کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 341
و روى البرقي عن الباقر- عليه السلام- في قوله: وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها قال: «يعني أن يأتي الأمر من وجهه، أيّ الامور كان». «1»
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام-: «الأوصياء هم أبواب اللّه التي يؤتى منها، و لولاهم ما عرف اللّه- عزّ و جلّ-، و بهم احتجّ اللّه تبارك و تعالى على خلقه». «2»
أقول: الرواية بيان مصداق للآية بالمعنى الذي فسرت به في الرواية الاولى، و قوله- عليه السّلام-: «لولاهم ما عرف اللّه» إلى آخره، يعني البيان الحقّ و الدعوة التامّة اللذين معهم- عليهم السّلام-، و له معنى آخر أدقّ، سيجيء الإشارة إليه، و الروايات في معنى الروايتين كثيرة.
(1). المحاسن 1: 224، الحديث: 142.
(2). الكافي 1: 193، الحديث: 2.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 342
[سورة البقرة (2): الآيات 190 الى 194]
قوله سبحانه: وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ...
في المجمع: أي شرك. قال: و هو المرويّ عن أبي جعفر- عليه السلام- «1»
أقول: و تصديقه قوله سبحانه بعده: وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ.
و ما روي في قوله تعالى: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ: «إنّهم أولاد
(1). مجمع البيان 2: 31.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 343
قتلة الحسين- عليه السلام-؛ لرضاهم بفعال آبائهم» «1» فمن الجري.
قوله سبحانه: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ ...
في تفسير العيّاشي عن العلاء بن الفضيل قال: «سألته عن المشركين أيبتدئهم «2» المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؛ قال: إذا كان المشركون ابتدأوهم باستحلالهم رأي المسلمون بما «3» أنّهم يظهرون عليهم فيه، و ذلك قوله: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ». «4»
و في الكافي عن معاوية بن عمّار قال: «سألت أبا عبد اللّه- عليه السلام- عن رجل قتل رجلا في الحلّ ثمّ دخل الحرم، فقال: لا يقتل و لا يطعم و لا يسقى و لا يبايع حتّى يخرج من الحرم، فيقام عليه الحدّ. قال: قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال- عليه السلام-: يقام عليه الحدّ في الحرم؛ لأنّه لم ير للحرم حرمة، و قد قال اللّه- عزّ و جلّ- فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ فقال: هذا هو في الحرم، فقال: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ». «5»
(1). كامل الزيارات: 64، الحديث: 5 و 6.
(2). في المصدر: «ايبتدى بهم»
(3). في المصدر:- «بما»
(4). تفسير العيّاشي 1: 86، الحديث: 215.
(5). الكافي 4: 227، الحديث: 4.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 344
[سورة البقرة (2): الآيات 195 الى 196]
قوله سبحانه: وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا تُلْقُوا ...
في الكافي عن الصادق- عليه السلام- قال: «لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل اللّه ما كان أحسن و لا وفّق، أليس اللّه يقول: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يعني المقتصدين؟!». «1»
(1). الكافي 4: 53، الحديث: 7.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 345
أقول: وجه استفادته من الآية ظاهر، و ليس من قبيل التقييد لإطلاق قوله:
و روى الصدوق عن ثابت بن أنس قال: «قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-: طاعة السلطان واجبة، و من ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة اللّه و دخل في نهيه، يقول اللّه «1» : وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ». «2»
قوله سبحانه: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ
في التهذيب و تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- في الآية، قال: «هما مفروضان». «3»
و في تفسير العيّاشي عن زرارة و حمران و محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه- عليهما السلام- قالوا: «سألناهما عن قوله: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ قالا- عليهما السلام-: فإنّ تمام الحجّ أن لا يرفث و لا يفسق و لا يجادل». «4»
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام- في حديث قال: «يعني بتمامهما:
أداءهما و اتّقاء ما يتّقي المحرم فيهما». «5»
أقول: ظاهر الأمر بالإتمام هو الوجوب، و الإتمام إذا عدّي بالباء يعنى به تكميل بعض الأجزاء ببعض، و إذا جرّد عن الباء يعنى به إتيان العمل على ما هو
(1). في المصدر: «أنّ اللّه عزّ و جلّ يقول»
(2). الأمالي للصدوق: 337، الحديث: 20.
(3). تهذيب الأحكام 5: 459، الحديث: 239؛ تفسير العيّاشي 1: 88، الحديث: 224.
(4). تفسير العيّاشي 1: 88، الحديث: 225.
(5). الكافي 4: 264، الحديث: 1.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 346
عليه من شرط و جزء، كما فسّر كذلك في روايتي العيّاشي و الكافي، و الروايات في هذه الأبواب متكاثرة اكتفينا منها بالانموذج من كلّ صنف.
قوله سبحانه: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
الإحصار: المنع، و يسر و استيسر بمعنى، و الهدي: جمع الهدية، و سيجيء بعض ما في هذا المعنى من الروايات.
قوله سبحانه: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ...
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- في الآية، قال: «مرّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-: على كعب بن عجرة و القمّل تتناثر من رأسه و هو محرم، فقال له: أتؤذيك هو امّك؟ قال: نعم. فأنزل اللّه هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأمره رسول اللّه أن يحلق رأسه، و جعل الصيام ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين مدّين لكلّ مسكين، و النسك شاة.
قال: و قال أبو عبد اللّه- عليه السلام-: كلّ شيء من القرآن (أو) فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كلّ شيء في القرآن (فإن لم يجد) فعليه ذلك». «1»
أقول: و روى الشيخ في التهذيب مثله، و في هذه المعاني أخبار اخر. «2»
قوله سبحانه: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ...
(1). تفسير العياشي 1: 90، الحديث: 231.
(2). تهذيب الأحكام 5: 333، الحديث: 60؛ الكافي 4: 83، الحديث: 1، باب وجوب الصوم؛ من لا يحضره الفقيه 2: 358، الحديث، 3697.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 347
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام-: «خرج رسول اللّه حين حجّ حجّة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتّى أتى الشجرة فصلّى، ثمّ قاد راحلته حتّى أتى البيداء، فأحرم منها و أهلّ بالحجّ و ساق مائة بدنة، و أحرم الناس كلّهم بالحجّ، لا يريدون عمرة و لا يدرون ما المتعة؛ حتّى إذا قدم رسول اللّه مكّة طاف بالبيت و طاف الناس معه، ثمّ صلّى عند مقام إبراهيم فاستلم الحجر، ثمّ قال: أبدأ بما بدأ اللّه، ثمّ أتى الصفا فبدأ بها، ثمّ طاف بين الصفا و المروة، فلمّا قضى طوافه ختم بالمروة قام يخطب أصحابه، و أمرهم أن يحلّوا و يجعلوها عمرة، و هي شيء أمر اللّه به، فأحلّ الناس.
و قال رسول اللّه: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أمرتكم، و لم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الذي معه لأنّ اللّه يقول: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فقال سراقة بن جشعم الكناني: يا رسول اللّه! علمنا «1» ديننا كما خلقنا اليوم، أرايت لهذا الذي أمرتنا به ألعامنا هذا أو لكلّ عام؟! فقال رسول اللّه: لا، بل للأبد الأبد». «2»
و في التهذيب عن الصادق- عليه السلام- قال: «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس لأحد إلّا أن يتمتّع لأنّ اللّه أنزل ذلك في كتابه، و جرت به السنّة من رسول اللّه». «3»
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام- في قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: «شاة». «4»
(1). في المصدر: «علمتنا»
(2). تفسير العيّاشي 1: 89- 90، الحديث: 229- 230.
(3). تهذيب الأحكام 5: 25، الحديث: 4.