کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 152
[سورة البقرة (2): الآيات 75 الى 82]
قوله سبحانه: قالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ ...
في المجمع عن الباقر- عليه السلام- قال: كان قوم من اليهود- ليسوا من
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 153
المعاندين المتواطئين- إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التوراة من صفة محمّد- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- فنهى «1» كبراؤهم عن ذلك، و قالوا: أ تخبرونهم «2» بما في التوراة من صفة محمّد- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- فيحاجّوكم به عند ربّكم؟! فنزلت الآية». «3»
قوله سبحانه: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ...
في الكافي عن أحدهما- عليهما السلام- في الآية قال: «إذا جحدوا «4» ولاية أمير المؤمنين فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ». «5»
أقول: و روى الشيخ في أماليه عن النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- قريبا منه «6» » و هو من الجري.
ثمّ إنّ الآيتين قريبتا المعنى من قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ «7» و إنّما الفرق: أنّ الآية في مقام بيان أنّ الملاك في السعادة هو الإيمان بالحقيقة دون التسمّي بالأسامي، و الآيتان في أنّ الملاك هو الإيمان دون الدعاوي.
و قد قابل سبحانه بين الإيمان و العمل الصالح و بين كسب السيّئة و إحاطة
(1). في المصدر: «فنهاهم»
(2). في المصدر: «لا تخبروهم»
(3). مجمع البيان 1: 272.
(4). فى المصدر: «جهد»
(5). الكافي 1: 439، الحديث: 82.
(6). الأمالي للطوسي: 364، الحديث: 763.
(7). البقرة (2): 62.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 154
الخطيئة؛ لأنّ المقام مقام عدّ سيّئات اليهود عليهم.
ثمّ إنّه فرع العمل الصالح على الإيمان و عكس في الخطيئة و السيّئة؛ لأنّ الخطيئة هي الحاصلة للنفس من اكتساب السيّئة و أشار بذلك إلى علّة الخلود؛ و هي إحاطة الخطيئة بالإنسان، فلا يجد مخلصا يخلص منه و منفذا ينفذ فيه، و هذا من الشواهد لما قدّمناه في أوّل السورة أنّ للإنسان حياة تالية لحياته الدنيويّة و في باطنها.
*
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 155
[سورة البقرة (2): الآيات 83 الى 84]
قوله سبحانه: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً
في الكافي عن أبي جعفر- عليه السلام- في الآية قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال فيكم»؛ «1»
و عن الصادق- عليه السلام- قال: «قولوا للناس حسنا، و لا تقولوا إلّا خيرا؛ حتّى تعلموا ما هو». «2»
و في المعاني عن الباقر- عليه السلام- قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم؛ فإنّ اللّه- عزّ و جلّ- يبغض السباب اللعّان، السبّاب: الطعّان على
(1 و 2). الكافي 2: 165، الحديث: 10.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 156
المؤمنين، الفاحش المفحش، السائل، و يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف». «1»
أقول: و روى مثل الحديث الأوّل في الكافي بطريق آخر عن الصادق- عليه السلام- «2» و العيّاشي عنه، «3» و مثل الثاني في الكافي عنه، «4» و مثل الثالث العيّاشي عن الباقر- عليه السلام-. «5»
و قد استند عليه السلام في استفادة هذه المعاني إلى إطلاق الحسن عند القائل، و إطلاقه من حيث المورد.
و في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- قال: «إنّ اللّه بعث محمّدا- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- بخمسة أسياف: فسيف على أهل الذمّة، قال اللّه:
وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نزلت في أهل الذمّة، ثمّ نسختها أخرى، قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ...» «6» الحديث. «7»
أقول: و هو منه عليه السلام أخذ بإطلاق آخر للقول، و هو شموله للكلام و لمطلق التعرّض.
(1). لم توجد في معاني الأخبار، و لكن رواها في الأمالي للصدوق: 254، الحديث: 4؛ تحف العقول: 300؛ روضة الواعظين 2: 370؛ مشكاة الأنوار: 189.
(2). الكافي 2: 164، الحديث: 9.
(3). تفسير العيّاشي 1: 48، الحديث: 63.
(4). الكافي 2: 165، الحديث: 10.
(5). تفسير العيّاشي 1: 48، الحديث: 63.
(6). التوبة (9): 29.
(7). تفسير العياشي 1: 48، الحديث: 66.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 157
[سورة البقرة (2): الآيات 85 الى 88]
قوله سبحانه: وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ
في تفسير القمّي: إنّها في عثمان و أبي ذرّ إذ أخرجه إلى الرّبذة. «1»
(1). تفسير القمّي 1: 51.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 158
أقول: و هو من الجري.
و كذا ما ورد في قوله: أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ إنّها ما جاء به رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- في أهل بيته، «1» فهذا و أمثاله من الأخبار كلّها من باب الجري.