کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 34

و على القراءة الأولى يكون «مالك» وصفا، و على القراءة الثانية يكون «ملك» بدلا.

و في نهج البلاغة: إنّا لا نملك مع اللّه شيئا، و لا نملك الا ما ملّكنا، فمتى ملّكنا ما هو أملك به منا كلّفنا، و متى أخذه منا وضع تكليفه عنا.

[سورة الفاتحة (1): آية 5]

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ :

إياك ضمير منفصل، و محله النصب مفعولا للفعل الذي بعده، و قدم للحصر و الاختصاص .. و المعنى نعبدك، و لا نعبد سواك، و نستعين بك، لا بغيرك، و خاطب العبد ربه بضمير المفرد إخلاصا في التوحيد، و تنزيها عن الشريك، و من أجل هذا لا يخاطب الواحد القهار بصيغة الجمع .. أما ضمير نحن في نعبد و نستعين فللمتكلم و من معه، لا للتعظيم.

و تتحقق العبادة بالصوم و الصلاة، و الحج و الزكاة لوجه اللّه تعالى، و أيضا تتحقق بكل عمل انساني يسد حاجة من حاجات الناس، فلقد جاء في الحديث:

«أهل المعروف بالدنيا أهل معروف في الآخرة .. خير الناس أنفع الناس للناس».

و ليس معنى‏ «إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» ان اللّه أهل للعبادة و كفى، بل تدل الآية أيضا على ان الإنسان مخلوق كريم حرره اللّه من العبودية و الخضوع إطلاقا إلا للحق الذي يعلو على كل شي‏ء، و لا يعلو عليه شي‏ء .. و بديهة ان الحرية التي لا يحدها الحق تنعكس الى فوضى .. و مما قرأته في هذا الباب قول جان بول سارتر: «ان التحرر الحقيقي ان يلتزم الإنسان بوضع نفسه و حريته في خدمة الآخرين» «1» .

(1) معنى الوجودية التي كان يقول بها سارتر ان كل فرد من افراد الإنسان هو في عزلة و استقلال عن غيره، و انه لا شي‏ء بالنسبة اليه إلا وجوده وحده، و لا يتحقق له وجود إلا إذا انطلق مع حريته، دون قيد أو شرط ... أما الدين و المبادئ و المعايير و المقاييس فكلام فارغ، فلا خير إلا خير الفرد نفسه، و لا شر إلا شره بالذات ... و يستدل سارتر على ذلك بأن الإنسان أتى من عالم مجهول، و يذهب إلى عالم مجهول و انه وجد قبل القوانين العقلية و الدينية، و من استسلم لدين من الأديان، أو لمبدإ من المبادئ فقد قيد نفسه، و تنازل عن حريته، و بالتالي عن وجوده .. ثم عدل سارتر عن فلسفته هذه، و اعتنق «حرية أعظم، و هي الحرية من أجل الملايين، و ان الإنسان يكسب نفسه حينما يضعها في خدمة الآخرين، و ان الإنسان الحقيقي هو الذي يلتزم بهذا المبدأ» .. و بعد أن كان سارتر يتكلم عن الفرد و يدافع عنه أصبح يتكلم عن الشعوب و يدافع عنها.

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 35

و قيل: ان اثنين كانا يتنزهان في حديقة، و مع أحدهما قضيب يلعب به، فمس طرف القضيب أنف الآخر، و لما اعترض هذا قال صاحب القضيب: أنا حر، فقال له صاحبه: لحريتك حد ينتهي عند أنفي.

و لا أعدو الحقيقة إذا حددت الحرية بالايمان باللّه، و التعبد له وحده لأن من تعبد للحق دون سواه فقد تحرر من الباطل و من تحرر من عبادة الحق فقد عبد الباطل حتما، و التفكيك محال إلا عند فوضوي، لا يؤمن بحلال و لا بحرام، و لا بشي‏ء على الإطلاق إلا بنفسه وحدها لا شريك لها.

[سورة الفاتحة (1): آية 6]

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ :

الصراط في اللغة الطريق المحسوس، و فيه قراءتان بالسين و الصاد، و السين هي الأصل، و المستقيم المعتدل الذي لا عوج فيه و هو صفة للصراط، و المراد بالصفة و الموصوف هنا الحق.

و ليس المراد بالهداية مجرد العلم، بل العلم مع التوفيق الى العمل، فمن دعا لك بالهداية فقد دعا لك بالخير كل الخير، و من دعا لك بالعلم فقد دعا لك ببعض الخير .. و الغريب ان أكثر الناس يثقل عليهم الدعاء بالهداية، بخاصة العلماء و الكبراء مع العلم بأن الرسول الأعظم (ص) كان يكرر الدعاء بها ليل نهار في صلواته و غيرها.

و لست أعرف هداية و توفيقا أفضل و أعظم من أن يكتشف الإنسان عيوب نفسه بنفسه، و يشعر بالتأنيب و وخز الضمير من أجلها .. و بهذا الشعور يمكن النجاة و الخلاص، أعاذنا اللّه من الغرور و أسوائه.

[سورة الفاتحة (1): آية 7]

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

صِراطَ الَّذِينَ‏ :

جاء في بعض الروايات ان المغضوب عليهم هم اليهود، و الضالين هم النصارى، و لكن لفظ الآية عام لا تخصيص فيه، و لا استثناء، فكل مطيع تشمله نعمة اللّه و رحمته، و كل عاص ضال و مغضوب عليه.

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 36

و مهما يكن، فان الغرض من هذه الآية، و من سورة الفاتحة بكاملها ان يقف العبد بين يدي سيده مؤمنا موحدا، و شاكرا حامدا، و مخلصا و داعيا ان يوفقه لمرضاته علما و عملا.

و كل انسان واجد عند خالقه ما قدم من عمل، أما الأقوال فلا أثر لها إلا ان تقرّب من طاعة، أو تبعد عن معصية.

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 37

سورة البقرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)

فواتح بعض السور، و القرآن و العلم الحديث:

قال صاحب مجمع البيان هي مدنية كلها الا قوله تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ‏ .

[سورة البقرة (2): آية 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1)

الم‏ :

اختلفوا فيما هو المقصود منها، و من فواتح بعض السور، مثل الر، و كهيعص، و حم، و ما اليها .. فقيل: هو من علم الغيب الذي لم يظهر اللّه عليه أحدا.

و يلاحظ بأن اللّه سبحانه لا يخاطب الناس بأشياء لا يريد أن يعرفوها و يطلعوا عليها .. كيف، و الغيب هو السرّ المكنون؟! بالاضافة إلى انه قد ندد بالذين لا يتدبرون القرآن في الآية 24 من سورة محمد: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها» .

و قيل: ان هذه الفواتح أسماء للسورة و قيل: بل هي أسماء للّه. و قيل:

بل لمحمد (ص). و قيل غير ذلك.

و أقرب الأقوال إلى الواقع و الفهم ان اللّه سبحانه بعد أن تحدى بالقرآن الجاحدين و المعاندين و عجزوا عن الإتيان بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 38

واحدة، بعد هذا أشار بذكر هذه الحروف (الم) و نحوها إلى ان هذا الكتاب المعجز مؤلف من جنس هذه الحروف التي هي في متناول الأطفال و الجهال ..

فعجزكم- اذن- دليل قاطع على ان هناك سرا و لا تفسير لهذا السر الا ان هذا القرآن من وحي السماء، لا من صنع الأرض.

[سورة البقرة (2): آية 2]

ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)

ذلِكَ الْكِتابُ‏ الآية 2:

ذلك اسم اشارة، و محله الرفع بالابتداء، و الكاف للتعظيم، لا للبعد، كقولك: أنا ذلك الرجل .. و المراد بالكتاب القرآن. و بنفي الريب عنه انه كتاب حق و صدق .. و عجزهم عن صياغة مثله يستدعي ان لا يرتابوا فيه إطلاقا لو كانوا طلاب حقيقة.

القرآن و العلم الحديث:

قوله تعالى: «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» فيه دلالة واضحة على ان القرآن لا يلتمس فيه علم التاريخ، و لا الفلسفة، و لا العلوم الطبيعية و الرياضية، و ما اليها، و انما يلتمس فيه هداية الإنسان، و إرشاده الى صلاحه و سعادته في الدارين .. و بكلمة ان القرآن كتاب دين و أخلاق و عقيدة و شريعة.

و تسأل: و ما ذا أنت صانع بالآيات الكونية: «و الشمس تجري لمستقر».

و القمر قدرناه منازل .. و ما إلى ذلك من عشرات الآيات؟.

الجواب: لم يكن الغرض من هذه الآيات ان يبين اللّه لنا ما في الطبيعة من حقائق علمية، كلا، فان ذلك موكول الى عقل الإنسان و تجاربه، و انما الهدف الأول من ذكرها أن نسترشد بالكون و نظامه الى وجود اللّه سبحانه، و انه لا شي‏ء من هذه الكائنات وجد صدفة، و من غير قصد كما يزعم الماديون، بل وجد بارادة عليمة حكيمة، و قد بين اللّه ذلك صراحة في قوله تعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ‏ - 53 حم السجدة». أي سنكشف للكافرين باللّه عن تدبير الكون و أحكامه ما يعلمون معه انهم على ضلال ..

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 39

ان القرآن حين يدعو الى النظر في الكون فانه يقول بلسان مبين ان دلائل الكون أصدق حجة، و أقوى دلالة على وجود اللّه من كل شي‏ء، حتى من الدور و التسلسل. قال بعض الحكماء: ان للّه كتابين: كتابا يتلوه اللسان، و كتابا يتلوه العقل، و هو الكون.

أجل، ان القرآن حث على دراسة العلوم الطبيعية، و كل علم يعود على الانسانية بالخير و الهناء، و لكن حثه على العلم شي‏ء، و كونه كتابا في العلوم شي‏ء آخر.

و أيضا لا يشك عارف بالقرآن و آياته ان معانيه لا تحصيها كثرة، و لا يحيط بها عقل بالغا ما بلغ من العظمة، و انما يدرك منها كل عالم ما تتسع له مؤهلاته و مواهبه، و هي عميقة إلى أبعد الحدود، فإذا اكتشف عالم معنى منها فانه يكتشف طرفا من أطرافه، وجهة من جهاته يستعين بها على معرفة بعض ما يحويه الكون ..

و لكن هذا شي‏ء، و الحقائق العلمية التي يستنتجها الاخصائيون في مختبراتهم شي‏ء آخر.

«ملحوظة»: اني ما مضيت في تفسير القرآن إلا قليلا، حتى أيقنت ان أي مفسر لا يأتي بجديد لم يسبق اليه، و لو بفكرة واحدة في التفسير كله يخالف فيها من تقدمه من أهل التفسير، ان هذا المفسر لا يملك عقلا واعيا، و انما يملك عقلا قارئا يرتسم فيه ما يقرأه لغيره دون محاكمة، أو تقليم و تطعيم، تماما كما يرتسم الشي‏ء في المرآة على ما هو من لون و حجم .. و أيضا اكتشفت من تفسيري للقرآن ان معانيه لا يدركها، و لن يدركها على حقيقتها إلا المؤمن حقا الذي اختلط الإيمان بدمه و لحمه .. و انسجم مع أهداف القرآن انسجاما كاملا. و هنا يكمن السر في قول الإمام أمير المؤمنين: ذلك القرآن الصامت، و أنا القرآن الناطق.

و مما يعزز و يؤيد ان القرآن أولا و قبل شي‏ء هو كتاب هدى و دين و شريعة و أخلاق و انه أنزل لأجل هذه الغاية قوله تعالى:

«كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» .

و قوله: «هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ» .. و كفى دليلا على ذلك قول الرسول الأعظم (ص) انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. و قال الإمام‏

تفسير الكاشف، ج‏1، ص: 40

أمير المؤمنين (ع) في الخطبة 174 من خطب النهج: «ان في القرآن شفاء من أكبر الداء، و هو الكفر و النفاق، و الغي و الضلال». و بهذا نجد تفسير قوله تعالى: «وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً - 82 الأسرى» .. و عسى أن يتعظ بقول الإمام (ع) من يطلب الشفاء لأوجاعه الجسمية بتلاوة هذه الآية إلا أن يضيف اليها (روشتة) الطبيب.

و تسأل مرة ثانية و ما ذا تقول بهذه الآية: «ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ - 38 الانعام». حيث دلت بظاهرها على أن في القرآن جميع العلوم؟.

الجواب: ان عموم كل شي‏ء بحسبه، فإذا قلت: هذا البيت فيه كل شي‏ء فهم منه ان فيه ما تدعو اليه حاجة المقيم فيه من مؤنة و أثاث .. و إذا قلت عن كتاب فقهي: فيه كل شي‏ء. فهم منه جميع المسائل الفقهية .. و القرآن كتاب دين، و عليه يكون معنى ما فرطنا في الكتاب من شي‏ء يتصل بخير الإنسان و هدايته.

سؤال ثالث: و ما قولك في هذه الكتب التي تحمل اسم القرآن و العلم الحديث، و الإسلام و الطب الحديث، و ما الى هذا؟.

الجواب: أولا ان كل من يحاول الملاءمة بين مستكشفات العلم قديما كان أو حديثا، و بين القرآن الكريم فانه يحاول المحال .. ذلك ان علم الإنسان محدود بطاقته العقلية، و القرآن من علم اللّه الذي لا حد له .. فكيف تصح الملاءمة بين المحدود، و غير المحدود؟.

ثانيا: ان علم الإنسان عرضة للخطأ، لأنه عبارة عن نظريات و فروض تخطئ و تصيب. و كم رأينا العلماء يجمعون على نظرية، و انها صحيحة مائة بالمائة ثم اكتشفوا، أو من جاء بعدهم من العلماء انها خطأ مائة بالمائة .. و القرآن معصوم عن الخطأ .. فكيف تصح الملاءمة بين ما هو عرضة للخطأ، و بين المعصوم عنه؟ ثم هل نستمر في تأويل نصوص القرآن، و نحملها ما لا تتحمل كلما نسخت أو عدلت فروض العلم و نظرياته؟

صفحه بعد