کتابخانه تفاسیر
بيان المعانى، ج1، ص: 116
خلافا لبقية الأئمة، و قال رحمه اللّه بكفاية آية طويلة أو ثلاث آيات قصار من أي سورة كانت من القرآن بل تصح بأقصر آية مثل (ثُمَّ نَظَرَ) الآية 21 من المدثر المارة لأنه الفرض عنده استنادا لقوله تعالى: (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) الآية الأخيرة من سورة المزمل المارة، و قوله صلى اللّه عليه و سلم للأعرابي المسيء صلاته: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن- كما في الصحيحين- أما كون البسملة ليست بآية منها فقد تقدم بحثه في الخاتمة.
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. تقدم البحث عنها بالخاتمة أيضا و قد أسقطت الألف من الياء للخفة و طول الباء خطا ليدل عليها، و الاسم ما يعرف به ذات الشيء و التسمية عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف ذات الشيء فالاسم هو اللفظة المعنية و اشتقاقه من السموّ أي العلو لأن اسم الشيء ما علاه و ظهر به و صار علما له «اللّه» اسم علم خاص له تعالى و هو غير مشتق و من خصائصه أنك إذا حذفت الالف بقي للّه، و إذا حذفت اللام بقي إله، و إذا حذفتهما معا بقي هو، فالواو عوض عن الضمير، و إذا حذفت اللامين بقي آه فهو دائما يدل عليه دون غيره، و لم يسبق أن تسمى به أحد قطعا، قال تعالى (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) الآية 65 من سورة مريم الآتية و معناه المستحق للعبادة وحده «الرّحمن» ذي الرحمة العامة و «الرّحيم» ذي الرحمة الخاصة و هما اسمان من صفات الذات مشتقان من الرحمة، و قد ذكرنا بعض ما يتعلق بمعنى البسملة على القول بانها آية من الفاتحة بالحالة المارة قال تعالى «الْحَمْدُ لِلَّهِ» استحقاقا لذاته الكريمة المستوجبة لجميع المحامد «رَبِّ» المربي الأكبر المالك لجميع الخلق «الْعالَمِينَ 1» جمع عالم بفتح اللام لا واحد له في لفظه مثل خيل و نساء، راجع الآية 5 من سورة المدثر المارة و هو اسم لكل موجود ما سوى اللّه الموجد للوجود، قالوا إن للّه ألف عالم، ستمائة في البحر و اربعمائة في البر و قيل ثمانون الف عالم نصفها في البر و نصفها في البحر و الحقيقة ان له عوالم لا يعلمها غيره و ما العمران في الخراب الا كفسطاط (خيمة) في فلاة «الرَّحْمنِ» المنعم على خلقه بما لا يتصور صدوره من العباد «الرَّحِيمِ» المنعم بما يمكن تصوره من عباده و يجوز التسمية به و هو في جملة أسمائه
بيان المعانى، ج1، ص: 117
صلّى اللّه عليه و سلم لأنه أخص من الرحمن كما تقدم في الخاتمة أيضا «مالِكِ» أبلغ من ملك لأنه لا يكون مالكا للشيء إلا و هو يملكه و لأن الملك لا يكون إلا بالمبايعة و المالك يكون بالقهر، و جاز قراءة ملك بالصلاة لمن يقتصر على الفاتحة في الركعة الثانية لتكون الأولى أطول منها بحرف و هو في سنن القراءة في الصلاة و لأنها قراءة أيضا، و من لم يفهم هذا المعنى من الأئمة يداوم على قراءة ملك في الثانية مع أنه يقرأ معها شيئا من القرآن و يظن أنه يحسن عملا أو ان قراءة ملك مطلوبة او انه واقف على القراءات، و قيل أن ملك أولى لأن كل ملك مالك أيضا و ليس بشيء «يَوْمِ الدِّينِ 3» أي الجزاء المتصرف بأمره و نهيه فيه، و جملة الحمد إخبارية لفظا انشائية معنى و ما بعدها إخبار فقط، ثم رجع الخطاب لعباده فأمرهم ان يقولوا «إِيَّاكَ» يا ربنا «نَعْبُدُ» نخصّك بالعبادة و نوحدك طائعين خاضعين لك كما حققتها بالعبودية و سمي العبد عبدا لذلته لمولاه و انقياده لأوامره «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 4» لا نطلب المعونة إلا منك يا إلهنا، و تقديم المفعول يكون دائما للحصر، أي أن إعانتنا على عبادتك و أمورنا المحصورة فيك لا نقدر على القيام بها كما ينبغي إلا بقدرتك و معونتك، و قال في المعنى:
إليك و إلّا لا تشد الركائب
و منك و إلّا فالمؤمل خائب
و فيك و الّا فالغرام مضيّع
و عنك و الا فالمحدّث كاذب
ثم أمر عباده أن يسألوه ما يهمهم شأنه، و علمهم كيف يدعونه بقوله عزّ قوله «اهْدِنَا» أرشدنا يا ربنا لسلوك الطريق «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 5» السويّ الموصل إلى رضاك، قال ابن عباس: هو دين الإسلام و قال غيره: القرآن، و الحق أن يقال هو عام في كل ما من شأنه أن يكون عدلا حقا قال جرير:
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموادد مستقيم
و اعلم أن السين قد ينوب عنها الصاد و بالعكس في كل كلمة فيها سين يأتي طاء أو خاء أو غين أو قاف، نقول صراط و سراط، و صخر و سخر، و مصبغة و مسبغة، و صيقل و سيقل، و ما شابهها، أما في غيرها فلا نقول صلح سلح،
بيان المعانى، ج1، ص: 118
كما لا نقول صالح صالح، تدبر «صِراطَ» بدل من الاول «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ» مننت «عَلَيْهِمْ 6» بالهداية و التوفيق و هم الأنبياء و من تابعهم على حقهم و صدّق بما أنزل عليهم قال:
لو لم ترد نيل ما نرجو و نطلبه
من فيض جودك ما علمتنا الطلبا
«غَيْرِ» طريق «الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» الذين غيروا و بدلوا ما أمرتهم به فاستحقوا غضبك و الغضب هو ثوران الدم لإرادة الانتقام قال عليه الصلاة و السلام اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه و حمرة عينيه، و إذا وصف اللّه به فالمراد منه الانتقام فقط و غضبه تعالى يلحق الكافرين دون المؤمنين «وَ لَا» طريق «الضَّالِّينَ 7» عن طريقك السوي المائلين عن هدى أنبيائك و الضلال الهلاك و منه قوله تعالى: (أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) الآية 10 من سورة السجدة في ج 2 أي هلكنا و قوله تعالى: (وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) الآية 13 من سورة محمد في ج 3 أي محقها و الضلال في الدين الانصراف عن الحق.
مطلب المراد بالمغضوب عليهم و الضالين، و حكم (آمين) و علوم الفاتحة:
و من خصّ اليهود بالغضب و النصارى بالضلال في هذه الآية مستدلا ببعض الآيات القرآنية كقوله تعالى: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ) الآية 26 من سورة المائدة في ج 3 و قوله تعالى: (وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا) الآية 80 منها أيضا لم يصب الهدف، لأن الغضب و الضلال وردا في القرآن بحق جميع الكفار على العموم فلم يخص بها اليهود و النصارى قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً) الآية 166 من النساء في ج 3 و سياق الآية ينافي ذلك الإختصاص، لأنها عامة و العبرة لعموم اللفظ عند عدم المخصص و لا مخصّص هنا.
و اعلم أن كلمة آمين ليست من الفاتحة كما قدمناه في الخاتمة و انما يسن قراءتها بعدها بسكتة خفيفة لمواظبة النبي و من بعده من الأصحاب و العلماء عليها حتى اليوم و معناها أللهم استجب، و قد جاء فيما رواه البخاري أن الإمام إذا قرأ غير المغضوب عليهم
بيان المعانى، ج1، ص: 119
و لا الضالين فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه و فيها لغتان المد و القصر و يكون المدّ بإشباع الهمزة و هو اسم فعل بمعنى استجب، قال ابن عباس سألت رسول اللّه عن معنى آمين فقال:
(أفعل) و قال عليه الصلاة و السلام: لقنني جبريل آمين عند فراغي من قراءة فاتحة الكتاب و قال انه كالختم على الكتاب. الحكم الشرعي سنّية قراءتها بعد الفاتحة في الصلاة و اسماع نفسه بها و قراءتها بعدها في الدعاء أيضا و عند مقطعات الأدعية لما ثبت أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا دعا أمّن الأصحاب على دعائه.
و هذه السورة لا ناسخ و لا منسوخ فيها و لا يوجد سورة ختمت بما ختمت به، و ليعلم أن هذه السورة اشتملت على أربعة أنواع من العلوم:
الأول علم الأصول و معاقد معرفة اللّه تعالى و صفاته و إليه الاشارة بقوله (رَبِّ الْعالَمِينَ) و معرفة النبوات و هي المراد بقوله (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) و معرفة المعاد المؤمى إليه بقوله (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) . الثاني علم الفروع و هو المعين بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) و أسسه العبادات و ما يتفرع عنها من المعاملات. الثالث علم الكمال و الأخلاق و من إليه الإيعاز بقوله (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) و فيه الوصول إلى الحضرة الصمدانية و بلوغ المراتب العلية (وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) الآية 35 من سورة فصلت في ج 2. الرابع علم القصص و الأخبار عن الأمم السعيدة و الشقية السالفة و إليه الالماع بقوله (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ) و فيها علوم أخرى لا محل لبسطها هنا وفقنا اللّه للصواب و ألهمنا حب أولي الألباب و جعلنا منهم آمين.
يا رب لا تسلبنّي حبّها أبدا
و يرحم اللّه عبدا قال آمينا
هذا و اللّه أعلم، و أستغفر اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم و صلى اللّه على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
بيان المعانى، ج1، ص: 120
تفسير سورة المسد عدد 6- 111
و مثلها في العدد الفلق و الفيل نزلت بمكة بعد الفاتحة، و هي خمس آيات، و عشرون كلمة، و سبعة و سبعون حرفا، لا ناسخ و لا منسوخ فيها، و تسمى سورة تبّت، و سورة أبي لهب، و لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة أو مختومة بما بدأت و ختمت به.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: «تَبَّتْ» أي هلكت و خسرت و خابت «يَدا أَبِي لَهَبٍ 1» عبد العزّى بن عبد المطلب بن هاشم عم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المراد هو ذاته لأن العرب تعبر عن كل الشيء ببعضه، و كنّي بأبي لهب لحسنه و اشراق وجهه، و كناه اللّه بذلك لشهرته بها دون الاسم لا لتكريمه و لأن في تسمينه باسمه نسبة العبد للشرك، و الكل عبيد اللّه لا يشاركه فيهم أحد، و اخبار بأنه من أهل النار ذات اللهب لتوافق كنيته بما يؤول إليه حاله، و لا حول و لا قوة إلا باللّه لم يرد اللّه له الخير، و هو عم حبيبه و صفيه، و أراده لصهيب و عمار و بلال و سلمان، و رحم اللّه من قال:
لعمرك ما الإنسان الا ابن دينه
فلا تترك التقوى اتّكالا على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس
و قد وضع الشرك الحسيب أبا لهب
هكذا يفعل اللّه ما يشاء و يحكم ما يريد «وَ تَبَّ 1» و كان يقول ابن مسعود و قد تبّ لأنه هلك حقيقة، و لا تجوز القراءة بها لما فيها من الزيادة و هي عبارة عن كلمة قالها ليست من القرآن، راجع بحث القراءات في المقدمة و يقال عن هكذا زيادات (سيف خطيب) و قد جاء في التأويلات النجمية أن أبا لهب كان بداية أمر النبي صلى اللّه عليه و سلم يحسن إليه و يكرمه و يقول إلى قريش: إن كان الأمر إلى محمد فلي عنده يد، و إن كان لقريش فلي عندها يد أيضا، لأنه كان يحسن إليها، و بعد أن ظهر أمر الرسول أظهر له العداوة و صار يهينه و يؤذيه، فأنزل اللّه فيه هذه السورة إعلاما بخسران يده عنده لتكذيبه إياه و خسران يده عند قريش أيضا لعدم بقاء يد لهم عند الرسول و إذلالهم لعدم الإيمان به و هذا أحسن ما قيل في أسباب نزول
بيان المعانى، ج1، ص: 121
هذه السورة أما ما رواه البخاري و مسلم عن ابن عباس قال: لما نزلت «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» الآية 215 من سورة الشعراء الآتية صعد النبي صلى اللّه عليه و سلم على الصفا و نادى: يا بني فهر، يا بني عدي، (بطون من قريش)، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أرسل رسولا لينظر ما هو الخبر، فجاء أبو لهب و قريش، فقال:
أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أ كنتم مصدقيّ؟ قالوا نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب تبّا لك سائر اليوم أ لهذا جمعتنا! فنزلت السورة، و نقله أكثر المفسرين.
مطلب سبب نزول السورة:
فلا يصح هذا أن يكون سببا لنزولها، لأن هذه الآية لم تنزل بعد و لا يصح أن يكون المؤخر سببا للمقدم كما لا يصح أن يكون المقدم ناسخا للمؤخر. على أن هذا لا يقدح في صحة الحديث لأنه صحيح لا غبار عليه و واقع عند نزول هذه الآية حقا إلا أنه لم يكن سببا لنزول السورة هذه، و لا يبعد أن يكون قول أبي لهب لحضرة الرسول (تبّا لك سائر اليوم) ردا على ما جاء في هذه السورة المتقدمة على هذه الحادثة، و الأجدر أن يكون كذلك، لأن العرب قد ترد على كلمة قيلت لهم و لو بعد حين، ألم تر أن المعرّي حين قال للشاعر مهيار الديلمي لما سمع شعره بالعراق بعد أن سمعه في الشام «و أشعر من في العراق» عطفا على قوله قبل عشرين سنة و هو في الشام «أنت أشعر من في الشام» و هذا الشاعر له ديوان يحتوي على ثمانية عشر الف بيت، و هو مطبوع و موجود في مكاتب مصر و غيرها و هذا من بعض ذكاء المعرّي. و حين سقط في يدي أبي لهب يقول اللّه تعالى «ما أَغْنى عَنْهُ» أي لم ينجه من عذاب اللّه «مالُهُ وَ ما كَسَبَ 2» في دنياه و ولد الرجل من كسبه أي و لا ولده. أخرج أبو داود عن عائشة قالت إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه و إن ولده من كسبه أي من ربحه. و أخرجه الترمذي بلفظ الجمع أي إن أطيب ما أكلتم من كسبكم و إن أولادكم من كسبكم
بيان المعانى، ج1، ص: 122
و كان لأبي لهب ثلاثة أولاد عتبة و متعب أسلما، و عتيبة أهان حضرة الرسول صلى اللّه عليه و سلم و أساء الأدب معه بأمر أبيه و طلق ابنته أم كلثوم، فقال صلى اللّه عليه و سلم: أللهم سلط عليه كلبا من كلابك. فقتله السبع على طريق الشام و من أسماء السبع الكلب، ثم هلك أبو لهب بالعدسة أي مرض الطاعون بعد وقعة بدر، و هذا المرض يجتنب مخافة العدوى فاستأجروا له بعض السودان، فدفنوه مخافة العار و إلا لتركوه و هذه العادة توجد حتى الآن عند بعض البدو، فانهم إذا مات أحدهم بمرض يزعمون أنه يعدي فإنهم يتباعدون عنه و يتركونه، و قد يهجرونه إبّان مرضه مخافة العدوى كالجدري و الطاعون و غيره، هذا و قد صدق اللّه فلم يغن عنه ماله و لا كسبه، و لم يحل بينه و بين ما حل به، و كان صاحب مواشي. قال ابن مسعود: و لما دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أقرباءه إلى اللّه، قال أبو لهب: إن كان ما تقول يا ابن أخي حقا فأنا افتدي نفسي بمالي و ولدي، فأنزل اللّه هذه السورة و هذا يصح إذا وقع منه نزولها لا عند نزول آية الشعراء الآنفة الذكر. و بعد أن حقق اللّه وعده فيه بهلاكه في الدنيا على الصورة المذكورة أوعده بانه في الآخره أيضا (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ 3) تتوقد و تنلهب في قلبه لشدة حسده له في الدنيا و في الآخرة تحرقه (وَ امْرَأَتُهُ) أم جميل المتقدم ذكرها في بحث فترة الوحي في المقدمة وصفها بقوله «حَمَّالَةَ «الْحَطَبِ 4» في جهنم، ذمها مع ما هي عليه من الشرف و كريم المحتد، لأنها كانت تحمل الشوك و الحسك و تطرحه في طريق رسول اللّه و أصحابه و تنم عليهم لشدة عداوتها لهم.
مطلب ما قالت أم جميل و ما قيل فيها:
و لما نزلت هذه الآية جاءت حاملة فهرا (حجرا صغيرا) و قالت لأبي بكر و النبي بجانبه:
لأفعلن كذا و كذا بصاحبك لأنه هجاني و أنا أماثله بالشعر و أنشدت:
مذمما أبينا
و دينه قلينا
و أمره عصينا