کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير

المجلد الاول

مقدمة مقدمة الطبعة الثالثة

سورة البقرة

سورة آل عمران

سورة النساء

سورة المائدة

الفهرس

المجلد الثانى

سورة الأنعام

سورة الاعراف

سورة الأنفال

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

فهرس المجلد الثاني

المجلد الثالث

سورة النحل

سورة الإسراء

سورة الكهف

سورة مريم

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة الحج

سورة المؤمنون

سورة النور

سورة الفرقان

سورة الشعراء

فهرس المجلد الثالث

المجلد الرابع

سورة النمل

سورة القصص

سورة العنكبوت

سورة الروم

سورة الأحزاب

سورة الصافات

سورة الزمر

سورة غافر

سورة فصلت

سورة الشورى

سورة الزخرف

فهرس المجلد الرابع

المجلد الخامس

«خاتمة الطبعة الأولى و الثانية» «خاتمة الطبعة الثالثة» فهرس المجلد الخامس

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير


صفحه قبل

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 13

معنى الآية:

يخبر تعالى أن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال و الكمال هى له وحده دون من سواه؛ إذ هو رب كل شى‏ء و خالقه و مالكه.

و أن علينا «1» أن نحمده و نثنى عليه بذلك.

(2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

تقدم شرح هاتين الكلمتين في البسملة. و أنهما اسمان وصف بهما اسم الجلالة «اللّه» فى قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ثناء على اللّه تعالى لاستحقاقه الحمد كلّه.

(3) مالِكِ‏ «2» يَوْمِ الدِّينِ‏

شرح الكلمات:

مالِكِ‏ : المالك: صاحب الملك المتصرف كيف يشاء

ملك: الملك ذو السلطان الآمر الناهى المعطى المانع بلا ممانع و لا منازع‏

يَوْمِ الدِّينِ‏ : يوم الجزاء «3» و هو يوم القيامة حيث يجزى اللّه كل نفس ما كسبت‏

معنى الآية:

تمجيد للّه تعالى بأنه المالك لكل ما في يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئا و الملك الذى لا ملك يوم القيامة سواه.

(1) لأن اللفظ خبر و معناه الانشاء أي قولوا: الحمد للّه.

(2) قرأ حفص مالك باسم الفاعل، و قرأ نافع ملك بدون ألف و هما قراءتان سبعيتان و اللّه حقا هو الملك المالك.

(3) صح تفسير يوم الدين بيوم الحساب عن السلف من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و لما كان الحساب غايته الجزاء صح اطلاق لفظ الجزاء على يوم الدين، إذ يقال دانه يدينه بكذا دينا و دينا إذا حاسبه و جزاه، و في الحديث الكيّس من دان نفسه أي:

حاسبها، و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على اللّه الأماني. رواه أحمد و الترمذي و غيرهما و هو صحيح.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 14

هداية الآيات:

فى هذه الآيات الثلاث من الهداية ما يلى:

1- أن اللّه تعالى يحب‏ «1» الحمد فلذا حمد تعالى نفسه و أمر عباده به.

2- أن المدح يكون لمقتض. و إلا فهو باطل و زور فاللّه تعالى لما حمد نفسه ذكر مقتضى الحمد و هو كونه ربّ العالمين و الرحمن الرحيم و مالك يوم الدين.

(4) إِيَّاكَ‏ «2» نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏

شرح الكلمات:

إِيَّاكَ‏ : ضمير نصب يخاطب به الواحد

نَعْبُدُ «3» : نطيع مع غاية الذل لك و التعظيم و الحب‏

نَسْتَعِينُ‏ : نطلب عونك لنا على طاعتك‏ «4»

معنى الآية:

علّمنا اللّه تعالى كيف نتوسل إليه في قبول دعائنا فقال احمدوا اللّه و اثنوا عليه و مجدوه، و التزموا له بأن تعبدوه وحده و لا تشركوا به و تستعينوه و لا تستعينوا بغيره.

هداية الآية:

من هداية هذه الآية ما يلى:

1- آداب الدعاء «5» حيث يقدم السائل بين يدى دعائه حمد اللّه و الثناء عليه و تمجيده. و زادت‏

(1) قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ما من أحد أحب إليه الحمد من اللّه تعالى حتى إنه حمد نفسه، و لفظ البخاري، لا أحد أغير من اللّه و لذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و لا شي‏ء أحب إليه المدح من اللّه و لذلك مدح نفسه و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: ما أنعم اللّه على عبده بنعمة فقال: الحمد للّه إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ. رواه البيهقي عن أنس بسند حسن.

(2) العدول عن نعبدك و نستعينك إلى ايّاك نعبد و إيّاك نستعين لإفادة الاختصاص و الحصر، و في إياك نعبد و ايّاك نستعين نكتة بلاعية و هي: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب و هي من المحسنات البديعية.

(3) نعبد مضارع عبده إذا أطاعه متذلّلا له خوفا منه و طمعا فيما عنده فأحبه لذلك غاية الحب و عظمه غاية التعظيم و هكذا تكون عبادة المؤمن لربّه تعالى.

(4) و على كل ما يهم العبد من أمور دينه و دنياه.

(5) روى أبو داود و الترمذي، و النسائي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سمع رجلا يدعو في صلاته فلم يصل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره، إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد اللّه و الثناء عليه ثم ليصل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ثم ليدع بعد مما شاء.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 15

السنة الصلاة على النبىّ صلّى اللّه عليه و سلّم، ثم يسأل حاجته فإنه يستجاب‏ «1» له.

2- أن لا يعبد غير ربه. و أن لا يستعينه إلّا هو سبحانه و تعالى.

(5) اهْدِنَا «2» الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏

شرح الكلمات:

اهْدِنَا : أرشدنا و أدم هدايتنا

الصِّراطَ : الطريق الموصل إلى رضاك و جنّتك و هو الإسلام لك‏

الْمُسْتَقِيمَ‏ : الذى لا ميل فيه عن الحق و لا زيغ عن الهدى‏

معنى الآية:

بتعليم من اللّه تعالى يقول العبد في جملة إخوانه المؤمنين سائلا ربّه بعد أن توسل إليه بحمده و الثناء عليه و تمجيده، و معاهدته أن لا يعبد هو و اخوانه المؤمنون إلا هو، و ان لا يستعينوا إلا به. يسألونه أن يديم هدايتهم‏ «3» للإسلام حتى لا ينقطعوا عنه.

من هداية الآية:

الترغيب في دعاء اللّه و التضرّع إليه و في الحديث الدعاء «4» هو العبادة.

(6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏

شرح الكلمات:

الصراط: تقدم بيانه.

الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ : هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون‏ «5» ، و كل من أنعم اللّه‏

(1) روى أحمد عن أبي سعيد رضي اللّه عنه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: ما من مسلم يدعو اللّه عز و جل بدعوة ليس فيها إثم و لا قطيعة رحم إلا أعطاه اللّه بها إحدى ثلاث خصال: إمّا أن يعجل له دعوته و إما أن يدخرها له في الأخرى، و إما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا: إذا نكثر، قال: اللّه أكثر.

(2) فعل الهداية يتعدى بنفسه و بحرف الجر فمن الأول قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و من الثاني قوله تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى‏ صِراطِ الْجَحِيمِ‏ .

(3) الهداية نوعان: هداية بيان و إرشاد، و هذه تطلب من ذوي العلم، فهم يبينون للسائل طرق الخير و يرشدونه إليها. هداية توفيق إلى اعتقاد الحق و لزمه في الاعتقاد و القول و العمل، و هذه لا تطلب إلا من اللّه تعالى و منها هذه الدعوة: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و يشهد للهداية الأولى و هي هداية البيان قوله تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ . و يشهد للثانية قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏ . فأثبت لنبيه هداية البيان و نفى عنه هداية التوفيق و هي الهداية القلبية الباطنة.

(4) رواه أصحاب السنن، و صححه الترمذي عن النعمان بن بشير رضي اللّه عنه.

(5) ورد هذا البيان في قوله تعالى من سورة النساء وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 16

عليهم بالإيمان به تعالى و معرفته، و معرفة محابه، و مساخطه، و التوفيق لفعل المحاب و ترك المكاره.

معنى الآية:

لما سأل المؤمن له و لاخوانه الهداية الى الصراط المستقيم، و كان الصراط مجملا بيّنه بقوله‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و هو المنهج القويم المفضى بالعبد إلى رضوان اللّه تعالى و الجنة و هو الاسلام القائم على الإيمان و العلم و العمل مع اجتناب الشرك‏ «1» و المعاصى.

هداية الآية:

من هداية الآية ما يلى:

1- الاعتراف بالنعمة

2- طلب حسن القدوة

(7) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏

شرح الكلمات:

غَيْرِ : لفظ يستثنى‏ «2» به كإلّا.

الْمَغْضُوبِ‏ عليهم: من غضب اللّه تعالى عليهم لكفرهم و افسادهم في الأرض كاليهود.

الضَّالِّينَ‏ : من اخطأوا طريق الحق فعبدوا «3» اللّه بما لم يشرعه كالنصارى.

(1) الشرك: عبادة غير اللّه مع اللّه تعالى أو اعتقاد ربوبية أو ألهية كائن من كان مع اللّه تعالى و لو لم يعبده إشراك المخلوق فى صفات الخالق الذاتية أو الفعلية.

(2) لفظ غير مفرد مضاف دائما لفظا أو معنى و إدخال أل عليه خطأ و أصله الوصف و يستثنى به.

(3) الضلال الانحراف و البعد عن الهدى المطلوب و هو في الشرع نوعان: ضلال في الاعتقاد، و ضلال في العمل فالضلال فى الاعتقاد: هو كل اعتقاد مخالف كلا أو بعضا للمعتقد الإسلامي الذي بينه اللّه تعالى في كتابه و على لسان رسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و الضلال في العمل: هو عبادة اللّه تعالى بغير ما شرع و التقرب إليه عزّ و جل بما لم يشرعه قربة، و لا ينجو من هذا الضلال إلّا من تمسك بكتاب اللّه و سنة رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 17

معنى الآية:

لما سأل المؤمن ربّه الصراط المستقيم و بينه بأنه صراط من أنعم عليهم بنعمة الإيمان‏ «1» و العلم و العمل. و مبالغة في طلب الهداية الى الحق، و خوفا من الغواية استثنى كلا من طريق المغضوب عليهم، و الضالين.

هداية الآية:

من هداية الآية:

الترغيب في سلوك سبيل الصالحين، و الترهيب من سلوك سبيل الغاوين.

[تنبيه أول‏]: كلمة آمين ليست من الفاتحة. و يستحب أن يقولها الإمام إذا قرأ الفاتحة يمد بها صوته و يقولها المأموم، و المنفرد كذلك لقول الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم إذا أمن الإمام فأمنوا. «2» أي قولوا آمين بمعنى اللهم استجب دعاءنا، و يستحب الجهر بها؛ لحديث ابن ماجة:

كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال آمين حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد.

[تنبيه ثان‏]: قراءة الفاتحة واجبة في كل ركعة من الصلاة، أمّا المنفرد و الإمام فلا خلاف في ذلك، و أمّا المأموم فإن الجمهور من الفقهاء على أنه يسن له قراءتها في السريّة دون الجهرية لحديث: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة و يكون مخصصا لعموم حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.

(1) لفظ النعمة اسم جنس تحته أربعة أنواع: الأولى: نعمة الإيمان باللّه و بما أوجب الإيمان به الثانية: نعمة معرفة اللّه تعالى بأسمائه و صفاته، و الثالثة: نعمة معرفة محابه و مكارهه. و الرابعة: نعمة التوفيق لفعل المحاب و ترك المكاره.

(2) رواه البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا أمّن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنوبه.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 18

سورة البقرة

«1» مدنية و آياتها مائتان و ست أو سبع و ثمانون آية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

«2»

(1) الم‏

شرح الكلمة:

الم‏ : هذه من الحروف المقطعة تكتب الم. و تقرأ هكذا:

ألف لام مّيم. و السور المفتتحة بالحروف المقطعة تسع و عشرون سورة أولها البقرة هذه و آخرها القلم‏ «ن» و منها الأحادية مثل‏ ص‏ . و ق‏ ، و ن‏ ، و منها الثنائية مثل‏ طه‏ ، و يس‏ ، و حم* ، و منها الثلاثية و الرباعية و الخماسية و لم يثبت في تفسيرها عن النبى صلّى اللّه عليه و سلّم شي‏ء و كونها من المتشابه الذى استأثر اللّه تعالى بعلمه أقرب إلى الصواب و لذا يقال‏

(1) ورد و صح في فضل سورة البقرة قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة، و لا يستطيعها البطلة» أي السحرة. و روى الترمذي و صححه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بعث بعثا و هم ذو و عدد و قدّم عليهم أحدثهم سنا لحفظه سورة البقرة و قال له: «اذهب فأنت أميرهم» و روي أيضا أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة».

(2) قرأ نافع يؤمنون بتخفيف الهمزة جمعا و إفرادا في كامل القرآن و قرأها حفص مهموزة في كل القرآن.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏1، ص: 19

فيها: الم‏ : اللّه أعلم‏ «1» بمراده بذلك.

و قد استخرج منها بعض أهل العلم فائدتين: الأولى أنه لما كان المشركون يمنعون سماع‏ «2» القرآن مخافة أن يؤثر في نفوس السامعين كان النطق بهذه الحروف‏ حم* .

طس‏ . ق‏ . كهيعص‏ و هو منطق غريب عنهم يستميلهم إلى سماع القرآن فيسمعون فيتأثرون و ينجذبون فيؤمنون و يسمعون و كفى بهذه الفائدة من فائدة.

و الثانية لما انكر المشركون كون القرآن كلام اللّه أوحاه إلى رسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلّم كانت هذه الحروف بمثابة المتحدّى لهم كأنها تقول لهم: ان هذا القرآن مؤلف من مثل هذه الحروف فألفوا انتم مثله. و يشهد بهذه الفائدة ذكر لفظ القرآن بعدها غالبا نحو الم ذلِكَ الْكِتابُ‏ . الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ* ، طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ‏ ، كأنها تقول: إنه من مثل هذه الحروف تألف القرآن فألفوا أنتم نظيره فإن عجزتم فسلموا أنه كلام اللّه و وحيه و آمنوا به تفلحوا.

ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ‏ (2)

شرح الكلمات:

ذلِكَ‏ : هذا، و انما عدل عن لفظ هذا إلى ذلك. لما تفيده الإشارة بلام البعد «3» من علو المنزلة و ارتفاع القدر و الشأن.

الْكِتابُ‏ «4» : القرآن الكريم الذى يقرأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على الناس.

لا رَيْبَ‏ «5» : لا شك في أنه وحى اللّه و كلامه أوحاه الى رسوله.

(1) روي عن أبي بكر و علي رضي اللّه عنهما، و عن عامر الشعبي و سفيان الثوري أنهم قالوا: الحروف المقطعة هي سرّ اللّه فى القرآن و للّه في كل كتاب من كتبه سر. فهي من المتشابه الذي انفرد اللّه بعلمه. فلا ينبغي أن نتكلم فيها و لكن نؤمن بها.

(2) دليله قوله تعالى من سورة فصلت: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏ .

(3) اسم الإشارة هو (ذا) و هو للقريب و يقال (ذاك) للمتوسط البعد و (ذلك) للبعيد.

(4) يطلق لفظ الكتاب على الفرض نحو كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ‏ أي فرض. و على العقد بين العبد و سيّده نحو وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ‏ و على القدر نحو كِتابَ اللَّهِ* أي قدره و قضاؤه. و يصح في إعراب الكتاب أن يكون بدلا من اسم الإشارة و يصح أن يكون خبرا له.

صفحه بعد