کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن

المجلد الأول

الفهرس

سورة البقرة - 1 -

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 4] [سورة البقرة(2): الآيات 16 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 22 الى 17] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 29 الى 26] [سورة البقرة(2): الآيات 33 الى 30] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): الآيات 37 الى 35] [سورة البقرة(2): الآيات 39 الى 38] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 88] [سورة البقرة(2): الآيات 89 الى 92] [سورة البقرة(2): الآيات 93 الى 101] [سورة البقرة(2): الآيات 102 الى 105] [سورة البقرة(2): الآيات 106 الى 108] [سورة البقرة(2): الآيات 109 الى 114] [سورة البقرة(2): آية 115] [سورة البقرة(2): الآيات 116 الى 123] [سورة البقرة(2): آية 124] [سورة البقرة(2): آية 125] [سورة البقرة(2): آية 126] [سورة البقرة(2): آية 127] [سورة البقرة(2): الآيات 128 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 132] [سورة البقرة(2): الآيات 133 الى 134] [سورة البقرة(2): آية 135] [سورة البقرة(2): الآيات 136 الى 137] [سورة البقرة(2): الآيات 138 الى 141] [سورة البقرة(2): آية 142] [سورة البقرة(2): آية 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 145] [سورة البقرة(2): الآيات 146 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 151] [سورة البقرة(2): آية 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 154] [سورة البقرة(2): الآيات 155 الى 157] [سورة البقرة(2): آية 158] [سورة البقرة(2): الآيات 159 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 164] [سورة البقرة(2): الآيات 165 الى 172] [سورة البقرة(2): آية 173] [سورة البقرة(2): الآيات 174 الى 176] [سورة البقرة(2): آية 177] [سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 183 الى 184] [سورة البقرة(2): آية 185] [سورة البقرة(2): الآيات 186 الى 187] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 194] [سورة البقرة(2): الآيات 195 الى 196] [سورة البقرة(2): الآيات 197 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثانى

الفهرس

تتمة سورة البقرة - 2 -

[سورة البقرة(2): الآيات 200 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 207] [سورة البقرة(2): الآيات 208 الى 209] [سورة البقرة(2): الآيات 210 الى 212] [سورة البقرة(2): الآيات 213 الى 214] [سورة البقرة(2): الآيات 215 الى 217] [سورة البقرة(2): الآيات 218 الى 220] [سورة البقرة(2): الآيات 221 الى 222] [سورة البقرة(2): الآيات 223 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 226 الى 228] [سورة البقرة(2): الآيات 229 الى 232] [سورة البقرة(2): آية 233] [سورة البقرة(2): الآيات 234 الى 237] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 244] [سورة البقرة(2): آية 245] [سورة البقرة(2): الآيات 246 الى 250] [سورة البقرة(2): الآيات 251 الى 252] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 256] [سورة البقرة(2): آية 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 266] [سورة البقرة(2): الآيات 267 الى 272] [سورة البقرة(2): الآيات 273 الى 274] [سورة البقرة(2): آية 275] [سورة البقرة(2): الآيات 276 الى 281] [سورة البقرة(2): الآيات 282 الى 284] [سورة البقرة(2): الآيات 285 الى 286]

سورة آل عمران

فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثالث

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد الرابع

الفهرس

سورة الأعراف

[سورة الأعراف(7): الآيات 9 الى 1] [سورة الأعراف(7): الآيات 21 الى 10] [سورة الأعراف(7): الآيات 25 الى 22] [سورة الأعراف(7): الآيات 32 الى 26] [سورة الأعراف(7): الآيات 36 الى 33] [سورة الأعراف(7): الآيات 42 الى 37] [سورة الأعراف(7): الآيات 53 الى 43] [سورة الأعراف(7): الآيات 58 الى 54] [سورة الأعراف(7): الآيات 69 الى 59] [سورة الأعراف(7): الآيات 72 الى 70] [سورة الأعراف(7): الآيات 81 الى 73] [سورة الأعراف(7): الآيات 84 الى 82] [سورة الأعراف(7): الآيات 91 الى 85] [سورة الأعراف(7): الآيات 102 الى 92] [سورة الأعراف(7): الآيات 119 الى 103] [سورة الأعراف(7): الآيات 126 الى 120] [سورة الأعراف(7): الآيات 135 الى 127] [سورة الأعراف(7): الآيات 137 الى 136] [سورة الأعراف(7): الآيات 144 الى 138] [سورة الأعراف(7): الآيات 147 الى 145] [سورة الأعراف(7): الآيات 154 الى 148] [سورة الأعراف(7): الآيات 158 الى 155] [سورة الأعراف(7): الآيات 160 الى 159] [سورة الأعراف(7): الآيات 168 الى 161] [سورة الأعراف(7): الآيات 171 الى 169] [سورة الأعراف(7): الآيات 174 الى 172] [سورة الأعراف(7): الآيات 180 الى 175] [سورة الأعراف(7): الآيات 188 الى 181] [سورة الأعراف(7): الآيات 198 الى 189] [سورة الأعراف(7): الآيات 206 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الخامس

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد السادس

الفهرس

فهارس

فهرس الآيات الإستشهادية

سورة آل عمران سورة إبراهيم سورة الأحزاب سورة الأحقاف سورة الإخلاص سورة الإسراء سورة الأعراف سورة الأعلى سورة الأنبياء سورة الإنسان سورة الإنشقاق سورة الأنعام سورة الأنفال سورة الإنفطار سورة البروج سورة البقرة سورة البينة سورة التحريم سورة التغابن سورة التكاثر سورة التكوير سورة التوبة سورة الجاثية سورة الجمعة سورة الجن سورة الحاقة سورة الحج سورة الحجر سورة الحجرات سورة الحديد سورة الحشر سورة الدخان سورة الذاريات سورة الرحمن سورة الرعد سورة الروم سورة الزخرف سورة الزلزلة سورة الزمر سورة سبأ سورة السجدة سورة الشعراء سورة الشورى سورة ص سورة الصافات سورة الصف سورة الطارق سورة الطور سورة الطور سورة طه سورة العاديات سورة عبس سورة العلق سورة العنكبوت سورة غافر سورة الفاتحة سورة فاطر سورة الفتح سورة الفجر سورة الفرقان سورة فصلت سورة ق سورة القارعة سورة القدر سورة القصص سورة القلم سورة القمر سورة القيامة سورة الكهف سورة لقمان سورة المؤمنون سورة المائدة سورة المجادلة سورة المدثر سورة المدثر سورة مريم سورة المزمل سورة المطففين سورة المعارج سورة الملك سورة الممتحنة سورة المنافقون سورة النازعات سورة الناس سورة النبأ سورة النجم سورة النحل سورة النساء سورة النمل سورة نوح سورة النور سورة الواقعة سورة هود سورة يس سورة يوسف سورة يونس
فهرس الأحاديث و روايات

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن


صفحه قبل

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 99

بروح القدس، كما ذكر لعيسى- عليه السلام-.

و منها: ما ليس كذلك و إنّما يدلّ عليها بالإضافة؛ فالتكليم ليس بنفسه منقبة حتّى يضاف إلى شي‏ء يكتسب منه المنقبة، فيقال: «تكليم اللّه»، و كذا رفع الدرجات، حتّى يقال: «رفعه الدرجات»- كان- و هذا هو الوجه في الالتفات من التكلّم إلى الغيبة في اثنتين من الجمل الثلاث، حيث قال: مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ‏ فحوّل وجه الكلام إلى الغيبة في الجملتين الاوليين؛ حتّى إذا استوفى الغرض عاد إلى وجه الكلام الأوّل و هو التكلّم، فقال تعالى: وَ آتَيْنا عِيسَى‏ .

و ذلك هو الوجه في إيراد عيسى باسمه دون الباقين؛ إذ إيتاء البيّنات و التأييد بروح القدس مشتركان بين الرسل جميعا، ليسا بمنقبة لأحد بعينه، قال تعالى:

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ‏ «1» و قال: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا «2» لكنّهما في عيسى حيث كانا بنحو خاصّ- كإحياء الموتى، و إبراء الأكمه و الأبرص من البيّنات، و نفخ الروح- أضافهما إليه، فصرّح بالاسم فيه دون غيره.

على أنّ في اسمه خاصّة اخرى و آية بيّنة: و هو أنّه ابن مريم لا أب له، قال تعالى: وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ‏ «3» فمجموع الامّ و الابن بيّنة تامّة اخرى، هذا.

ثمّ وقع الالتفات إلى الغيبة، فقال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ‏

(1). الحديد (57): 25.

(2). النحل (16): 2.

(3). الأنبياء (21): 91.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 100

بَعْدِهِمْ‏ و ذلك أنّ الالوهيّة تنافي تقيّد القدرة، فهي الموجبة لكون طرفي الإيجاب و السلب في كلّ شي‏ء تحت إحاطة القدرة، فمسّت حاجة المقام إلى إظهاره للذكر، فقيل: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ‏ و لم يقل: «و لو شئنا». و هذا هو الوجه في قوله في ذيل الآية: وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ . و هو الوجه أيضا في العدول من الإضمار إلى الإظهار في المواضع الثلاثة الأخيرة.

و كيف كان، فقد كان مقدورا أن يمنع عن اقتتالهم، لكنّ اختلافهم بحسب أنفسهم أوجب ذلك، و هو قوله تعالى: وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ .

ثمّ لمّا أمكن أن يتوهّم أنّه يوجب خروج الاقتتال عن حيطة القدرة- و إن كان داخلا فيها لولاه- ذكر ثانيا أنّ القدرة باقية على حالها، فقال: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا و عقم السبب- سبب الاقتتال- و ألغى الاقتضاء وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ و قد أراد أن يجري الامور بأسبابها، و إن كانت الأسباب و المسبّبات و الروابط التي بينها تحت قدرته و أمره عزّ شأنه.

و في الكافي عن الباقر- عليه السلام-: «في هذا ما يستدلّ به على أنّ أصحاب محمّد- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- قد اختلفوا من بعده؛ فمنهم من آمن و منهم من كفر». «1»

و في تفسير العيّاشي عن الأصبغ بن نباتة قال: «كنت واقفا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب- عليه السلام- يوم الجمل، فجاء رجل حتّى وقف بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين! كبّر القوم و كبّرنا، و هلّل القوم و هلّلنا، و صلّى القوم‏

(1). الكافي 8: 270، الحديث: 398.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 101

و صلّينا، فعلام نقاتلهم؟

فقال- عليه السلام-: على هذه الآية: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ‏ فنحن الذين من بعدهم، وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ فنحن الذين آمنّا، و هم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم و ربّ الكعبة، ثمّ حمل فقاتل حتّى قتل رحمه اللّه». «1»

أقول: و روى هذه القصّة المفيد في أماليه و الشيخ في أماليه و القمّي في تفسيره. «2»

قوله سبحانه: يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خُلَّةٌ

المراد به يوم الموت، و قد مرّ.

(1). تفسير العيّاشي 1: 136، الحديث: 448.

(2). الأمالي للمفيد: 101، الحديث: 3؛ الأمالي للطوسي: 197، الحديث: 337؛ تفسير القمّي 1: 83.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 102

[سورة البقرة (2): الآيات 255 الى 256]

اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ لا انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

قوله سبحانه: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ...

قد مرّ بعض الكلام في لفظ الجلالة؛ و أنّه سواء اشتقّ من «أله» بمعنى «تاه» أو من «أله» بمعنى «عبد» فلازم معناه: الذات المستجمع لجميع صفات الكمال، فالضمير يعود إليه بالمعنى، و ليس مثل الضمير في قوله: وَ هُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ . «1»

و أمّا اسم «الحيّ» فمعناه: ذو الحياة الثابتة، على وزان سائر الصفات‏

(1). القصص (28): 70.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 103

المشبّهة في دلالتها على الدوام و الثبات.

و الناس في بادئ مطالعتهم لحال الموجودات التي بين أيديهم، وجدوها على قسمين: قسم لا يختلف حالها عند الحسّ ما دام وجوداتها موجودة، كالأحجار و ما أشبهها، و قسم منها ربّما تغيّرت حالها و تعطّلت قواها و أفعالها مع بقاء وجودها الظاهر عند الحسّ، كالإنسان و سائر أصناف الحيوان، ربّما نجدها تعطّلت قواها و مشاعرها و أفعالها، ثمّ يطرأ عليها الفساد تدريجا.

و بذلك أذعن الإنسان أنّ هناك وراء الإحساس أمرا آخر، هو المبدأ للإحساسات و الإدراكات العلميّة و الأفعال، يسمّيه بالحياة، و يسمّى بطلانه بالموت.

و قد عدّ سبحانه هذه الحياة التي تحت إحساسنا شيئا هيّنا لا يعبأ به؛ فكرّر نحو قوله: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ* «1» و قوله: تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا «2» و المتاع: ما يقصد به الغير، و العرض: ما يعرض و يزول.

ثمّ شدّد الأمر أن عدّها سرابا و هميّا، و أمرا مجازيّا غير حقيقيّ، في مثل قوله: تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «3» و الظاهر أنّ الإضافة بيانيّة، و الزينة: هي الجميل الذي يضمّ إلى الشي‏ء و يغرّ به قاصده، فيقصد غير ما يقع و يقع غير ما يقصد.

و مثل قوله: وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ‏ «4» و اللهو: ما يشغلك‏

(1). الآية بهذا اللفظ وردت في القرآن مرّتين مقرونة ب: «الغرور»، و سيشير لاحقا إلى ذلك اللفظ، و ورد وصف الحياة الدنيا بالمتاع أو إضافة المتاع إلى الحياة الدنيا في آيات عديدة لكن ليس بهذا اللفظ، مثل: إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ‏ و مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا* انظر:

غافر (40): 39، و آل عمران (3): 14.

(2). النساء (4): 94.

(3). الكهف (18): 28.

(4). العنكبوت (29): 64.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 104

بنفسه عمّا يهمّك، و اللعب: هو العمل المرتّب لغاية خياليّة، و منه لعب الأطفال، و مثل قوله: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ* «1» .

و مثل قوله: وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَ ما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ‏ «2» ففرض الكلام في اولي العقل، و هم أحياء بحسب ما يحكم به إحساساتنا، ثمّ نفى عنهم الحياة، فعلمنا بذلك أنّ حقيقة الحياة هي التي لا يطرأ عليها الموت.

و هو تعالى و إن عدّ الحياة الآخرة من الحياة الحقيقيّة، بقوله: وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ «3» لكنّه سبحانه أفاد في آيات اخرى كثيرة أنّه هو المحيي فيها، المفيض لها، بيده زمامها، فأفاد ذلك أنّ القصر في الآية للقلب أو الإفراد، فالحياة الحقيقيّة هي التي لا يجوز طروّ الموت عليها، و لا يعقل إلّا بكون الحياة عين ذات الحيّ، غير عارضة لها و لا طارئة عليها بتمليك الغير و إفاضته، قال تعالى: وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ‏ . «4»

و من هنا يظهر أنّ قوله تعالى: هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «5» قصر حقيقيّ غير إضافيّ، و أنّ حقيقة الحياة- التي لا يشوبها موت، و لا يعتريها فناء و زوال- هي حياته تعالى فهو الحيّ بذاته و الحياة بذاته، و غيره حيّ به.

فالأوفق في الآية: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُ‏ و في قوله: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ

(1). آل عمران (3): 185؛ الحديد (57): 20.

(2). النحل (16): 20- 21.

(3). العنكبوت (29): 64.

(4). الفرقان (25): 58.

(5). غافر (40): 65.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏2، ص: 105

الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏ «1» أن يكون لفظ «الحيّ» خبرا بعد خبر، فيفيد الحصر، و قد عرفت أنّ معنى الحياة هو الوجود العلميّ؛ أي كون الموجود بحيث يشعر بذاته.

و أمّا اسم «القيّوم» فهو اسم يحكي عن قيامه سبحانه بأمر ما سواه من شي‏ء، و إذ كان سبحانه هو المبدئ لكلّ شي‏ء فهو القائم على كلّ ذات و وصف و فعل بحقيقة القيام التي لا يشوبها فتور.

ففي المقام حصران: حصر القيام عليه؛ على ما يفيده كون «القيّوم» خبرا بعد خبر، و حصره على القيام، فليس عنده إلّا القيام، و هذا هو الذي يفيده التقييد بقوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ‏ و قد ضمّن الأخذ معنى الغلبة على ما قيل؛ و لذلك قدّمت السّنة على النوم، و كان ظاهر مقتضى الحال العكس؛ بالتدرّج من النوم إلى السّنة؛ فإنّ عدم أخذ النوم أضعف بالنسبة إلى عدم أخذ السّنة، و هو ظاهر.

و هذا الاسم أمّ الأسماء الإضافيّة الثابتة له سبحانه كالخالق و الرازق و المحيي و المميت و الباعث و الوارث و غيرها، فكلّ واحد منها يحكي عن طور من أطوار القيمومة، و حيثيّة من حيثيّاتها.

و قوله سبحانه: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ...

هما جملتان كلّ واحدة منهما مقيّدة بقيد في معنى دفع الدّخل؛ قوله: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ قيّد بقوله: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏

صفحه بعد