کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير القرآن الكريم-صدرا

الجزء الأول

تقديم حول الكتاب و المؤلف

7 تفسير القرآن الكريم

كيفية العمل في هذا الطبع المحشي المقدمة

سورة الفاتحة

قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 3]

سورة البقرة

فتوح استفاضية[تشابه النفس الانساني و النفس الرحماني‏] فصل في نبذ من أسرار الحروف بحث و تنبيه‏[الالف و أسرارها] كشف غطاء[الروح البخاري مثال العماء] فصل في الإشارة إلى سر هذه الصفوة من المفاتيح الحرفية الواقعة في فواتيح السور تنبيه‏[رد على القائلين بعدم إمكان فهم تفسير الحروف المقطعة] حكمة قرآنية[تفسير الحروف المقطعة حسبما قاله ابن سينا] فصل آخر في الدلالة على كيفية دلالة الحروف على هذه المراتب الوجودية فصل آخر في الغرض فصل في أحوال أواخرها من حيث الاعراب تنبيهات: قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 13]

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22]

نكتة هاهنا لأهل الإشارة: تبصرة: تذكرة فصل قد اختلفوا في أن السماء أفضل، أم الأرض؟ أبحاث لفظية: فصل فصل في مذاهب الذين جعلوا لله أندادا تنبيه تتمة
تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الثالث

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 34]

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 47] قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 54] قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 57] تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الرابع

المقدمة مقدمة المؤلف

[سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257]

المقالة الخامسة عشرة في قوله سبحانه«و الله سميع عليم»

المقالة التاسعة عشرة في قوله سبحانه«أولئك أصحاب النار»

تفسير آية النور[سورة النور(24): آية 35]

مقدمة

الجزء الخامس

مقدمة الناشر مقدمة المصحح

تفسير القران الكريم سورة يس

[سورة يس(36): آية 1] [سورة يس(36): آية 2] [سورة يس(36): آية 3] [سورة يس(36): آية 4] [سورة يس(36): آية 5] [سورة يس(36): آية 6] [سورة يس(36): آية 7] [سورة يس(36): آية 8] [سورة يس(36): آية 9] [سورة يس(36): آية 10] [سورة يس(36): آية 11] [سورة يس(36): آية 13] [سورة يس(36): آية 14] [سورة يس(36): آية 15] [سورة يس(36): آية 16] و قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 17] [سورة يس(36): آية 18] [سورة يس(36): آية 19] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 20] [سورة يس(36): آية 21] [سورة يس(36): آية 22] [سورة يس(36): الآيات 23 الى 24] [سورة يس(36): آية 25] [سورة يس(36): الآيات 26 الى 27] [سورة يس(36): آية 28] [سورة يس(36): آية 29] [سورة يس(36): آية 30] [سورة يس(36): آية 31] [سورة يس(36): آية 32] [سورة يس(36): آية 33] [سورة يس(36): آية 34] [سورة يس(36): آية 35] [سورة يس(36): آية 36] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 37] [سورة يس(36): آية 38] [سورة يس(36): آية 39] [سورة يس(36): آية 41] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 50] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 53] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 57] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 63] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 64] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 73] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 76] خاتمة في موضع نزول هذه السورة و عدد آيها و بيان فضلها. تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري قدس سره الشريف على تفسير سورة يس

الجزء السادس

مقدمة المصحح مقدمة المؤلف - أشرف العلوم الحكمة تمهيد فيه تشييد

سورة السجدة

قوله عز و جل:[سورة السجده(32): آية 2] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 6 الى 7] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 13] [سورة السجده(32): آية 14] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 15] [سورة السجده(32): آية 16] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 19 الى 20]

سورة الحديد مدنية و آياتها تسع و عشرون

قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 6] قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 20] خاتمة

الجزء السابع

مقدمه المصحح

(56) سورة الواقعة مكية و آياتها ست و تسعون

مقدمه المؤلف قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 1 الى 2] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 3] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 4 الى 6] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 7] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 8 الى 10] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 11] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 12] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 13 الى 14] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 15] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 16] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 17] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 18] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 19] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 20 الى 21] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 22 الى 23] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 24] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 25] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 26] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 27] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 28 الى 31] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 32 الى 33] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 34 الى 37] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 38] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 39 الى 40] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 41] فقال - عز اسمه -:[سورة الواقعة(56): الآيات 42 الى 44] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 45 الى 48] [سورة الواقعة(56): الآيات 49 الى 50] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 51 الى 53] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 54 الى 55] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 56] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 57] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 58 الى 59] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 60 الى 61] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 62] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 63 الى 67] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 68 الى 70] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 71 الى 72] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 73] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 74] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 75 الى 76] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 77 الى 78] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 79] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 80] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 81 الى 82] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 83 الى 87] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 88 الى 89] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 90 الى 91] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 92 الى 94] [سورة الواقعة(56): آية 95] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 96]

سورة الجمعة مدنية و آياتها احدى عشرة

خاتمة

تفسير القرآن الكريم صدرا


صفحه قبل

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 11

الأخبار، و الاحتجاب بأوائل الأنظار، من دقائق العلوم الجزئية و معارف الأحكام الفرعية، و إلا فما من شي‏ء إلا و في القرآن ما يكشف عن حقيقة ذاته و يسهل السبيل إلى نيل كنه صفاته، لكنك أيها المغرور المسرور بما عندك من القشور- محجوب عنه لجحودك بما سوى ما سمعته من المشهور، أو فهمته من الزبور، فغاب منك الخبر المبرور، و الحظ الموفور، كل ذلك لإعراضك، عن العلوم الربانية، و أسرار التنزيل من الحكمة الإلهية التي من يؤتها فقد أوتي خيرا كثيرا، و اغفالك عن أن حقايق الكتاب مما لا يعلمه إلا الراسخون في العلم، لا المشتغلون بدقائق علم العربية، و فنون الصنائع الأدبية، كالزمخشري و أترابه، فإنهم في واد، و أهل القرآن و هم أهل اللّه و خاصته في واد.

ثم إنك أيها المغترّ بفطانتك البتراء لو أنصفت قليلا و زالت عنك غشاوة المراء و الامتراء لعلمت إن المشار إليهم بقوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ‏ [26/ 212] كانوا عارفين بدقائق علم الألفاظ و فنون تأدية الكلام، على ما يوافق المرام لأنهم من العرب العرباء و فصحاء الدهناء بل إنما انعزالهم عنه لعدم استعدادهم للاهتداء بأنوار القرآن و الارتقاء إلى أعلام الحقيقة و العرفان، و الاطلاع على أسرار المبدإ و المعاد، و الوصول إلى عالم الملكوت و التقرب بالحق الجواد.

ثم لا يخفى على اولى النهى أن تولي مثل أبي لهب و أبي جهل و غيرهما عن القرآن و انعزالهم عن السمع ليس من جهة عدم فهمهم ترجمة القرآن أو عدم اطلاعهم على ظاهر العربية و قواعد النحو و الصرف و علم البيان، و لا لأجل الصمم في آذانهم الجسمانية و العمى في أعينهم البدنية و البكم في قلوبهم الحيوانية، و لكن لأنهم كانوا من أهل الغفلة و الحجاب الكلي عمى القلوب عن مشاهدة الحقايق، صم العقول عن سماع ذكر الحبيب، بكم الأرواح عن قبول دعوة الإله و استدعاء طلب التقرب إلى الحق بالإعراض عما سواه كما أخبر اللّه عنهم بقوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏ [2/ 171].

و القرآن غذاء للقلوب الصافية، و بلاء للنفوس المريضة بداء الجهالة لقوله‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 12

تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [41/ 44].

و ليس المراد بالايمان في هذا المقام ما هو بحسب الظاهر و إلا لما وقع التكليف به للموصوفين بهذا الظاهر في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ‏ [4/ 136] و لا شبهة في أن المشتغلين بالدنيا المنهمكين في اللذات ليسوا من أهل الاهتداء بنور القرآن و لا يمكنهم الارتقاء إلى نشأة العرفان‏ لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى‏ وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ‏ [13/ 18- 19].

و إلى ذلك أشير في قول سقراط و هو أحد أساطين الحكماء، الذين اقتسبوا أنوار الحكمة من مشكوة بواطن النبوة: «البدن الذي ليس بالنقيّ كلما غذوته فقد زدته شرا أو وبالا» و قد ذكر المفسرون لكلامه أن المراد منه الإشارة إلى كيفية اقتناء العلوم الربانية، التي يتوقف الاستكمال بها على تصفية السر عن محبة الشهوات و تخلية الباطن عن الوساوس و الكدورات، و هو أيضا دواء نافع للعقول السليمة و سمّ ناقع للبواطن المئوفة الشريرة السقيمة بسقم الجهل المركب المشفوع بالعناد و الجدل و اللداد، و حب الجاه و الشهرة و الاستيناس بالناس، الذي هو من علامة الإفلاس، و لذلك قال اللّه تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ‏ [2/ 26] و أشير أيضا إلى أهل الحجاب الكلي بقوله تعالى‏ وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ‏ [36/ 9] و قوله تعالى:

وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً [17/ 45] و أشير إلى المعاندين الجاحدين للحق، و هم أسوء حالا بقوله: وَ إِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ‏ [31/ 7] و قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى‏ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 13

كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَ لا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ هذا هُدىً وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ‏ [45/ 7- 11].

و قد ذكر بعض أهل الحق ان العلم علمان: علم باللسان، و علم بالقلب.

و إني لأستعيذ باللّه الرحمن، من رجل شرّير عليم اللسان، جهول القلب، المترفع على الأقران لأجل تقرب السلطان، و الاشتهار عند العوام، و هم العميان عن فهم درجات أحوال الإنسان، و التفاوت في خلق الرحمن، فوا مصيبتاه من علماء الجهالة، و صلحاء الإفساد، الذينهم من علماء الدنيا و جهال الآخرة، المتذكرين لآداب صحبة الخلق، الناسين لآداب صحبة الرب، المقبلين إلى دقائق علوم الدنيا، المعرضين عن حقائق علوم الآخرة.

بل أقول: ما فتنة في الدين و خلل في عقائد المسلمين إلا و منشؤها مخالطة العلماء الناقصين، مع حكام الدنيا و السلاطين، ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين.

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 14

[سورة السجدة]

قوله سبحانه: [سورة السجده (32): آية 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1)

قد اختلف كلمة المفسرين و المأوّلين في حروف التهجّي الواقعة في أوائل السور من القرآن المبين، فقد ذكروا وجوها مذكورة في التفاسير المتداولة المشهورة و شي‏ء منها لا يطمئنّ به القلب، و لا يسكن إليه الروع، و نعم ما قال بعضهم: «إن في كل كتاب سرا، و سر اللّه في القرآن حروف التهجّي» و كأنه قد أخذ مما

روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إن لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجّي‏ «1» .

و قال بعض أهل القرآن: الإشارة في الألف إظهار الوحدة مطلقا ذاتا و صفة، و التفرّد بالوجود الحقيقي أزلا و أبدا، «كان اللّه و لم يكن معه شي‏ء» فكوّن الأشياء و هو كما كان، فلم يتغير وحدته في نفسه، و لا تفرده بالوجود الحقيقي و انه تعالى مصدر جميع الموجودات.

فوجه مناسبة المعاني الثلاثة في الألف، بأن (الألف) واحد في ذاته و صفاته‏

(1) مجمع البيان في تفسير الآية.

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 15

في وضع الحساب، متفرد بالأولية و الانقطاع عن غيره في وضع الحروف، و يشير استقامته و عدم تغيره في جميع الأحوال إلى عدم تغير المبدإ تعالى عن الوجود الوحداني أزلا و أبدا، و بأن «الألف» مصدر جميع الحروف، فان من استقامة خطه يخرج كل حرف معوّج، ثم في «اللام» «و الميم» المتصل كل حرف منهما بالآخر اثبات أن كل موجود سوى الوحدة موصوف بالاثنينية، و انه كمثل الوحدة في الوجود، فالصفوة المشار إليها في «الم» هي ان «الالف» يشير إلى وجود حقيقي كامل في ذاته و صفاته، موجد للموجودات التي لها وجود ناقص مفتقر إليه قائم به، و هو الفاعل و الحاكم و المتصرف فيها. و «اللام» يشير إلى معنيين: اثبات و نفى، فالإثبات يشير إلى لام التمليك، يعني له ما في السموات و ما في الأرض ملكا و ملكا، فعلا و صنعا. و بالنفي يشير إلى لاء النفي، يعنى لا وجود لشي‏ء حقيقة إلا له.

و «الميم» ايضا يشير إلى معنيين نفي و اثبات، فالنفي يشير إلى ماء النفي يعنى ما في الوجود حقيقة إلا هو، و بالإثبات يشير إلى اسمه القيوم، يعني هو القائم بنفسه، و المقيم و القيّام لغيره، فالغير محو في إثبات قيوميته و ديموميته، فهو على الحقيقة كاين كما كان، بلا مكان و لا زمان، و دليل هذا التأويل للسر و الصفوة في هذه الحروف، ما أظهره اللّه سره المكتوم فيما بعده في سورة آل عمران، و هو قوله:

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏ [3/ 2] و ممن تصدّى لاستكشاف أسرار هذه الحروف المقطعة شيخ فلاسفة الإسلام أبو علي بن سينا، في رسالة عملها لبيان هذا المرام، و لعمري انه قد بالغ في تطبيق رموز هذه الحروف على عظائم الأمور الإلهية التي ناسب ذكرها و تعظيمها و الإقسام بها في أوائل السور القرآنية.

و ملخص ما ذكره بعد تمهيد الكلام- طوينا ذكره مخافة الإسهاب- هو انه ينبغي أن يدل بالألف الواقع أولا في الترتيب القديم- و هو ترتيب أبجد هوز- على الباري، لكونه أول الموجودات، و بالباء على العقل و عالمه لأنه يتلوه في الموجود و «بالجيم» على النفس و عالمها، و «بالدال» على الطبيعة و عالمها. هذا إذا أخذت هذه الموجودات‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 16

بما هي ذوات، ثم بالهاء على الباري، و «بالواو» على العقل، و بالزاء على النفس، و بالحاء على الطبيعة. هذا إذا أخذت بما هي مضافة إلى ما دونها. و يبقى الطاء للهيولى و عالمها، و ليس لها وجود بالإضافة إلى شي‏ء تحتها، و ينفد رتبة إيجاد الآحاد المبدعات و يكون الإبداع و هو من إضافة الأول إلى العقل. و العقل ذات لا يضاف إلى ما بعده- مدلولا عليه بالياء، لأنه من ضرب «ه» في «ب»، و لا يحصل لإفاضة الباري إلى العقل أو العقل إلى النفس عدد يدل عليه بحرف واحد، لأن «ه» في «ج» «يه» و «و» في «ج» «يح» و يكون الأمر و هو من إضافة الباري (الأول) إلى العقل مضافا مدلولا عليه باللام، لأنه من ضرب «ه» في «و» و يكون الخلق و هو من إضافة الباري (الأول) إلى الطبيعة «1» من ضرب «ه» في «ح» لأن الحاء دلالة الطبيعة مضافة. و يكون التكوين، و هو من إضافة الباري إلى الطبيعة «2» لأنه من ضرب «ه» في «د» و يكون جميع نسبتي الأمر و الخلق أعني ترتيب الخلق بواسطة الأمر اعني اللام و الميم مدلولا عليه بحرف «ع» و جميع نسبتي الخلق و التكوين كذلك أعني الميم و الكاف مدلولا عليه بالسين، و يكون مجموع نسبتي طرفي الوجود و التكوين أعني اللام و الكاف مدلولا عليه بالنون، و يكون جميع نسب الأمر و التكوين و الخلق أعني لام و ميم و كاف مدلولا عليه بصاد، و يكون اشتمال الجملة في الإبداع أعني «ي» في نفسه «ق» و هو أيضا من جمع «ص» و «ي»، و يكون ردها إلى الأول الذي هو مبدأ الكل و منتهاه، على أنه أول و آخر، أعنى فاعلا و غاية كما بين في الإلهيات مدلولا عليه بالراء ضعف ق.

فإذا تقرر ذلك فالمدلول عليه بالم، هو القسم بالأول ذي الأمر و الخلق، و بالر القسم بالأول ذي الأمر و الخلق الذي هو الأول و الآخر و الأمر و الخلق و المبدأ الفاعلي و المبدأ الغائي جميعا.

و بالمص، القسم بالأول ذي الأمر و الخلق، و المنشئ للكل.

(1) في المطبوعة: مضافة «م» لأنه من ضرب ...

(2) أضيف في نسخة: و هو ذات مدلولا عليه بالكاف.

تفسير القرآن الكريم، ج‏6، ص: 17

و بص: القسم بالعناية الكلية.

و بق: القسم بالإبداع المشتمل على الكل بواسطة إبداع الأنواع المتداولة المساوي للعقل.

و بكهيعص: القسم بالنسبة التي للكاف، أعني عالم التكوين إلى المبدإ الأول، بنسبة الإبداع الذي هو «ي»، ثم الخلق بواسطة الأمر و هو «ع» ثم التكوين بواسطة الخلق و الأمر و هو «ص»، فبين «ك» و «ه» ضرورة نسبة الإبداع، ثم نسبة الخلق و الأمر ثم نسبة التكوين و الخلق و الأمر.

و يس: قسم بأول الفيض و هو الإبداع، و آخره و هو الخلق و التكوين.

و حم: قسم بالعالم الطبيعي الواقع في الخلق.

و حمعسق: قسم بمدلول وساطة الخلق في وجود العالم الطبيعي و ما يخلق بينه و بين الأمر بنسبة الخلق إلى الأمر، و نسبة الخلق إلى التكوين، و بأن يأخذ من هذا و يرده إلى ذلك، فيتمّ به الإبداع الكلي المشتمل على العوالم كلها، فإنها إذا أخذت على الإجمال لم يكن لها نسبة إلى الأول غير الإبداع الكلي الذي يدل عليه بق.

و طس: قسم بعالم الهيولى الواقع في التكوين. و «ن» قسم بعالم التكوين و عالم الأمر اعني مجمع الكل، و لا يمكن أن يكون للحروف دلالة غير هذا ألبتة- انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه-.

دراية كشفية

صفحه بعد