کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 163
الآن بتأخيرها إلا اللّه، أو ليس لها كاشفة لوقتها إلا اللّه إذ لا يطلع عليه سواه، أو ليس لها من غير اللّه كشف على أنها مصدر كالعافية.
[سورة النجم (53): الآيات 59 الى 62]
أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن تَعْجَبُونَ إنكارا.
وَ تَضْحَكُونَ استهزاء. وَ لا تَبْكُونَ تحزنا على ما فرطتم.
وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ لاهون أو مستكبرون من سمد البعير في مسيره إذا رفع رأسه، أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود و هو الغناء.
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَ اعْبُدُوا أي و اعبدوه دون الآلهة.
عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من قرأ سورة النجم أعطاه اللّه عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد و جحد به بمكة».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 164
(54) سورة القمر
مكية و آيها خمس و خمسون آية
[سورة القمر (54): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ
روي أن الكفار سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم آية فانشق القمر.
و قيل معناه سينشق يوم القيامة و يؤيد الأول أنه قرئ «و قد انشق القمر» أي اقتربت الساعة و قد حصل من آيات اقترابها انشقاق القمر، و قوله:
وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عن تأملها و الإيمان بها. وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ مطرد و هو يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخر مترادفة و معجزات متتابعة حتى قالوا ذلك، أو محكم من المرة يقال أمررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم، أو مستبشع من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته أو مارّ ذاهب لا يبقى.
وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ و هو ما زين لهم الشيطان من رد الحق بعد ظهوره، و ذكرهما بلفظ الماضي للإشعار بأنهما من عادتهم القديمة. وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ منته إلى غاية من خذلان أو نصر في الدنيا و شقاوة، أو سعادة في الآخرة فإن الشيء إذا انتهى إلى غايته ثبت و استقر، و قرئ بالفتح أي ذو مستقر بمعنى استقرار و بالكسر و الجر على أنه صفة أمر، و كل معطوف على الساعة.
[سورة القمر (54): الآيات 4 الى 5]
وَ لَقَدْ جاءَهُمْ في القرآن مِنَ الْأَنْباءِ أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة. ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ ازدجار من تعذيب أو وعيد، و تاء الافتعال تقلب دالا مع الذال و الدال و الزاي للتناسب، و قرئ «مزجر» بقلبها زايا و إدغامها.
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ غايتها لا خلل فيها و هي بدل من ما أو خبر لمحذوف، و قرئ بالنصب حالا من ما فإنها موصولة أو مخصوصة بالصفة نصب الحال عنها. فَما تُغْنِ النُّذُرُ نفي أو استفهام إنكار، أي فأي غناء تغني النذر و هو جمع نذير بمعنى المنذر، أو المنذر منه أو مصدر بمعنى الإنذار.
[سورة القمر (54): الآيات 6 الى 8]
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ لعلمك بأن الإنذار لا يغني فيهم. يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إسرافيل، و يجوز أن يكون الدعاء فيه كالأمر في قوله: كُنْ فَيَكُونُ* و إسقاط الياء اكتفاء بالكسرة للتخفيف و انتصاب يَوْمَ ب يَخْرُجُونَ أو بإضمار أذكر. إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله و هو هول يوم القيامة، و قرأ ابن كثير بالتخفيف، و قرئ «نكر» بمعنى أنكر.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 165
خاشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث أي يخرجون من قبورهم خاشعا ذليلا أبصارهم من الهول، و إفراده و تذكيره لأن فاعله ظاهر غير حقيقي التأنيث، و قرئ «خاشعة» على الأصل، و قرأ ابن كثير و نافع و ابن عامر و عاصم خُشَّعاً ، و إنما حسن ذلك و لم يحسن مررت برجال قائمين غلمانهم لأنه ليس على صيغة تشبه الفعل، و قرئ «خشع أبصارهم» على الابتداء و الخبر فتكون الجملة حالا. كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ في الكثرة و التموج و الانتشار في الأمكنة.
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ مسرعين مادي أعناقهم إليه، أو ناظرين إليه. يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ صعب.
[سورة القمر (54): الآيات 9 الى 10]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ قبل قومك. فَكَذَّبُوا عَبْدَنا نوحا عليه السلام و هو تفصيل بعد إجمال، و قيل معناه كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب، أو كذبوه بعد ما كذبوا الرسل. وَ قالُوا مَجْنُونٌ هو مجنون. وَ ازْدُجِرَ و زجر عن التبليغ بأنواع الأذية، و قيل إنه من جملة قيلهم أي هو مجنون و قد ازدجرته الجن و تخبطته.
فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي بأني و قرئ بالكسر على إرادة القول. مَغْلُوبٌ غلبني قومي. فَانْتَصِرْ فانتقم لي منهم و ذلك بعد يأسه منهم.
فقد روي أن الواحد منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه فيفيق و يقول: «اللّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
[سورة القمر (54): الآيات 11 الى 12]
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ منصب، و هو مبالغة و تمثيل لكثرة الأمطار و شدة انصبابها، و قرأ ابن عامر و يعقوب ففتحنا بالتشديد لكثرة الأبواب.
وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً و جعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة، و أصله و فجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة. فَالْتَقَى الْماءُ ماء السماء و ماء الأرض، و قرئ «الماءان» لاختلاف النوعين «الماوان» بقلب الهزة واوا. عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ على حال قدرها اللّه تعالى في الأزل من غير تفاوت، أو على حال قدرت و سويت و هو أن قدر ما أنزل على قدر ما أخرج، أو على أمر قدره اللّه تعالى و هو هلاك قوم نوح بالطوفان.
[سورة القمر (54): الآيات 13 الى 14]
وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14)
وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ ذات أخشاب عريضة. وَ دُسُرٍ و مسامير جمع دسار من الدسر، و هو الدفع الشديد و هي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث إنها كالشرح لها تؤدي مؤداها.
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا. جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها، فإن كل نبي نعمة من اللّه تعالى و رحمة على أمته، و يجوز أن يكون على حذف الجار و إيصال الفعل إلى الضمير، و قرئ «لمن كفر» أي للكافرين.
[سورة القمر (54): الآيات 15 الى 17]
وَ لَقَدْ تَرَكْناها أي السفينة أو الفعلة. آيَةً يعتبر بها إذ شاع خبرها و اشتهر. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 166
معتبر، و قرئ «مذتكر» على الأصل، و «مذكر» بقلب التاء ذالا و الإدغام فيها.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ استفهام تعظيم و وعيد، و النذر يحتمل المصدر و الجمع.
وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ سهلناه أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها. لِلذِّكْرِ للادكار و الاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ و العبر، أو للحفظ بالاختصار و عذوبة اللفظ. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متعظ.
[سورة القمر (54): الآيات 18 الى 21]
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ و إنذاري أتى لهم بالعذاب قبل نزوله، أو لمن بعدهم في تعذيبهم.
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً باردا أو شديد الصوت. فِي يَوْمِ نَحْسٍ شؤم. مُسْتَمِرٍّ أي استمر شؤمه، أو استمر عليهم حتى أهلكهم، أو على جميعهم كبيرهم و صغيرهم فلم يبق منهم أحدا، أو اشتد مرارته و كان يوم الأربعاء آخر الشهر.
تَنْزِعُ النَّاسَ تقلعهم، روي أنهم دخلوا في الشعاب و الحفر و تمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح منها و صرعتهم موتى. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض. و قيل شبهوا بالأعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم و طرحت أجسادهم، و تذكير مُنْقَعِرٍ للحمل على اللفظ، و التأنيث في قوله أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ للمعنى.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ كرره للتهويل. و قيل الأول لما حاق بهم في الدنيا، و الثاني لما يحيق بهم في الآخرة كما قال أيضا في قصتهم لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى .
[سورة القمر (54): الآيات 22 الى 25]
وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ بالإنذارات و المواعظ، أو الرسل.
فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا من جنسنا أو من جملتنا لا فضل له علينا، و انتصابه بفعل يفسره و ما بعده و قرئ بالرفع على الابتداء و الأول أوجه للاستفهام. واحِداً منفردا لاتبع له أو من آحادهم دون أشرافهم. نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ جمع سعير كأنه عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له، و قيل السعر الجنون و منه ناقة مسعورة.
أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ الكتاب أو الوحي. عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا و فينا من هو أحق منه بذلك. بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ حمله بطره على الترفع علينا بادعائه إياه.
[سورة القمر (54): الآيات 26 الى 28]
سَيَعْلَمُونَ غَداً عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة. مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ الذي حمله أشره على الاستكبار عن الحق و طلب الباطل أصالح عليه السلام أم من كذبه؟ و قرأ ابن عامر و حمزة و رويس ستعلمون على الالتفات أو حكاية ما أجابهم به صالح، و قرئ «الأشر» كقولهم حذر في حذر و «الأشر» أي الأبلغ في الشرارة و هو أصل مرفوض كالأخير.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 167
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ مخرجوها و باعثوها. فِتْنَةً لَهُمْ امتحانا لهم. فَارْتَقِبْهُمْ فانتظرهم و تبصر ما يصنعون. وَ اصْطَبِرْ على أذاهم.
وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ مقسوم لها يوم و لهم يوم، و بَيْنَهُمْ لتغليب العقلاء. كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ يحضره صاحبه في نوبته أو يحضره عنه غيره.
[سورة القمر (54): الآيات 29 الى 31]
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدار بن سالف أحيمر ثمود فَتَعاطى فَعَقَرَ فاجترأ على تعاطي قتلها فقتلها أو فتعاطى السيف فقتلها و التعاطي تناول الشيء بتكلف.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً صيحة جبريل عليه السلام. فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ كالشجر اليابس المتكسر الذي يتخذه من يعمل الحظيرة لأجلها أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء، و قرئ بفتح الظاء أي كهشيم الحظيرة أو الشجر المتخذ لها.
[سورة القمر (54): الآيات 32 الى 35]
وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ريحا تحصبهم بالحجارة أي ترميهم. إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ في سحر و هو آخر الليل أو مسحرين.
نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا إنعاما منا و هو علة لنجينا. كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ نعمتنا بالإيمان و الطاعة.
[سورة القمر (54): الآيات 36 الى 39]
وَ لَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط. بَطْشَتَنا أخذتنا بالعذاب. فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ فكذبوا بالنذر متشاكين.
وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ قصدوا الفجور بهم. فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فمسحناها و سويناها بسائر الوجه.
روي أنهم لما دخلوا داره عنوة صفقهم جبريل عليه السلام صفقة فأعماهم.
فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ فقلنا لهم ذوقوا على ألسنة الملائكة أو ظاهر الحال.
وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً و قرئ «بكرة» غير مصروفة على أن المراد بها أول نهار معين. عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ يستقر بهم حتى يسلمهم إلى النار.
[سورة القمر (54): الآيات 40 الى 42]
وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كرر ذلك في كل قصة إشعارا بأن تكذيب كل رسول مقتض لنزول العذاب و استماع كل قصة مستدع للادكار و الاتعاظ، و استئنافا للتنبيه و الاتعاظ لئلا يغلبهم السهو و الغفلة، و هكذا تكرير قوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* . وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* و نحوهما.
وَ لَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ اكتفى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك منهم.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 168
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يعني الآيات التسع. فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ لا يغالب. مُقْتَدِرٍ لا يعجزه شيء.
[سورة القمر (54): الآيات 43 الى 45]
أَ كُفَّارُكُمْ يا معشر العرب. خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ الكفار المعدودين قوّة و عدّة أو مكانة و دينا عند اللّه تعالى. أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أم نزل لكم في الكتب السماوية أن من كفر منكم فهو في أمان من العذاب.
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ جماعة أمرنا مجتمع مُنْتَصِرٌ ممتنع لا نرام أو منتصر من الأعداء لا نغلب، أو متناصر ينصر بعضنا بعضا و التوحيد على لفظ الجميع.
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ أي الأدبار و إفراده لإرادة الجنس، أو لأن كل واحد يولي دبره و قد وقع ذلك يوم بدر و هو من دلائل النبوة. و
عن عمر رضي اللّه تعالى عنه «أنه لما نزلت قال لم أعلم ما هو فلما كان يوم بدر رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يلبس الدرع و يقول. سيهزم الجمع، فعلمته».
[سورة القمر (54): الآيات 46 الى 48]
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ موعد عذابهم الأصلي و ما يحيق بهم في الدنيا فمن طلائعه. وَ السَّاعَةُ أَدْهى أشد، و الداهية أمر فظيع لا يهتدي لدوائه. وَ أَمَرُّ مذاقا من عذاب الدنيا.
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ عن الحق في الدنيا. وَ سُعُرٍ و نيران في الآخرة.
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ يجرون عليها. ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ أي يقال لهم ذوقوا حر النار و ألمها فإن مسها سبب التألم بها، و سقر علم لجهنم و لذلك لم يصرف من سقرته النار و صقرته إذا لوحته.
[سورة القمر (54): الآيات 49 الى 50]
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ أي إنا خلقنا كل شيء مقدرا مرتبا على مقتضى الحكمة، أو مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ قبل وقوعه، و كل شيء منصوب بفعل يفسره ما بعده، و قرئ بالرفع على الابتداء و على هذا فالأولى أن يجعل خلقناه خبرا لا نعتا ليطابق المشهورة في الدلالة على أن كل شيء مخلوق بقدر، و لعل اختيار النصب ها هنا مع الإضمار لما فيه من النصوصية على المقصود.
وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ إلا فعلة واحدة و هو الإيجاد بلا معالجة و معاناة، أو إِلَّا كلمة واحدة و هو قوله كن. كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ في اليسر و السرعة، و قيل معناه معنى قوله تعالى: وَ ما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ .
[سورة القمر (54): الآيات 51 الى 53]
وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ أشباهكم في الكفر ممن قبلكم. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متعظ.
وَ كُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ مكتوب في كتب الحفظة.
وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ من الأعمال. مُسْتَطَرٌ مسطور في اللوح.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 169
[سورة القمر (54): الآيات 54 الى 55]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ أنهار و اكتفى باسم الجنس، أو سعة أو ضياء من النهار. و قرئ «نهر» و بضم الهاء جمع نهر كأسد و أسد.
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ في مكان مرضي، و قرئ «مقاعد صدق». عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ مقربين عند من تعالى أمره في الملك، و الاقتدار بحيث أبهمه ذوو الأفهام.