کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير القرآن الكريم-صدرا

الجزء الأول

تقديم حول الكتاب و المؤلف

7 تفسير القرآن الكريم

كيفية العمل في هذا الطبع المحشي المقدمة

سورة الفاتحة

قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 3]

سورة البقرة

فتوح استفاضية[تشابه النفس الانساني و النفس الرحماني‏] فصل في نبذ من أسرار الحروف بحث و تنبيه‏[الالف و أسرارها] كشف غطاء[الروح البخاري مثال العماء] فصل في الإشارة إلى سر هذه الصفوة من المفاتيح الحرفية الواقعة في فواتيح السور تنبيه‏[رد على القائلين بعدم إمكان فهم تفسير الحروف المقطعة] حكمة قرآنية[تفسير الحروف المقطعة حسبما قاله ابن سينا] فصل آخر في الدلالة على كيفية دلالة الحروف على هذه المراتب الوجودية فصل آخر في الغرض فصل في أحوال أواخرها من حيث الاعراب تنبيهات: قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 13]

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22]

نكتة هاهنا لأهل الإشارة: تبصرة: تذكرة فصل قد اختلفوا في أن السماء أفضل، أم الأرض؟ أبحاث لفظية: فصل فصل في مذاهب الذين جعلوا لله أندادا تنبيه تتمة
تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الثالث

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 34]

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 47] قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 54] قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 57] تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الرابع

المقدمة مقدمة المؤلف

[سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257]

المقالة الخامسة عشرة في قوله سبحانه«و الله سميع عليم»

المقالة التاسعة عشرة في قوله سبحانه«أولئك أصحاب النار»

تفسير آية النور[سورة النور(24): آية 35]

مقدمة

الجزء الخامس

مقدمة الناشر مقدمة المصحح

تفسير القران الكريم سورة يس

[سورة يس(36): آية 1] [سورة يس(36): آية 2] [سورة يس(36): آية 3] [سورة يس(36): آية 4] [سورة يس(36): آية 5] [سورة يس(36): آية 6] [سورة يس(36): آية 7] [سورة يس(36): آية 8] [سورة يس(36): آية 9] [سورة يس(36): آية 10] [سورة يس(36): آية 11] [سورة يس(36): آية 13] [سورة يس(36): آية 14] [سورة يس(36): آية 15] [سورة يس(36): آية 16] و قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 17] [سورة يس(36): آية 18] [سورة يس(36): آية 19] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 20] [سورة يس(36): آية 21] [سورة يس(36): آية 22] [سورة يس(36): الآيات 23 الى 24] [سورة يس(36): آية 25] [سورة يس(36): الآيات 26 الى 27] [سورة يس(36): آية 28] [سورة يس(36): آية 29] [سورة يس(36): آية 30] [سورة يس(36): آية 31] [سورة يس(36): آية 32] [سورة يس(36): آية 33] [سورة يس(36): آية 34] [سورة يس(36): آية 35] [سورة يس(36): آية 36] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 37] [سورة يس(36): آية 38] [سورة يس(36): آية 39] [سورة يس(36): آية 41] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 50] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 53] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 57] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 63] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 64] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 73] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 76] خاتمة في موضع نزول هذه السورة و عدد آيها و بيان فضلها. تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري قدس سره الشريف على تفسير سورة يس

الجزء السادس

مقدمة المصحح مقدمة المؤلف - أشرف العلوم الحكمة تمهيد فيه تشييد

سورة السجدة

قوله عز و جل:[سورة السجده(32): آية 2] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 6 الى 7] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 13] [سورة السجده(32): آية 14] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 15] [سورة السجده(32): آية 16] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 19 الى 20]

سورة الحديد مدنية و آياتها تسع و عشرون

قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 6] قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 20] خاتمة

الجزء السابع

مقدمه المصحح

(56) سورة الواقعة مكية و آياتها ست و تسعون

مقدمه المؤلف قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 1 الى 2] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 3] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 4 الى 6] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 7] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 8 الى 10] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 11] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 12] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 13 الى 14] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 15] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 16] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 17] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 18] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 19] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 20 الى 21] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 22 الى 23] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 24] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 25] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 26] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 27] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 28 الى 31] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 32 الى 33] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 34 الى 37] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 38] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 39 الى 40] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 41] فقال - عز اسمه -:[سورة الواقعة(56): الآيات 42 الى 44] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 45 الى 48] [سورة الواقعة(56): الآيات 49 الى 50] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 51 الى 53] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 54 الى 55] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 56] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 57] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 58 الى 59] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 60 الى 61] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 62] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 63 الى 67] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 68 الى 70] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 71 الى 72] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 73] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 74] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 75 الى 76] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 77 الى 78] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 79] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 80] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 81 الى 82] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 83 الى 87] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 88 الى 89] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 90 الى 91] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 92 الى 94] [سورة الواقعة(56): آية 95] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 96]

سورة الجمعة مدنية و آياتها احدى عشرة

خاتمة

تفسير القرآن الكريم صدرا


صفحه قبل

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 124

فلم يزدهم بيان النبي صلّى اللّه عليه و آله و إعجاز القرآن إلّا ريبا على ريب و خسارا على خسار؛ كما قال اللّه تعالى: وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ‏ [10/ 101].

فلمّا أحجبوا عن مشاهدة أنوار الحبيب، و منعوا عن مطالعة آيات الكتاب أقام عليهم الحجّة البيّنة إعلاما لبعدهم عن المحجّة، و إيذانا بانحرافهم عن الصراط المستقيم، و تنكّبهم عن الطريق القويم، و أراهم كيف يتعرّفون ما أتى به عبده؛ أهو من عند اللّه- كما يدّعي- أم هو من عند نفسه- كما يدّعون.

و نفوس البشر- بما هي نفوس البشر- متماثلة و إنّما التفاوت و التفاضل بأمور اخرويّة فائضة عليها من اللّه، فلو كانت النبوّة كسبيّة، او كان القرآن ألفاظا تأليفيّة، لمّا عجزوا عن آخرهم عن اكتسابها و معارضته.

فأرشدهم إلى أن يجرّبوا أنفسهم و يمتحنوا أذواق طباعهم- و هم أبناء جنسه و اهل جلدته- هل يقدرون على الإتيان بمثل ما أتى به؟ و إن كانوا من مصاقع الخطباء من العرب العرباء- مع كثرتهم و إفراطهم في المضادّة و المضارّة، و تهالكهم على المعازّة و المعارّة؛ فعرّفهم ما يتعرف به اعجازه، و يتيقّن إنّه من عند اللّه كما يدّعيه عبده.

و إنّما سمّاه «عبدا» مطلقا مقيّدا ب «ه» و لم يسمّ غيره من الأنبياء عليهم السّلام إلّا بالعبد المقيّد المقرون باسمه- كما قال: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ‏ [38/ 41] وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ [38/ 17] و غيرهما- و ذلك لأنّ كمال العبوديّة ما تهيّأ لأحد من العالمين إلا لحبيبه- صلوات اللّه عليه و آله- لأنّه يحصل في كمال الحريّة عما سوى اللّه بقطع منازل الخلق و الأمر كلها و طيّ معارج الملك و الملكوت، و الخروج عن مكامن أطوار الإنيّة و مطاوي أستار الأنانيّة إلى فضاء مشاهدة الأحديّة و عرصة القيامة اللاهوتيّة.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 125

و هو المختصّ بهذه الكرامة كما أثنى اللّه عليه بذلك: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى‏* ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى‏ [53/ 16- 17] فلمّا اختصّ بهذه الحريّة أكرم بهذه العبوديّة، و سمّي باسم العبد المطلق، كما قال: فَأَوْحى‏ إِلى‏ عَبْدِهِ ما أَوْحى‏ [53/ 10] و هو المقدّم في رتبة التشريف في التشّهد على الرسالة.

و إنّما ذكره في هذه الآية ب «عبدنا» لأنّه أمر في الآية المتقدّمة بالعبوديّة خالصة للّه بترك الأنداد و رفض الأحباب- من الدنيا و الهوى و النفس و شهواتها من المراتع الحيوانيّة و الملاذّ النفسانيّة- و ما صحّ لاحد من العالمين من العبودية الخالصة كما صحّ له صلّى اللّه عليه و آله، فذكره في هذا المعرض و سمّاه به و أضافه إلى ذاته تنبيها على منزلته فقال‏ وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا أنعمنا على عبدنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله بحسن الطاعة و الخدمة و كمال العبودية و الاستعداد بإنعام الوحي و إنزال القرآن‏ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ‏ .

و إنما قيل: «نزّلنا»- على لفظ «التنزيل» دون «الإنزال»- لأنّ المراد نزوله على نهج التدريج و التنجيم، و هو الحريّ بمكان التحدّي، لأنّهم كانوا يقولون:

لو كان هذا من عند اللّه لم ينزل هكذا نجوما- سورة بعد سورة، و آيات غبّ آيات- على سنن أهل الخطابة و الشعر، حيث صدر عنهم و سنح ببالهم مضامين الأشعار و الخطب حسب ما عنّ لهم من الأحوال و تجدّد عليهم سوانح الحاجات، و لم يلق الناظم ديوان شعره دفعة، و لم يرم الخطيب مجموع خطبه و رسائله ضربة، كما حكى اللّه عنهم‏ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً ثمّ بيّن الحكمة في ذلك بقوله: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [25/ 32].

و ذلك لأن اللّه بيّن حجّة نبيّه بأوضح وجه و آكده، فأزاح علّتهم و أدحض حجّتهم بأنّه إن ارتبتم في هذا الذي وقع إنزاله هكذا على مهل و تدريج فهاتوا بمثل نجم من نجومه، و قسم من أقسامه، و سورة من سوره، او آيات مفتريات.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 126

و هذا غاية الإلزام و نهاية التبكيت التي لم يبق للمحجوج المعاند مجال الكلام إلّا بإتيان المثل او ما يقرب منه لو وجد عنده او أخذه من أقرانه و أعوانه، كما قال، وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [17/ 88] و إذا لم يأت بمثله و لا بما يقرب منه فقد علم عجزه.

فهذا أوضح الطرق للدلالة على أن القرآن معجزة، و ذلك لأنّه لا يخلو حاله من أحد وجوه: إمّا أن يكون مساويا لكلام سائر الفصحاء، أو زائدا عليه بقدر لا ينقض العادة، او زائدا عليه بقدر ينقض العادة. و الأولان باطلان، فتعيّن الثالث.

أما بطلانهما: فإنّه صلّى اللّه عليه و آله تحدّى بالقرآن، و دعى إلى الإتيان بسورة مثله مصاقع البلغاء و الفصحاء مع [كثرتهم‏] كثرة رمال الدهناء و حصاء البطحاء، و كانوا في معرفة اللغة و الاطلاع على قوانين الفصاحة في الغاية، [و] كانت شهرتهم بغاية العصبيّة و العناد و الحميّة الجاهلية و اللداد فوق النهاية، و كان تهالكهم على المباهاة و المبالاة و الدفاع عن الأحساب و ركوب الشطط في هذا الباب خارجا عن الحدّ و الحساب؛ فعجزوا حتى آثروا المقارعة على المعارضة، و بذلوا المهج و الأرواح دون المدافعة.

فلو قدروا على المعارضة بالمثل- او بالأقلّ منه تفاوتا غير فاحش- لعارضوا بمقارعة اللسان- لا بمعارضة السيف و السنان- و لم يرتكبوا ضروب المهالك و المحن، و لم يبذلوا النفوس و الأموال في الحروب و الفتن- إذ المعارضة أقوى القوادح- و لو عارضوا لاشتهر و تواتر نقله إلينا لتوفّر الدواعي و عدم الصارف.

و العلم بجميع ذلك يجري مجرى الضروريّات كسائر علوم العاديّات، و لا يقدح فيه احتمال أنّهم تركوا المعارضة مع القدرة عليها، أو عارضوا و لم ينقل إلينا لمانع- كعدم المبالاة و قلّة الالتفات و الاشتغال بالمهمّات.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 127

و إذ تبيّن بطلان القسمين فثبت إنّ القرآن لا يماثل كلام سائر الفصحاء، و إن التفاوت بينه و بين كلامهم ليس تفاوتا معتادا، فهو إذا تفاوت خارج عن العادة، بالغ حدّ الإعجاز؛ فالقرآن إذن معجز.

فصل في بيان جهة إعجاز القرآن‏

اعلم إنّ الناس اختلفوا في وجه إعجاز القرآن، فالجمهور على أنّ ذلك لأجل كونه في الطبقة العليا من الفصاحة، و الدرجة القصوى من البلاغة على ما يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم و علماء الفرق بمهارتهم في البيان، و إحاطتهم بأساليب الكلام.

هذا مع اشتماله على الإخبار عن المغيبات الماضية و الآتية، و على دقائق العلوم الإلهية و غوامض المعارف الربّانيّة و أحوال المبدإ و المعاد و الإرشاد إلى مكارم الأخلاق و إلى فنون الحكمة العمليّة و المصالح الدينيّة و الدنيويّة- على ما يظهر للمتدبّرين و يتجلّى للمتفكّرين؛ و على ما هو فوق هذا كلّه و وراء طور العقول- ممّا لا يظهر إلا للراسخين في علوم الأذواق، و المبتهجين بأنوار عالم الإشراق.

و ذهب من علمائنا الإماميّة السيّد المرتضى رضي اللّه عنه و عنهم- طباقا لكثير من المعتزلة: [إلى‏] أن إعجازه بالصرفة، و هي ان اللّه صرف همم المتحدين عن معارضته مع اقتدارهم عليها- و ذلك إمّا بسلب قدرتهم، او صرف دواعيهم، او سلب العلوم التي لا بدّ منها في الإتيان بمثل القرآن- بمعنى إنّها لم تكن حاصلة لهم، او بمعنى انها كانت كاملة حاصلة، فأزالها اللّه. و الأخير هو المختار عند المرتضى.

و احتجّوا على ذلك أوّلا: بأنّا نقطع بأنّ فصحاء العرب كانوا قادرين على التكلّم بمثل مفردات السورة و مركّباتها القصيرة،- مثل‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ و مثل‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و هكذا إلى الآخر، فيكونوا قادرين على الإتيان بمثل السورة.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 128

و ثانيا بأن الصحابة عند جمع القرآن كانوا يتوقّفون في بعض السور و الآيات إلى شهادة الثقات، و كان ابن مسعود قد بقي متردّدا في الفاتحة و المعوذتين؛ و لو كان نظم القرآن معجزا بفصاحته لكان كافيا في الشهادة.

و الجواب عن الأول إنّ حكم الجملة قد يخالف حكم الأجزاء، و هذه بعينها شبهة من نفى قطعيّة الإجماع و الخبر المتواتر، و لو صحّ ما ذكر لكان كلّ من آحاد العرب قادرا على الإتيان بمثل قصائد فصائحهم- كامرء القيس و أضرابه- و اللازم قطعي البطلان.

و عن الثاني- بعد صحّة الرواية و كون الجمع بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله لا في زمانه، و كون كلّ سورة مستقلة بالإعجاز- إنّ ذلك كان للاحتياط و الاحتراز عن أدنى تغيير لا يخلّ بالإعجاز، و إن إعجاز كلّ سورة ليس مما يظهر لكل أحد، بحيث لا يبقى له تردّد أصلا.

و قيل: إعجازه، بنظمه الغريب المخالف لما عليه كلام العرب في الرسائل و الأشعار و الخطب؛ و قيل: بسلامته عن الاختلاف و التناقض؛ و قيل: باشتماله على دقائق العلوم و حقائق المصالح و الحكم؛ و قيل: بإخباره عن المغيبات.

و ردّ الأوّل بأنّ حماقات مسيلمة و من جرى مجراها أيضا على ذلك النظم و الثاني بأنّه كثيرا ما يسلم كلام البلغاء عن الاختلاف و التناقض.

و الثالث [بأنّه‏] قد يشتمل كلام الحكماء على دقائق العلوم و الحقائق.

الرابع بأنّ الإخبار عن المغيبات لا يوجد إلا في قليل من الآيات.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 129

فصل في وجه شبه الطاعنين في القرآن‏

و اعلم إن أشراف العرب و كبرائهم مع كمال حذاقتهم في أسرار بلاغة الكلام و فرط عداوتهم للإسلام لم يجدوا فيه للطعن مجالا، و لم يوردوا في القدح مقالا و نسبوه إلى السحر- على ما هو دأب المحجوج المبهوت- تعجبّا من فصاحته و حسن نظمه و بلاغته، و اعترفوا بأنّه ليس من جنس خطب الخطباء و أشعار الشعراء، و أنّ له حلاوة و عليه طلاوة، و أن أسافله مغدقة و أعاليه مثمرة «1» ، فآثروا المنازعة و المقاتلة على المقاولة، و أبى اللّه إلّا أن يتمّ نوره على كره من المشركين و رغم انوف المعاندين، و حين انتهى الأمر إلى من بعدهم من أعداء الدين و فرق الملحدين، اخترعوا مطاعن ليست إلا هزءة للساخرين، و ضحكة للناظرين.

منها إنّ فيه كلمات غير عربيّة- كالاستبرق و السجيّل، و القسطاس، و المقاليد- فكيف يصحّ إنه‏ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ‏ ؟ وردّ بأنّ ذلك من توافق اللغتين، و المراد إنه عربيّ النظم و التركيب، أو الكلّ عربيّ- على سبيل التغليب.

و منها إن فيه خطأ من جهة الإعراب، مثل‏ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ‏ [20/ 63] و إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ‏ [5/ 69] و لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ [4/ 162] وردّ بأنّ كلّ ذلك صواب على ما بيّن في علم الإعراب.

و منها إنّ فيه ما يكذبه، حيث أخبر بأنه لا يتيسّر للبشر- بل للإنس و الجنّ- بمثل سورة منه- و أقلّ السورة ثلاث آيات- ثمّ حكى عن موسى عليه السّلام- مع اعترافه بأنّ هرون أفصح منه- مقدار إحدى عشرة آية منه؛ و هو قوله:

(1) قاله وليد بن المغيرة. راجع الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ : 6/ 283.

تفسير القرآن الكريم، ج‏2، ص: 130

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي‏ إلى قوله: إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً [20/ 25- 35] وردّ بأنّ المحكي لا يلزم أن يكون بهذا النظم بعينه، على أنّ المختار عند البعض في المتحدى به سورة من الطوال، او عشر من الأوساط.

و منها: إن فيه متشابهات يتمسك بها أهل الغواية- كالمجسّمة بمثل‏ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ [20/ 5]- وردّ بأنّها لنيل المثوبة بالنظر و الاجتهاد في طلب المراد؛ و لفوائد لا تحصى في الرجوع إلى الراسخين في العلم.

و منها: إن فيه عيب التكرار- كإعادة قصّة فرعون في عدّة مواضع، و كإعادة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ‏ و فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ‏ في سورة الرحمن و المرسلات. وردّ بأنه إنّما يكون من محاسن الكلام على ما يقرره علماء البيان فيما وقع منه في الآخرة.

و منها: إن فيه قوله: لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [4/ 82] و أنت تجد فيه من الإختلاف المسموع من أصحاب القراءة ما ترى على اثنى عشر ألفا. وردّ بأنّ الاختلاف المنفيّ هو التفاوت في مراتب البلاغة بحيث يكون بعضه قاصرا عن مرتبة الإعجاز أو مشتملا على تناقض في الأحكام او الأخبار.

لا يقال: تقرير الطعن فاسد عن أصله، لأنّه استدلال بثبوت اللازم على ثبوت الملزوم.

لأنّا نقول لا. بل هو مبنيّ على أن كلمة «لو» في اللغة تفيد انتفاء الجزاء لانتفاء الشرط، بمعنى أنّ عدم وجدان الاختلاف بسبب إنّه ليس من عند غير اللّه. أمّا لو حملت كلمة «لو» في الآية على ما هو قانون الاستدلال- كما في قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [21/ 22] فهو استدلال بنفي اللازم على نفي الملزوم.

أي: «لكن لم يوجد فيه الاختلاف، فلم يكن من عند غير اللّه».

صفحه بعد