کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تبيين القرآن

الخطبة كلمة الناشر المقدمة 1: سورة الفاتحة 2: سورة البقرة 3: سورة آل عمران 4: سورة النساء 5: سورة المائدة 6: سورة الأنعام 7: سورة الأعراف 8: سورة الأنفال 9: سورة التوبة 10: سورة يونس 11: سورة هود 12: سورة يوسف 13: سورة الرعد 14: سورة إبراهيم 15: سورة الحجر 16: سورة النحل 17: سورة الإسراء 18: سورة الكهف 19: سورة مريم 20: سورة طه 21: سورة الأنبياء 22: سورة الحج 23: سورة(المؤمنون) 24: سورة النور 25: سورة الفرقان 26: سورة الشعراء 27: سورة النمل 28: سورة القصص 29: سورة العنكبوت 30: سورة الروم 31: سورة لقمان 32: سورة السجدة 33: سورة الأحزاب 34: سورة سبأ 35: سورة فاطر 36: سورة يس 37: سورة الصافات 38: سورة ص 39: سورة الزمر 40: سورة غافر 41: سورة فصلت 42: سورة الشورى 43: سورة الزخرف 44: سورة الدخان 45: سورة الجاثية 46: سورة الأحقاف 47: سورة محمد صلى الله عليه و آله و سلم 48: سورة الفتح 49: سورة الحجرات 50: سورة ق 51: سورة الذاريات 52: سورة الطور 53: سورة النجم 54: سورة القمر 55: سورة الرحمن 56: سورة الواقعة 57: سورة الحديد 58: سورة المجادلة 59: سورة الحشر 60: سورة الممتحنة 61: سورة الصف 62: سورة الجمعة 63: سورة(المنافقون) 64: سورة التغابن 65: سورة الطلاق 66: سورة التحريم 67: سورة الملك 68: سورة القلم 69: سورة الحاقة 70: سورة المعارج 71: سورة نوح 72: سورة الجن 73: سورة المزمل 74: سورة المدثر 75: سورة القيامة 76: سورة الإنسان(الدهر) 77: سورة المرسلات 78: سورة النبأ 79: سورة النازعات 80: سورة عبس 81: سورة التكوير 82: سورة الانفطار 83: سورة المطففين 84: سورة الانشقاق 85: سورة البروج 86: سورة الطارق 87: سورة الأعلى 88: سورة الغاشية 89: سورة الفجر 90: سورة البلد 91: سورة الشمس 92: سورة الليل 93: سورة الضحى 94: سورة الشرح 95: سورة التين 96: سورة العلق 97: سورة القدر 98: سورة البينة 99: سورة الزلزلة 100: سورة العاديات 101: سورة القارعة 102: سورة التكاثر 103: سورة العصر 104: سورة الهمزة 105: سورة الفيل 106: سورة قريش 107: سورة الماعون 108: سورة الكوثر 109: سورة الكافرون 110: سورة النصر 111: سورة المسد 112: سورة الإخلاص 113: سورة الفلق 114: سورة الناس دعا ختم القران الفهرس

تبيين القرآن


صفحه قبل

تبيين القرآن، ص: 351

[56] الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ يوم القيامة لِلَّهِ‏ بدون أن يكون هناك من يزعم أنه مالك‏ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ‏ فيما اختلفوا فيه‏ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏ يتنعمون فيها.

[57] وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ‏ يهينهم و يذلهم.

[58] وَ الَّذِينَ هاجَرُوا من بلادهم‏ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ لأجل الدين‏ ثُمَّ قُتِلُوا قتلهم الكفار أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً في الجنة وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ‏ .

[59] لَيُدْخِلَنَّهُمْ‏ الله‏ مُدْخَلًا محلا يدخلون فيه، و المراد به الجنة يَرْضَوْنَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ‏ بأحوالهم‏ حَلِيمٌ‏ لا يعاجل الكفار بالعقوبة.

[60] ذلِكَ‏ الأمر هو الذي قصصنا عليك‏ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ‏ جازى من ظلمه بقدر ظلمه بلا زيادة ثُمَ‏ بعد ذلك‏ بُغِيَ عَلَيْهِ‏ ظلمه الظالم ثانيا لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ‏ بالانتقام من ظالمه فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار- حيث ظلمهم الكفار- ثم قتل الكافر أحدا منهم ينصره الله بالانتقام من قاتله في الدنيا و الآخرة، و الآية مربوطة بقوله (و الذين هاجروا) فإن المهاجرين ظلموا ثم إذا أرادوا الانتقام ظلمهم الكفار ثانيا بأن قتلوا كان الله ناصرهم‏ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ .

[61] ذلِكَ‏ النصر للمسلمين بسبب أن الله قادر على كل شي‏ء بدليل أنه‏ يُولِجُ‏ يدخل‏ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ بامتداد الليل‏ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏ للأقوال‏ بَصِيرٌ بالأفعال.

[62] ذلِكَ‏ الوصف بالقدرة بسبب أن‏ اللَّهَ هُوَ الْحَقُ‏ و الإله الحق قادر على كل شي‏ء وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ‏ فلا يقدر على نصرة من عبده‏ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُ‏ شأنا الْكَبِيرُ الذي لا أكبر منه.

[63] أَ لَمْ تَرَ دليلا على قدرة الله‏ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً بالنبات‏ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ‏ في أفعاله‏ خَبِيرٌ بتدبير خلقه.

[64] لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُ‏ فلا يحتاج إلى إيمان أحد و عمله‏ الْحَمِيدُ المحمود في أفعاله.

تبيين القرآن، ص: 352

[65] أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ‏ جعلها معدة لمنافعكم‏ وَ سخر لكم‏ الْفُلْكَ‏ السفينة تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّماءَ ما فيها من الأجرام‏ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏ فإنه إذا أراد وقوع السماء على الأرض وقعت‏ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ‏ هي فوق الرحمة رَحِيمٌ‏ و من رحمته هيّأ لهم أسباب الراحة.

[66] وَ هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ‏ أعطاكم الحياة بعد أن كنتم جمادا ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ‏ في العالم الآخر إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ جحود لنعمة الله عليه.

[67] لِكُلِّ أُمَّةٍ أهل دين‏ جَعَلْنا مَنْسَكاً شريعة هُمْ ناسِكُوهُ‏ عاملون بتلك الشريعة فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ بأن يقول أهل الكتاب و الكفار لما ذا تعمل هكذا، فإن الجواب إنّ كل أمة لهم شريعة، و هذه شريعتي‏ وَ ادْعُ إِلى‏ رَبِّكَ‏ عبادته‏ إِنَّكَ لَعَلى‏ هُدىً مُسْتَقِيمٍ‏ أي أنك مستقيم.

[68] وَ إِنْ جادَلُوكَ‏ في أمور الدين‏ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ‏ فيجازيكم عليه.

[69] اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ‏ أيها المسلمون و الكفّار يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ‏ من أمر الدين.

[70] أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‏ و منه أمر هؤلاء الكفّار إِنَّ ذلِكَ‏ العلم مثبت‏ فِي كِتابٍ‏ هو اللوح المحفوظ إِنَّ ذلِكَ‏ الثبت في الكتاب‏ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل.

[71] وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ من الأصنام‏ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً حجة تدل على جواز عبادته‏ وَ ما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ‏ فلا علم و لا دليل على صحة عبادته‏ وَ ما لِلظَّالِمِينَ‏ أنفسهم بالشرك‏ مِنْ نَصِيرٍ يدفع عنهم العذاب.

[72] وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ‏ واضحات‏ تَعْرِفُ‏ ترى‏ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ الإنكار لما تكره نفوسهم من الآيات‏ يَكادُونَ يَسْطُونَ‏ يبطشون‏ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا يقرءون لهم آيات القرآن‏ قُلْ أَ فَأُنَبِّئُكُمْ‏ أخبركم‏ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ‏ من غيظكم على الذين يتلون، و (كم) للخطاب، هو النَّارُ في الآخرة وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ أي بئس النار مرجعا و محلا لهم.

تبيين القرآن، ص: 353

[73] يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ‏ لأصنامكم‏ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ من الأصنام‏ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً أي و لو شيئا صغيرا كالذباب‏ وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ‏ اجتمع كل الأصنام لخلقه‏ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً بأن يأخذ منهم شيئا فيطير لا يَسْتَنْقِذُوهُ‏ لا يقدرون على إرجاعه‏ مِنْهُ‏ من الذباب، فقد كانوا يطلون أصنامهم بالعطر فيأتي الذباب فيلمسه فلا يقدرون على حفظ ذلك العطر و إرجاعه منه‏ ضَعُفَ الطَّالِبُ‏ العابد وَ الْمَطْلُوبُ‏ المعبود.

[74] ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏ ما عظموه حق عظمته حيث أشركوا به‏ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌ‏ و الأصنام لا قوة لها عَزِيزٌ بخلاف الصنم الذليل.

[75] اللَّهُ يَصْطَفِي‏ يختار مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا إلى أنبيائه‏ وَ مِنَ النَّاسِ‏ رسلا إلى البشر إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏ بأقوالهم‏ بَصِيرٌ بأفعالهم.

[76] يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ‏ ما مضى و ما يأتي من أحوال الملائكة و الأنبياء عليهم السّلام‏ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ في يوم القيامة فيجازي الكل حسب عمله.

[77] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ تفوزون.

[78] وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏ بما يلزم من الجهاد «1» هُوَ اجْتَباكُمْ‏ اختاركم لدينه‏ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏ من ضيق بل أحكامه سهلة مِلَّةَ اختار لكم طريقه‏ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ‏ فإن دين إبراهيم عليه السّلام كان التوحيد، لا اليهودية و النصرانية و الشرك‏ هُوَ الله‏ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ‏ حيث قال إبراهيم عليه السّلام: (و من ذريتنا أمة مسلمة) «2» وَ فِي هذا أي القرآن‏ لِيَكُونَ‏ لام العاقبة أي اختاركم ليشهد الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ‏ بالطاعة وَ ل تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ‏ بأن بلغتم أوامر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ‏ تمسكوا بدين الله‏ هُوَ مَوْلاكُمْ‏ وليكم و المتولي لأموركم‏ فَنِعْمَ الْمَوْلى‏ وَ نِعْمَ النَّصِيرُ الناصر.

(1) الجهاد: ممارسة الأمر الشاق و أصله من الجهد.

(2) سورة البقرة: 128.

تبيين القرآن، ص: 354

23: سورة (المؤمنون)

مكية آياتها مائة و ثماني عشرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] قَدْ أَفْلَحَ‏ فاز بخير الدنيا و الآخرة الْمُؤْمِنُونَ‏ .

[2] الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ‏ متذللون لله.

[3] وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ الذي لا فائدة فيه من قول أو فعل‏ مُعْرِضُونَ‏ لا يلتفتون إليه و لا يقاربونه.

[4] وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ‏ مؤدون.

[5- 6] وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ‏ زوجاتهم‏ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ‏ إمائهم‏ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ‏ لا يلامون شرعا إذا استعملوا فروجهم بالنسبة إلى زوجاتهم و إمائهم.

[7] فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِكَ‏ طلب غير ذلك المباح من الفرج‏ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ‏ تعدوا حدود الله.

[8] وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ‏ ما أتمنه الناس عندهم‏ وَ عَهْدِهِمْ‏ مع الله و مع الناس‏ راعُونَ‏ يرعون فلا يخونون و لا ينقضون.

[9] وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ‏ فيؤدونها في أوقاتها.

[10- 11] أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ‏ الجنة هُمْ فِيها في الفردوس‏ خالِدُونَ‏ دائمون.

[12] وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ خلاصة و صفوة مِنْ طِينٍ‏ .

[13] ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً منيا، لأن الطين يتبدل نباتا ثم مأكلا ثم دما ثم منيا فِي قَرارٍ الرحم‏ مَكِينٍ‏ مستحكم محفوظ.

[14] ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً دما جامدا فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً قطعة لحم‏ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً بأن صلّبناها حتى صارت عظاما فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً أثبتنا اللحم على العظام‏ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ‏ خلقناه‏ خَلْقاً آخَرَ بإعطاء الروح له‏ فَتَبارَكَ اللَّهُ‏ دام ذا خير أَحْسَنُ الْخالِقِينَ‏ فإن كل صانع لشي‏ء يسمى خالقا.

[15] ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ‏ المذكور من خلق الإنسان‏ لَمَيِّتُونَ‏ .

[16] ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ‏ تحيون للحساب.

[17] وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ‏ سماوات لأنها طرق الملائكة و الكواكب‏ وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ‏ بل ندبّرها و نعرف أمورها.

تبيين القرآن، ص: 355

[18] وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ بمقدار ما علمنا من الصلاح‏ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ‏ جعلناه مستقرا فيها وَ إِنَّا عَلى‏ ذَهابٍ بِهِ‏ بذلك الماء بالتصعيد إلى السماء أو الإعدام‏ لَقادِرُونَ‏ .

[19] فَأَنْشَأْنا خلقنا لَكُمْ بِهِ‏ بالماء جَنَّاتٍ‏ بساتين‏ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ لَكُمْ فِيها في تلك الجنات‏ فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ‏ تتعيشون.

[20] وَ شَجَرَةً عطف على (جنات) تَخْرُجُ مِنْ طُورِ جبل‏ سَيْناءَ محل في أطراف مصر تَنْبُتُ‏ تخرج‏ بِالدُّهْنِ‏ متلبسا بالدهن و هو الزيتون‏ وَ ب صِبْغٍ‏ أي إدام‏ لِلْآكِلِينَ‏ فإن الزيتون يكون إداما.

[21] وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ‏ الإبل و البقر و الغنم‏ لَعِبْرَةً اعتبارا دالا على وجود الله‏ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها من اللبن‏ وَ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ كالركوب و الحمل و الجلد و ما أشبه‏ وَ مِنْها من لحومها تَأْكُلُونَ‏ .

[22] وَ عَلَيْها على الإبل في البر وَ عَلَى الْفُلْكِ‏ السفينة في البحر تُحْمَلُونَ‏ .

[23] وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ‏ عذابه.

[24] فَقالَ الْمَلَأُ الأشراف‏ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‏ خاطبوا أتباعهم‏ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ‏ يسودكم‏ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ‏ إرسال الرسول‏ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً يؤدوا أحكامه إلى الناس‏ ما سَمِعْنا بِهذا الذي يدعونا نوح عليه السّلام إليه‏ فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ‏ في الأمم الماضية.

[25] إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ جنون و كلامه صادر عن جنون‏ فَتَرَبَّصُوا بِهِ‏ انتظروا بنوح عليه السّلام‏ حَتَّى حِينٍ‏ يفيق عن جنونه أو حين يموت.

[26] قالَ‏ نوح عليه السّلام: رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ‏ بسبب تكذيبهم لي فلم يبق إلّا نصرك.

[27] فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا برعايتنا و إعانتنا لك‏ وَ وَحْيِنا و تعليمنا لك‏ فَإِذا جاءَ أَمْرُنا بعذاب القوم‏ وَ فارَ التَّنُّورُ ارتفع الماء منه‏ فَاسْلُكْ‏ أدخل‏ فِيها في السفينة مِنْ كُلٍ‏ من أنواع الحيوان‏ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ‏ ذكر و أنثى‏ وَ أدخل‏ أَهْلَكَ‏ عائلتك‏ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ‏ بإهلاكه‏ مِنْهُمْ‏ من أهلك: زوجته الطالحة و ولده الفاسق‏ وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا لا تكلمني يا نوح في إمهال الكفار إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ‏ يغرقون قطعا فلا مجال لإمهالهم.

تبيين القرآن، ص: 356

[28] فَإِذَا اسْتَوَيْتَ‏ ركبت‏ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ‏ من المؤمنين‏ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ الذين ظلموا أنفسهم بالشرك.

[29] وَ قُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي‏ في السفينة مُنْزَلًا مُبارَكاً كثير الخير وَ أَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ‏ .

[30] إِنَّ فِي ذلِكَ‏ أمر نوح عليه السّلام و قومه‏ لَآياتٍ‏ عبرا لمن أراد الاعتبار وَ إِنْ‏ مخففة من الثقيلة كُنَّا لَمُبْتَلِينَ‏ مختبرين الناس لنجازيهم بما عملوا.

[31] ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ‏ أي بعد قوم نوح عليه السّلام‏ قَرْناً أمة، و لعله عاد قوم هود عليه السّلام‏ آخَرِينَ‏ .

[32] فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ‏ من نفس قبيلتهم فقال لهم: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ‏ عذاب الله.

[33] وَ قالَ الْمَلَأُ الأشراف‏ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ بأن أنكروا يوم القيامة وَ أَتْرَفْناهُمْ‏ نعمناهم‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ يَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ‏ و البشر لا يكون رسولا.

[34] وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ‏ فيما يأمركم به بزعم أنه من جانب الله‏ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ‏ باتّباعه.

[35] أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْ تُراباً صارت لحومكم ترابا وَ عِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ‏ من قبوركم أحياء لأجل الحساب.

[36] هَيْهاتَ هَيْهاتَ‏ بعيد بعيد لِما تُوعَدُونَ‏ من الحياة بعد الموت.

[37] إِنْ هِيَ‏ ما هي الحياة إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا القريبة فقط نَمُوتُ وَ نَحْيا يموت قوم و يحيا قوم‏ وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ‏ بمحيون بعد الموت.

[38] إِنْ هُوَ ما هو إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فيما ادعى من الرسالة وَ ما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ‏ .

[39] قالَ رَبِّ انْصُرْنِي‏ عليهم‏ بِما كَذَّبُونِ‏ بسبب تكذيبهم لي.

[40] قالَ‏ الله: عَمَّا قَلِيلٍ‏ بعد زمان قليل‏ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ‏ لتكذيبهم.

[41] فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ صاح بهم جبرئيل عليه السّلام فأهلكهم‏ بِالْحَقِ‏ حيث استحقوا العذاب‏ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً هو الذي يحتمله السيل من النفايات، شبهوا به في عدم الروح و عدم ترتب الفائدة عليه‏ فَبُعْداً أي أبعدوا عن الرحمة بعدا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ .

[42] ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ‏ جماعات أخر.

تبيين القرآن، ص: 357

[43] ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها بأن تموت قبل وصول أجلها وَ ما يَسْتَأْخِرُونَ‏ بأن يصل وقت أجلها و لا تموت.

[44] ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا متواترين يتبع بعضهم بعضا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ‏ بعض الأمم‏ بَعْضاً ببعض في الإهلاك‏ وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ‏ لم يبق منهم إلّا حكايات‏ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ‏ .

[45] ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى‏ وَ أَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا بأدلتنا وَ سُلْطانٍ‏ حجة مُبِينٍ‏ ظاهر.

[46] إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِ‏ أشراف قومه‏ فَاسْتَكْبَرُوا عن الإيمان‏ «1» وَ كانُوا قَوْماً عالِينَ‏ متكبرين.

[47] فَقالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ‏ موسى و هارون عليهما السّلام‏ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما بنو إسرائيل‏ لَنا عابِدُونَ‏ خاضعون فكيف نؤمن بمن لا قوم له.

[48- 49] فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ* وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ‏ التوراة لَعَلَّهُمْ‏ لعل بني إسرائيل‏ يَهْتَدُونَ‏ .

[50] وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ‏ المسيح عليه السّلام‏ وَ أُمَّهُ آيَةً دالة على قدرة الله بالإيلاد من غير أب‏ وَ آوَيْناهُما أسكناهما إِلى‏ رَبْوَةٍ مرتفع من الأرض‏ ذاتِ قَرارٍ استواء يستقر عليها الإنسان‏ وَ مَعِينٍ‏ ماء جار.

[51] و قد خاطبنا الأنبياء عليهم السّلام بقولنا: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً عملا صالحا إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏ .

[52] وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً لأن المؤمنين في كل زمان بمنزلة أمة واحدة وَ أَنَا رَبُّكُمْ‏ الواحد فَاتَّقُونِ‏ اخشوا عقابي.

[53] فَتَقَطَّعُوا الأمم‏ أَمْرَهُمْ‏ أمر دينهم‏ بَيْنَهُمْ زُبُراً كتبا يدينون بها كُلُّ حِزْبٍ‏ فريق و جماعة بِما لَدَيْهِمْ‏ من الدين‏ فَرِحُونَ‏ لظنهم أنه الحق و ما عداه باطل.

[54] فَذَرْهُمْ‏ دعهم‏ فِي غَمْرَتِهِمْ‏ في جهالتهم‏ حَتَّى حِينٍ‏ يموتون حيث يعاقبون هناك.

[55] أَ يَحْسَبُونَ‏ يظنون‏ أَنَّما نُمِدُّهُمْ‏ نعطيهم‏ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ‏ .

[56] نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ‏ نسارع لهم فيما فيه خيرهم، هل يظنون ذلك؟ بَلْ لا يَشْعُرُونَ‏ إنه لأجل الاستدراج لا لأجل الخير.

[57] إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ خوف‏ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ‏ خائفون.

[58] وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ‏ يصدقون.

[59] وَ الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ‏ لا يجعلون له شريكا.

صفحه بعد