کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الجلالين

1 سورة الفاتحة 2 سورة البقرة 3 سورة آل عمران 4 سورة النساء 5 سورة المائدة 6 سورة الأنعام 7 سورة الأعراف 8 سورة الأنفال 9 سورة التوبة 10 سورة يونس 11 سورة هود 12 سورة يوسف 13 سورة الرعد 14 سورة إبراهيم 15 سورة الحجر 16 سورة النحل 17 سورة الإسراء 18 سورة الكهف 19 سورة مريم 20 سورة طه 21 سورة الأنبياء 22 سورة الحج 23 سورة المؤمنون 24 سورة النور 25 سورة الفرقان 26 سورة الشعراء 27 سورة النمل 28 سورة القصص 29 سورة العنكبوت 30 سورة الروم 31 سورة لقمان 32 سورة السجدة 33 سورة الأحزاب 34 سورة مكية 53 سورة فاطر 36 سورة يس 37 سورة الصافات 38 سورة ص 39 سورة الزمر 40 سورة غافر أو المؤمن 41 سورة السجدة 42 سورة الشورى 43 سورة الزخرف 44 سورة الدخان 45 سورة الجاثية 46 سورة الأحقاف 47 سورة القتال أو محمد 48 سورة الفتح 49 سورة الحجرات 50 سورة ق 51 سورة الذاريات 52 سورة الطور 53 سورة النجم 54 سورة القمر 55 سورة الرحمن 56 سورة الواقعة 57 سورة الحديد 58 سورة المجادلة 59 سورة الحشر 60 سورة الممتحنة 61 سورة الصف 62 سورة الجمعة 63 سورة المنافقون 64 سورة التغابن 65 سورة الطلاق 66 سورة التحريم 67 سورة الملك 68 سورة القلم 69 سورة الحاقة 70 سورة المعارج 71 سورة نوح 72 سورة الجن 73 سورة المزمل 74 سورة المدثر 75 سورة القيامة 76 سورة الإنسان 77 سورة المرسلات 78 سورة النبأ 79 سورة النازعات 80 سورة عبس 81 سورة التكوير 82 سورة الانفطار 83 سورة المطففين 84 سورة الانشقاق 85 سورة البروج 86 سورة الطارق 87 سورة الأعلى 88 سورة الغاشية 89 سورة الفجر 90 سورة البلد 91 سورة الشمس 92 سورة الليل 93 سورة الضحى 94 سورة الشرح 95 سورة التين 96 سورة العلق 97 سورة القدر 98 سورة البينة 99 سورة الزلزلة 100 سورة العاديات 101 سورة القارعة 102 سورة التكاثر 103 سورة العصر 104 سورة الهمزة 105 سورة الفيل 106 سورة قريش 107 سورة الماعون 108 سورة الكوثر 109 سورة الكافرون 110 سورة النصر 111 سورة المسد 112 سورة الإخلاص 113 سورة الفلق 114 سورة الناس

تفسير الجلالين


صفحه قبل

تفسير الجلالين، ص: 411

وَ إِذا مَسَّ النَّاسَ‏ أي كفار مكة ضُرٌّ شدة دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ‏ راجعين‏ إِلَيْهِ‏ دون غيره‏ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً بالمطر إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ‏

لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ‏ أريد به التهديد فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ‏ عاقبة تمتعكم فيه التفات عن الغيبة

أَمْ‏ بمعنى همزة الإنكار أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً حجة و كتابا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ‏ تكلم دلالة بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ‏ أي يأمرهم بالإشراك لا

وَ إِذا أَذَقْنَا النَّاسَ‏ كفار مكة و غيرها رَحْمَةً نعمة فَرِحُوا بِها فرح بطر وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ شدة بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ‏ ييأسون من الرحمة و من شأن المؤمن أن يشكر عند النعمة و يرجوا ربه عند الشدة

أَ وَ لَمْ يَرَوْا يعلموا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ‏ يوسعه‏ لِمَنْ يَشاءُ امتحانا وَ يَقْدِرُ يضيقه لمن يشاء ابتلاء إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏ بها

فَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ القرابة حَقَّهُ‏ من البر و الصلة وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ‏ المسافر من الصدقة و أمة النبي تبع له في ذلك‏ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ‏ أي ثوابه بما يعملون‏ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ الفائزون‏

وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً بأن يعطي شي‏ء هبة أو هدية ليطلب أكثر منه فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ‏ المعطين أي يزيد فَلا يَرْبُوا يزكو عِنْدَ اللَّهِ‏ لا ثواب فيه للمعطين‏ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ صدقة تُرِيدُونَ‏ بها وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ‏ ثوابهم بما أرادوه فيه التفات عن الخطاب‏

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ‏ ممن أشركتم بالله‏ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ لا سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ به‏

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ أي القفار بقحط المطر و قلة النبات‏ وَ الْبَحْرِ أي البلاد التي عليها الأنهار بقلة مائها بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ‏ من المعاصي‏ لِيُذِيقَهُمْ‏ بالياء و النون‏ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا أي عقوبته‏ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏ يتوبون‏

تفسير الجلالين، ص: 412

قُلْ‏ لكفار مكة سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ‏ فأهلكوا بإشراكهم و مساكنهم و منازلهم خاوية

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ‏ دين الإسلام‏ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ‏ هو يوم القيامة يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ‏ فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة و النار

مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ‏ وبال كفره و هو النار وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ‏ يوطئون منازلهم في الجنة

لِيَجْزِيَ‏ متعلق بيصدعون‏ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ‏ يثيبهم‏ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ‏ أي يعاقبهم‏

وَ مِنْ آياتِهِ‏ تعالى‏ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ‏ بمعنى لتبشركم بالمطر وَ لِيُذِيقَكُمْ‏ بها مِنْ رَحْمَتِهِ‏ المطر و الخصب‏ وَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ‏ السفن بها بِأَمْرِهِ‏ بإرادته‏ وَ لِتَبْتَغُوا تطلبوا مِنْ فَضْلِهِ‏ الرزق بالتجارة في البحر وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ هذه النعم يا أهل مكة فتوحدوه‏

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى‏ قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ‏ بالحجج الواضحات على صدقهم في رسالتهم إليهم فكذبوهم‏ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا أهلكنا الذين كذبوهم‏ وَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ‏ على الكافرين بإهلاكهم و إنجاء المؤمنين‏

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً تزعجه‏ فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ من قلة و كثرة وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً بفتح السين و سكونها قطعا متفرقة فَتَرَى الْوَدْقَ‏ المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ‏ أي وسطه‏ فَإِذا أَصابَ بِهِ‏ بالودق‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ‏ يفرحون بالمطر

وَ إِنْ‏ وقد كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ‏ تأكيد لَمُبْلِسِينَ‏ آيسين من إنزاله‏

فَانْظُرْ إِلى‏ آثارِ و في قراءة آثار رَحْمَتِ اللَّهِ‏ أي نعمته بالمطر كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها أي يبسها بأن تنبت‏ إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ

تفسير الجلالين، ص: 413

وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ أَرْسَلْنا رِيحاً مضرة على نبات‏ فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا صاروا جواب القسم‏ مِنْ بَعْدِهِ‏ أي بعد اصفراره‏ يَكْفُرُونَ‏ يجحدون النعمة بالمطر

فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏ وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا بتحقيق الهمزتين و تسهيل الثانية بينها وبين الياء وَلَّوْا مُدْبِرِينَ‏

وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ‏ ما تُسْمِعُ‏ سماع إفهام و قبول‏ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا القرآن‏ فَهُمْ مُسْلِمُونَ‏ مخلصون بتوحيد الله‏

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ‏ ماء مهين‏ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ‏ آخر و هو ضعف الطفولية قُوَّةً أي قوة الشاب‏ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً ضعف الكبر و شيب الهرم و الضعف في الثلاثة بضم أوله و فتحه‏ يَخْلُقُ ما يَشاءُ من الضعف و القوة و الشباب و الشيبة وَ هُوَ الْعَلِيمُ‏ بتدبير خلقه‏ الْقَدِيرُ على ما يشاء

وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ‏ يحلف‏ الْمُجْرِمُونَ‏ الكافرون‏ ما لَبِثُوا في القبور غَيْرَ ساعَةٍ قال تعالى‏ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ‏ يصرفون عن الحق البعث كما صرفوا عن الحق الصدق في مدة اللبث‏

وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ‏ من الملائكة و غيرهم‏ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ‏ فيما كتبه في سابق علمه‏ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ‏ الذي أنكرتموه‏ وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ‏ وقوعه‏

فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ‏ بالياء و التاء الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ‏ في إنكارهم له‏ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ‏ لا يطلب منهم العتبي أي الرجوع إلى ما يرضي الله‏

وَ لَقَدْ ضَرَبْنا جعلنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ‏ تنبيها لهم‏ وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ جِئْتَهُمْ‏ يا محمد بِآيَةٍ مثل العصا و اليد لموسى‏ لَيَقُولَنَ‏ حذف منه نون الرفع لتوالي النونات و الواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين‏ الَّذِينَ كَفَرُوا منهم‏ إِنْ‏ ما أَنْتُمْ‏ أي محمد و أصحابه‏ إِلَّا مُبْطِلُونَ‏ أصحاب أباطيل‏

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ‏ التوحيد كما طبع على قلوب هؤلاء

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ‏ بنصرك عليهم‏ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ‏ بالبعث أي لا يحملنك على الخفة و الطيش بترك الصبر أي لا تتركه‏

تفسير الجلالين، ص: 414

31 سورة لقمان‏

مكية إلا الآيات 27 و 28 و 29 فمدنية و آياتها 34 نزلت بعد الصافات‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم‏ الله أعلم بمراده به‏

تِلْكَ‏ أي هذه الآيات‏ آياتُ الْكِتابِ‏ القرآن‏ الْحَكِيمِ‏ ذي الحكمة و الإضافة بمعنى من‏

هو هُدىً وَ رَحْمَةً بالرفع‏ لِلْمُحْسِنِينَ‏ وفي قراءة العامة بالنصب حالا من الآيات العامل فيها ما في‏ تِلْكَ‏ من معنى الإشارة

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بيان للمحسنين‏ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ هم الثاني تأكيد

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ الفائزون‏

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ‏ أي ما يلهي منه عما يعني‏ لِيُضِلَ‏ بفتح الياء و ضمها عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ طريق الإسلام‏ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها بالنصب عطفا على يضل و بالرفع عطفا على يشتري‏ هُزُواً مهزوءا بها أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ‏ ذو إهانة

وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا أي القرآن‏ وَلَّى مُسْتَكْبِراً متكبرا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً صمما و جملتا التشبيه حالان من ضمير ولى أو الثانية بيان للأولى‏ فَبَشِّرْهُ‏ أعلمه‏ بِعَذابٍ أَلِيمٍ‏ مؤلم ذكر البشارة تهكم به و هو النضر بن الحارث كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار الأعاجم و يحدث بها أهل مكة و يقول إن محمدا يحدثكم أحاديث عاد و ثمود و أنا أحدثكم أحاديث فارس و الروم فيستملحون حديثة و يتركون استماع القرآن‏

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ‏

خالِدِينَ فِيها حال مقدرة أي مقدرا خلودهم فيها إذا دخلوها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا أي وعدهم الله ذلك و حقه حقا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه شي‏ء فيمنعه من إنجاز وعده و وعيده‏ الْحَكِيمُ‏ الذي لا يضع شيئا إلا في محله‏

خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها أي العمد جمع عماد و هو الاسطوانة و هو صادق بأن لا عمد أصلا وَ أَلْقى‏ فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ‏ جبالا مرتفعة ل‏ أَنْ‏ لا تَمِيدَ تتحرك‏ بِكُمْ وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَ أَنْزَلْنا فيه التفات عن الغيبة مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ‏ صنف حسن‏

هذا خَلْقُ اللَّهِ‏ أي مخلوقه‏ فَأَرُونِي‏ أخبروني يا أهل مكة ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ‏ غيره أي آلهتكم حتى أشركتموها به تعالى و ما استفهام إنكار مبتدأ و ذا بمعنى الذي بصلته خبره و أروني معلق عن العمل و ما بعده سد مسد المفعولين‏ بَلِ‏ للانتقال‏ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‏ بين بإشراكهم و أنتم منهم‏

تفسير الجلالين، ص: 415

وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ منها العلم و الديانة و الإصابة في القول و حكمه كثيرة مأثورة كان يفتي قبل بعثة داود و أدرك بعثته و أخذ عنه العلم وترك الفتيا و قال في ذلك ألا أكتفي إذا كفيت و قيل له أي الناس شر قال الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئا أَنِ‏ أي و قلنا له أن‏ اشْكُرْ لِلَّهِ‏ على ما أعطاك من الحكمة وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ‏ لأن ثواب شكره له‏ وَ مَنْ كَفَرَ النعمة فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌ‏ عن خلقه‏ حَمِيدٌ محمود في صنعه‏

وَ اذكر إِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَ‏ تصغير إشفاق‏ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ‏ بالله‏ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏ فرجع إليه و أسلم‏

وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ‏ أمرناه أن يبرهما حَمَلَتْهُ أُمُّهُ‏ فوهنت‏ وَهْناً عَلى‏ وَهْنٍ‏ أي ضعفت للحمل و ضعفت للطلق و ضعفت للولادة وَ فِصالُهُ‏ أي فطامه‏ فِي عامَيْنِ‏ و قلنا له‏ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ أي المرجع‏

وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏ موافقة للواقع‏ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً أي بالمعروف البر و الصلة وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ‏ طريق‏ مَنْ أَنابَ‏ رجع‏ إِلَيَ‏ بالطاعة ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ فأجازيكم عليه و جملة الوصية و ما بعدها اعتراض‏

يا بُنَيَّ إِنَّها أي الخصلة السيئة إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ‏ أي في أخفى مكان من ذلك‏ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ‏ فيحاسب عليها إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ‏ باستخراجها خَبِيرٌ بمكانها

يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ‏ بسبب الأمر و النهي‏ إِنَّ ذلِكَ‏ المذكور مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها

وَ لا تُصَعِّرْ وفي قراءة تصاعر خَدَّكَ لِلنَّاسِ‏ لا تمل وجهك عنهم تكبرا وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي خيلاء إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ‏ متبختر في مشيه‏ فَخُورٍ على الناس‏

وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ‏ توسط فيه بين الدبيب و الإسراع و عليك السكينة و الوقار وَ اغْضُضْ‏ اخفض‏ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ‏ أقبحها لَصَوْتُ الْحَمِيرِ أوله زفير و آخره شهيق‏

تفسير الجلالين، ص: 416

أَ لَمْ تَرَوْا تعلموا يا مخاطبين‏ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ‏ من الشمس و القمر و النجوم لتنتفعوا بها وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ من الثمار و الأنهار و الدواب‏ وَ أَسْبَغَ‏ أوسع و أتم‏ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وهي حسن الصورة و تسوية الأعضاء و غير ذلك‏ وَ باطِنَةً هي المعرفة و غيرها وَ مِنَ النَّاسِ‏ أي أهل مكة مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً‏ من رسول‏ وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ أنزله الله بل بالتقليد

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا قال تعالى‏ أَ يتبعونهم‏ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى‏ عَذابِ السَّعِيرِ أي موجباته لا

وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ‏ أي يقبل على طاعته‏ وَ هُوَ مُحْسِنٌ‏ موحد فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه‏ وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ مرجعها

وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ‏ يا محمد كُفْرُهُ‏ لا تهتم بكفره‏ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بما فيها كغيره فمجاز عليه‏

نُمَتِّعُهُمْ‏ في الدنيا قَلِيلًا أيام حياتهم‏ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ‏ في الآخرة إِلى‏ عَذابٍ غَلِيظٍ و هو عذاب النار لا يجدون عنه محيصا

وَ لَئِنْ‏ لام قسم‏ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ حذف منه نون الرفع لتوالي الأمثال و واو الضمير لالتقاء الساكنين‏ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ على ظهور الحجة عليهم بالتوحيد بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ* وجوبه عليهم‏

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ ملكا و خلقا و عبيدا فلا يستحق العبادة فيهما غيره‏ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُ‏ عن خلقه‏ الْحَمِيدُ المحمود في صنعه‏

وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ عطف على اسم أن‏ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مدادا ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ‏ المعبر بها عن معلوماته بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد و لا بأكثر من ذلك لأن معلوماته تعالى غير متناهية إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شي‏ء حَكِيمٌ‏ لا يخرج شي‏ء عن علمه و حكمته‏

ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ خلقا و بعثا لأنه بكلمة كن فيكون‏ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏ يسمع كل مسموع‏ بَصِيرٌ يبصر كل مبصر لا يشغله شي‏ء عن شي‏ء

تفسير الجلالين، ص: 417

أَ لَمْ تَرَ تعلم يا مخاطب‏ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ‏ يدخل‏ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ يدخله‏ فِي اللَّيْلِ‏ فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌ‏ منهما يَجْرِي‏ في فلكه‏ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ هو يوم القيامة وَ أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

ذلِكَ‏ المذكور بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُ‏ الثابت‏ وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ‏ بالياء و التاء يعبدون‏ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ‏ الزائل‏ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُ‏ على خلقه بالقهر الْكَبِيرُ العظيم‏

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ‏ السفن‏ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ‏ يا مخاطبين بذلك‏ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ‏ عبرا لِكُلِّ صَبَّارٍ عن معاصي الله‏ شَكُورٍ لنعمته‏

وَ إِذا غَشِيَهُمْ‏ أي علا الكفار مَوْجٌ كَالظُّلَلِ‏ كالجبال التي تظل من تحتها دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏ أي الدعاء بأن ينجيهم أي لا يدعون معه غيره‏ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ متوسط بين الكفر و الإيمان و منهم باق على كفره‏ وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا و منها الإنجاء من الموج‏ إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ غدار كَفُورٍ لنعم الله تعالى‏

يا أَيُّهَا النَّاسُ‏ أي أهل مكة اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي‏ يغني‏ والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ‏ فيه شيئا وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ‏ فيه‏ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ‏ بالبعث‏ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا عن الإسلام‏ وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ‏ في حلمه و إمهاله‏ الْغَرُورُ الشيطان‏

صفحه بعد