کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير المراغى

الجزء الأول

مراجع التفسير

سورة البقرة

فهرس أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

فهرس أهم المباحث العامة العامة التي في هذا الجزء

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

فهرس أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السادس

سورة المائدة

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السابع

سورة الأنعام

مناسبة هذه السورة لما قبلها
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

خلاصة ما اشتملت عليه السورة من العقائد و الأحكام

سورة الأعراف

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

خلاصة ما اشتملت عليه السورة من الأغراض و المقاصد
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء العاشر

سورة التوبة - سورة براءة

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة البراءة

سورة يونس

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثاني عشر

تتمة سورة هود

بيان بإجمال للمقاصد الدينية التي حوتها هذه السورة

سورة يوسف عليه السلام

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

إجمال ما جاء فى سورة يوسف
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الرابع عشر

سورة النحل

مجمل ما حوته السورة الكريمة من الآداب و الأحكام
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الخامس عشر

سورة الاسراء - سورة بنى إسرائيل

مجمل ما حوته السورة من الأغراض

سورة الكهف

فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السادس عشر

سورة مريم

خلاصة لما حوته السورة الكريمة من المقاصد

سورة طه

خلاصة لما تضمنتة السورة الكريمة
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

خلاصة ما تتضمنه هذه السورة

سورة الحج

خلاصة ما تضمنته السورة من الحكم و الأحكام
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

خلاصة ما تضمنته السورة من الحكم و الأحكام و الآداب

سورة النور

مجمل ما حوته السورة الكريمة من الأغراض و المقاصد
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء التاسع عشر

سورة الشعراء

خلاصة ما حوته هذه السورة الكريمة
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء العشرون

سورة القصص

خلاصة ما تحويه السورة الكريمة من الأغراض

سورة العنكبوت

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الحادي و العشرون

سورة الروم

خلاصة ما احتوت عليه السورة الكريمة من الموضوعات
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

ما حوته السورة الكريمة من أغراض و مقاصد

سورة سبأ

ما اشتملت عليه السورة الكريمة من حكم و أحكام

سورة فاطر - سورة الملائكة

مجمل ما اشتملت عليه السورة الكريمة من حكم و أحكام
فهرست أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الجزء الثالث و العشرون

سورة الصافات

مجمل ماحوته السورة من موضوعات

سورة ص

ما تضمنته هذه السورة من العبر و المواعظ
فهرست أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الجزء الرابع و العشرون

سورة غافر

مجمل ما حوته السورة الكريمة
فهرست أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

خلاصة ما تضمنته السورة الكريمة من الموضوعات
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السادس و العشرون

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء السابع و العشرون

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثامن و العشرون

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء التاسع و العشرون

فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الجزء الثلاثون

خاتمة التفسير خاتمة الطبع فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

تفسير المراغى


صفحه قبل

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 69

(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ) أي فى حدوثهما و تعاقبهما بمجى‏ء كل منهما خلقة للآخر و فى طولهما و قصرهما بحسب اختلاف مواقع الأرض من الشمس، و ما لهما من نظام دقيق بحسب حركة الشمس اليومية و السنوية، و فى طبيعة كل منهما و ما يصلح فيه من نوم و سكون و عمل دنيوى و دينى‏ (وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) من أحوال الجماد و النبات و الحيوان، و يدخل فى ذلك أحوال الرعود و البروق و السحاب و الأمطار، و أحوال البحار من مدّ و جزر، و أحوال المعادن العجيبة فى تركيبها و أوضاعها المختلفة إلى نحو ذلك مما ذكر فى علم المواليد الثلاثة.

(لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) أي لدلائل عظيمة على وجود الصانع و وحدانيته و حكمته فى الإبداع و الإتقان و فى تشريع العقائد و الأحكام- لقوم يتقون مخالفة سننه تعالى فى التكوين و سننه فى التشريع، فلله سنن فى حفظ الصحة من خالفها مرض، و له سنن فى تزكية الأنفس من خالفها و أفسدها بارتكاب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن جوزى على ذلك فى الآخرة أشد الجزاء.

[سورة يونس (10): الآيات 7 الى 10]

إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (7) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (10)

تفسير المفردات‏

قال فى المصباح: رجوته: أمّلته أو أردته قال تعالى‏ «لا يَرْجُونَ نِكاحاً» أي لا يريدونه، و يستعمل بمعنى الخوف لأن الراجي يخاف ألا يدرك ما يرجوه، و قيل‏

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 70

الرجاء مجرد التوقع الذي يشمل ما يسرّ و ما يسوء، و اللقاء: الاستقبال و المواجهة، و الاطمئنان: سكون النفس إلى الشي‏ء و ارتياحها به، و المأوى: الملجأ الذي يأوى إليه المتعب أو الخائف أو المحتاج من مكان آمن أو إنسان نافع، و قد أطلق على الجنة فى ثلاث آيات، و على النار فى بضع عشرة آية، و الدعوى: الدعاء، و هو للناس النداء و الطلب المعتاد بينهم فى دائرة الأسباب المسخرة لهم، و للّه هو دعاؤه و سؤاله و الرغبة فيما عنده مع الشعور بالحاجة إليه و الضراعة له فيما لا يقدر عليه أحد من خلقه من دفع ضر أو جلب نفع، سبحانك: أي تنزيها لك و تقديسا، و التحية: التكرمة بقولهم حياك اللّه، أي أطال عمرك و السلام: السلامة من كل مكروه.

المعنى الجملي‏

بعد أن ذكر الأدلة على وجوده تعالى من خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار، و أثبت بذلك البعث و الجزاء على الأعمال يوم العرض و الحساب- قفى على هذا بذكر حال من كفر به و أعرض عن البينات الدالة عليه، و حال المؤمنين الذين عملوا الصالحات موقنين بلقاء ربهم- ثم ذكر جزاء كلّ من الفريقين.

الإيضاح‏

(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها) أي إن الذين لا يتوقعون لقاءنا فى الآخرة للحساب و الجزاء على الأعمال لإنكارهم للبعث، و رضوا بالحياة الدنيا بدلا من الآخرة فقصروا كل همهم من الحياة على الحصول على أغراضهم منها، و سكنت نفوسهم إلى شهواتها و لذاتها.

(وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) فلا يتدبرون منها ما نزل على رسولنا و ما حوته من عبر و مواعظ و معاد و حكم، و لا يتفكرون فى صحائف الكون و ما فيها من حكمته و سننه فى الخلق، و بهذا شاركوا الفريق الأول فى الشغل بالدنيا عن الآخرة، و من ثم لم يستعدوا لحسابنا و ما يعقبه من نعيم مقيم، و عذاب أليم.

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 71

(أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي أولئك الذين سلف ذكرهم مأواهم فى الآخرة النار جزاء ما اجترحوا من السيئات طوال حياتهم، فهم قد دنسوا أنفسهم بشرور الوثنية و ظلمات الشهوات الحيوانية فلم يعد لنور الحق و الخير مكان فيها، و من ثم لا يجدون ملجأ بعد هول الحساب إلا جهنم دار العذاب.

و بعد أن أبان جزاء الفريق الأول كان من الواضح أن تستشرف نفس القارئ و السامع إلى جزاء الفريق الثاني فقال:

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) أي إن الذين آمنوا بما يجب الإيمان به و لم يغفلوا عن الآيات التي غفل عنها الغافلون و رجوا لقاء ربهم و خافوا حسابه و عقابه، يهديهم ربهم بسبب إيمانهم صراطه المستقيم فى كل ما يعملون و ينتهى ذلك بهم إلى دخول الجنة التي أعدها لعباده المخبتين.

و فى هذا إيماء إلى أن الإيمان و العمل الصالح هما سبب الهداية و الفوز برفيع الدرجات و الوصول إلى أقصى الغايات.

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي تجرى من تحت غرفهم فى الجنات و من تحت الأشجار.

(دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي إنهم يبدءون كل دعاء و ثناء عليه تعالى يناجونه به بهذه الكلمة (سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ) أي تنزيها و تقديسا لك يا اللّه، و أن تحيتهم فيها كلمة (سَلامٌ) الدالة على السلامة من كل مكروه، و هى تحية المؤمنين فى الدنيا.

و هذه التحية تكون منه عز و جل حين لقائه كما قال فى سورة الأحزاب: «تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ» و من الملائكة لهم عند دخول الجنة كما قال: «وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» و تكون منهم بعضهم لبعض كما قال:

«لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» .

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 72

و إن آخر كل حال من أحوالهم من دعاء يناجون به ربهم، و مطلب يطلبونه من إحسانه و كرمه‏ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) كما أنه أول ثناء عليه حين دخولها كما قال‏ «وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ» كما أنه آخر كلام الملائكة كما قال: «وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» .

فعلى كل مؤمن أن يستعدّ لها بتزكية نفسه و ترقية روحه، و يعلم أنه لن يكون أهلا لها إلا بالعمل و مجاهدة النفس و الهوى، لا بالتوسلات للأولياء و التمني لشفاعتهم كما قال تعالى: «لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَ لا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً، وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً» .

و

روى عن أبىّ بن كعب مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم‏ «إن أهل الجنة إذا قالوا- سبحانك اللهم، أتاهم ما يشتهون»

و كذلك روى مثله عن بعض التابعين- فالكلمة إذا علامة بين أهل الجنة و خدمهم على إحضار الطعام و غيره فإذا أكلوا حمدوا اللّه تعالى.

[سورة يونس (10): الآيات 11 الى 12]

وَ لَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى‏ ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (12)

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 73

تفسير المفردات‏

تعجيل الشي‏ء. تقديمه على أوانه المقدر له أو الموعود به، و الاستعجال به: طلب التعجيل له، و العجلة من غرائز الإنسان كما قال تعالى‏ «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» فاستعجاله بالخير لشدة حرصه على منافعه و قلة صبره عنها، و استعجاله بالضر لا يكون من دأبه بل بسبب عارض كالغضب و الجهل و العناد و الاستهزاء و التعجيز، أو للنجاة مما هو شر منه، و قضاء الأجل: انتهاؤه، و نذر: نترك، و الطغيان: مجاوزة الحد فى الشر من كفر و ظلم و عدوان، و العمه: التردد و التحير فى الأمر أو فى الشر، و مرّ: أي مضى فى طريقته التي كان عليها من الكفر بربه.

المعنى الجملي‏

بعد أن ذكر تعجب القوم من تخصيص محمد بالنبوة، و أزال هذا التعجب بقوله‏ «أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى‏ رَجُلٍ مِنْهُمْ» ثم ذكر دلائل التوحيد و البعث و الجزاء- ذكر هنا جوابا عن شبهة كانوا يقولونها أبدا و هى: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فى ادعاء الرسالة فأمطر علينا حجارة من السماء.

و خلاصة الجواب أنه لا مصلحة لهم فى إيصال الشر إليهم إذ لو أوصله إليهم لماتوا و هلكوا، و لا صلاح فى إماتتهم، فربما آمنوا بعد ذلك أو خرج من صلبهم من يكون مؤمنا.

الإيضاح‏

(وَ لَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي و لو يعجل اللّه للناس إجابة دعائهم فى الشر و فيما عليهم فيه مضرة فى نفس أو مال كاستعجال مشركى مكة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالعذاب الذي أنذرهم نزوله بهم كما حكى اللّه عنهم من نحو قوله‏ «وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ‏

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 74

الْمَثُلاتُ» و قوله‏ «وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ، وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً» و قوله‏ «وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» .

كاستعجالهم بالخير الذي يطلبونه بدعاء اللّه أو بعلاج الأسباب التي يظنون أنها قد تأتى به قبل أوانه، لقضى أجلهم قبل وقته الطبيعي كما هلك الذين كذبوا الرسل و استعجلوهم بالعذاب من قبلهم.

و لكن اللّه أرحم بهم من أنفسهم، و قد بعث محمدا صلى اللّه عليه و سلم بالهداية الدائمة، و قضى بأن يؤمن به قومه العرب و يحملوا دينهم إلى العجم، و أنه يعاقب المعاندين من قومه فى الدنيا بما فيه تأديب لهم كما بين ذلك بقوله‏ «قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ» و يؤخر عذاب سائر الكافرين إلى يوم القيامة، و لم يقض بإهلاكهم و استئصالهم، بل يذرهم إلى نهاية آجالهم كما قال:

(فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي فنترك الذين لا يرجون لقاءنا ممن تقدم ذكرهم فيما هم فيه من طغيان فى الكفر و التكذيب، يترددون فيه متحيرين لا يهتدون سبيلا للخروج منه، و لا نعجل لهم العذاب فى الدنيا بالاستئصال حتى يأتى أمر اللّه فى جماعتهم بنصر رسوله صلى اللّه عليه و سلم عليهم، و فى أفرادهم بقتل بعضهم و موت بعض، و مأواهم النار و بئس القرار، إلا من تاب و آمن منهم.

و قد يكون المراد: و لو يعجل اللّه للناس الشر الذي يستعجلونه بما يقترفونه من ظلم و فساد فى الأرض لأهلكهم كما جاء فى قوله‏ «وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى‏ ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ» و من هذا دعاؤهم على أنفسهم حين اليأس، و دعاء بعضهم على بعض حين الغضب كما قال‏ «وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ»* أي و ما دعاء الكافرين بربهم أو بنعمه فيما يخالف شرعه و سننه فى خلقه إلا فى ضياع لا يستجيبه اللّه لهم لحلمه عليهم و رحمته بهم.

تفسير المراغى، ج‏11، ص: 75

(وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) أي إن الإنسان إذا أصابه من الضر ما يشعر فيه بشدة ألم أو خطر على نفسه كغرق و مسغبة و داء عضال دعانا ملحّا فى كشفه عند اضطجاعه لجنبه أو قعوده فى كسر بيته أو قيامه على قدميه حائرا فى أمره، و لا ينسى حاجته إلى رحمة ربه مادام يشعر بمسّ الضر و يعلم من نفسه العجز عن النجاة منه، و قدم من هذه الحالات الثلاث ما يكون الإنسان أشد عجزا و شعوره بالحاجة إلى ربه أقوى ثم التي تليها ثم التي تليها.

(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى‏ ضُرٍّ مَسَّهُ) أي فلما كشفنا عنه ضره الذي دعانا إليه حال شعوره بعجزه عن كشفه بنفسه أو بغيره من الأسباب- مرّ و مضى فى طريقه التي كان عليها من الغفلة عن ربه و الكفر به كأن الحال لم تتغير و لم يدعنا إلى شى‏ء و لم نكشف عنه ضرا.

(كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي مثل هذا الطريق من معرفة اللّه و الإخلاص فى دعائه وحده فى الشدة، و نسيانه و الكفر به بعد كشفها، زين للمشركين من طغاة مكة و غيرهم ما كانوا يعملون من أعمال الشرك، حتى بلغ من عنادهم للرسول صلى اللّه عليه و سلم و استهزائهم بما أنذرهم من عذاب أن استعجلوه به فقالوا اللهم ربنا أمطر علينا حجارة من السماء.

[سورة يونس (10): الآيات 13 الى 14]

وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَ ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)

تفسير المفردات‏

القرون: الأمم، واحدها قرن، و هم القوم المقترنون فى زمن واحد، و

جاء فى الحديث الشريف‏ «خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم»

صفحه بعد