کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن

المجلد الأول

الفهرس

سورة البقرة - 1 -

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 4] [سورة البقرة(2): الآيات 16 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 22 الى 17] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 29 الى 26] [سورة البقرة(2): الآيات 33 الى 30] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): الآيات 37 الى 35] [سورة البقرة(2): الآيات 39 الى 38] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 88] [سورة البقرة(2): الآيات 89 الى 92] [سورة البقرة(2): الآيات 93 الى 101] [سورة البقرة(2): الآيات 102 الى 105] [سورة البقرة(2): الآيات 106 الى 108] [سورة البقرة(2): الآيات 109 الى 114] [سورة البقرة(2): آية 115] [سورة البقرة(2): الآيات 116 الى 123] [سورة البقرة(2): آية 124] [سورة البقرة(2): آية 125] [سورة البقرة(2): آية 126] [سورة البقرة(2): آية 127] [سورة البقرة(2): الآيات 128 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 132] [سورة البقرة(2): الآيات 133 الى 134] [سورة البقرة(2): آية 135] [سورة البقرة(2): الآيات 136 الى 137] [سورة البقرة(2): الآيات 138 الى 141] [سورة البقرة(2): آية 142] [سورة البقرة(2): آية 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 145] [سورة البقرة(2): الآيات 146 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 151] [سورة البقرة(2): آية 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 154] [سورة البقرة(2): الآيات 155 الى 157] [سورة البقرة(2): آية 158] [سورة البقرة(2): الآيات 159 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 164] [سورة البقرة(2): الآيات 165 الى 172] [سورة البقرة(2): آية 173] [سورة البقرة(2): الآيات 174 الى 176] [سورة البقرة(2): آية 177] [سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 183 الى 184] [سورة البقرة(2): آية 185] [سورة البقرة(2): الآيات 186 الى 187] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 194] [سورة البقرة(2): الآيات 195 الى 196] [سورة البقرة(2): الآيات 197 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثانى

الفهرس

تتمة سورة البقرة - 2 -

[سورة البقرة(2): الآيات 200 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 207] [سورة البقرة(2): الآيات 208 الى 209] [سورة البقرة(2): الآيات 210 الى 212] [سورة البقرة(2): الآيات 213 الى 214] [سورة البقرة(2): الآيات 215 الى 217] [سورة البقرة(2): الآيات 218 الى 220] [سورة البقرة(2): الآيات 221 الى 222] [سورة البقرة(2): الآيات 223 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 226 الى 228] [سورة البقرة(2): الآيات 229 الى 232] [سورة البقرة(2): آية 233] [سورة البقرة(2): الآيات 234 الى 237] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 244] [سورة البقرة(2): آية 245] [سورة البقرة(2): الآيات 246 الى 250] [سورة البقرة(2): الآيات 251 الى 252] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 256] [سورة البقرة(2): آية 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 266] [سورة البقرة(2): الآيات 267 الى 272] [سورة البقرة(2): الآيات 273 الى 274] [سورة البقرة(2): آية 275] [سورة البقرة(2): الآيات 276 الى 281] [سورة البقرة(2): الآيات 282 الى 284] [سورة البقرة(2): الآيات 285 الى 286]

سورة آل عمران

فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثالث

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد الرابع

الفهرس

سورة الأعراف

[سورة الأعراف(7): الآيات 9 الى 1] [سورة الأعراف(7): الآيات 21 الى 10] [سورة الأعراف(7): الآيات 25 الى 22] [سورة الأعراف(7): الآيات 32 الى 26] [سورة الأعراف(7): الآيات 36 الى 33] [سورة الأعراف(7): الآيات 42 الى 37] [سورة الأعراف(7): الآيات 53 الى 43] [سورة الأعراف(7): الآيات 58 الى 54] [سورة الأعراف(7): الآيات 69 الى 59] [سورة الأعراف(7): الآيات 72 الى 70] [سورة الأعراف(7): الآيات 81 الى 73] [سورة الأعراف(7): الآيات 84 الى 82] [سورة الأعراف(7): الآيات 91 الى 85] [سورة الأعراف(7): الآيات 102 الى 92] [سورة الأعراف(7): الآيات 119 الى 103] [سورة الأعراف(7): الآيات 126 الى 120] [سورة الأعراف(7): الآيات 135 الى 127] [سورة الأعراف(7): الآيات 137 الى 136] [سورة الأعراف(7): الآيات 144 الى 138] [سورة الأعراف(7): الآيات 147 الى 145] [سورة الأعراف(7): الآيات 154 الى 148] [سورة الأعراف(7): الآيات 158 الى 155] [سورة الأعراف(7): الآيات 160 الى 159] [سورة الأعراف(7): الآيات 168 الى 161] [سورة الأعراف(7): الآيات 171 الى 169] [سورة الأعراف(7): الآيات 174 الى 172] [سورة الأعراف(7): الآيات 180 الى 175] [سورة الأعراف(7): الآيات 188 الى 181] [سورة الأعراف(7): الآيات 198 الى 189] [سورة الأعراف(7): الآيات 206 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الخامس

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد السادس

الفهرس

فهارس

فهرس الآيات الإستشهادية

سورة آل عمران سورة إبراهيم سورة الأحزاب سورة الأحقاف سورة الإخلاص سورة الإسراء سورة الأعراف سورة الأعلى سورة الأنبياء سورة الإنسان سورة الإنشقاق سورة الأنعام سورة الأنفال سورة الإنفطار سورة البروج سورة البقرة سورة البينة سورة التحريم سورة التغابن سورة التكاثر سورة التكوير سورة التوبة سورة الجاثية سورة الجمعة سورة الجن سورة الحاقة سورة الحج سورة الحجر سورة الحجرات سورة الحديد سورة الحشر سورة الدخان سورة الذاريات سورة الرحمن سورة الرعد سورة الروم سورة الزخرف سورة الزلزلة سورة الزمر سورة سبأ سورة السجدة سورة الشعراء سورة الشورى سورة ص سورة الصافات سورة الصف سورة الطارق سورة الطور سورة الطور سورة طه سورة العاديات سورة عبس سورة العلق سورة العنكبوت سورة غافر سورة الفاتحة سورة فاطر سورة الفتح سورة الفجر سورة الفرقان سورة فصلت سورة ق سورة القارعة سورة القدر سورة القصص سورة القلم سورة القمر سورة القيامة سورة الكهف سورة لقمان سورة المؤمنون سورة المائدة سورة المجادلة سورة المدثر سورة المدثر سورة مريم سورة المزمل سورة المطففين سورة المعارج سورة الملك سورة الممتحنة سورة المنافقون سورة النازعات سورة الناس سورة النبأ سورة النجم سورة النحل سورة النساء سورة النمل سورة نوح سورة النور سورة الواقعة سورة هود سورة يس سورة يوسف سورة يونس
فهرس الأحاديث و روايات

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن


صفحه قبل

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 50

شَيْ‏ءٍ قَدْراً «1» أي حدّا محدودا و قدرا مخصوصا بحسب ما يشاكل خلقته و شأنه، فلا ينبغي لزاعم أن يزعم أنّه سبحانه يريد ما يريده من كلّ شي‏ء على و تيرة واحدة، ثمّ يقدّر أنّ الخلقة صادفت غايتها في بعض و تخلّفت عنها في آخر.

و بالجملة، فالعبادة غاية الإيجاد، و هي ثابتة في كلّ موجود لا تتخلّف.

و لا يذهب عليك أنّ هذا ليس من الجبر الباطل في شي‏ء، فمثل الخلق بالنسبة إلى ربّهم كمثل العبد يملكه المولى من ملك نفسه و ما يتّجر به و يتصرّف من نقل و مبادلة و أكل و شرب و سكنى، و هو و ما يملكه لمولاه، و للمولى في ملكه حكم، و للعبد فيما ملكه بتمليك المولى حكم، ففرق بين أن نبطل بملك المولى ملك العبد، و هو مثل الجبر، أو بملك العبد ملك المولى، و هو مثل التفويض، و بين أن نثبت للمولى ملكه و للعبد ملكه بتمليك المولى، و هو الحقّ.

و بالجملة، فهو سبحانه معبود مطلقا، و قد قال: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى‏ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ، «2» و قال تعالى: وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، «3» إلى غير ذلك من الآيات، فأثبت أنّ الكلّ سائرون إليه سبحانه و أنّ للجميع طريقا.

ثمّ فرّق سبحانه بين السبل و الطرق فقال: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ، «4» فهناك صراط مستقيم و غيره، و قال سبحانه: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي، «5» و قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ‏

(1). الطلاق (65): 3.

(2). الانشقاق (84): 6.

(3). المائدة (5): 18.

(4). يس (36): 60 و 61.

(5). البقرة (2): 186.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 51

يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ، «1» فبيّن أنّه قريب من عباده و أنّ الطريق القريب منه سبحانه دعاؤه و عبادته، ثمّ قال سبحانه في وصف الذين لا يؤمنون: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، «2» فبيّن أنّ غاية غير المؤمنين في مسيرهم و سبيلهم بعيدة، فالسبيل إلى اللّه سبيلان: سبيل قريب و هو سبيل المؤمنين، و سبيل بعيد و هو سبيل غيرهم، فهذا نحو اختلاف في الطرق.

و هناك نحو آخر من الاختلاف، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ، «3» و قال سبحانه: وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى‏ «4» أي سقط إلى أسفل و هو أسفل سافلين، و قال: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً، «5» فعرّف الضلال بالشرك لمكان «قد»، و قال:

يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، «6» و قال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ، «7» و عند ذلك تقسّم الناس في طرقهم ثلاثة أصناف، و طرقهم ثلاثة: من طريقه إلى فوق و هم المؤمنون و أولو العلم، و من طريقه إلى أسفل و هم المغضوب عليهم، و من ضلّ الطريق و هو في الطريق و هم الضالّون، و في هذه المعاني آيات اخر كثيرة.

ثمّ إنّ الضلال كما عرفت معرّف بالشرك في قوله: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ

(1). غافر (40): 60.

(2). فصّلت (41): 44.

(3). الأعراف (7): 40.

(4). طه (20): 81.

(5). النساء (4): 116.

(6). المجادلة (58): 11.

(7). فاطر (35): 10.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 52

ضَلَّ، «1» و كلّ ظلم شرك، سواء كان معصية بالأفعال أو انحرافا في الاعتقاد كما فيما حكاه عن الشيطان لمّا قضي الأمر إذ يقول: إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، «2» و قال سبحانه: أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ* وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً. «3» فإذا كان كلّ ضلال في علم أو عمل شركا فمستقيم الصراط الذي هو صراط غير الضالّين ما لا يقع فيه شرك عمل أو علم ألبتّة، و هو التوحيد علما و عملا؛ إذ لا ثالث لهما، و ماذا بعد الحقّ إلّا الضلال، فهو طريق مأمون فيه من الضلال فينطبق على قوله سبحانه: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ. «4» و في هذه الآية تثبيت للأمن و وعد بالاهتداء، و سيجي‏ء سرّه إن شاء اللّه.

ثمّ إنّه عرّف هؤلاء الذين أنعم عليهم في قوله سبحانه: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً، «5» و قد وصف هذا الإيمان و الإطاعة بقوله قبل الآية: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً* وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً، «6»

(1). النساء (4): 116.

(2). إبراهيم (14): 22.

(3). يس (36): 60- 62.

(4). الأنعام (6): 82.

(5). النساء (4): 69.

(6). النساء (4): 65- 66.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 53

فوصفهم بالثبات التامّ قولا و فعلا و ظاهرا و باطنا على العبوديّة، فلا يشذّ منهم شاذّ من هذه الجهة، و مع ذلك جعلهم في تبعهم وصفّ بعد صفّهم لمكان «مع» و لمكان قوله: وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً، «1» و كما يشعر به قوله في محلّ آخر:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ، «2» و هذا هو الإلحاق في الآخرة لمكان قوله: عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ «3» و لَهُمْ أَجْرُهُمْ، «4» فهؤلاء و هم أصحاب الصراط المستقيم أعلى قدرا و أقرب منزلة من هؤلاء المؤمنين الذين أخلصوا قلوبهم و أعمالهم من الظلم و الشرك، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، «5» و إذا تدبّرت قوله سبحانه:

فَلا وَ رَبِّكَ، «6» و تعريفه أصحاب الصراط المستقيم بقوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ أيقنت أنّ هناك نحوا آخر من الشرك لم يخلص عنه المؤمنون الخالصون و شأنهم هذا الشأن، و إنّما يختصّ به أصحاب الصراط المستقيم، فتدبّر.

و بالجملة، فمآل قوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، إلى التوحيد علما و عملا.

و أمّا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ فالصراط هو الواضح من الطريق، من سرطت سرطا إذا بلعت بلعا، كأنّه يبلع السالكين فيه فلا يدعهم و لا يدفعهم عن بطنه،

(1). النساء (4): 69.

(2). الحديد (57): 19.

(3). الحديد (57): 19.

(4). الحديد (57): 19.

(5). المجادلة (58): 11.

(6). النساء (4): 65.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 54

و المستقيم على ما يظهر من اللغة غير ما اصطلح عليه أرباب علوم الرياضة من المستقيم، بل هو الذي لا يتغيّر أمره و لا يختلف شأنه، فمستقيم الصراط ما لا يتخلّف في هدايته و إيصاله سالكيه إلى غايته و مقصدهم، قال سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً، «1» و قال سبحانه: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ* وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ، «2» و قال سبحانه: قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ‏ «3» أي هذه سنّتي و طريقتي لا تختلف و لا تتخلّف، فهو يجري مجرى قوله: وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا «4» و وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا. «5»

و عن قرب الإسناد عن الرضا- عليه السلام-: قال: «جفّ القلم بحقيقة الكتاب [من اللّه‏] بالسعادة لمن آمن و اتّقى، و الشقاوة من اللّه لمن كذّب و عصى». «6»

و عن تفسير القمّي و توحيد الصدوق عن النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- ما في معناه. «7»

(1). النساء (4): 175.

(2). الأنعام (6): 125 و 126.

(3). الحجر (15): 41 و 42.

(4). الأحزاب (33): 62.

(5). الفتح (48): 23.

(6). قرب الإسناد: 156.

(7). تفسير القمّي 1: 215؛ و لم نجده في التوحيد.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 55

ف الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* هو الطريق الواضح المؤدّي إلى المطلوب ألبتّة.

و أمّا كونه أقرب الطرق لكون الخطّ المستقيم أقصر الخطوط الموصلة بين نقطتين فكلام شعريّ في هذا المقام و إن كان برهانيّا أو متلقّى بالقبول في مقام آخر.

نعم، بيّن سبحانه كون صراطه المستقيم أقرب الطرق إليه ببيان آخر سبقت الإشارة إليه.

و اعلم أنّه سبحانه على أنّه نصب في كلامه لنفسه صراطا و سبيلا و كرّر ذكر صراط اللّه و سبيل اللّه، لم يعدّ لنفسه أزيد من صراط واحد مستقيم، و عدّ لنفسه سبلا كثيرة، فقال تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا، «1» و لم ينسب الصراط المستقيم إلى غيره من خلقه غير ما في هذه الآية صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، و نسب السبيل إلى غيره، فقال عزّ من قائل: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ، «2» و قال تعالى: سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ، «3» و قال تعالى: سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ. «4»

و يعلم من ذلك أنّ السبيل غير الصراط المستقيم، و أنّه يختلف باختلاف أصناف المتعبّدين، دون الصراط المستقيم كما يشير إليه قوله سبحانه: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، «5» فجعل اتّباع رضوانه‏

(1). العنكبوت (29): 69.

(2). يوسف (12): 108.

(3). لقمان (31): 15.

(4). النساء (4): 115.

(5). المائدة (5): 15 و 16.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 56

مقدّمة للهداية إلى سبل السلام، ثمّ أضاف إليه الإخراج من الظلمات إلى النور و جعل المجموع كالمقدّمة للهداية إلى صراط مستقيم، و التنكير فيه للتفخيم، و قال أيضا: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ، «1» فمن الشرك و هو ضلال ما يوجد في المؤمنين، و لهم سبيل إلى ربّهم، فقد يجتمع الضلال مع سبيلهم، لكنّه لا يجتمع مع الصراط المستقيم. فظهر أنّ مثل الصراط المستقيم بالنسبة إلى السبيل مثل الروح بالنسبة إلى البدن، فكما أنّ للبدن أطوارا في مدّة حياته هو عند كلّ طور غيره عند طور آخر، كالصبا و الطفوليّة و الرهوق و الشباب و الكهولة و الشيب و الهرم، لكنّ الروح هي الروح، و البدن يمكن أن يطرأ عليه طورا تنافي ما تحبّه و تقتضيه الروح إذا خلّيت و نفسها، بخلاف الروح‏ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، «2» و البدن مع ذلك هو الروح، أعني الإنسان، فكذلك السبيل إلى اللّه سبحانه هو الصراط المستقيم، غير أنّ السبيل كسبيل المؤمنين و سبيل المتّقين أو غير ذلك من سبل اللّه سبحانه ربما وصل إليه آفة من خارج أو نقص و لن تصل إلى الصراط المستقيم.

كما عرفت أنّ الإيمان ربما يجتمع مع الشرك و الظلم، و هو سبيل، و لا يجتمع مع شي‏ء من ذلك الصراط المستقيم، فللسبيل مراتب كثيرة بعضها فوق بعض من جهة خلوصه و شوبه و قربه و بعده، و الجميع على الصراط المستقيم، أو هي هو.

قال سبحانه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ، «3» و الأخبار في درجات الإيمان و الكفر كثيرة مستفيضة.

(1). يوسف (12): 106.

(2). الروم (30): 30.

صفحه بعد