کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 299
و العادي اللص». «1»
و في المجمع عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه- عليهما السلام-: « غَيْرَ باغٍ على إمام المسلمين وَ لا عادٍ بالمعصية طريق المحقّين». «2»
أقول: و الجميع من قبيل عدّ المصاديق.
و اعلم: أنّ «الغفور» من أسمائه الحسنى، من الأسماء الفعليّة؛ من الغفر:
بمعنى التغطية، و الستر فهو تعالى بمغفرته يغطّي على الذنوب.
(1). تفسير العياشي 1: 74، الحديث: 154.
(2). مجمع البيان 1: 476.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 300
[سورة البقرة (2): الآيات 174 الى 176]
قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ ...
فيه من الدلالة على تجسّم الأعمال- و أنّ باطن هذه الأعمال هو العذاب أو المغفرة- ما لا يخفى، و قد أوضحه في الآية التالية بتبديل اشتراء الثمن القليل بالآيات باشتراء الضلالة بالهدى، بل العذاب بالمغفرة، فثباتهم على فعلهم صبر منهم على النار، فما أصبرهم على النار! فالآيتان بتمامهما جامعتان لمسلكي المجازاة و نتائج الأعمال؛ أعني الظاهر و الباطن.
و قد ورد تفسير قوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ على كلا المسلكين:
ففي الكافي و تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- قال: «ما أصبرهم
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 301
على فعل ما يعلمون أنّه يصيّرهم إلى النار». «1»
أقول: و هو تفسير بمسلك المجازاة.
و في المجمع عن عليّ بن إبراهيم عن الصادق- عليه السلام- قال: «ما أجرأهم على النار». «2»
و عن الصادق- عليه السلام-: «ما أعملهم بأعمال أهل النارك». «3»
أقول: و هو تفسير بمسلك نتائج الأعمال.
(1). الكافي 2: 268، الحديث: 2؛ تفسير العياشي 1: 75، الحديث: 157.
(2). مجمع البيان 1: 480.
(3). بحار الأنوار 7: 139.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 302
[سورة البقرة (2): آية 177]
قوله سبحانه: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا ...
قيل: طالت المشاجرة بين الناس في أمر القبلة فنزلت الآية، فهي في مقام نفي الحقيقة و إثباتها؛ أي: ليس حقيقة البرّ و تمامه استقبال جهة من الجهات، بل حقيقته صدق الإيمان و صلاح العمل و الاستقامة فيهما؛ و لذلك ختم الكلام بالصدق و الحصر، فقال تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
و عن النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-: «من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان». «1»
(1). بحار الأنوار 66: 346.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 303
أقول: قيل: لأنّ الكمالات الإنسانيّة- على كثرتها- منحصرة في صحّة الاعتقاد و حسن المعاشرة و تهذيب النفس، و قد اشير إلى الأوّل بقوله: مَنْ آمَنَ و إلى الثاني بقوله: وَ آتَى الْمالَ و إلى الثالث بقوله: وَ أَقامَ الصَّلاةَ انتهى ملخّصا.
و في المجمع عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه- عليهما السلام-: «ذَوِي الْقُرْبى قرابة النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-». «1»
أقول: و من الممكن وروده من باب عدّ المصداق بنحو نظرا إلى آية القربى.
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام-: «الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجدّهم «2» ». «3»
و في المجمع عن أبي جعفر- عليه السلام-: «ابن السبيل: المنقطع به». «4»
و في التهذيب عن الصادق- عليه السلام-: «سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدّى بعضها، قال: يؤدّى عنه من مال الصدقة؛ فإنّ اللّه- عزّ و جلّ- يقول: وَ فِي الرِّقابِ». «5»
و في تفسير القمّي في قوله: وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ قال: قال:
«في الجوع و العطش و الخوف» و في قوله: وَ حِينَ الْبَأْسِ قال: قال: «عند العطش «6» ». «7»
(1). مجمع البيان 1: 487.
(2). في المصدر: «أجهدهم»
(3). الكافي 3: 501، الحديث: 16.
(4). مجمع البيان 1: 487.
(5). تهذيب الاحكام 8: 275، الحديث: 35.
(6). في المصدر: «القتل»
(7). تفسير القمّي 1: 62.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 304
[سورة البقرة (2): الآيات 178 الى 179]
قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ
حيث جعل سبحانه زمام الحكومة و الولاية بيد المؤمنين خاصّة، خصّهم بالخطاب، و إن كان مجرى الحكم جميع المنتحلين بالإسلام، و به يرتفع ما يتراءى من الاختلاف بين الروايات:
ففي تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام-: «هي لجماعة المسلمين، ما هي للمؤمنين خاصّة». «1»
و عن البرقي عن الصادق- عليه السلام- في الآية: «هي لجماعة المسلمين؟
(1). تفسير العيّاشي 1: 75، الحديث: 159.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 305
قال: هي للمؤمنين خاصّة». «1»
قوله سبحانه: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ... - إلى آخر الآية-
نسبة الآية إلى قوله: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ «2» نسبة التفسير- فلا وجه لما ربّما يدّعى من نسخ هذه بتلك- فلا يقتل حرّ بعبد، و لا رجل بانثى، و هو الذي يدلّ عليه روايات أهل البيت- عليهم السلام-:
ففي تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- في الآية، قال: «لا يقتل الحرّ بعبد، و لكن يضرب ضربا شديدا و يغرم دية العبد، و إن قتل رجل إمرأة فأراد أولياء المقتول أن يقتلوا، أدّوا نصف ديته إلى أولياء «3» الرجل:. «4»
و في الكافي عن الحلبي عن الصادق- عليه السلام- قال: «سألته عن قول اللّه- عزّ و جلّ-: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ «5» قال: يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى.
و سألته عن قول اللّه- عزّ و جلّ-: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ، قال: ينبغي للّذي عليه «6» الحقّ أن لا يعسر أخاه إذا كان قد صالحه على دية و ينبغي للّذي عليه الحقّ أن لا يمطل أداه «7» إذا
(1). تفسير العيّاشي 1: 78، الحديث: 174.
(2). المائدة (5): 45.
(3). في المصدر: «اهل»
(4). تفسير العياشي 1: 75، الحديث: 158.
(5). المائدة (5): 45.
(6). في المصدر: «له»