسك في دعوتهم إذ ما عليك إلا البلاغ و قد بلغت.
[سورة النجم (53): الآيات 31 الى 32]
وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ خلقا و ملكا. لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا بعقاب ما عملوا من السوء أو بمثله أو بسبب ما عملوا من السوء، و هو علة لما دل عليه ما قبله أي خلق العالم و سواه للجزاء، أو ميز الضال عن المهتدي و حفظ أحوالهم لذلك وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى بالمثوبة الحسنى و هي الجنة، أو بأحسن من أعمالهم أو بسبب الأعمال الحسنى.
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ ما يكبر عقابه من الذنوب و هو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه. و قيل ما أوجب الحد. و قرأ حمزة و الكسائي و خلف كبير الإثم على إرادة الجنس أو الشرك. وَ الْفَواحِشَ و ما فحش من الكبائر خصوصا. إِلَّا اللَّمَمَ إلا ما قل و صغر فإنه مغفور من مجتنبي الكبائر، و الاستثناء منقطع و محل الَّذِينَ النصب على الصفة أو المدح أو الرفع على أنه خبر محذوف. إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، أو له أن يغفر ما شاء من الذنوب صغيرها و كبيرها، و لعله عقب به وعيد المسيئين و وعد المحسنين لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته و لا يتوهم وجوب العقاب على اللّه تعالى. هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ أعلم بأحوالكم منكم. إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ علم أحوالكم و مصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم و حينما صوركم في الأرحام. فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ فلا تثنوا
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 161
عليها بزكاء العمل و زيادة الخير، أو بالطهارة عن المعاصي و الرذائل. هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى فإنه يعلم التقي و غيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم عليه السلام.
[سورة النجم (53): الآيات 33 الى 35]
أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى عن اتباع الحق و الثبات عليه.
وَ أَعْطى قَلِيلًا وَ أَكْدى و قطع العطاء من قولهم أكدى الحافر إذا بلغ الكدية و هي الصخرة الصلبة فترك الحفر. و الأكثر على أنها نزلت في الوليد بن المغيرة و كان يتبع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فعيره بعض بعض المشركين و قال: تركت دين الأشياخ و ضللتهم فقال أخشى عذاب اللّه تعالى فضمن أن يتحمل عنه العقاب إن أعطاه بعض ماله فارتد و أعطى بعض المشروط ثم بخل بالباقي.
أَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى يعلم أن صاحبه يتحمل عنه.
[سورة النجم (53): الآيات 36 الى 38]
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى وفى و أتم ما التزمه أو أمر به، أو بالغ في الوفاء بما عاهد اللّه، و تخصيصه بذلك لاحتماله ما لم يحتمله غيره كالصبر على نار نمروذ حتى أتاه جبريل عليه السلام حين ألقي في النار فقال ألك حاجة، فقال أما إليك فلا، و ذبح الولد و أنه كان يمشي كل يوم فرسخا يرتاد ضيفا فإن وافقه أكرمه و إلا نوى الصوم، و تقديم موسى عليه الصلاة و السلام لأن صحفه و هي التوراة كانت أشهر و أكبر عندهم.
أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أن هي المخففة من الثقيلة و هي بما بعدها في محل الجر بدلا مما فِي صُحُفِ مُوسى ، أو الرفع على هو أن أَلَّا تَزِرُ كأنه قيل ما في صحفهما؟ فأجاب به، و المعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره و لا يخالف ذلك قوله تعالى: كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً و
قوله عليه الصلاة و السلام ، «من سن سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة»
فإن ذلك للدلالة و التسبب الذي هو وزره.
[سورة النجم (53): الآيات 39 الى 41]
وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله، و ما جاء
في الأخبار من أن الصدقة و الحج ينفعان الميت
فلكون الناوي له كالنائب عنه.
وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى أي يجزي العبد سعيه بالجزاء الأوفر فنصب بنزع الخافض، و يجوز أن يكون مصدرا و أن تكون الهاء للجزاء المدلول عليه بيجزي و الْجَزاءَ بدله.
[سورة النجم (53): الآيات 42 الى 44]
وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى انتهاء الخلائق و رجوعهم، و قرئ بالكسر على أنه منقطع عما في الصحف و كذلك ما بعده.
وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا لا يقدر على الإماتة و الإحياء غيره فإن القاتل ينقض البنية و الموت يحصل عنده بفعل اللّه تعالى على سبيل العادة.
[سورة النجم (53): الآيات 45 الى 47]
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 162
وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى تدفق في الرحم أو تخلق، أو يقدر منها الولد من منى إذا قدر.
وَ أَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى الإحياء بعد الموت وفاء بوعده، و قرأ ابن كثير و أبو عمرو النشاءة بالمدة و هو أيضا مصدر نشأ.
[سورة النجم (53): الآيات 48 الى 49]
وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى (48) وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (49)
وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى و أعطى القنية و هو ما يتأثل من الأموال، و إفرادها لأنها أشف الأموال أو أرضى و تحقيقه جعل الرضا له قنية.
وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى يعني العبور و هي أشد ضياء من الغميصاء، عبدها أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى اللّه عليه و سلم و خالف قريشا في عبادة الأوثان، و لذلك كانوا يسمون الرسول صلّى اللّه عليه و سلم ابن أبي كبشة، و لعل تخصيصها للإشعار بأنه عليه الصلاة و السلام و إن وافق أبا كبشة في مخالفتهم خالفه أيضا في عبادتها.
[سورة النجم (53): الآيات 50 الى 54]
وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح عليه و السلام. و قيل «عاد الأولى» قوم هود و عاد الأخرى إرم. و قرئ «عادا لولى» بحذف الهمزة و نقل ضمها إلى لام التعريف و قرأ نافع و أبو عمرو عاد الاولى بضم اللام بحركة الهمزة و بإدغام التنوين، و قالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو.
و ثمودا عطف على عاداً لأن ما بعده لا يعمل فيه، و قرأ عاصم و حمزة بغير تنوين و يقفان بغير الألف و الباقون بالتنوين و يقفون بالألف. فَما أَبْقى الفريقين.
وَ قَوْمَ نُوحٍ أيضا معطوف عليه. مِنْ قَبْلُ من قبل عاد و ثمود. إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَ أَطْغى من الفريقين لأنهم كانوا يؤذونه و ينفرون عنه و يضربونه حتى لا يكون به حراك.
وَ الْمُؤْتَفِكَةَ و القرى التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت و هي قرى قوم لوط. أَهْوى بعد أن رفعها فقلبها.
فَغَشَّاها ما غَشَّى فيه تهويل و تعميم لما أصابهم.
[سورة النجم (53): الآيات 55 الى 56]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (55) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (56)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى تتشكك و الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه و سلم، أو لكل أحد و المعدودات و إن كانت نعما و نقما سماها آلاءِ من قبل ما في نقمه من العبر و المواعظ للمعتبرين، و الانتقام للأنبياء و المؤمنين.
هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي هذا القرآن إنذار من جنس الإنذارات المتقدمة، أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين.
[سورة النجم (53): الآيات 57 الى 58]
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (58)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ .
لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا اللّه لكنه لا يكشفها، أو
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 163
الآن بتأخيرها إلا اللّه، أو ليس لها كاشفة لوقتها إلا اللّه إذ لا يطلع عليه سواه، أو ليس لها من غير اللّه كشف على أنها مصدر كالعافية.
[سورة النجم (53): الآيات 59 الى 62]
أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن تَعْجَبُونَ إنكارا.
وَ تَضْحَكُونَ استهزاء. وَ لا تَبْكُونَ تحزنا على ما فرطتم.
وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ لاهون أو مستكبرون من سمد البعير في مسيره إذا رفع رأسه، أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود و هو الغناء.
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَ اعْبُدُوا أي و اعبدوه دون الآلهة.
عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من قرأ سورة النجم أعطاه اللّه عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد و جحد به بمكة».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 164
(54) سورة القمر
مكية و آيها خمس و خمسون آية
[سورة القمر (54): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ
روي أن الكفار سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم آية فانشق القمر.
و قيل معناه سينشق يوم القيامة و يؤيد الأول أنه قرئ «و قد انشق القمر» أي اقتربت الساعة و قد حصل من آيات اقترابها انشقاق القمر، و قوله:
وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عن تأملها و الإيمان بها. وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ مطرد و هو يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخر مترادفة و معجزات متتابعة حتى قالوا ذلك، أو محكم من المرة يقال أمررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم، أو مستبشع من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته أو مارّ ذاهب لا يبقى.
وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ و هو ما زين لهم الشيطان من رد الحق بعد ظهوره، و ذكرهما بلفظ الماضي للإشعار بأنهما من عادتهم القديمة. وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ منته إلى غاية من خذلان أو نصر في الدنيا و شقاوة، أو سعادة في الآخرة فإن الشيء إذا انتهى إلى غايته ثبت و استقر، و قرئ بالفتح أي ذو مستقر بمعنى استقرار و بالكسر و الجر على أنه صفة أمر، و كل معطوف على الساعة.
[سورة القمر (54): الآيات 4 الى 5]
وَ لَقَدْ جاءَهُمْ في القرآن مِنَ الْأَنْباءِ أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة. ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ازدجار من تعذيب أو وعيد، و تاء الافتعال تقلب دالا مع الذال و الدال و الزاي للتناسب، و قرئ «مزجر» بقلبها زايا و إدغامها.
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ غايتها لا خلل فيها و هي بدل من ما أو خبر لمحذوف، و قرئ بالنصب حالا من ما فإنها موصولة أو مخصوصة بالصفة نصب الحال عنها. فَما تُغْنِ النُّذُرُ نفي أو استفهام إنكار، أي فأي غناء تغني النذر و هو جمع نذير بمعنى المنذر، أو المنذر منه أو مصدر بمعنى الإنذار.
[سورة القمر (54): الآيات 6 الى 8]