کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 237
عشرة أشياء خمسة في الرأس و خمسة في البدن؛ فأمّا التي في الرأس: فأخذ الشارب و إعفاء اللّحى و طمّ الشعر «1» و السواك و الخلال، و أمّا التي في البدن:
فأخذ «2» الشعر من البدن و الختان و قلم الأظفار و الغسل من الجنابة و الطهور بالماء، و هي «3» الحنيفيّة الطاهرة «4» التي جاء بها إبراهيم، فلم تنسخ و لا تنسخ «5» إلى يوم القيامة». «6»
أقول: و قد روته العامّة أيضا.
(1). طمّ الشعر: جزّه، [منه- رحمه اللّه-].
(2). في المصدر: «فحلق»
(3). في المصدر: «و هو»
(4). في المصدر: «الطهارة»
(5). في المصدر: «و لا تنسخ»
(6). تفسير القمي 1: 58؛ بحار الأنوار 73: 68، الحديث: 3، الباب: 2.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 238
[سورة البقرة (2): الآيات 136 الى 137]
قوله سبحانه: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ...
في الكافي و تفسير العيّاشي عن الباقر- عليه السلام-: «إنّما عنى بذلك عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين، و جرت بعدهم في الأئمّة ...» «1» الحديث.
أقول: و رواه في المجمع «2» عن الصادق- عليه السلام-.
و يستفاد ذلك من وقوع الخطاب في ذيل دعوة إبراهيم- عليه السلام-:
وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ «3» و لا ينافي ذلك توجيه الخطاب لعامّة المسلمين
(1). الكافي 1: 415، الحديث: 19؛ تفسير العيّاشي 1: 62، الحديث: 107.
(2). راجع: مجمع البيان 1: 404.
(3). البقرة (2): 128.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 239
على ما مرّ من البيان، على أنّ في هذا الأمر تصديقا لقيامهم بالإسلام و الإيمان حقيقة، و من البيّن أنّ جميع المسلمين حوله- صلى اللّه عليه و آله و سلم- ما كانوا على هذا الوصف، بل بعضهم.
و بما مرّ يتّضح أيضا أنّه لا يرد عليه: أنّ الحسن و الحسين- عليهما السلام- حين نزول السورة و هي سورة البقرة، أوّل سورة نزلت بالمدينة- لم يكونا مولودين بعد و لا مكلّفين حتما.
قوله سبحانه: وَ الْأَسْباطِ
ظاهره: أنّهم حفدة يعقوب و أنّهم من الأنبياء، و هو صريح قوله في سورة النساء:
وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ عِيسى. «1»
و أمّا ما في الكافي و تفسير العيّاشي عن سدير عن الباقر- عليه السلام- قال:
«قلت كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا، و لكنّهم كانوا أسباطا أولاد أنبياء، و لم يكونوا فارقوا الدنيا إلّا سعداء تابوا و تذكّروا ما صنعوا ...» «2» الحديث؛ فليس فيه تعرّض بأنّهم هم المرادون بقوله: الْأَسْباطِ في الآية، بل هم إخوة يوسف على ما يلوح من الرواية.
(1). النساء (4): 163.
(2). تفسير العيّاشي 1: 62، الحديث: 106؛ الكافي 8: 248، الحديث: 343.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 240
[سورة البقرة (2): الآيات 138 الى 141]
قوله سبحانه: صِبْغَةَ اللَّهِ
في تفسير القمّي عن أحدهما- عليهما السلام- و في المعاني عن الصادق- عليه السلام-، قال: «الصبغة هي الإسلام». «1»
أقول: و هو الظاهر من سوق الآيات.
و في الكافي و المعاني، عن الصادق- عليه السلام- قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق». «2»
(1). تفسير القمي 1: 62؛ معاني الأخبار: 188.
(2). الكافي 1: 422، الحديث: 52.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 241
أقول: و هو المستفاد من كون «الصبغة» بناء النوع من الصبغ المصدر، و إضافته تفيد التحقّق على ما صرّح به عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز، فكأنّ المعنى: أنّ هذا الإيمان و الإسلام نوع صبغنا اللّه، به و إنّما صبغهم في الميثاق، و أمّا في هذه الدنيا فالاختيار يضيف ذلك إلى أنفسهم، فيرجع الميثاق قبل الدنيا، فافهم.
و سيجيء تمام الكلام في معنى الولاية و في ميثاق الذرّ.
فإن قلت: أيّ مانع من إسناد صبغة الإيمان و الإسلام إلى اللّه تعالى؛ من حيث استناده إلى توفيقه، و إن كان ذلك فعلا إختياريّا لنا، أو استنادا إلى قوله تعالى:
ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ «1» ؟
قلت: مرجع الوجهين واحد، و مرجعه إلى القول بالذرّ، و سيجيء بيانه.
(1). النساء (4): 79.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 242
[سورة البقرة (2): آية 142]
قوله سبحانه: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ ...
تمهيد ثانيا لما سيأمر [به] سبحانه من اتّخاذ الكعبة قبلة، و تعليم لما يجاب به عن المعترضين بالتحوّل من بيت المقدس إلى الكعبة، بعد ما مهّد أوّلا من قضايا إبراهيم و إسماعيل و بناء الكعبة، و تطهيرها.
و روي في المجمع عن القمّي عن الصادق- عليه السلام- قال: «تحوّلت القبلة إلى الكعبة بعد ما صلّى النبيّ بمكّة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس، و بعد مهاجرته إلى المدينة صلّى إلى بيت المقدس سبعة أشهر، قال: ثمّ وجّهه اللّه إلى الكعبة و ذلك أنّ اليهود كانوا يعيّرون على رسول اللّه، يقولون: أنت تابع لنا تصلّي إلى قبلتنا، فاغتمّ رسول اللّه من ذلك غمّا شديدا، و خرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء، ينتظر من اللّه في ذلك أمرا.
فلمّا أصبح و حضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم، و قد صلّى من الظهر ركعتين، فنزل جبرئيل فأخذ بعضديه و حوّله إلى الكعبة، و أنزل عليه:
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 243
قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «1» و كان قد صلّى ركعتين إلى بيت المقدس و ركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود و السفهاء: ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها «2» ؟!
(1). البقرة (2): 144.