کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 346
عليه من شرط و جزء، كما فسّر كذلك في روايتي العيّاشي و الكافي، و الروايات في هذه الأبواب متكاثرة اكتفينا منها بالانموذج من كلّ صنف.
قوله سبحانه: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
الإحصار: المنع، و يسر و استيسر بمعنى، و الهدي: جمع الهدية، و سيجيء بعض ما في هذا المعنى من الروايات.
قوله سبحانه: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ...
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- في الآية، قال: «مرّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-: على كعب بن عجرة و القمّل تتناثر من رأسه و هو محرم، فقال له: أتؤذيك هو امّك؟ قال: نعم. فأنزل اللّه هذه الآية: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأمره رسول اللّه أن يحلق رأسه، و جعل الصيام ثلاثة أيّام، و الصدقة على ستّة مساكين مدّين لكلّ مسكين، و النسك شاة.
قال: و قال أبو عبد اللّه- عليه السلام-: كلّ شيء من القرآن (أو) فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، و كلّ شيء في القرآن (فإن لم يجد) فعليه ذلك». «1»
أقول: و روى الشيخ في التهذيب مثله، و في هذه المعاني أخبار اخر. «2»
قوله سبحانه: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ...
(1). تفسير العياشي 1: 90، الحديث: 231.
(2). تهذيب الأحكام 5: 333، الحديث: 60؛ الكافي 4: 83، الحديث: 1، باب وجوب الصوم؛ من لا يحضره الفقيه 2: 358، الحديث، 3697.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 347
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام-: «خرج رسول اللّه حين حجّ حجّة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتّى أتى الشجرة فصلّى، ثمّ قاد راحلته حتّى أتى البيداء، فأحرم منها و أهلّ بالحجّ و ساق مائة بدنة، و أحرم الناس كلّهم بالحجّ، لا يريدون عمرة و لا يدرون ما المتعة؛ حتّى إذا قدم رسول اللّه مكّة طاف بالبيت و طاف الناس معه، ثمّ صلّى عند مقام إبراهيم فاستلم الحجر، ثمّ قال: أبدأ بما بدأ اللّه، ثمّ أتى الصفا فبدأ بها، ثمّ طاف بين الصفا و المروة، فلمّا قضى طوافه ختم بالمروة قام يخطب أصحابه، و أمرهم أن يحلّوا و يجعلوها عمرة، و هي شيء أمر اللّه به، فأحلّ الناس.
و قال رسول اللّه: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أمرتكم، و لم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الذي معه لأنّ اللّه يقول: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فقال سراقة بن جشعم الكناني: يا رسول اللّه! علمنا «1» ديننا كما خلقنا اليوم، أرايت لهذا الذي أمرتنا به ألعامنا هذا أو لكلّ عام؟! فقال رسول اللّه: لا، بل للأبد الأبد». «2»
و في التهذيب عن الصادق- عليه السلام- قال: «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس لأحد إلّا أن يتمتّع لأنّ اللّه أنزل ذلك في كتابه، و جرت به السنّة من رسول اللّه». «3»
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام- في قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: «شاة». «4»
(1). في المصدر: «علمتنا»
(2). تفسير العيّاشي 1: 89- 90، الحديث: 229- 230.
(3). تهذيب الأحكام 5: 25، الحديث: 4.
(4). الكافي 4: 487، الحديث: 1.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 348
و عنه أيضا في المتمتّع لا يجد الشاة، «1» قال: «يصوم قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة. قيل «2» : فإنّه قد قدم يوم التروية قال: يصوم ثلاثة أيّام بعد التشريق. قيل «3» : لم يقم عليه جمّاله، قال: يصوم يوم الحصبة و بعده يومين.
قيل «4» : و ما الحصبة؟ قال: يوم نفره. قيل: يصوم و هو مسافر؟ قال: نعم، أليس هو يوم عرفة مسافرا؟! إنّا أهل بيت نقول ذلك، يقول اللّه تعالى «5» : فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ يقول: في ذي الحجّة». «6»
و روى الشيخ عن الصادق- عليه السلام- قال: «ما دون المواقيت إلى مكّة فهو حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و ليس له «7» متعة». «8»
أقول: و الروايات في هذه المعاني كثيرة. «9»
(1). في المصدر: «الهدي»
(2). في المصدر: «قلت»
(3). في المصدر: «قلت»
(4). في المصدر: «قال قلت»
(5). في المصدر: «لقول اللّه عزّ و جلّ»
(6). الكافي 4: 506، الحديث: 1.
(7). في المصدر: «لهم»
(8). تهذيب الاحكام 5: 33، الحديث: 28.
(9). الاستبصار 2: 158، الحديث: 4؛ تفسير العياشي 1: 94، الحديث: 248؛ دعائم الاسلام 1: 335.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 349
[سورة البقرة (2): الآيات 197 الى 199]
قوله سبحانه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ...
في الكافي عن الباقر- عليه السلام- قال: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ شوّال، و ذو القعدة، و ذو الحجّة، ليس لأحد أن يحجّ فيما سواهنّ». «1»
و عنه عن الصادق- عليه السلام-: «الفرض: التلبية و الإشعار و التقليد، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحج». «2»
(1). الكافي 4: 289، الحديث: 1.
(2). الكافي 4: 289، الحديث: 2.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 350
و عنه- عليه السلام-: «الرفث: الجماع، و الفسوق: الكذب و السباب، و الجدال: قول الرجل: لا و اللّه و بلى و اللّه». «1»
أقول: و الأخبار في هذه المعاني كثيرة. «2»
قوله سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام-: «يعني الرزق، فإذا أحلّ الرجل من إحرامه و قضى [نسكه] فليشتر و ليبع في الموسم». «3»
أقول: يقال: إنّهم كانوا يتأثّمون بالتجارة في الحجّ، فرفع اللّه ذلك بهذه الآية.
و في المجمع: و قيل: معناه: لا جناح عليكم أن تطلبوا المغفرة من ربّكم، و هو المروي عن أبي جعفر- عليه السلام-. «4»
قوله سبحانه: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ
في تفسير العيّاشي عن الصادق- عليه السلام- قال: «إنّ أهل الحرم كانوا [يقفون] على المشعر الحرام، و يقف الناس بعرفة، و لا يفيضون حتّى يطلع عليهم أهل عرفة، و كان رجل يكنّى أبا سيّار و كان له حمار فاره، و كان يسبق أهل عرفة، فإذا طلع عليهم قالوا: هذا أبو سيّار، ثمّ أفاضوا، فأمرهم اللّه أن يقفوا بعرفة و أن يفيضوا منه». «5»
أقول: و هذا المعنى مرويّ في روايات اخر.
(1). الكافي 4: 337، الحديث: 3.
(2). تهذيب الأحكام 5: 296، الحديث: 1؛ من لا يحضره الفقيه 2: 456، الحديث: 2959؛ تفسير العيّاشي 1: 94، الحديث: 252؛ تفسير القمّي 1: 68.
(3). تفسير العيّاشي 1: 96، الحديث: 262.
(4). مجمع البيان 2: 47.
(5). تفسير العياشي 1: 97، الحديث: 264.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 351
فهرس مصادر التحقيق
1. الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي الطبرسي، نشر المرتضى، مشهد- إيران، 1403 هجري قمري، المجلدات: 1.
2. الاختصاص، الشيخ المفيد، من منشورات المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم- إيران، 1413 هجري قمري، المجلدات: 1.
3. أسباب نزول الآيات، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدى النيسابوري (المتوفى سنة 468 هجري قمري)، مؤسسة الحلبي و شركاه، القاهرة- مصر، 1388 هجري قمري، المجلدات: 1.
4. الاستبصار، الشيخ الطوسي، دار الكتب الإسلامية، طهران- إيران، 1390 هجري قمري، المجلدات: 4.
5. أسد الغابة، ابن الأثير (المتوفى سنة 630 هجري قمري)، الناشر اسماعيليان، طهران- إيران، المجلدات: 10.
6. الأربعين، الشيخ الماحوزي (المتوفى سنة 1121 هجري قمري)، تحقيق السيد مهدي رجائي، الطبعة الاولى 1417 هجري قمري، الناشر: المحقق، المجلدات: 1.
7. الإرشاد، الشيخ المفيد، من منشورات المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم- إيران، 1413 هجري قمري، المجلدات: 2.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج1، ص: 352
8. إرشاد القلوب، حسن بن أبي الحسن الديلمي، منشورات الشريف الرضي، 1412 هجري قمري، الجزاء: 2- في مجلد واحد-.
9. الأصفى في تفسير القرآن، محسن الفيض الكاشاني (المتوفى سنة 1091 هجري قمري)، تحقيق مركز الابحاث و الدراسات الإسلامية، الناشر مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي، الطبعة الاولى 1418 هجري قمري، المجلدات: 8.
10. الإعلام، الشيخ المفيد، من منشورات المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم- إيران، 1413 هجري قمري، المجلدات: 1.
11. أعلام الدين، حسن بن ابي الحسن الديلمي، مؤسسة آل البيت (ع)، قم- إيران، 1408 هجري قمري، المجلدات: 1.
12. إعلام الورى، أمين الاسلام الفضل بن حسن الطبرسي، دار الكتب الإسلامية، طهران- إيران، المجلدات: 1.
13. الإفصاح في الإمامة، الشيخ المفيد، من منشورات المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم- إيران، 1413 هجري قمرى، المجلدات: 1.
14. إقبال الاعمال، السيد علي بن موسى بن طاوس، دار الكتب الإسلامية، طهران- إيران، 1367 هجري شمسي، المجلدات: 1.
15. الألفين، العلامة الحلي حسن بن يوسف، انتشارات دار الهجرة، قم- إيران، 1409 هجري قمري، المجلدات: 1.
16. الأمالي، الشيخ الصدوق، مكتبة الاسلامية، 1362 هجري شمسي، المجلدات: 1.
17. الأمالي، الشيخ الطوسي، دار الثقافة، قم- إيران، 1414 هجري قمري، المجلدات: 1.