کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 154
الخطيئة؛ لأنّ المقام مقام عدّ سيّئات اليهود عليهم.
ثمّ إنّه فرع العمل الصالح على الإيمان و عكس في الخطيئة و السيّئة؛ لأنّ الخطيئة هي الحاصلة للنفس من اكتساب السيّئة و أشار بذلك إلى علّة الخلود؛ و هي إحاطة الخطيئة بالإنسان، فلا يجد مخلصا يخلص منه و منفذا ينفذ فيه، و هذا من الشواهد لما قدّمناه في أوّل السورة أنّ للإنسان حياة تالية لحياته الدنيويّة و في باطنها.
*
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 155
[سورة البقرة (2): الآيات 83 الى 84]
قوله سبحانه: وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً
في الكافي عن أبي جعفر- عليه السلام- في الآية قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال فيكم»؛ «1»
و عن الصادق- عليه السلام- قال: «قولوا للناس حسنا، و لا تقولوا إلّا خيرا؛ حتّى تعلموا ما هو». «2»
و في المعاني عن الباقر- عليه السلام- قال: «قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم؛ فإنّ اللّه- عزّ و جلّ- يبغض السباب اللعّان، السبّاب: الطعّان على
(1 و 2). الكافي 2: 165، الحديث: 10.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 156
المؤمنين، الفاحش المفحش، السائل، و يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف». «1»
أقول: و روى مثل الحديث الأوّل في الكافي بطريق آخر عن الصادق- عليه السلام- «2» و العيّاشي عنه، «3» و مثل الثاني في الكافي عنه، «4» و مثل الثالث العيّاشي عن الباقر- عليه السلام-. «5»
و قد استند عليه السلام في استفادة هذه المعاني إلى إطلاق الحسن عند القائل، و إطلاقه من حيث المورد.
و في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- قال: «إنّ اللّه بعث محمّدا- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- بخمسة أسياف: فسيف على أهل الذمّة، قال اللّه:
وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نزلت في أهل الذمّة، ثمّ نسختها أخرى، قوله: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ...» «6» الحديث. «7»
أقول: و هو منه عليه السلام أخذ بإطلاق آخر للقول، و هو شموله للكلام و لمطلق التعرّض.
(1). لم توجد في معاني الأخبار، و لكن رواها في الأمالي للصدوق: 254، الحديث: 4؛ تحف العقول: 300؛ روضة الواعظين 2: 370؛ مشكاة الأنوار: 189.
(2). الكافي 2: 164، الحديث: 9.
(3). تفسير العيّاشي 1: 48، الحديث: 63.
(4). الكافي 2: 165، الحديث: 10.
(5). تفسير العيّاشي 1: 48، الحديث: 63.
(6). التوبة (9): 29.
(7). تفسير العياشي 1: 48، الحديث: 66.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 157
[سورة البقرة (2): الآيات 85 الى 88]
قوله سبحانه: وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ
في تفسير القمّي: إنّها في عثمان و أبي ذرّ إذ أخرجه إلى الرّبذة. «1»
(1). تفسير القمّي 1: 51.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 158
أقول: و هو من الجري.
و كذا ما ورد في قوله: أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ إنّها ما جاء به رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- في أهل بيته، «1» فهذا و أمثاله من الأخبار كلّها من باب الجري.
(1). الكافي 1: 418، الحديث: 31؛ الصراط المستقيم 1: 289؛ تفسير العيّاشي 1: 49، الحديث: 68؛ المناقب 3: 206.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 159
[سورة البقرة (2): الآيات 89 الى 92]
قوله سبحانه: وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ ...
في الكافي و تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- في الآية: «كانت اليهود تجد في كتبها أنّ مهاجرة «1» محمّد ما بين عير و أحد، فخرجوا يطلبون الموضع، فمرّوا بجبل يسمّى حدادا، فقالوا: حداد و أحد سواء، فتفرّقوا عنده، فنزل بعضهم
(1). في الكافى: «مهاجر»
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 160
بتيماء و بعضهم بفدك و بعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم، فمرّ بهم أعرابيّ من قيس، فتكاروا منه، و قال لهم: أمرّ بكم ما بين عير و أحد، فقالوا له: إذا مررت بهما ممّا «1» توسّط بهم «2» أرض المدينة، قال لهم: و ذلك عير و هذا أحد، فنزلوا عن ظهر إبله، فقالوا: قد أصبنا بغيتنا، فلا حاجة لنا في إبلك، فاذهب حيث شئت، فكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك و خيبر: أنّا: قد أصبنا الموضع فهلمّوا إلينا، فكتبوا إليهم: إنّا قد استقرّ «3» بنا الدار و اتّخذنا الأموال و ما أقربنا، «4» فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم، فاتّخذوا بأرض المدينة الأموال، فلمّا كثرت أموالهم بلغ تبّع فغزاهم، فتحصّنوا منه فحاصرهم، و كانوا يرقّون لضعفاء أصحاب تبّع فيلقون إليهم «5» التمر و الشعير، فبلغ ذلك تبّع، فرقّ لهم و آمنهم، فنزلوا إليه، فقال لهم: إنّي قد استطبت بلادكم، و لا أراني إلّا مقيما فيكم، فقالوا «6» : إنّه ليس ذلك، إنّ مهاجر نبيّ «7» و ذلك لأحد حتى يكون، فقال لهم:
إنّي مخلّف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك يساعده و ينصره، «8» فخلّف فيهم حيّين: الأوس و الخزرج، فلمّا كثروا كانوا يتناولون أموالهم «9» اليهود، و كانت اليهود تقول: أما لو قد بعث محمّد ليخرجنّكم من ديارنا و أموالنا، فلمّا بعث اللّه
(1). في الكافي: «فآذنّا بهما فلمّا»
(2). كتب المصنف- طاب ثراه- على: مما توسط بهم (كذا).
(3). في الكافي: «استقرّت»
(4). في الكافي:+ «منكم»
(5). في الكافي:+ «بالليل»
(6). في الكافي:+ «له»
(7). في الكافي:+ «ذاك لك إنّها مهاجر نبيّ و ليس»
(8). في الكافي:+ «ساعده و نصره»