کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير

المجلد الاول

مقدمة مقدمة الطبعة الثالثة

سورة البقرة

سورة آل عمران

سورة النساء

سورة المائدة

الفهرس

المجلد الثانى

سورة الأنعام

سورة الاعراف

سورة الأنفال

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

فهرس المجلد الثاني

المجلد الثالث

سورة النحل

سورة الإسراء

سورة الكهف

سورة مريم

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة الحج

سورة المؤمنون

سورة النور

سورة الفرقان

سورة الشعراء

فهرس المجلد الثالث

المجلد الرابع

سورة النمل

سورة القصص

سورة العنكبوت

سورة الروم

سورة الأحزاب

سورة الصافات

سورة الزمر

سورة غافر

سورة فصلت

سورة الشورى

سورة الزخرف

فهرس المجلد الرابع

المجلد الخامس

«خاتمة الطبعة الأولى و الثانية» «خاتمة الطبعة الثالثة» فهرس المجلد الخامس

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير


صفحه قبل

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 193

قُوَّةً و هي قوة الشباب‏ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أي قوة الشباب و الكهولة ضَعْفاً أي ضعف الكبر وَ شَيْبَةً «1» أي الهرم و قوله تعالى‏ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ هُوَ الْعَلِيمُ‏ بخلقه‏ الْقَدِيرُ على ما يشاء و يريده فهو تعالى قادر على احياء الأموات و بعثهم، إذ القادر على إيجادهم من العدم قادر على بعثهم من الرّمم‏

و قوله تعالى‏ وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أي القيامة يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ‏ أي يحلف المجرمون من أهل الشرك و المعاصي‏ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ «2» أي لم يلبثوا في قبورهم إلا ساعة من زمن. و قوله تعالى‏ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ‏ «3» أي كما صرّفوا عن معرفة الصدق في اللبث في القبر كانوا يصرفون في الدنيا عن الإيمان باللّه تعالى و لقائه، و الصارف لهم ظلمة نفوسهم بسبب الشرك و المعاصى.

و قوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ‏ أي في كتاب المقادير إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ‏ و هو يوم القيامة فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ‏ لعدم إيمانكم باللّه و بآياته و الكتاب الذي أنزله‏

و قوله‏ فَيَوْمَئِذٍ أي يوم إذ يأتي يوم البعث‏ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ‏ أي عن شركهم و كفرهم بلقاء ربهم، وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ‏ أي لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضى اللّه تعالى من الإيمان و العمل الصالح و ترك الشرك و المعاصى.

هداية الآيات‏

من هداية الآيات‏

1) تقرير عقيدة البعث و الجزاء بذكر الأدلة العقلية التي لا ترد بحال.

2) بيان اطوار خلق الإنسان من نطفة إلى شيخوخة و هرم.

3) فضل العلم و الإيمان و أهلهما.

4) بيان ان معذرة الظالمين لا تقبل منهم، و لا يستعتبون فيرضون اللّه تعالى فيرضى عنهم.

(1) الشيبة اسم مصدر الشيب و عطف الشيبة على الضعف إشارة إلى عدم وجود قوة بعدها و إنما يأتي الفناء كما قيل الشيب نذير الموت و هو كذلك.

(2) روى أن أم حبيبة زوج النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قالت اللهم أمتعني بزوجي رسول اللّه و بأبي أبي سفيان و بأخي معاوية فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لقد سألت اللّه تعالى لآجال مضروبة و أرزاق مقسومة و لكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم و عذاب القبر في الصحيح.

(3) يقال أفك الرجل إذا صرف عن الصدق و الخير. و أرض مأفوكة ممنوعة من المطر.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 194

[سورة الروم (30): الآيات 58 الى 60]

وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (58) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60)

شرح الكلمات‏

وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ‏ : أي جعلنا للناس.

مِنْ كُلِّ مَثَلٍ‏ : أي من كل صفة مستغربة تلفت الانتباه و تحرك الضمير كالأمثال لعلهم يذكرون فيؤمنوا و يوحدوا.

وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ : أي و لئن أتيت هؤلاء المشركين بكل حجة خارقة.

إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ‏ : أي ما أنتم أيها الرسول و المؤمنون إلا مبطلون فيما تقولون و تدعون إليه من الإيمان بآيات اللّه و لقائه.

الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ‏ : أي ما أنزل اللّه على رسوله و ما أوحاه إليه من الآيات البينات.

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ‏ : أي اصبر يا رسولنا على أذاهم فإن العاقبة لك إذ وعدك ربك بها و وعد اللّه حق.

وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ‏ : أي لا يحملنك هؤلاء المشركون المكذبون بلقاء اللّه على الخفة و الطيش فتترك دعوتك إلى ربك.

معنى الآيات‏

بعد إيراد العديد من الأدلة و سوق الكثير من الحجج و عرض مشاهد القيامة في الآيات السابقة تقريرا لعقيدة البعث و الجزاء التي أنكرها المشركون من قريش قال تعالى: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِ‏ «1» مَثَلٍ‏ أي جعلنا للناس في هذا القرآن من أساليب‏

(1) قال القرطبي: أي من كل مثل يدلهم على ما يحتاجون إليه و ينبههم على التوحيد و صدق الرسل.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 195

الكلام و ضروب التشبيه، و عرض الأحداث بصور مثيرة للدهشة موقظة للحس، و منبهة للضمير، كل ذلك لعلهم يذكرون فيؤمنوا فيهتدوا للحق فينجوا و يسعدوا، و لكن أكثرهم لم ينتفعوا بذلك، وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ‏ «1» بِآيَةٍ أي بحجة من معجزة و غيرها تدل على صدقك و صحة دعوتك و ما جئت به‏ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي منهم‏ «2» . إِنْ أَنْتُمْ‏ أي ما أنتم أيها الرسول و المؤمنون‏ إِلَّا مُبْطِلُونَ‏ أي من أهل الباطل فيما تقولون و تدعون إليه من الدين الحق و البعث الآخر.

و قوله‏ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ‏ أي كذلك الطبع على قلوب الكافرين الذين لو جئتهم بكل آية لم يؤمنوا عليها لما ران على قلوبهم و ما ختم به عليها، يطبع على قلوب الذين لا يعلمون‏ «3» ، إذ ظلمة الجهل كظلمة الشرك و الكفر تحجب القلوب عن الفهم و الإدراك فلا يحصل إيمان و لا استجابة لدعوة الحق‏

و قوله‏ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ‏ يأمر تعالى رسوله أن يلتزم بالصبر على دعوته و الثبات عليها في وجه هذا الكفر العنيد، حتى ينصره اللّه تعالى إذ واعده بالنصر في غير ما آية و وعد اللّه حق فهو ناجز لا يتخلف. و قوله: وَ لا «4» يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ‏ «5» أي اصبر و لا يحملنك عناد المشركين و إصرارهم على الكفر و التكذيب على الخفة و الطيش و الاستجهال بترك الحلم و الصبر. و المراد بالذين لا يوقنون كل من لا يؤمن باللّه و لقائه إيمانا يقينيا إذ هذا الصنف من الناس هو الذي يستفز الإنسان و يحمله على أن يخرج عن اللياقة و الأدب و العياذ باللّه.

هداية الآيات:

من هداية الآيات: 1) اعذار اللّه تعالى إلى الناس بما ساقه تعالى في كتابه من أدلة الإيمان و حجج الهدى.

(1) أي كآيات موسى من فلق البحر و العصا أو آيات عيسى كإحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص.

(2) أي من الناس لقوله و لقد ضربنا للناس و هو لفظ عام يشمل الكافر و المؤمن.

(3) في هذه الآية إنذار خطير للجهال و تنديد بالجهل، إذ أهله لا يفهمون عن اللّه و لا يهتدون إلى سبل الخير و طريق السعادة و الكمال و لذا أوجب الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم طلب العلم على كل مسلم في قوله (طلب العلم فريضة على كل مسلم) و ما أصاب المسلمين ما أصابهم من خوف و هون و دون إلا نتيجة لجهلهم بربهم و محابه و مكارهه و ضروب عباداته و كيفيات أدائها لتزكوا بها نفوسهم و تطهر أرواحهم و قلوبهم.

(4) و فسر بيستفزنك الذين في محل رفع فاعل و بعض العرب يعربونه إعراب جمع المذكر السالم فيقولون اللذون رفعا و الذين نصبا و جرا قال الشاعر:

نحن اللذون صبحوا الصباح‏

يوم النخيل غارة ملحاحا

(5) الاستخفاف: طلب خفة الشي‏ء بفقد ثقله و رصانته فيغضب و يترك العمل. و الذين لا يؤمنون هم المشركون كالنضر بن الحارث و ابي جهل و المراد بنفي اليقين عنهم. اليقين بالأمور البديهيات اليقينية للناس لكون اللّه تعالى خلق كل شي‏ء و رب كل شي‏ء و قدرته على كل شي‏ء إذ هذه يقينيات لدى عامة الناس.

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 196

2) أسوأ أحوال الإنسان عند ما يطبع على قلبه لكثرة ذنوبه فيصبح لا يفهم و لا يعقل شيئا و في الخبر حبك الشي‏ء يعمي و يصم.

3) وجوب الصبر و التزام الحلم و الأناة مهما جهل الجاهلون.

سورة لقمان‏

مكية «1»

و آياتها أربع و ثلاثون آية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة لقمان (31): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

شرح الكلمات:

الم‏ هذا أحد الحروف المقطعة التي تكتب الم، و تقرأ: ألف لام ميم.

تِلْكَ‏ : أي الآيات المؤلفة من مثل هذه الحروف هي آيات الكتاب الحكيم.

الْحَكِيمِ‏ : أي المحكم الذي لا نسخ يطرأ عليه بعد تمام نزوله، و لا خلل فيه، و هو الحكيم الذي يضع كل شي‏ء في موضعه فلا خلط و لا خبط فيما يحمل من هدى و تشريع.

هُدىً وَ رَحْمَةً : أي هو هدى يهتدي به و رحمة يرحم بها.

لِلْمُحْسِنِينَ‏ : أي الذين يراقبون اللّه تعالى في كل شؤونهم إذ هم الذين يجدون الهدى و الرحمة في القرآن الكريم أما غيرهم من أهل الشرك و المعاصي فلا يجدون ذلك.

(1) قال قتادة: غير آيتين أولهما و لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام و قال بن عباس غير ثلاث آيات أولهن: و لو أن ما في الأرض من الخ ..

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 197

أُولئِكَ‏ : أي المحسنون الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يوقنون بالآخرة.

عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ‏ : أي هم على هداية من اللّه تعالى فلا يضلون و لا يجهلون معها أبدا.

الْمُفْلِحُونَ‏ : أي الفائزون بالنجاة من كل مرهوب و بالظفر بكل مرغوب محبوب.

معنى الآيات‏

قوله تعالى: الم‏ أحسن ما يفسر به مثل هذه الحروف المقطعة قول: اللّه أعلم بمراده به و قد أفادت هذه الحروف فائدة عظيمة، و ذلك من جهتين الأولى أنه لما كان المشركون يمنعون سماع القرآن خشية التأثر به فيهتدي إلى الحق من يحصل له ذلك، و قالوا: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏ كانت هذه الحروف بنغمها الخاص و مدودها العجيبة تضطر المشرك إلى الإصغاء و الاستماع فحصل ضد مقصودهم و كفى بهذه فائدة. و الثانية أنهم لما ادعوا أن القرآن سحر و كهانة و شعر و أساطير الأولين كأنما قيل لهم هذا القرآن الذي ادعيتم فيه كذا و كذا قد تألف من هذه الحروف ص، ن، ق، يس، طس، الم فألفوا سورة مثله و أتوا بها للناس فيصبح لكم ما تدعون فإن عجزتم فسلموا أنه كلام اللّه أنزله على عبده و رسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلّم فآمنوا و وحدوا و استقيموا على ذلك تعزوا و تكرموا و تكملوا و تسعدوا.

و قوله: تِلْكَ آياتُ‏ «1» الْكِتابِ الْحَكِيمِ‏ أي هذه الآيات هي آيات القرآن الكريم الموصوف بالحكمة إذ هو لا يخلط و لا يغلط و لا يخبط بل يضع كل شي‏ء في موضعه اللائق به في كل ما قال فيه و حكم به، و أخبر عنه أو به من سائر المعارف و العلوم التي حواها كما هو حكيم بمعنى محكم لا نسخ يطرأ عليه بعد تمامه كما طرأ على الكتب السابقة، و محكم أيضا بمعنى لا خلل فيه، و لا تناقض بين أخباره و أحكامه على كثرتها و تنوع أسبابها و مقتضيات نزولها،

و قوله: هُدىً‏ «2» وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ‏ «3» أي هو بيان هداية و رحمة تنال المحسنين و هم الذين أحسنوا عبادتهم لربهم فخلصوها من الشرك و الرياء و أتوا بها على‏

(1) تِلْكَ‏ في محل رفع مبتدأ و آياتُ الْكِتابِ‏ الخبر.

(2) هُدىً وَ رَحْمَةً نصبا على الحال على حد هذه ناقة اللّه لكم آية و قرى‏ء هدى و رحمة بالرفع على أن هدى خبر ثان و رحمة معطوف عليه و هي قراءة حمزة.

(3) و جائز أن يكون المحسنين الفاعلين للحسنات و المحسنين إلى غيرهم كالوالدين و ذوي القربى و اليتامى و المساكين و من ذكروا في آية الحقوق العشرة من سورة النساء «و اعبدوا اللّه و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين احسانا الخ ...

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 198

الوجه المرضي للّه تعالى و هو ما بينه رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم من كيفيات العبادات و بيان فعلها و أدائها عليه.

و قوله‏ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ أي المحسنين الذين يقيمون الصلاة أي يؤدون الصلوات الخمس مراعى فيها شروطها مستوفاة أركانها و سننها الواجبة منها و المستحبة، و يؤتون الزكاة أي يخرجون زكاة أموالهم الصامتة كالذهب و الفضة أو العمل القائمة مقامهما و الحرث من تمر و زيتون، و حبوب مقتاة مدخرة و الناطقة من إبل و بقر و غنم و ذلك إن حال الحول في الذهب و الفضة و العمل و في بهيمة الأنعام أما الحرث و الغرس فيوم حصاده وجداده. و قوله: وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ أي و الحال هم موقنون بما أعده اللّه من ثواب و جزاء على الإحسان و الإيمان و الإسلام الذي دلت عليه صفاتهم في هذا السياق الكريم‏

و قوله: أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ يخبر تعالى عن المحسنين أصحاب الصفات الكريمة من إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الإيمان باليوم الآخر و الإيقان بثواب اللّه تعالى فيه انهم على هدى أي طريق مستقيم و هو الإسلام هداهم اللّه تعالى إليه و مكنهم من السير عليه و بذلك أصبحوا من المفلحين الذين يفوزون بالنجاة من النار، و بدخول الجنة دار الأبرار. اللهم اجعلنا منهم و احشرنا في زمرتهم انك برّ كريم تواب رحيم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات: 1) بيان إعجاز القرآن حيث ألّف من مثل الم، و ص، و طس، و لم يستطع خصومه تحديه.

2) بيان معنى الحكيم و فضل الحكمة.

3) بيان أن القرآن بيان للهدى المنجي المسعد و رحمة لمن آمن به و عمل بما فيه.

4) فضل الصلاة و الزكاة و اليقين.

5) بيان مبنى الدين: و هو الإيمان و الإسلام و الإحسان‏ «1» .

(1) شاهد هذا حديث جبريل في مسلم: إذ سأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن الإيمان و الإسلام و الإحسان فدل ذلك على أن مبنى الدين الإسلامي هذه الثلاثة (الإيمان و الإسلام و الإحسان).

ايسر التفاسير لكلام العلى الكبير، ج‏4، ص: 199

[سورة لقمان (31): الآيات 6 الى 11]

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6) وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَ أَلْقى‏ فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)

هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)

«1»

شرح الكلمات‏

وَ مِنَ النَّاسِ‏ : أي و من بعض الناس إنسان هو النضر بن الحارث بن كلدة حليف قريش.

لَهْوَ الْحَدِيثِ‏ : أي الحديث الملهي عن الخير و المعروف و هو الغناء.

لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ : أي ليصرف الناس عن الإسلام و يبعدهم عنه فيضلوا.

وَ يَتَّخِذَها هُزُواً : أي و يتخذ الإسلام و شرائعه و كتابه هزوا أي مهزوءا به مسخورا منه.

وَلَّى مُسْتَكْبِراً : أي رجع في كبرياء و لم يستمع إليها كفرا و عنادا و كبرا كأن لم يسمعها.

فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً : أي ثقل يمنع من السماع كالصمم.

بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها : أي بدون عمد مرئية لكم ترفعها حتى لا تقع على الأرض.

رَواسِيَ‏ : أي جبال راسية في الأرض بها ترسو الأرض أي تثبت حتى لا تميل.

صفحه بعد