کتابخانه تفاسیر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل
الجزء الأول
مقدمة
(2) سورة البقرة
الجزء الثاني
(3) سورة آل عمران
(4) سورة النساء
(5) سورة المائدة
(6) سورة الأنعام
الجزء الثالث
(7) سورة الأعراف
(8) سورة الأنفال
(9) سورة براءة
(10) سورة يونس
(11) سورة هود
(12) سورة يوسف
(13) سورة الرعد
(14) سورة إبراهيم
(15) سورة الحجر
(16) سورة النحل
(17) سورة بني إسرائيل
(18) سورة الكهف
الجزء الرابع
(19) سورة مريم
(20) سورة طه
(21) سورة الأنبياء
(22) سورة الحج
(23) سورة المؤمنون
(24) سورة النور
(25) سورة الفرقان
(26) سورة الشعراء
(27) سورة النمل
(28) سورة القصص
(29) سورة العنكبوت
(30) سورة الروم
(31) سورة لقمان
(32) سورة السجدة
(33) سورة الأحزاب
(34) سورة سبأ
(35) سورة الملائكة
(36) سورة يس
الجزء الخامس
(37) سورة الصافات
(38) سورة ص
(39) سورة الزمر
(40) سورة المؤمن
(41) سورة فصلت
(42) سورة حم عسق
(43) سورة الزخرف
(44) سورة الدخان
(45) سورة الجاثية
(46) سورة الأحقاف
(47) سورة محمد صلى الله عليه و سلم
(48) سورة الفتح
(49) سورة الحجرات
(50) سورة ق
(51) سورة و الذاريات
(52) سورة و الطور
(53) سورة و النجم
(54) سورة القمر
(55) سورة الرحمن
(56) سورة الواقعة
(57) سورة الحديد
(58) سورة المجادلة
(59) سورة الحشر
(67) سورة الملك
(68) سورة ن
(69) سورة الحاقة
(70) سورة المعارج
(71) سورة نوح
(72) سورة الجن
(73) سورة المزمل
(74) سورة المدثر
(75) سورة القيامة
(76) سورة الإنسان
(77) سورة المرسلات
(78) سورة النبأ
(79) سورة النازعات
(80) سورة عبس
(83) سورة المطففين
(89) سورة الفجر
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 286
(80) سورة عبس
مكية و آيها ثنتان و أربعون آية
[سورة عبس (80): الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عَبَسَ وَ تَوَلَّى . أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى
روي: أن ابن أم مكتوم أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و عنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام، فقال: يا رسول اللّه علمني مما علمك اللّه، و كرر ذلك و لم يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قطعه لكلامه و عبس و أعرض عنه فنزلت، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يكرمه و يقول إذا رآه: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، و استخلفه على المدينة مرتين.
و قرئ «عبّس» بالتشديد للمبالغة و أَنْ جاءَهُ علة ل تَوَلَّى ، أو عَبَسَ على اختلاف المذهبين، و قرئ «ءاأن» بهمزتين و بألف بينهما بمعنى أ لئن جاءه الأعمى فعل ذلك، و ذكر الأعمى للإشعار بعذره في الإقدام على قطع كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بالقوم و الدلالة على أنه أحق بالرأفة و الرفق، أو لزيادة الإنكار كأنه قال: تولى لكونه أعمى كالالتفات في قوله:
وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي: و أي شيء يجعلك داريا بحاله لعله يتطهر من الآثام بما يتلقف منك.
و فيه إيماء بأن إعراضه كان لتزكية غيره.
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أو يتعظ فتنفعه موعظتك، و قيل الضمير في لَعَلَّهُ للكافر أي أنك طمعت في تزكيه بالإسلام و تذكره بالموعظة و لذلك أعرضت عن غيره، فما يدريك أن ما طمعت فيه كائن، و قرأ عاصم فتنفعه بالنصب جوابا للعل.
[سورة عبس (80): الآيات 5 الى 7]
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَ ما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى تتعرض له بالإقبال عليه و أصله تتصدى، و قرأ ابن كثير و نافع تَصَدَّى بالإدغام و قرئ. تَصَدَّى أي تعرض و تدعى إلى التصدي.
وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى و ليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام حتى يبعثك الحرص على إسلامه إلى الإعراض عمن أسلم إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ .
[سورة عبس (80): الآيات 8 الى 10]
وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (8) وَ هُوَ يَخْشى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)
وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى يسرع طالبا للخير.
وَ هُوَ يَخْشى اللّه أو أذية الكفار في إتيانك، أو كبوة الطريق لأنه أعمى لا قائد له.
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى تتشاغل، يقال لها عنه و التهى و تَلَهَّى ، و لعل ذكر التصدي و التلهي للإشعار بأن العتاب على اهتمام قلبه بالغني و تلهيه عن الفقير، و مثله لا ينبغي له ذلك.
[سورة عبس (80): الآيات 11 الى 16]
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 287
كَلَّا ردع عن المعاتب عليه أو عن معاودة مثله. إِنَّها تَذْكِرَةٌ .
فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ حفظه أو اتعظ به و الضميران للقرآن، أو العتاب المذكور و تأنيث الأول لتأنيث خبره.
فِي صُحُفٍ مثبتة فيها صفة لتذكرة، أو خبر ثان أو خبر لمحذوف. مُكَرَّمَةٍ عند اللّه.
مَرْفُوعَةٍ القدر. مُطَهَّرَةٍ منزهة عن أيدي الشياطين:
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كتبة من الملائكة أو الأنبياء ينتسخون الكتب من اللوح أو الوحي، أو سفراء يسفرون بالوحي بين اللّه تعالى و رسله، أو الأمة جمع سافر من السفر، أو السفارة و التركيب للكشف يقال سفرت المرأة إذا كشفت وجهها.
كِرامٍ أعزاء على اللّه أو متعطفين على المؤمنين يكلمونهم و يستغفرون لهم. بَرَرَةٍ أتقياء.
[سورة عبس (80): الآيات 17 الى 19]
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ دعاه عليه بأشنع الدعوات و تعجب من إفراطه في الكفران، و هو مع قصره يدل على سخط عظيم و ذم بليغ.
مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ بيان لما أنعم عليه خصوصا من مبدأ حدوثه، و الاستفهام للتحقير و لذلك أجاب عنه بقوله:
مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ فهيأه لما يصلح له من الأعضاء و الأشكال، أو فَقَدَّرَهُ أطوارا إلى أن تم خلقته.
[سورة عبس (80): الآيات 20 الى 22]
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (22)
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثم سهل مخرجه من بطن أمه بأن فتح فوهة الرحم و ألهمه أن ينتكس، أو ذلل له سبيل الخير و الشر و نصب السبيل بفعل يفسره الظاهر للمبالغة في التيسير، و تعريفه باللام دون الإضافة للإشعار بأنه سبيل عام، و فيه على المعنى الأخير إيماء بأن الدنيا طريق و المقصد غيرها و لذلك عقبه بقوله:
ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ وعد الإماتة و الإقبار في النعم لأن الإماتة وصلة في الجملة إلى الحياة الأبدية و اللذات الخالصة و الأمر بالقبر تكرمة و صيانة عن السباع، و في إِذا شاءَ إشعار بأن وقت النشور غير متعين في نفسه، و إنما هو موكول إلى مشيئته تعالى.
[سورة عبس (80): الآيات 23 الى 25]
كَلَّا ردع للإنسان بما هو عليه. لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ لم يقض بعد من لدن آدم إلى هذه الغاية ما أمره اللّه بأسره، إذ لا يخلو أحد من تقصير ما.
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ إتباع للنعم الذاتية بالنعم الخارجية.
أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا استئناف مبين لكيفية إحداث الطعام، و قرأ الكوفيون بالفتح على البدل منه بدل الاشتمال.
[سورة عبس (80): الآيات 26 الى 28]
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (27) وَ عِنَباً وَ قَضْباً (28)
.
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 288
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا أي بالنبات أو بالكراب، و أسند الشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب.
فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا كالحنطة و الشعير.
وَ عِنَباً وَ قَضْباً يعني الرطبة سميت بمصدر قضبه إذا قطعه لأنها تقضب مرة بعد أخرى.
[سورة عبس (80): الآيات 29 الى 32]
وَ زَيْتُوناً وَ نَخْلًا وَ حَدائِقَ غُلْباً عظاما وصف به الحدائق لتكاثفها و كثرة أشجارها، أو لأنها ذات أشجار غلاظ مستعار من وصف الرقاب.
وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا و مرعى من أب إذا أم لأنه يؤم و ينتجع، أو من أب لكذا إذا تهيأ له لأنه متهيئ للرعي، أو فاكهة يابسة تؤوب للشتاء.
مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ فإن الأنواع المذكورة بعضها طعام و بعضها علف.
[سورة عبس (80): الآيات 33 الى 37]
فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ أي النفخة و صفت بها مجازا لأن الناس يصخون لها.
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ لاشتغاله بشأنه و علمه بأنهم لا ينفعونه، أو للحذر من مطالبتهم بما قصر في حقهم و تأخير الأحب فالأحب للمبالغة كأنه قيل: يفر من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته و بنيه.
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يكفيه في الاهتمام به، و قرئ «يعنيه» أي يهمه.
[سورة عبس (80): الآيات 38 الى 42]
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ مضيئة من إسفار الصبح.
ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ لما ترى من النعيم.
وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ غبار و كدورة.
تَرْهَقُها قَتَرَةٌ يغشاها سواد و ظلمة.
أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ الذين جمعوا إلى الكفر الفجور، فلذلك يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة.
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم «من قرأ سورة عبس جاء يوم القيامة و وجهه ضاحك مستبشر».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 289
(81) سورة التكوير
مكية و آيها تسع و عشرون آية
[سورة التكوير (81): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (3)
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ لفت من كورت العمامة إذا لففتها بمعنى رفعت لأن الثوب إذا أريد رفعه لف، أو لف ضوؤها فذهب انبساطه في الآفاق و زال أثره، أو ألقيت عن فلكها من طعنه فكوره إذا ألقاه مجتمعا و التركيب للإدارة و الجمع و ارتفاع الشمس بفعل يفسره ما بعدها أولى لأن إذا الشرطية تطلب الفعل.
وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ انقضت قال: أبصر خربان فضاء فانكدر. أو أظلمت من كدرت الماء فانكدر.
وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ عن وجه الأرض أو في الجو.
[سورة التكوير (81): الآيات 4 الى 7]
وَ إِذَا الْعِشارُ النوق اللواتي أتى على حملهن عشرة أشهر جمع عشراء. عُطِّلَتْ تركت مهملة، أو السحائب عطلت عن المطر، و قرئ بالتخفيف.
وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ جمعت من كل جانب أو بعثت للقصاص ثم ردت ترابا، أو أميتت من قولهم إذا أجحفت السنة بالناس حشرتهم، و قرئ بالتشديد.
وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أحميت أو ملئت بتفجير بعضها إلى بعض حتى تعود بحرا واحدا، من سجر التنور إذا ملأه بالحطب ليحميه، و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و روح بالتخفيف.
وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قرنت بالأبدان أو كل منها بشكلها، أو بكتابها و عملها أو نفوس المؤمنين بالحور و نفوس الكافرين بالشياطين.
[سورة التكوير (81): الآيات 8 الى 10]
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ المدفونة حية و كانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق، أو لحوق العار بهم من أجلهن.
سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ تبكيتا لوائدها كتبكيت النصارى بقوله تعالى لعيسى عليه الصلاة و السلام أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ و قرئ «سألت» أي خاصمت عن نفسها و سألت، و إنما قيل قُتِلَتْ على الإخبار عنها و قرئ «قتلت» على الحكاية.
وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ يعني صحف الأعمال فإنها تطوى عند الموت و تنشر وقت الحساب. و قيل نُشِرَتْ فرقت بين أصحابها. و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و حمزة و الكسائي بالتشديد للمبالغة في النشر، أو
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 290
لكثرة الصحف أو شدة التطاير.
[سورة التكوير (81): الآيات 11 الى 14]
وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قلعت و أزيلت كما يكشط الإهاب عن الذبيحة، و قرئ «قشطت» و اعتقاب القاف و الكاف كثير.
وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ أوقدت إيقادا شديدا و قرأ نافع و ابن عامر و حفص و رويس بالتشديد.
وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ قربت من المؤمنين. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ جواب إِذَا و إنما صح و المذكور في سياقها اثنتا عشرة خصلة ست منها في مبادئ قيام الساعة قبل فناء الدنيا و ست بعده، لأن المراد زمان متسع شامل لها و لمجازاة النفوس على أعمالها، و نَفْسٌ في معنى العموم كقولهم تمرة خير من جرادة.
[سورة التكوير (81): الآيات 15 الى 18]
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخر، و هي ما سوى النيرين من الكواكب السيارات و لذلك وصفها بقوله:
الْجَوارِ الْكُنَّسِ أي السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسه، و هو بيته المتخذ من أغصان الشجر.
وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أقبل ظلامه أو أدبر و هو من الأضداد يقال عسعس الليل و سعسع إذا أدبر.
وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أي أضاء غبرته عند إقبال روح و نسيم.
[سورة التكوير (81): الآيات 19 الى 22]
إِنَّهُ أي القرآن. لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يعني جبريل فإنه قاله عن اللّه تعالى.
ذِي قُوَّةٍ كقوله شديد القوى. عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ عند اللّه ذي مكانة.
مُطاعٍ في ملائكته. ثَمَّ أَمِينٍ على الوحي، و ثم يحتمل اتصاله بما قبله و ما بعده، و قرئ «ثم» تعظيما للأمانة و تفضيلا لها على سائر الصفات.
وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ كما تبهته الكفرة و استدل بذلك على فضل جبريل على محمد عليه الصلاة و السلام حيث عد فضائل جبريل و اقتصر على نفي الجنون عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم، و هو ضعيف إذ المقصود منه نفي قولهم إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ لا تعداد فضلهما و الموازنة بينهما.
[سورة التكوير (81): الآيات 23 الى 25]
وَ لَقَدْ رَآهُ و لقد رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم جبريل عليه الصلاة و السلام. بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ بمطلع الشمس الأعلى.
وَ ما هُوَ و ما محمد عليه الصلاة و السلام. عَلَى الْغَيْبِ على ما يخبره من الموحى إليه و غيره من الغيوب. بظنين بمتهم من الظنة، و هي التهمة، و قرأ نافع و عاصم و حمزة و ابن عامر بِضَنِينٍ بالضاد من
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 291
الضن و هو البخل أي لا يبخل بالتبليغ و التعليم، و الضاد من أصل حافة اللسان و ما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره، و الظاء من طرف اللسان و أصول الثنايا العليا.
وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ بقول بعض المسترقة للسمع، و هو نفي لقولهم إنه لكهانة و سحر.
[سورة التكوير (81): الآيات 26 الى 29]
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ استضلال لهم فيما يسلكونه في أمر الرسول صلّى اللّه عليه و سلم و القرآن، كقولك لتارك الجادة: أين تذهب.
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ تذكير لمن يعلم.
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ بتحري الحق و ملازمة الصواب و إبداله من العالمين لأنهم المنتفعون بالتذكير.
وَ ما تَشاؤُنَ الاستقامة يا من يشاؤها. إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إلا وقت أن يشاء اللّه مشيئتكم فله الفضل و الحق عليكم باستقامتكم. رَبُّ الْعالَمِينَ مالك الخلق كله.
قال عليه الصلاة و السلام «من قرأ سورة التكوير أعاذه اللّه أن يفضحه حين تنتشر صحيفته».
أنوار التنزيل و أسرار التأويل، ج5، ص: 292
(82) سورة الانفطار
مكية و آيها تسع عشرة آية
[سورة الانفطار (82): الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ انشقت.
وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ تساقطت متفرقة.
وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ فتح بعضها إلى بعض فصار الكل بحرا واحدا.
وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها و أخرج موتاها. و قيل إنه مركب من بعث وراء الإثارة كبسمل و نظيره بحثر لفظا و معنى.
[سورة الانفطار (82): الآيات 5 الى 6]
عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ من عمل أو صدقة. وَ أَخَّرَتْ من سيئة أو تركة، و يجوز أن يراد بالتأخير التضييع و هو جواب إِذَا .
يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أي شيء خدعك و جرأك على عصيانه، و ذكر الْكَرِيمِ للمبالغة في المنع عن الاغترار فإن محض الكرم لا يقتضي إهمال الظالم و تسوية الموالي و المعادي و المطيع و العاصي، فكيف إذا انضم إليه صفة القهر و الانتقام و الإشعار بما به يغره الشيطان، فإنه يقول له افعل ما شئت فربك كريم لا يعذب أحدا و لا يعاجل بالعقوبة، و الدلالة على أن كثرة كرمه تستدعي الجد في طاعته لا الانهماك في عصيانه اغترارا بكرمه.
[سورة الانفطار (82): الآيات 7 الى 8]
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8)
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم منبهة على أن من قدر على ذلك أولا قدر عليه ثانيا، و التسوية جعل الأعضاء سليمة مسواة معدة لمنافعها، و التعديل جعل البنية معتدلة متناسبة الأعضاء، أو معدلة بما تسعدها من القوى. و قرأ الكوفيون فَعَدَلَكَ بالتخفيف أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، أو فصرفك عن خلقه غيرك و ميزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوان.
فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي ركبك في أي صورة شاءها، و ما مزيدة و قيل شرطية، و رَكَّبَكَ جوابها و الظرف صلة فَعَدَلَكَ ، و إنما لم يعطف الجملة على ما قبلها لأنها بيان لعدلك.
[سورة الانفطار (82): الآيات 9 الى 12]