کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الجلالين

1 سورة الفاتحة 2 سورة البقرة 3 سورة آل عمران 4 سورة النساء 5 سورة المائدة 6 سورة الأنعام 7 سورة الأعراف 8 سورة الأنفال 9 سورة التوبة 10 سورة يونس 11 سورة هود 12 سورة يوسف 13 سورة الرعد 14 سورة إبراهيم 15 سورة الحجر 16 سورة النحل 17 سورة الإسراء 18 سورة الكهف 19 سورة مريم 20 سورة طه 21 سورة الأنبياء 22 سورة الحج 23 سورة المؤمنون 24 سورة النور 25 سورة الفرقان 26 سورة الشعراء 27 سورة النمل 28 سورة القصص 29 سورة العنكبوت 30 سورة الروم 31 سورة لقمان 32 سورة السجدة 33 سورة الأحزاب 34 سورة مكية 53 سورة فاطر 36 سورة يس 37 سورة الصافات 38 سورة ص 39 سورة الزمر 40 سورة غافر أو المؤمن 41 سورة السجدة 42 سورة الشورى 43 سورة الزخرف 44 سورة الدخان 45 سورة الجاثية 46 سورة الأحقاف 47 سورة القتال أو محمد 48 سورة الفتح 49 سورة الحجرات 50 سورة ق 51 سورة الذاريات 52 سورة الطور 53 سورة النجم 54 سورة القمر 55 سورة الرحمن 56 سورة الواقعة 57 سورة الحديد 58 سورة المجادلة 59 سورة الحشر 60 سورة الممتحنة 61 سورة الصف 62 سورة الجمعة 63 سورة المنافقون 64 سورة التغابن 65 سورة الطلاق 66 سورة التحريم 67 سورة الملك 68 سورة القلم 69 سورة الحاقة 70 سورة المعارج 71 سورة نوح 72 سورة الجن 73 سورة المزمل 74 سورة المدثر 75 سورة القيامة 76 سورة الإنسان 77 سورة المرسلات 78 سورة النبأ 79 سورة النازعات 80 سورة عبس 81 سورة التكوير 82 سورة الانفطار 83 سورة المطففين 84 سورة الانشقاق 85 سورة البروج 86 سورة الطارق 87 سورة الأعلى 88 سورة الغاشية 89 سورة الفجر 90 سورة البلد 91 سورة الشمس 92 سورة الليل 93 سورة الضحى 94 سورة الشرح 95 سورة التين 96 سورة العلق 97 سورة القدر 98 سورة البينة 99 سورة الزلزلة 100 سورة العاديات 101 سورة القارعة 102 سورة التكاثر 103 سورة العصر 104 سورة الهمزة 105 سورة الفيل 106 سورة قريش 107 سورة الماعون 108 سورة الكوثر 109 سورة الكافرون 110 سورة النصر 111 سورة المسد 112 سورة الإخلاص 113 سورة الفلق 114 سورة الناس

تفسير الجلالين


صفحه قبل

تفسير الجلالين، ص: 404

وَ أهلكنا قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ‏ من قبل‏ مُوسى‏ بِالْبَيِّناتِ‏ الحجج الظاهرات‏ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ‏ فائتين عذابنا

فَكُلًّا من المذكورين‏ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً ريحا عاصفة فيها حصباء كقوم لوط وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ كثمود وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ‏ كقارون‏ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا كقوم نوح و فرعون و قومه‏ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ‏ فيعذبهم بغير ذنب‏ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ بارتكاب الذنب‏

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ أي أصناما يرجون نفعها كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً لنفسها تأوي إليه‏ وَ إِنَّ أَوْهَنَ‏ أضعف‏ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ‏ لا يدفع عنها حرا و لا بردا كذلك الأصنام لا تنفع عابديها لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ ذلك ما عبدوها

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما بمعنى الذي‏ يَدْعُونَ‏ يعبدون بالياء و التاء مِنْ دُونِهِ‏ غيره‏ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ الْعَزِيزُ في ملكه‏ الْحَكِيمُ‏ في صنعه‏

وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ‏ في القرآن‏ نَضْرِبُها نجعلها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها أي يفهمها إِلَّا الْعالِمُونَ‏ المتدبرون‏

خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِ‏ أي محقا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً دالة على قدرته تعالى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها في الإيمان بخلاف الكافرين‏

اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ‏ القرآن‏ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ شرعا أي من شأنها ذلك ما دام المرء فيها وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ من غيره من الطاعات‏ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ‏ فيجازيكم به‏

تفسير الجلالين، ص: 405

وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي‏ أي المجادلة التي‏ هِيَ أَحْسَنُ‏ كالدعاء إلى الله بآياته و التنبيه على حججه‏ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏ بأن حاربوا و أبوا أن يقروا بالجزية فجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية وَ قُولُوا لمن قبل الإقرار بالجزية إذا أخبروكم بشي‏ء مما في كتبهم‏ آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ‏ و لا تصدقوهم و لا تكذبوهم في ذلك‏ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ مطيعون‏

وَ كَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ‏ القرآن كما أنزلنا إليهم التوراة و غيرها فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ التوراة كعبد الله بن سلام وغيره‏ يُؤْمِنُونَ بِهِ‏ بالقرآن‏ وَ مِنْ هؤُلاءِ أهل مكة مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا بعد ظهورها إِلَّا الْكافِرُونَ‏ أي اليهود و ظهر لهم أن القرآن حق و الجائي به محق و جحدوا ذلك‏

وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ‏ أي القرآن‏ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً أي لو كنت قارئا كاتبا لَارْتابَ‏ شك‏ الْمُبْطِلُونَ‏ اليهود فيك و قالوا الذي في التوراة أنه أمي لا يقرأ و لا يكتب‏

بَلْ هُوَ أي القرآن الذي جئت به‏ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ أي المؤمنون يحفظونه‏ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ‏ أي اليهود و جحدوها بعد ظهورها لهم‏

وَ قالُوا أي كفار مكة لَوْ لا هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ‏ أي محمد آياتٌ مِنْ رَبِّهِ‏ وفي قراءة آيات كناقة صالح و عصا موسى و مائدة عيسى‏ قُلْ‏ لهم‏ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ‏ ينزلها كيف يشاء وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ‏ مظهر إنذاري بالنار أهل المعصية

أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ‏ فيما طلبوا أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ‏ القرآن‏ يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ‏ فهو آية مستمرة لا انقضاء لها بخلاف ما ذكر من الآيات‏ إِنَّ فِي ذلِكَ‏ الكتاب‏ لَرَحْمَةً وَ ذِكْرى‏ عظة لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏

قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ شَهِيداً بصدقي‏ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ و منه حالي و حالكم‏ وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ‏ و هو ما يعبد من دون الله‏ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ‏ منكم‏ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏ في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان‏

تفسير الجلالين، ص: 406

وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى‏ له‏ لَجاءَهُمُ الْعَذابُ‏ عاجلا وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ بوقت إتيانه‏

يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ‏ في الدنيا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ‏

يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ يَقُولُ‏ فيه بالنون أي نأمر بالقول و بالياء يقول أي الموكل بالعذاب‏ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ أي جزاءه فلا تفوتوننا

يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ‏ في أي أرض تيسرت فيها العبادة بأن تهاجروا إليها من أرض لم تتيسر فيها نزل في ضعفاء مسلمي مكة كانوا في ضيق من إظهار الإسلام بها

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ‏ بالتاء و الياء بعد البعث‏

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ‏ ننزلنهم و في قراءة بالمثلثة بعد النون من الثواء الإقامة و تعديته إلى غرفا بحذف في‏ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ‏ مقدرين الخلود فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ‏ هذا الأجر

هم‏ الَّذِينَ صَبَرُوا أي على أذى المشركين و الهجرة لإظهار الدين‏ وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏ فيرزقهم من حيث لا يحتسبون‏

وَ كَأَيِّنْ‏ كم‏ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا لضعفها اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ‏ أيها المهاجرون و إن لم يكن معكم زاد و لا نفقة وَ هُوَ السَّمِيعُ‏ لأقوالكم‏ الْعَلِيمُ‏ بضمائركم‏

وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ سَأَلْتَهُمْ‏ أي الكفار مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ‏ يصرفون عن توحيده في إقرارهم بذلك‏

اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ‏ يوسعه‏ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ‏ امتحانا وَ يَقْدِرُ يضيق‏ لَهُ‏ بعد البسط أي لمن يشاء ابتلاءه‏ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ و منه محل البسط و التضييق‏

وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ فكيف يشركون به‏ قُلِ‏ لهم‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ على ثبوت الحجة عليكم‏ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏ تناقضهم في ذلك‏

تفسير الجلالين، ص: 407

وَ ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَ لَعِبٌ‏ و أما القرب فمن أمور الآخرة لظهور ثمرتها فيها وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ‏ بمعنى الحياة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ ذلك ما آثروا الدنيا عليها

فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏ أي الدعاء أي لا يدعون معه غيره لأنهم في شدة لا يكشفها إلا هو فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ‏ به‏

لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ‏ من النعمة وَ لِيَتَمَتَّعُوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وفي قراءة بسكون اللام أمر تهديد فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏ عاقبة ذلك‏

أَ وَ لَمْ يَرَوْا يعلموا أَنَّا جَعَلْنا بلدهم مكة حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏ قتلا و سبيا دونهم‏ أَ فَبِالْباطِلِ‏ الصنم‏ يُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ‏ بإشراكهم‏

وَ مَنْ‏ أي لا أحد أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن أشرك به‏ أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ‏ النبي أو الكتاب‏ لَمَّا جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً‏ مأوى‏ لِلْكافِرِينَ‏ أي فيها ذلك و هو منهم‏

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا في حقنا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي طريق السير إلينا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ المؤمنين بالنصر و العون‏

30 سورة الروم‏

مكية إلا آية 17 فمدنية و آياتها ستون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم‏ الله أعلم بمراده في ذلك‏

غُلِبَتِ الرُّومُ‏ وهم أهل الكتاب غلبتها فارس و ليسوا أهل كتاب بل يعبدون الأوثان ففرح كفار مكة بذلك و قالوا للمسلمين نحن نغلبكم كما غلبت فارس الروم‏

فِي أَدْنَى الْأَرْضِ‏ أي أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان و البادي بالغزو الفرس‏ وَ هُمْ‏ أي الروم‏ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ‏ أضيف المصدر إلى المفعول أي غلبة فارس إياهم‏ سَيَغْلِبُونَ‏ فارس‏

فِي بِضْعِ سِنِينَ‏ هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر فالتقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول و غلبت الروم فارس‏ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ أي من قبل غلب الروم و من بعده المعنى أن غلبة فارس أولا و غلبة الروم ثانيا بأمر الله أي إرادته‏ وَ يَوْمَئِذٍ أي يوم تغلب الروم‏ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ‏

بِنَصْرِ اللَّهِ‏ إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك و علموا به يوم وقوعه أي يوم بدر بنزول جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه‏ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب‏ الرَّحِيمُ‏ بالمؤمنين‏

تفسير الجلالين، ص: 408

وَعْدَ اللَّهِ‏ مصدر بدل من اللفظ بفعله و الأصل وعدهم الله النصر لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ‏ به‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ‏ أي كفار مكة لا يَعْلَمُونَ‏ وعده تعالى بنصرهم‏

يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي معايشها من التجارة و الزراعة و البناء و الغرس و غير ذلك‏ وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ‏ إعادة هم تأكيد

أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ‏ ليرجعوا عن غفلتهم‏ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ لذلك تفنى عند انتهائه و بعده البعث‏ وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ‏ أي كفار مكة بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ‏ أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت‏

أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ من الأمم وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم‏ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً كعاد و ثمود وَ أَثارُوا الْأَرْضَ‏ حرثوها و قلبوها للزرع و الغرس‏ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها أي كفار مكة وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ‏ بالحجج الظاهرات‏ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ‏ بإهلاكهم بغير جرم‏ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ بتكذيبهم رسلهم‏

ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ تأنيث الأسوأ الأقبح خبر كان على رفع عاقبة واسم كان على نصب عاقبة و المراد بها جهنم و إساءتهم‏ أَنْ‏ أي بأن‏ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ‏ القرآن‏ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ‏

اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ‏ أي ينشئ خلق الناس‏ ثُمَّ يُعِيدُهُ‏ أي خلقهم بعد موتهم‏ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ بالياء و التاء

وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ‏ يسكت المشركون لانقطاع حجتهم‏

وَ لَمْ يَكُنْ‏ أي لا يكون‏ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ‏ ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم‏ شُفَعاءُ وَ كانُوا أي يكونون‏ بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ‏ أي متبرئين منهم‏

وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ تأكيد يَتَفَرَّقُونَ‏ المؤمنون و الكافرون‏

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ جنة يُحْبَرُونَ‏ يسرون‏

تفسير الجلالين، ص: 409

وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا القرآن‏ وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ البعث وغيره‏ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ‏

فَسُبْحانَ اللَّهِ‏ أي سبحوا الله بمعنى صلوا حِينَ تُمْسُونَ‏ أي تدخلون في المساء و فيه صلاتان المغرب و العشاء وَ حِينَ تُصْبِحُونَ‏ تدخلون في الصباح و فيه صلاة الصبح‏

وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ اعتراض و معناه يحمده أهلهما وَ عَشِيًّا عطف على حين و فيه صلاة العصر وَ حِينَ تُظْهِرُونَ‏ تدخلون في الظهيرة و فيه صلاة الظهر

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ‏ كالإنسان من النطفة و الطائر من البيضة وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ‏ النطفة و البيضة مِنَ الْحَيِّ وَ يُحْيِ الْأَرْضَ‏ بالنبات‏ بَعْدَ مَوْتِها أي يبسها وَ كَذلِكَ‏ الإخراج‏ تُخْرَجُونَ‏ من القبور بالبناء للفاعل و المفعول‏

وَ مِنْ آياتِهِ‏ تعالى الدالة على قدرته‏ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ‏ أي أصلكم آدم‏ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ من دم و لحم‏ تَنْتَشِرُونَ‏ في الأرض‏

وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً فخلقت حواء من ضلع آدم و سائر الناس من نطف الرجال و النساء لِتَسْكُنُوا إِلَيْها و تألفوها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ‏ جميعا مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ‏ المذكور لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏ في صنع الله تعالى‏

وَ مِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ‏ أي لغاتكم من عربية و عجمية و غيرها وَ أَلْوانِكُمْ‏ من بياض و سواد و غيرهما و أنتم أولاد رجل واحد و امرأة واحدة إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ‏ دلالات على قدرته تعالى‏ لِلْعالِمِينَ‏ بفتح اللام و كسرها أي ذوي العقول و أولي العلم‏

وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ بإرادته راحة لكم‏ وَ ابْتِغاؤُكُمْ‏ بالنهار مِنْ فَضْلِهِ‏ أي تصرفكم في طلب المعيشة بإرادته‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ‏ سماع تدبر و اعتبار

وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ‏ أي إراءتكم‏ الْبَرْقَ خَوْفاً للمسافر من الصواعق‏ وَ طَمَعاً للمقيم في المطر وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها أي يبسها بأن تنبت‏ إِنَّ فِي ذلِكَ‏ المذكور لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ يتدبرون‏

تفسير الجلالين، ص: 410

وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ‏ بإرادته من غير عمد ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ‏ بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ‏ منها أحياء فخروجكم منها بدعوة من آياته تعالى‏

وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ ملكا و خلقا و عبيدا كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ‏ مطيعون‏

وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ‏ للناس‏ ثُمَّ يُعِيدُهُ‏ بعد هلاكهم‏ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ‏ من البدء بالنظر إلى ما عند المخاطبين من أن إعادة الشي‏ء أسهل من ابتدائه و إلا فهما عند الله تعالى سواء في السهولة وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى‏ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أي الصفة العليا وهي أنه لا إله إلا الله‏ وَ هُوَ الْعَزِيزُ في ملكه‏ الْحَكِيمُ‏ في خلقه‏

ضَرَبَ‏ جعل‏ لَكُمْ‏ أيها المشركون‏ مَثَلًا كائنا مِنْ أَنْفُسِكُمْ‏ و هو هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ‏ أي من مماليككم‏ مِنْ شُرَكاءَ لكم‏ فِي ما رَزَقْناكُمْ‏ من الأموال و غيرها فَأَنْتُمْ‏ وهم‏ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ‏ أي أمثالكم من الأحرار و الاستفهام بمعنى النفي المعنى ليس مماليككم شركاء لكم إلى آخره عندكم فكيف تجعلون بعض مماليك الله شركاء له‏ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ‏ نبينها مثل ذلك التفصيل‏ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ‏ يتدبرون‏

بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بالإشراك‏ أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ‏ أي لا هادي له‏ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ‏ مانعين من عذاب الله‏

فَأَقِمْ‏ يا محمد وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً مائلا إليه أي أخلص دينك لله أنت و من تبعك‏ فِطْرَتَ اللَّهِ‏ خلقته‏ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها وهي دينه أي الزموها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ‏ لدينه أي لا تبدلوه بأن تشركوا ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏ المستقيم توحيد الله‏ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ‏ أي كفار مكة لا يَعْلَمُونَ‏ توحيد الله‏

مُنِيبِينَ‏ راجعين‏ إِلَيْهِ‏ تعالى فيما أمر به و نهى عنه حال من فاعل أقم و ما أريد به أي أقيموا وَ اتَّقُوهُ‏ خافوه‏ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏

صفحه بعد