کتابخانه تفاسیر
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 80
قوله سبحانه: وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ
تقدّم في بيان القصّة شأن نزولها.
قوله: وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
و هذا من الشواهد على أنّ المراد بالقلب في القرآن هو النفس، حيث قال سبحانه: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ و قال: ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، ثمّ بدّله بقوله:
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ فدلّ على أنّهم و قلوبهم واحد.
قوله سبحانه: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ
و هذا هو الدليل على أنّ الآية مسوقة لتشريع الحكم، و إن كان ظاهرها الخبر.
و في الكافي عن الصادق- عليه السلام- في حديث: نسخ الرجلان العشرة. «1»
و في تفسير العيّاشي عن أمير المؤمنين- عليه السلام-: من فرّ من رجلين في القتال فقد فرّ من الزحف، و من فرّ من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفرّ. «2»
قوله: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى
قد تقدّم شأن نزول الآية و بعض ما يتعلّق بها من الكلام.
قوله سبحانه: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
قد تقدّم شأن نزول الآية في القصّة.
(1). الكافي 5: 65، الحديث: 1.
(2). تفسير العيّاشي 2: 68، الحديث: 78.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 81
و في قرب الإسناد عن السجّاد- عليه السلام- قال: أتى النبيّ- صلى اللّه عليه و آله- بمائتي درهم فقال: يا عبّاس! ابسط رداءك و خذ من هذا المال طرفا، فبسط رداءه فأخذ منه طائفة، ثمّ قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه و آله-: هذا من الذي قال اللّه: إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ. «1»
أقول: و روى العيّاشي في تفسيره عن الصادق- عليه السلام- مثله. «2»
قوله سبحانه: أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ
في المجمع عن الباقر- عليه السلام-: إنّهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الاولى دون التقارب، حتّى نسخ ذلك وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ. «3»
و في تفسير القمّي قال- عليه السلام- في أوّل النبوّة: إنّ المواريث كانت على الاخوّة دون الولادة، فلمّا هاجر رسول اللّه إلى المدينة آخى [بين المهاجرين و المهاجرين، و بين الأنصار و الأنصار]، «ژ» و بين المهاجرين و الأنصار و كان إذا مات الرجل يرثه أخوه في الدين و يأخذ المال، و كان له ما ترك دون ورثته، فلمّا كان بعد ذلك أنزل اللّه: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ «4» فنسخت آية الاخوّة:
بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ. «5» «6»
(1). قرب الإسناد: 12.
(2). تفسير العيّاشي 2: 69، الحديث: 79 و 80.
(3). مجمع البيان 4: 862.
(ژ). ما بين المعقوفيتن غير موجود في المصدر المطبوع و لكنّه موجود في الأصل و في تفسير الصافي نقلا عن تفسير القمي، اي المصدر.
(4). الأحزاب (33): 6.
(5). الأنفال (8): 75.
(6). تفسير القمّي 1: 280؛ تفسير الصافي 3: 362.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 82
أقول: مقتضى الروايتين أنّ الميراث بالمؤاخاة كانت ثابتة بآية الاخوّة:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، «1» و قد نسخها آية: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الآية من سورة الأحزاب.
و على هذا فالآيات الأربع من قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا إلى آخر السورة، غير متعرّضة لحال ولاية الإرث بل مطلق الولاية، و يشهد به تثبيته سبحانه الولاية بين الكفّار بقوله: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ.
و في المورد روايات اخر سيأتي جملة منها في سورة الأحزاب إن شاء اللّه العزيز عند قوله: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ. «2»
هذا آخر الكلام في سورة «الأنفال» و للّه سبحانه الحمد و على رسوله و آله الصلاة.
تمّ يوم الأربعاء السابع و العشرين من شهر رجب سنة 1369.
(1). الحجرات (49): 10.
(2). الأحزاب (33): 6.
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 83
سورة البراءة
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 85
[سورة التوبة (9): الآيات 1 الى 16]
تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج5، ص: 86
قوله سبحانه: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ
في المجمع عن الصادق- عليه السلام- قال: الأنفال و براءة واحدة. «1» «2»
أقول: و رواه العيّاشي في تفسيره عن أحدهما- عليهما السلام-. «3»
(1). مجمع البيان 5: 4؛ البرهان في تفسير القرآن 4: 381.
(2). في المصدر: «الأنفال و البراءة واحد»