کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تبيين القرآن

الخطبة كلمة الناشر المقدمة 1: سورة الفاتحة 2: سورة البقرة 3: سورة آل عمران 4: سورة النساء 5: سورة المائدة 6: سورة الأنعام 7: سورة الأعراف 8: سورة الأنفال 9: سورة التوبة 10: سورة يونس 11: سورة هود 12: سورة يوسف 13: سورة الرعد 14: سورة إبراهيم 15: سورة الحجر 16: سورة النحل 17: سورة الإسراء 18: سورة الكهف 19: سورة مريم 20: سورة طه 21: سورة الأنبياء 22: سورة الحج 23: سورة(المؤمنون) 24: سورة النور 25: سورة الفرقان 26: سورة الشعراء 27: سورة النمل 28: سورة القصص 29: سورة العنكبوت 30: سورة الروم 31: سورة لقمان 32: سورة السجدة 33: سورة الأحزاب 34: سورة سبأ 35: سورة فاطر 36: سورة يس 37: سورة الصافات 38: سورة ص 39: سورة الزمر 40: سورة غافر 41: سورة فصلت 42: سورة الشورى 43: سورة الزخرف 44: سورة الدخان 45: سورة الجاثية 46: سورة الأحقاف 47: سورة محمد صلى الله عليه و آله و سلم 48: سورة الفتح 49: سورة الحجرات 50: سورة ق 51: سورة الذاريات 52: سورة الطور 53: سورة النجم 54: سورة القمر 55: سورة الرحمن 56: سورة الواقعة 57: سورة الحديد 58: سورة المجادلة 59: سورة الحشر 60: سورة الممتحنة 61: سورة الصف 62: سورة الجمعة 63: سورة(المنافقون) 64: سورة التغابن 65: سورة الطلاق 66: سورة التحريم 67: سورة الملك 68: سورة القلم 69: سورة الحاقة 70: سورة المعارج 71: سورة نوح 72: سورة الجن 73: سورة المزمل 74: سورة المدثر 75: سورة القيامة 76: سورة الإنسان(الدهر) 77: سورة المرسلات 78: سورة النبأ 79: سورة النازعات 80: سورة عبس 81: سورة التكوير 82: سورة الانفطار 83: سورة المطففين 84: سورة الانشقاق 85: سورة البروج 86: سورة الطارق 87: سورة الأعلى 88: سورة الغاشية 89: سورة الفجر 90: سورة البلد 91: سورة الشمس 92: سورة الليل 93: سورة الضحى 94: سورة الشرح 95: سورة التين 96: سورة العلق 97: سورة القدر 98: سورة البينة 99: سورة الزلزلة 100: سورة العاديات 101: سورة القارعة 102: سورة التكاثر 103: سورة العصر 104: سورة الهمزة 105: سورة الفيل 106: سورة قريش 107: سورة الماعون 108: سورة الكوثر 109: سورة الكافرون 110: سورة النصر 111: سورة المسد 112: سورة الإخلاص 113: سورة الفلق 114: سورة الناس دعا ختم القران الفهرس

تبيين القرآن


صفحه قبل

تبيين القرآن، ص: 413

[39] وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى‏ بِالْبَيِّناتِ‏ بالأدلة الواضحة فَاسْتَكْبَرُوا تكبروا عن قبول الحق و العمل الصالح‏ فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ‏ لم يفوتونا بل أخذناهم.

[40] فَكُلًّا من المذكورين‏ أَخَذْنا عاقبناه‏ بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً أي ريحا فيها حصباء و هي الحجارة، و هم قوم لوط عليه السّلام‏ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ صيحة جبرئيل عليه السّلام فأهلكهم و هم ثمود و مدين‏ وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ‏ كقارون‏ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا كقوم نوح عليه السّلام و فرعون‏ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ‏ حيث عذبهم‏ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ بالكفر و العصيان حتى استحقوا العقاب.

[41] مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ غير الله‏ أَوْلِياءَ آلهة كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ‏ فالمشركون كالعنكبوت حال كونها اتَّخَذَتْ بَيْتاً صنعت بيتا ضعيفا موهونا وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ‏ أضعفها لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ لعلموا أن بناءهم كبناء العنكبوت، فكما إن بيت العنكبوت إنما هو لأجل الرزق فقط و لا ينفعها في حر و لا برد و لا بقاء له، كذلك دين المشركين لا مستقبل له و لا ينفعهم.

[42] إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما الأصنام التي‏ يَدْعُونَ‏ أي المشركون إياها مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ بيان (ما) وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغالب‏ الْحَكِيمُ‏ و من حكمته لا يعاجلهم بالعقوبة.

[43] وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ‏ هذه الأمثال و نظائرها نَضْرِبُها نذكرها لِلنَّاسِ‏ تقريبا إلى أفهاههم‏ وَ ما يَعْقِلُها لا يفهم فائدتها إِلَّا الْعالِمُونَ‏ الذين يريدون التعلم.

[44] خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِ‏ لم يقصد بهما عبثا و باطلا إِنَّ فِي ذلِكَ‏ الخلق‏ لَآيَةً دليلا على وجود الله و قدرته‏ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ فإنهم المنتفعون بالآيات.

[45] اتْلُ‏ اقرأ يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ‏ القرآن‏ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ أدها إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ لأنها سبب للانتهاء عَنِ الْفَحْشاءِ الفعال القبيحة المتعدية في الفحش و الإثم‏ وَ الْمُنْكَرِ سائر الآثام‏ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ‏ بأن تكونوا في ذكره‏ أَكْبَرُ من الصلاة، لأن الذكر يقود إلى كل خير وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ‏ ما تعملون فيجازيكم عليه.

تبيين القرآن، ص: 414

[46] وَ لا تُجادِلُوا لا تحاجّوا أيها المسلمون‏ أَهْلَ الْكِتابِ‏ اليهود و النصارى‏ إِلَّا بِالَّتِي‏ بالصفة التي‏ هِيَ أَحْسَنُ‏ كمقابلة الشدة باللين و الغضب بالحلم‏ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏ بأن أكثروا في العناد فلا بأس بمقابلتهم بالمثل كبحا لجماحهم‏ وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ‏ كالتوراة و الإنجيل‏ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ‏ لله تعالى‏ مُسْلِمُونَ‏ منقادون.

[47] وَ كَذلِكَ‏ أي هكذا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ‏ القرآن مصدقا للكتب السابقة فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ‏ أعطيناهم‏ الْكِتابَ‏ جنس الكتاب السماوي، ممن ليس بمعاند يُؤْمِنُونَ بِهِ‏ بما أنزل إليك‏ وَ مِنْ هؤُلاءِ المشركين‏ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ‏ بكتابك أيضا وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا ينكرها مع وضوحها إِلَّا الْكافِرُونَ‏ المعاندون في كفرهم.

[48] وَ ما كُنْتَ‏ يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ تَتْلُوا تقرأ مِنْ قَبْلِهِ‏ قبل القرآن‏ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ‏ أي لا تكتب شيئا بِيَمِينِكَ‏ بيدك‏ إِذاً أي لو كنت تقرأ و تكتب‏ لَارْتابَ‏ لشك في رسالتك‏ الْمُبْطِلُونَ‏ الذين شأنهم الإبطال لكل ما لا يريدونه، أما الذين يتبعون الحق فلا فرق عندهم إذا رأوا المعجزة أن يكون الآتي بها قارئا و كاتبا أم لا، فليس القرآن إذا مجموعا من الكتب السابقة أخذه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منها.

[49] بَلْ هُوَ القرآن‏ آياتٌ بَيِّناتٌ‏ أدلة واضحات‏ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ حفظها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الوحي‏ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا ينكرها إِلَّا الظَّالِمُونَ‏ أنفسهم بترك النظر.

[50] وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ‏ على الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ‏ كعصا موسى عليه السّلام و ما أشبه من الخوارق‏ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ‏ فإذا رأى المصلحة في إنزالها أنزلها وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ منذر لكم عن عذاب الله‏ مُبِينٌ‏ ظاهر، و قد أتيت بما يثبت أني نبي و كفى.

[51] أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ‏ آية دالة على صدقه‏ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ‏ إنزالنا الكتاب‏ يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ‏ دائما فهو آية لا تزول بخلاف سائر الآيات التي نزلت على الأنبياء السابقين‏ إِنَّ فِي ذلِكَ‏ الكتاب المعجز المستمر لَرَحْمَةً وَ ذِكْرى‏ تذكيرا لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏ فإنهم المنتفعون بالقرآن.

[52] قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً شاهدا لصدقي، إذ لو لا أني صادق لم يجر الله المعجزة على يدي‏ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ فلا يخفى عليه حالي، فإذا كنت كاذبا لعلم بذلك‏ وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ‏ الأصنام‏ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ‏ لم يوحدوه‏ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏ الذين خسروا أنفسهم و أهليهم.

تبيين القرآن، ص: 415

[53] وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ‏ أي الكفار بِالْعَذابِ‏ يقولون إن كنت نبيا فأنزل علينا العذاب‏ وَ لَوْ لا أَجَلٌ‏ وقت‏ مُسَمًّى‏ قد سمي لهلاكهم‏ لَجاءَهُمُ الْعَذابُ‏ عاجلا وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ‏ العذاب‏ بَغْتَةً فجأة وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ بإتيانه.

[54] يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ‏ سيحيط بهم فلما ذا تعجيلهم.

[55] يَوْمَ‏ ظرف لقوله (لمحيطة) يَغْشاهُمُ‏ يحيط بهم‏ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ من جميع الجوانب‏ وَ يَقُولُ‏ الله لهم‏ ذُوقُوا ما جزاء ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ أعمالكم.

[56] يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فإذا لم تقدروا على إقامة الدين في وطنكم فسافروا فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ‏ و لا تشركوا، و إذا لم تتمكنوا في بلدكم فهاجروا إلى بلد آخر.

[57] كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ‏ تنال الموت لا محالة ثُمَّ إِلَيْنا إلى جزائنا تُرْجَعُونَ‏ في الآخرة.

[58] وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ‏ ننزلهم‏ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً عاليا تشرف على الجنة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا تحت تلك الغرف‏ الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها باقين أبدا نِعْمَ‏ تلك الغرف‏ أَجْرُ الْعامِلِينَ‏ لأجل الله تعالى.

[59] الَّذِينَ‏ صفة (العاملين) صَبَرُوا على ما أمرهم الله به‏ وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏ في أمورهم.

[60] وَ كَأَيِّنْ‏ كم‏ مِنْ دَابَّةٍ حيوان‏ لا تَحْمِلُ‏ لا تتمكن من إعداد رِزْقَهَا لضعفها اللَّهُ يَرْزُقُها بدون إعداد وَ إِيَّاكُمْ‏ فالقوي و الضعيف سواء في إرزاق الله تعالى له‏ وَ هُوَ السَّمِيعُ‏ لأقوالكم‏ الْعَلِيمُ‏ بأحوالكم.

[61] وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ‏ أي المشركين‏ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ ذلل‏ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ فإنهم كانوا يعترفون بالله‏ فَأَنَّى‏ إلى أين‏ يُؤْفَكُونَ‏ يصرفون عن توحيده بعد أن اعترفوا بأن كل شي‏ء منه تعالى.

[62] اللَّهُ يَبْسُطُ يوسع‏ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ يضيق‏ لَهُ‏ لمن يشاء إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ فيرزقهم حسب المصلحة.

[63] وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً المطر فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ‏ بالنبات‏ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها باليباب‏ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ فكيف يجعلون الأصنام شركاء له سبحانه‏ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ على أن اعترفوا بالحق‏ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏ لا يستعملون عقولهم و لذا يشركون.

تبيين القرآن، ص: 416

[64] وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ‏ كما يلهو و يلعب الصبيان بالدمى، و ينتهي بعد قليل‏ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ‏ الحياة الحقيقية لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ لعلموا ذلك.

[65] فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ‏ السفينة دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ‏ وحده بلا شريك‏ لَهُ الدِّينَ‏ فهم كمن أخلص دينه و طريقته لله، في دعائه‏ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ‏ يرجعون إلى شركهم.

[66] لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ‏ أي يشركون ليكونوا كافرين بسبب شركهم نعمة النجاة وَ لِيَتَمَتَّعُوا بسبب عبادة الأصنام بدنياهم و رئاستهم‏ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏ عاقبة شركهم.

[67] أَ وَ لَمْ يَرَوْا هؤلاء الكفار أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً و هو مكة المكرمة يؤمن أهلها من تعدي الناس عليهم، فهل أصنامهم فعلت ذلك‏ وَ يُتَخَطَّفُ‏ يؤخذ بسرعة النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏ بالتغادر قتلا و نهبا أ فبعد هذه النعم بالباطل التي هي الأصنام‏ يُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ‏ حيث إن شركهم كفران للنعمة، فإن الله أنعم عليهم فيشركون الأصنام معه.

[68] وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن زعم أن له شريكا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ‏ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و القرآن‏ لَمَّا جاءَهُ‏ الحق‏ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً‏ محل إقامة لِلْكافِرِينَ‏ و هذا تهديد لهم بأن محلهم النار.

[69] وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لأجلنا جاهدوا الكفار و النفس‏ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا طرق الخير، فانه كلما تقدم الإنسان إلى ناحية انفتح الطريق أمامه أكثر فأكثر وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ بالنصر و العون.

30: سورة الروم‏

مكية آياتها ستون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الم‏ رمز بين الله و الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

[2] غُلِبَتِ الرُّومُ‏ النصارى، غلبهم المجوس الفرس في زمن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاغتم المسلمون، لأن دين المسيح عليه السّلام كان أقرب إلى دين الإسلام، فسلاهم الله تعالى، بأن الروم سيغلبون على الفرس بعد سنوات.

[3] فِي أَدْنَى الْأَرْضِ‏ أدنى أرض العرب قرب الشام‏ وَ هُمْ‏ أي الروم‏ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ‏ مغلوبيتهم‏ سَيَغْلِبُونَ‏ الفرس.

[4] فِي بِضْعِ سِنِينَ‏ هو ما بين الثلاث و العشر، و قد كان كما أخبر الله تعالى‏ لِلَّهِ الْأَمْرُ فإن التقدير منه‏ مِنْ قَبْلُ‏ قبل أن يغلب الفرس‏ وَ مِنْ بَعْدُ أن غلبوا فكل شي‏ء بإذن الله‏ وَ يَوْمَئِذٍ يوم أن يغلب الروم على الفرس‏ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ‏ .

[5] بِنَصْرِ اللَّهِ‏ لأنه نصر المسيحيين الذين هم أقرب إلى المسلمين‏ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ حسب مشيئته‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلب‏ الرَّحِيمُ‏ بعباده، فينصرهم حسب المصلحة.

تبيين القرآن، ص: 417

[6] وَعْدَ اللَّهِ‏ نصرة الروم‏ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ‏ لامتناع القبيح عليه‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ أن الله لا يخلف وعده.

[7] يَعْلَمُونَ ظاهِراً أي ما يشاهدونه‏ مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ‏ و لذا لا يعملون لها.

[8] أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ‏ أ فلم يحدثوا الكفر في أنفسهم‏ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ‏ إذ لو لم تكن آخرة كان خلق الحياة عبثا وَ أَجَلٍ‏ أمد مُسَمًّى‏ قد سمي فلا تبقى بعده حياة وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ‏ بملاقاة جزائه‏ لَكافِرُونَ‏ .

[9] أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا يسافروا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ كعاد و ثمود، حتى يروا آثارهم الخربة الدالة على عذابهم‏ كانُوا أولئك‏ أَشَدَّ مِنْهُمْ‏ من هؤلاء الكفار قُوَّةً جسمية و مالية وَ أَثارُوا الْأَرْضَ‏ قلبوها للزراعة و استخراج المعادن‏ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها هؤلاء وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ‏ المعجزات، لكنهم كذبوا فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ‏ حيث عذبهم‏ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ بالكفر و المعاصي و لذا أخذهم الله بالعذاب.

[10] ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ كبشرى، أي عملوا العمل السيئ‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها بآيات الله‏ يَسْتَهْزِؤُنَ‏ فإن العصيان يجر إلى الكفر.

[11] اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ‏ ينشئهم‏ ثُمَّ يُعِيدُهُ‏ يبعثهم‏ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ إلى جزائه.

[12] وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ القيامة يُبْلِسُ‏ أي يتحيرون، فلا يجدون جوابا الْمُجْرِمُونَ‏ الذي أجرموا بالكفر و العصيان.

[13] وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ‏ الأصنام التي أشركوها بالله‏ شُفَعاءُ ليدفعوا عنهم العذاب‏ وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ‏ الأصنام التي جعلوها شركاء لله‏ كافِرِينَ‏ يكفرون بها حين يشاهدون بطلانها.

[14] وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ‏ المؤمنون و الكافرون.

[15] فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ جنة يُحْبَرُونَ‏ يسرون سرورا يظهر على وجوههم.

تبيين القرآن، ص: 418

[16] وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ بأن أنكروا البعث‏ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ‏ يحضرون هناك.

[17] فَسُبْحانَ اللَّهِ‏ أنزهه تنزيها عن الشريك‏ حِينَ تُمْسُونَ‏ تدخلون المساء وَ حِينَ تُصْبِحُونَ‏ تدخلون الصباح.

[18] وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ لأنه المستحق الوحيد في المكانين‏ وَ عَشِيًّا ليلا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ‏ تدخلون في وقت الظهر، أي في الأوقات كلها.

[19] يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ‏ كالبيضة من الدجاجة و الفرخ من البيضة وَ يُحْيِ الْأَرْضَ‏ بالنبات‏ بَعْدَ مَوْتِها بيبس النبات‏ وَ كَذلِكَ‏ كما أحيى الأرض‏ تُخْرَجُونَ‏ أحياء من قبوركم.

[20] وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ‏ منتشرين في الأرض.

[21] وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ‏ من جنسكم‏ أَزْواجاً زوجاتكم‏ لِتَسْكُنُوا إِلَيْها لتألفوها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً يحب بعضكم بعضا وَ رَحْمَةً يرحم بعضكم بعضا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ‏ دالات على وجود الله و لطفه‏ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏ فإنهم المنتفعون بالآيات.

[22] وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ‏ بأن كان لكل جماعة لغة، أو لهجة خاصة وَ أَلْوانِكُمْ‏ من اللون الخاص بكل جماعة و بكل فرد إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ‏ فان العالم هو المنتفع بالآيات.

[23] وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ‏ نومكم‏ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ‏ طلبكم‏ مِنْ فَضْلِهِ‏ رزقه، ففي كل من الليل و النهار، ينام الإنسان و يكتسب‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ‏ سماع تدبر و تعقل.

[24] وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً من الصاعقة و السيل و ما أشبه‏ وَ طَمَعاً في المطر و تحسين الهواء وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ‏ بالنبات‏ بَعْدَ مَوْتِها باليبات‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ يستعملون عقولهم.

تبيين القرآن، ص: 419

[25] وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ‏ أي قيامهما بأمر الله و إرادته‏ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً لإحيائكم و إخراجكم‏ مِنْ‏ بطن‏ الْأَرْضُ‏ أي قبوركم‏ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ‏ فإحياؤكم بعد الموت آية من آياته.

[26] وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ‏ خاضعون منقادون.

[27] وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ‏ ينشئه‏ ثُمَّ يُعِيدُهُ‏ بعد الموت إحياء وَ هُوَ أي البدء و الإعادة أَهْوَنُ عَلَيْهِ‏ تعالى مما تتصورون‏ وَ لَهُ الْمَثَلُ‏ الوصف‏ الْأَعْلى‏ من كل وصف، لأنه لا مساوي له حتى يشاركه في علو المثل‏ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ فلا في السماء و لا في الأرض من يشبهه في المثل‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلب‏ الْحَكِيمُ‏ في أفعاله.

[28] ضَرَبَ‏ الله‏ لَكُمْ‏ أيها المشركون‏ مَثَلًا منتزعا مِنْ أَنْفُسِكُمْ‏ لبطلان عبادتكم للأصنام‏ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ‏ من عبيدكم الذين اشتريتموهم بما كسبت أيديكم من المال‏ مِنْ شُرَكاءَ بأن يكون العبد شريكا لكم، و الحال أنه ملك لكم‏ فِي ما رَزَقْناكُمْ‏ من الأموال و السيادة فتكونوا هم و أنتم فيه في الرزق‏ سَواءٌ متساوين‏ تَخافُونَهُمْ‏ أي تخافون تلك العبيد كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ‏ كما يخاف الأحرار بعضهم من بعض، و حيث يجيب المشركون على هذا السؤال بالنفي، فاللازم عليهم أن لا يجعلوا عبيد الله شركاء له، إذ العبد لا يساوي السيد كَذلِكَ‏ هكذا نُفَصِّلُ الْآياتِ‏ نشرحها لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ يستعملون عقولهم.

[29] بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالشرك‏ أَهْواءَهُمْ‏ بدون حجة و دليل في حال كونهم‏ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏ جاهلين‏ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ‏ أي لا هادي لهم بعد إضلال الله لهم، و ذلك حيث تركهم حتى ضلوا بعد أن عاندوا الحق‏ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ‏ يدفعون العذاب عنهم.

[30] فَأَقِمْ‏ قوّم‏ وَجْهَكَ‏ ذاتك‏ لِلدِّينِ‏ باتباعه، حال كونه‏ حَنِيفاً مائلا عن الباطل إلى الحق، فاتبع‏ فِطْرَتَ اللَّهِ‏ خلقته‏ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها على تلك الكيفية، فان الإنسان يجد من أعماق نفسه الاعتقاد بوجود إله للكون عالم قدير لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ‏ فإن كل إنسان يجد من نفسه ذلك بدون تبديل، حتى أن المشرك أيضا لا يقدر أن يبدل خلقته و فطرته‏ ذلِكَ‏ الذي قلنا بإقامة وجهك أمامه‏ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏ الطريقة المستقيمة وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ استقامته لعدم تدبرهم في حال كونكم أيها المسلمون:

[31] مُنِيبِينَ‏ راجعين‏ إِلَيْهِ‏ بالتوبة، كأن العاصي ذهب عن طريق الحق، فإذا تاب رجع إليه‏ وَ اتَّقُوهُ‏ خافوا منه فلا تفعلوا ما لا يرتضيه‏ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ الذين يجعلون لله شريكا.

صفحه بعد