کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تبيين القرآن

الخطبة كلمة الناشر المقدمة 1: سورة الفاتحة 2: سورة البقرة 3: سورة آل عمران 4: سورة النساء 5: سورة المائدة 6: سورة الأنعام 7: سورة الأعراف 8: سورة الأنفال 9: سورة التوبة 10: سورة يونس 11: سورة هود 12: سورة يوسف 13: سورة الرعد 14: سورة إبراهيم 15: سورة الحجر 16: سورة النحل 17: سورة الإسراء 18: سورة الكهف 19: سورة مريم 20: سورة طه 21: سورة الأنبياء 22: سورة الحج 23: سورة(المؤمنون) 24: سورة النور 25: سورة الفرقان 26: سورة الشعراء 27: سورة النمل 28: سورة القصص 29: سورة العنكبوت 30: سورة الروم 31: سورة لقمان 32: سورة السجدة 33: سورة الأحزاب 34: سورة سبأ 35: سورة فاطر 36: سورة يس 37: سورة الصافات 38: سورة ص 39: سورة الزمر 40: سورة غافر 41: سورة فصلت 42: سورة الشورى 43: سورة الزخرف 44: سورة الدخان 45: سورة الجاثية 46: سورة الأحقاف 47: سورة محمد صلى الله عليه و آله و سلم 48: سورة الفتح 49: سورة الحجرات 50: سورة ق 51: سورة الذاريات 52: سورة الطور 53: سورة النجم 54: سورة القمر 55: سورة الرحمن 56: سورة الواقعة 57: سورة الحديد 58: سورة المجادلة 59: سورة الحشر 60: سورة الممتحنة 61: سورة الصف 62: سورة الجمعة 63: سورة(المنافقون) 64: سورة التغابن 65: سورة الطلاق 66: سورة التحريم 67: سورة الملك 68: سورة القلم 69: سورة الحاقة 70: سورة المعارج 71: سورة نوح 72: سورة الجن 73: سورة المزمل 74: سورة المدثر 75: سورة القيامة 76: سورة الإنسان(الدهر) 77: سورة المرسلات 78: سورة النبأ 79: سورة النازعات 80: سورة عبس 81: سورة التكوير 82: سورة الانفطار 83: سورة المطففين 84: سورة الانشقاق 85: سورة البروج 86: سورة الطارق 87: سورة الأعلى 88: سورة الغاشية 89: سورة الفجر 90: سورة البلد 91: سورة الشمس 92: سورة الليل 93: سورة الضحى 94: سورة الشرح 95: سورة التين 96: سورة العلق 97: سورة القدر 98: سورة البينة 99: سورة الزلزلة 100: سورة العاديات 101: سورة القارعة 102: سورة التكاثر 103: سورة العصر 104: سورة الهمزة 105: سورة الفيل 106: سورة قريش 107: سورة الماعون 108: سورة الكوثر 109: سورة الكافرون 110: سورة النصر 111: سورة المسد 112: سورة الإخلاص 113: سورة الفلق 114: سورة الناس دعا ختم القران الفهرس

تبيين القرآن


صفحه قبل

تبيين القرآن، ص: 443

[23] وَ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ‏ عند الله، ردّ لقول المشركين (هؤلاء شفعاؤنا) إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ‏ أن يشفع و هم الأنبياء و الأولياء عليهم السّلام‏ حَتَّى إِذا فُزِّعَ‏ انكشف الفزع و الخوف‏ عَنْ قُلُوبِهِمْ‏ أي الكفار في الآخرة، أي رجعوا إلى وعيهم‏ قالُوا قال بعضهم لبعض‏ ما ذا قالَ رَبُّكُمْ‏ في باب الشفاعة هل أذن للأصنام و زعماء الكفار بالشفاعة قالُوا أي المسؤول منهم: قال الله‏ الْحَقَ‏ و هو إذن الصالحين بالشفاعة، فلا نصيب لكم منها وَ هُوَ الْعَلِيُ‏ بقهره‏ الْكَبِيرُ بعظمته، فلا راد لقوله.

[24] قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ فإذا لم يجيبوا قُلِ اللَّهُ‏ يرزقكم من السماء بإنزال المطر و من الأرض بإخراج النبات‏ وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى‏ هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‏ ظاهر، و الترديد لإنصاف الطرف و تدريجه إلى الحق.

[25] قُلْ‏ يا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للكفار لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا عصينا بزعمكم‏ وَ لا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ فليعمل كل حسب عمله حتى يرى جزاءه.

[26] قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا يوم القيامة ثُمَّ يَفْتَحُ‏ يحكم‏ بَيْنَنا بِالْحَقِ‏ و أن أينا كان على الحق‏ وَ هُوَ الْفَتَّاحُ‏ الكثير الحكم‏ الْعَلِيمُ‏ بالواقع و بالحكم.

[27] قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ‏ أي الأصنام‏ أَلْحَقْتُمْ بِهِ‏ بالله‏ شُرَكاءَ بأن جعلتموهم شركاء لله‏ كَلَّا ليسوا له بشركاء بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الذي لا يغالب‏ الْحَكِيمُ‏ في تدبيره، و لا شريك له.

[28] وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ‏ كافة: أي جميعا و التاء للمبالغة بَشِيراً للمؤمن‏ وَ نَذِيراً للكافر و العاصي‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ فيحملهم جهلهم على مخالفتك.

[29] وَ يَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ أي وعدكم بجمع الله بيننا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ في أن هناك يوما كذلك.

[30] قُلْ لَكُمْ‏ أيها المنكرون‏ مِيعادُ يَوْمٍ‏ أي وعد يوم، و هو يوم القيامة لا تَسْتَأْخِرُونَ‏ لا تتأخرون‏ عَنْهُ‏ عن ذلك اليوم‏ ساعَةً وَ لا تَسْتَقْدِمُونَ‏ تتقدمون.

[31] وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَ لا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ‏ أي الكتب السابقة عليه من التوراة و الإنجيل‏ وَ لَوْ تَرى‏ أيها الرائي ذلك الموقف لرأيت أمرا فضيعا إِذِ زمان‏ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ للحساب‏ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى‏ بَعْضٍ الْقَوْلَ‏ يجادلون في دفع العذاب عنهم لأجل أن يحمّل كل الآخر إثم أعماله‏ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أي الأتباع الذين عدهم الأسياد ضعفاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا أي المتبوعين‏ لَوْ لا أَنْتُمْ‏ تصدوننا عن الحق‏ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ‏ بالله عز و جل.

تبيين القرآن، ص: 444

[32] قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى‏ على طريق الإنكار بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ‏ الهدى‏ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ‏ بأنفسكم حيث تركتم الهداية باختياركم.

[33] وَ قالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لم يصدنا إجرامنا، بل مكركم لنا دائما ليلا و نهارا إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ نَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً شركاء وَ أَسَرُّوا أضمر الفريقان‏ النَّدامَةَ على الضلال و لم يظهروها خوفا من الشماتة لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ جَعَلْنَا الْأَغْلالَ‏ جمع غل‏ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ‏ أي ما يُجْزَوْنَ إِلَّا ما جزاء ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ .

[34] وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ نبي أو من قام مقامه‏ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها متنعموها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ‏ .

[35] وَ قالُوا أي المترفون‏ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً منكم فنحن أكرم عند الله‏ وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ‏ لأن لنا جاها عند الله.

[36] قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ يوسعه و يضيقه حسب المصالح لا لكرامة و هوان‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ فيظنون أن كثرة المال و الأولاد إنما هي للكرامة عند الله.

[37] وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى‏ أي تقرّبا إِلَّا لكن يقرب إلينا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ‏ جزاء للإيمان و جزاء للعمل الصالح‏ بِما عَمِلُوا بسبب عملهم‏ وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ‏ الطبقات العليا من الجنة آمِنُونَ‏ من المكاره.

[38] وَ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا أي يسعون لأجل إبطال آياتنا مُعاجِزِينَ‏ يريدون تعجيز الأنبياء عن الهداية أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ‏ يحضرون لأجل أن يعذّبوا.

[39] قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ‏ في وقت‏ وَ يَقْدِرُ لَهُ‏ و يضيق له في وقت آخر وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ في الخير فَهُوَ يُخْلِفُهُ‏ يعطي عوضه عاجلا أو آجلا وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ‏ لأن رزقه كثير و بدون منة.

تبيين القرآن، ص: 445

[40] وَ اذكر يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ‏ يجمعهم الله و المراد المشركين‏ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ‏ الله‏ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ‏ .

[41] قالُوا أي الملائكة: سُبْحانَكَ‏ أنت منزه عن الشريك‏ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ‏ فإنا نواليك و لا نوالي هؤلاء العبدة، و هذا تبرّؤ منهم‏ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ‏ الشياطين لأن الكفار أطاعوهم في عبادتهم لنا أَكْثَرُهُمْ‏ أي الكفار بِهِمْ‏ بالشياطين‏ مُؤْمِنُونَ‏ و هذا الكلام من الله للملائكة لأجل تبكيت الكفار.

[42] فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ‏ أيها الكفار و معبوداتهم‏ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا بأن يجلب المعبود لعابده نفعا أو يدفع عنه ضرا وَ نَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ‏ حيث أنكرتم البعث.

[43] وَ إِذا تُتْلى‏ تقرأ عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ‏ واضحات‏ قالُوا ما هذا أي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ‏ يمنعكم‏ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ‏ من الأصنام‏ وَ قالُوا ما هذا القرآن‏ إِلَّا إِفْكٌ‏ كذب‏ مُفْتَرىً‏ بإضافته إلى الله تعالى‏ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ‏ للقرآن‏ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ‏ ظاهر كونه سحرا.

[44] وَ ما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها حتى يجدوا فيها الشرك‏ وَ ما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ يأمرهم بالشرك فلا مستند لهم سوى التقليد و العناد.

[45] وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ بأن أشركوا و اتبعهم هؤلاء تقليدا وَ ما بَلَغُوا هؤلاء الكفار مِعْشارَ عشر ما آتَيْناهُمْ‏ أعطينا أولئك من المال و القوة، و مع ذلك أخذناهم لما كذبوا الرسل، و هذا تهديد لهؤلاء فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ نكيري و إنكاري لهم حين كذبوا الرسل بأن دمّرناهم.

[46] قُلْ‏ يا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للكفار: إِنَّما أَعِظُكُمْ‏ أرشدكم بكلمة واحدة فإن تكثير الأمر يوجب تشويش الذهن، و الواحدة هي التفكر في أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و من المعلوم أن تفكيرهم يقودهم إلى قبول الحق إن جانبوا العناد، و الواحدة هي‏ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ‏ بأن تهتموا بأمر الله، مجانبين الهوى‏ مَثْنى‏ للتشاور إن لم يتمكن من التفكر مفردا وَ فُرادى‏ إن تمكن من التفكر مفردا ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ‏ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ مِنْ جِنَّةٍ جنون‏ إِنْ هُوَ ما النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ إِلَّا نَذِيرٌ مخوف‏ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ‏ قبل‏ عَذابٍ شَدِيدٍ هو عذاب الآخرة.

[47] قُلْ‏ لهم يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ على أداء الرسالة فَهُوَ لَكُمْ‏ فإني لا أريد الأجر، و بهذا نفى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما قاله الكفار من أن ادعاء النبوة إما لأجل أنه مجنون، أو لأجل أنه يريد أجرا إِنْ‏ ما أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ مطلع فهو يعلم صدقي.

[48] قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ‏ يلقي‏ بِالْحَقِ‏ إلي‏ عَلَّامُ‏ خبر ثان ل (إن ربي) الْغُيُوبِ‏ .

تبيين القرآن، ص: 446

[49] قُلْ جاءَ الْحَقُ‏ الإسلام‏ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ‏ الشرك، أي زهق الباطل فلا يتكلم ببادئه و لا عائده، و هذا كالمثل‏ وَ ما يُعِيدُ .

[50] قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ‏ كما تزعمون‏ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى‏ نَفْسِي‏ فإن وبال الضلال يعود إليّ‏ وَ إِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ‏ لأقوالنا قَرِيبٌ‏ منا بالعلم فيعرف المهتدي من الضال.

[51] وَ لَوْ تَرى‏ لرأيت أمرا عظيما إِذْ فَزِعُوا خاف الكفار عند البعث‏ فَلا فَوْتَ‏ فلا يفوتني أحد منهم‏ وَ أُخِذُوا للحساب‏ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ‏ فإنهم قريب في قدرة الله و إن كانوا في أقاصي الأرض.

[52] وَ قالُوا حينذاك‏ آمَنَّا بِهِ‏ بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و القرآن‏ وَ أَنَّى‏ من أين‏ لَهُمُ التَّناوُشُ‏ تناول الإيمان بسهولة مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فإنه في دار التكليف و هم في الآخرة بعيدون عن التكليف.

[53] وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ‏ أي بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و القرآن‏ مِنْ قَبْلُ‏ في الدنيا وَ يَقْذِفُونَ‏ يرمون الكلام‏ بِالْغَيْبِ‏ بما غاب عن علمهم حيث ينفون البعث و هم جاهلون به‏ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فإنهم بعداء عن حقيقة الأمر و لذا كلامهم ككلام الإنسان البعيد عن شي‏ء حيث لا يعلمه.

[54] وَ حِيلَ‏ حال أمر الآخرة بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ‏ مشتهياتهم فإنه ليس لهم في الآخرة إلا النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ‏ بموافقيهم في الكفر مِنْ قَبْلُ‏ سابقا حيث كفروا، فلما ماتوا أبعدوا عن مشتهياتهم‏ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍ‏ من الإيمان‏ مُرِيبٍ‏ موجب للتردد في العمل، إذ الشك قد لا يظهر أثره، و قد يظهر.

35: سورة فاطر

مكية آياتها خمس و أربعون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ مبدع و خالق‏ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا إلى الأنبياء عليهم السّلام‏ أُولِي‏ أصحاب‏ أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ جناحان جناحان‏ وَ ثُلاثَ‏ أجنحة وَ رُباعَ‏ أجنحة، ينزلون و يعرجون بها يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ‏ ما يخلق من الملائكة و غيرهم‏ ما يَشاءُ كما و كيفا إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

[2] ما يَفْتَحِ‏ يعطي‏ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ كمال و أولاد فَلا مُمْسِكَ لَها يمنعها عن الوصول إلى الخلق‏ وَ ما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ‏ لما أمسك‏ مِنْ بَعْدِهِ‏ بعد إمساكه تعالى‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغالب‏ الْحَكِيمُ‏ في تدبيره.

[3] يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ التي من جملتها أنه خلقكم‏ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ بإنزال المطر وَ الْأَرْضِ‏ بالنبات‏ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى‏ أين‏ تُؤْفَكُونَ‏ تصرفون إلى الأصنام.

تبيين القرآن، ص: 447

[4] وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ‏ يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ‏ فاصبر كما صبروا وَ إِلَى اللَّهِ‏ إلى جزائه‏ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فيجازي المكذب بالعقاب و الصابر بالثواب.

[5] يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ‏ بالجزاء حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بأباطيلها حتى تصرفكم عن الآخرة وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ الشيطان الذي هو كثير الخداع، بأن يجرّئكم على معصية الله وعدا لكم بأنه لا جزاء.

[6] إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا عاملوا معه معاملة الأعداء في عدم سماع كلامه‏ إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ‏ اتباعه‏ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ النار الملتهبة.

[7] الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ غفران لذنوبهم‏ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ عظيم في الآخرة.

[8] أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ‏ زينت نفوسهم إليهم أعمالهم السيئة فَرَآهُ‏ ظنه‏ حَسَناً كمن ليس كذلك، و الاستفهام لإنكار التسوية فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ يتركه حتى يضل إذا أعرض عن الحق‏ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ‏ فلا تهلك يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نفسك‏ عَلَيْهِمْ‏ على الكفار حَسَراتٍ‏ للحسرات على غيهم‏ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ‏ فيجازيهم على سيئاتهم.

[9] وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ تهيج الرياح‏ سَحاباً فَسُقْناهُ‏ أرسلنا ذلك السحاب‏ إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ‏ لا زرع فيه‏ فَأَحْيَيْنا بِهِ‏ بالمطر الْأَرْضَ‏ بالزرع‏ بَعْدَ مَوْتِها باليبس‏ كَذلِكَ‏ كإحياء الأرض بعد موتها النُّشُورُ و البعث.

[10] مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً فليطلبها من عنده تعالى بالإيمان و الطاعة إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ‏ جمع كلمة الطَّيِّبُ‏ الحسن‏ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏ الله إلى ذاته المقدسة- بمعنى قبوله له- و هذان هما موجبا العزة وَ الَّذِينَ يَمْكُرُونَ‏ المنكرات‏ السَّيِّئاتِ‏ لأجل إطفاء الدين و إذلال المسلمين‏ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ في الآخرة وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ يبطل و لا ينفذ.

[11] وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ‏ فإن التراب يتحول نباتا ثم طعاما ثم دما ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ التي هي المني‏ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً ذكرا و أنثى‏ وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى‏ وَ لا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ‏ فإنه عالم بكل شي‏ء وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ما يمد في عمر من يصير إلى كبر وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ‏ لمن لا يمتد عمره إلى المقدار المعتاد إِلَّا فِي كِتابٍ‏ اللوح المحفوظ إِنَّ ذلِكَ‏ الزيادة و النقصان‏ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل.

تبيين القرآن، ص: 448

[12] وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ‏ حلو فُراتٌ‏ شديد العذوبة سائِغٌ شَرابُهُ‏ هني‏ء يمر في الحلق بسهولة وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ‏ شديد الملوحة وَ مِنْ كُلٍ‏ منهما تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا السمك‏ وَ تَسْتَخْرِجُونَ‏ من البحر حِلْيَةً زينة كاللؤلؤ و المرجان‏ تَلْبَسُونَها وَ تَرَى الْفُلْكَ‏ السفينة فِيهِ‏ في البحر مَواخِرَ جمع ماخرة أي تشق الماء شقا لِتَبْتَغُوا تطلبوا مِنْ فَضْلِهِ‏ بالتجارة وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ الله على ذلك.

[13] يُولِجُ‏ يدخل‏ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ بتمديد الليل‏ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ‏ بتمديد النهار وَ سَخَّرَ ذلل‏ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ‏ مدة مُسَمًّى‏ قد سمي عند الله تعالى‏ ذلِكُمُ‏ الفاعل لهذه الأشياء اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ‏ أي الأصنام‏ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ القشرة التي في شق النواة.

[14] إِنْ تَدْعُوهُمْ‏ أي الأصنام‏ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ‏ لأنهم جماد وَ لَوْ سَمِعُوا فرضا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ‏ لعدم قدرتهم على الإنفاع‏ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ‏ يقرون هناك ببطلان إشراككم إياهم مع الله‏ وَ لا يُنَبِّئُكَ‏ يخبرك‏ مِثْلُ‏ الله الذي هو خَبِيرٍ و قد أخبرك بحالة الأصنام.

[15] يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ المحتاجون‏ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِيُ‏ عن خلقه‏ الْحَمِيدُ المستحق للعبادة.

[16] إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ‏ يفنيكم‏ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ غيركم.

[17] وَ ما ذلِكَ‏ إذهابكم و الإتيان بغيركم‏ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ بمتعذر.

[18] وَ لا تَزِرُ لا تحمل‏ وازِرَةٌ نفس حاملة للذنب‏ وِزْرَ إثم نفس‏ أُخْرى‏ بل كل عاص يجزى عقاب عصيان نفسه‏ وَ إِنْ تَدْعُ‏ تطلب نفس‏ مُثْقَلَةٌ ثقيلة بالذنب‏ إِلى‏ حِمْلِها أي حمل بعض وزرها لا يُحْمَلْ مِنْهُ‏ من وزره‏ شَيْ‏ءٌ نائب فاعل ل (لا يحمل) وَ لَوْ كانَ‏ المدعو ذا قُرْبى‏ قريبا للداعي‏ إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ‏ أي في حال كونهم غائبين عن عذابه، فإن فائدة الإنذار تعود إليهم‏ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ مَنْ تَزَكَّى‏ تطهر فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ‏ لأن فائدة التطهير ترجع إلى نفس المتزكي‏ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ مرجع الكل إلى جزائه.

تبيين القرآن، ص: 449

[19] وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ الكافر وَ الْبَصِيرُ المؤمن.

[20] وَ لَا الظُّلُماتُ‏ الكفر وَ لَا النُّورُ الإيمان.

[21] وَ لَا الظِّلُ‏ الثواب‏ وَ لَا الْحَرُورُ النار الحارة و المراد بها العقاب.

[22] وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ المؤمنون‏ وَ لَا الْأَمْواتُ‏ الكفار إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ سماعا نافعا، و هو من لا يعاند الحق‏ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ أي الأموات، فإن مثل المعاند مثل الميت الذي لا يسمع سماعا ذا أثر.

[23] إِنْ‏ ما أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ فما عليك إلا الإنذار.

[24] إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ إِنْ‏ ما مِنْ أُمَّةٍ جماعة إِلَّا خَلا مضى‏ فِيها نَذِيرٌ من نبي أو من قام مقامه.

[25] وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ‏ أي هؤلاء الكفار فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ أنبياءهم، فاصبر كما صبر الأنبياء عليهم السّلام‏ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ‏ أي المعجزات‏ وَ بِالزُّبُرِ الصحف من دون جمع في كتاب كامل‏ وَ بِالْكِتابِ الْمُنِيرِ ذي النور، و هو الكتاب الكامل كالتوراة و الإنجيل.

[26] ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إنكاري لهم بالعذاب، و هذا تهديد لهؤلاء الكفار.

[27] أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ‏ بالماء ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها أصنافها لونا و شكلا و طعما و خاصية وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ خطط و طرائق‏ بِيضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها بالشدة و الضعف‏ وَ منها غَرابِيبُ‏ جمع غربيب و هو شديد السواد سُودٌ مفسرة ل (غرابيب) أي أن الثمار و الجبال، مختلف ألوانها.

[28] وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ‏ كاختلاف الثمار و الجبال‏ كَذلِكَ‏ هكذا إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فاعل (يخشى) فإن الأكثر علما بمخلوقات الله أكثر خوفا منه‏ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يغالب‏ غَفُورٌ لمن تاب من عباده.

[29] إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ‏ يقرءون‏ كِتابَ اللَّهِ‏ القرآن‏ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً في حالتي السر و العلن‏ يَرْجُونَ‏ خبر (إن) تِجارَةً تحصيل ثواب بالطاعة لَنْ تَبُورَ لن تهلك.

صفحه بعد