کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة

الجزء الأول

مقدمة المؤلف

الفصل الاول في حقيقة العلم و الجهل المشابه للعلم الفصل الثانى في شرافة هذا العلم و خساسة الجهل الفصل الثالث في ان العلم كلما ازداد ضعفت الانانية، و الجهل كلما ازداد زادت الانانية الفصل الرابع في تلازم العلم و العمل و اقتضاء العلم الحيرة و الخشية و العزلة الفصل الخامس في فضل قراءة القرآن و فضل التوسل به باى نحو كان الفصل السادس في آداب القراءة و كيفيتها و مراتب القراء الفصل السابع في جواز تفسير آيات القرآن و أخبار المعصومين عليه السلام و النظر فيها و التأمل في مفاهيمها و التفكر في معانيها و المراد بها و التدبر في مقاصدها و الغايات المؤول إليها و استعلام تنزيلها و استنباط تأويلها بقدر استعداد المفسر الناظر الفصل الثامن في الفرق بين الظهر و البطن و التنزيل و التأويل و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ و العام و الخاص الفصل التاسع في تحقيق التفسير بالرأى الذى ورد حرمته و مذمته في الاخبار الفصل العاشر في ان علم القرآن بتمام مراتبه منحصر في محمد صلى الله عليه و آله و أوصيائه الاثنى عشر و ليس لغيرهم الا بقدر مقامه الفصل الحادي عشر في تحقيق ان القرآن ذو وجوه الفصل الثاني عشر في جواز نزول القرآن بوجوه مختلفة في ألفاظه الفصل الثالث عشر في وقوع الزيادة و النقيصة و التقديم و التأخير و التحريف و التغيير في القرآن الذى بين أظهرنا الذى أمرنا بتلاوته و امتثال أوامره و نواهيه و اقامة احكامه و حدوده الفصل الرابع عشر
سورة الفاتحة

سورة البقرة

تحقيق مراتب الوجود و انه حقيقة واحدة مشككه

تحقيق معنى بسيط الحقيقة كل الأشياء تحقيق جريان الحروف المقطعة على لسان المنسلخ عن هذا البنيان معنى تأويل القرآن و بطونه في الوجوه المحتملة في اعراب فواتح السور و عدم اعرابها تحقيق كون جميع الكتب المدونة حقه و باطله صور الكتاب الحقيقى الذى هو حقيقة القرآن تحقيق الكتاب و مصاديقه تحقيق معنى الكلام الفرق بين الكتاب و الكلام تحقيق ان الإنسان ما لم يخرج من أسر نفسه لا يدرك من القرآن الا اللفظ و العبارة تحقيق معنى الهداية تحقيق معنى التقوى و مراتبها بيان سر ظهور بعض الشطحيات من السلاك تحقيق قوله تعالى ليس على الذين آمنوا و عملوا الصالحات تحقيق الايمان و مراتبه تحقيق الصلوة و مراتبها تحقيق استمرار الصلوة و الزكاة للإنسان تكوينا بيان الكفر و اقسامه تحقيق مراتب القلب و إطلاقاته و تحقيق ختم القلب و البصر بيان اشتراء الضلالة بالهدى تحقيق الرعد و البرق و السحاب و المطر تحقيق معنى من دون الله الاشارة الى وجوه اعجاز القرآن بيان قطع ما امر الله به ان يوصل تحقيق الإفساد في الأرض تحقيق تكرار الأحياء و الاماتة للإنسان تحقيق خلق جميع الأشياء حتى السموم و ذوات السموم لنفع الإنسان تحقيق مادة الملك و أقسام الملائكة تحقيق كيفية قول الله و أمره للملائكة تحقيق معنى التسبيح و التقديس و الفرق بينهما تحقيق معنى الاسم و بيان تعليم آدم الأسماء كلها و بيان اللطائف المندرجة في الاية الشريفة تحقيق مراتب العالم و كيفية خلق الاجنة و الشياطين تحقيق توبة العبد تحقيق توبة الرب في توبة العبد تحقيق بيان اختلاف الفقرتين من قوله فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون تحقيق و تفصيل لاشتراء الثمن القليل بالآيات تحقيق الأمر بالمعروف و موارده تحقيق الوالدين و النسبة الروحانية حكاية ملك سليمان و كونه في خاتمه و رمز ذلك تحقيق السحر حكاية هاروت و ماروت و رموزها تحقيق الولى و النصير تحقيق الظلم تحقيق المسجد تحقيق ابتلاء إبراهيم بكلمات تحقيق مراتب الخلق من النبوة و الرسالة و الخلة و الامامة بيان خطوات الشيطان تحقيق القول على الله بما لا يعلمه تحقيق نزول الكتاب جملة و نجوما تحقيق كون القرآن بينات من الهدى تحقيق قربه تعالى تحقيق اجابته تعالى و عدم اجابته للعباد تحقيق إتيان البيوت من الأبواب و منع الإتيان من الظهور تحقيق الإفساد في الأرض و إهلاك الحرث و النسل تحقيق معنى الرجوع الأمور الى الله تعالى تحقيق مراتب كمال الإنسان تحقيق الولى و النبى و الرسول و الامام بيان حرمة شرب دخان الأفيون تحقيق تكيف النفوس من مجاورها تحقيق النعمة و مراتبها بحسب مراتب الإنسان بيان حكمة عدة النساء بيان الصلوة الوسطى بيان قرض الله و تحقيقه بيان التابوت و السكينة تحقيق الجبر و القدر و الأمر بين الأمرين و تحقيق بعض المطالب و تحقيق افعال العباد بحيث لا يلزم من نسبتها الى الله جبر للعباد و لا من نسبتها الى العباد تفويض إليهم و لا تعدد في النسبة يستدعى ذكر مقدمات: بيان الاحاطة بما شاء الله من علمه تحقيق الاستمساك بالعروة الوثقى و بيان العروة الوثقى بيان ابتغاء مرضات الله بحيث لا يخل بإخلاص العمل بيان الحكمة و مراتبها بيان الخبط من مس الشيطان

الجزء الثاني

سورة الانعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة الرعد سورة إبراهيم

الجزء الرابع

سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة الطور سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الدهر سورة المرسلات سورة النبا سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة التطفيف سورة الانشقاق سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة و الشمس سورة و الليل سورة و الضحى سورة الم نشرح سورة و التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة و العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة و العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة تبت سورة الفلق سورة الناس

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة


صفحه قبل

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 31

و لسان ذاته و جميع جنوده و قواه و يظهر عبوديّته و رقّيته له تعالى بنحو حصر العبوديّة فيه فانّ مقام الحضور يقتضي التضييق في العبوديّة بحيث لا يبقى للحاضر مجال النّظر الى غير المعبود الم تنظر الى قوله تعالى‏ أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها من غير ذكر عبادة فيه فضلا عن حصر العبادة فيه تعالى، و الى قوله تعالى‏ يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ‏ بذكر العبادة و حصرها فيه تعالى، فانّ مقام الغيبة لا يكون فيه عبادة و لو فرض عبادة لم يكن الّا للاسم لا للّه فضلا عن الحصر فيه تعالى، و في مقام الحضور لا يكون غير العبادة و لا تكون العبادة الّا لمن حضر لديه و لذلك قال تعالى في موضع آخر وَ اعْبُدُوا اللَّهَ‏ وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ‏ و يكون المقصود من إظهار العبادة و الحصر في اللّه تعالى تمهيدا لطّلب الاعانة منه و يقول بطريق الحصر نفعل فعل العبيد لك لا لغيرك أو نصير عبيدا لك لا لغيرك و إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ في دوام الحضور عندك و عدم الخروج من هذا المقام و البقاء على عبوديّتك و في جملة الأمور سوى هذا، و إذا بلغ السّالك في قراءته الى مقام الحضور عند ربّه يكون لا محالة يتجاذبه كثرات وجوده و رعايا مملكته و تتقاضى منه قضاء حاجاتها و احقاق حقوقها فيضطرّ الى الالتفات إليها و الى كثرات خارجة من مملكته لاضطرار الحاجة إليها في قضاء حقوق رعاياه و يرى انّه قلّما ينفّك في معاملة الكثرات عن الإفراط و التفريط و هما مانعان عن مقام الحضور و لذّة الوصال فيتضرّع على ربّه و يسأله الإبقاء على لذّة الوصال عن الاشتغال بالاغيار و يقول‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ في معاملاتنا مع أهل مملكتنا و الكثرات الخارجة من مملكتنا بالتّوسط بين افراط التنصّر و تفريط التّهوّد فانّ الإفراط و هو التّجاوز عن الطّريق بعد الوصول اليه يمنعنا عن مشاهدة جمالك بعد ما منحتنا بها، و التّفريط أيضا يقصّر بنا عن الحضور لديك. و الهداية هي ارائة الطّريق سواء كانت مع الإيصال الى المطلوب أو الى الطّريق أو مجرّدة عنهما، و سواء عديّت بنفسها أو ب إلى أو باللّام، و الصّراط بالصّاد و السّراط بالسّين و الزراط بالزّاء الطّريق و قرء هاهنا بالصّاد و السّين و الصّراط الظّاهر ظاهر و مستقيمه معلوم و المستوى منه ما كان في حاقّ الوسط أو مستقيما و قد يقال المستقيم للطّريق الّذى يكون على أقرب الخطوط الى المقصود و هكذا المستوى و الطّريق في الحركات الاينيّة هو المسافة بين مبدء الحركة و منتهاها سواء صارت جادّة و طريقا في الأرض أو لم تصر، و هكذا الحال في الحركات الوضعيّة و يكون المسافة و حدودها في هاتين الحركتين موجودة قبل الحركة و امّا الحركات الكيفيّة و الكمّيّة و الجوهريّة فالطّريق فيها و هي مراتب الكيف و الكمّ الطّارية على الجسم المتحرّك و مراتب الصّور الجوهريّة المتعاقبة على الجوهر المتحرّك غير موجود لا قبل الحركة و لا بعدها بل هو كالحركة القطعيّة الّتى لا وجود لها لا قبل الحركة و لا بعدها بل وجودها يكون في الذّهن بسبب رسم وصول المتحرّك الى حدود المراتب امرا متّصلا وحدانيّا فيه و الموجود من الطّريق فيها هو مرتبة من الكيف أو الكمّ أو الجوهر الّتى وجودها كالحركة التّوسطيّة عين قوّة عدمها و تكونّها عين قوّة تصرّمها و لذلك أشكل الأمر على كثير من أهل النّظر في بقاء موضوع محفوظ في هذه الحركات خصوصا في الحركات الكميّة و الجوهريّة بناء على انّ الجسم التّعليمىّ منتزع عن الجسم الطّبيعى و بتبدّله يتبدّل الجسم الطّبيعىّ و بتبدّله يتبدّل الموضوع و هكذا الحال في توارد الصّور الجوهريّة في الحركات الجوهريّة و الحقّ انّ الموضوع محفوظ بكمّ ما و صورة ما محفوظين في ضمن الكمّيّات و الصّور الواردة بحافظ شخصىّ غيبىّ و مادّة باقيّة بكمّ ما و صورة ما فانّ الاتّصال الوحدانىّ مساوق للوحدة الشخصيّة و كلّ مكوّن من الجماد و النّبات و الحيوان متحرّك من اوّل تكوّنه في الكيف و الكمّ بل في الصّور الجوهريّة حتّى ينتهى الى كماله اللّائق بنوعه أو شخصه و هذا معنى كون الكون‏

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 32

في التّرقى فانّ الحركة خروج تدريجا من القوّة الى الفعل و الخروج من القوّة الى الفعل معنى التّرقّى و كلّ من هذه خروجه من القوّة الى الفعل من اوّل تكوّنه الى كماله اللّائق به يكون على الصّراط المستقيم و الفعليّات اللّائقة به انّ لم يمنعه مانع و لم يعقه عائق سوى الإنسان من افراد الحيوان فانّه بحسب استكمال بدنه يخرج على الصّراط المستقيم اللّائق بنوعه و شخصه ان لم يعقه عائق و بحسب استكمال نفسه أيضا يخرج من القوّة الى الفعل على الصّراط اللّائق بنوعه و شخصه ما لم يحصل له استقلال في اختياره فاذا حصل له استقلال في اختياره و حان أوان تمرينه و تكليفه فقد يخرج من القوى الى الفعليّات اللّائقة بنوع الإنسان من دون حصول فعليّة مخالفة لنوعه متخلّلة بين تلك الفعليّات حتّى يصل الى آخرة فعليّاته و هي مقام الإطلاق و الولاية الكليّة و علويّة علىّ (ع) و هذا نادر و كثيرا ما يخرج من القوى الى الفعليّات اللّائقة به بتخلّل فعليّات غير لائقة به فيكون خروجه الى الفعليّات لا على الصّراط المستقيم الانسانىّ بل قد يعوّج صراطه الى غير الفعليّات اللّائقة به و قوله تعالى‏ وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَ ذاتَ الشِّمالِ‏ اشارة الى هؤلاء السّلّاك، و قد يخرج الإنسان الى الطّرق المعوّجة و الفعليّات الغير اللّائقة به من دون فعليّة لائقة به فقد ينتهى في تلك الفعليّات فيصير أخسّ من البهائم أو السّباع أو الشّيطان و قد يقف فيمسخ بصورة الفعليّة الّتى وقف عليها و لمّا كان الصّراط المستقيم الانسانىّ ادقّ الأمور بحيث لا يمكن لكلّ بصير تمييزه، و أحد الأمور بحيث لا يمكن لكلّ سألك سلوكه من غير زلّة الى أحد الطّرفين، و أخفى الأمور بحيث لا يمكن لكلّ مدرك إدراكه و كان الأشخاص مختلفين في السّير عليه بحسب فطرتهم و بحسب الأسباب و المعاونات الخارجة وصف بأنّه أدقّ من الشّعر و أحدّ من السّيف و انّه مظلم يسعى النّاس عليه على قدر أنوارهم و لكون تلك الفعليّات اللّائقة بالإنسان صور مراتب انسانيّة الإنسان و محفوفة بفعليّات الإفراط و التّفريط الّتى هي انموذجات الجحيم و مخرجة للإنسان في كلّ مرتبة و فعليّة من صورة من صور مراتب النيّران و موصلة الى صورة مرتبة من مراتب الجنان‏

ورد انّ الصّورة الانسانيّة هي الطّريق المستقيم الى كلّ خير

و الجسر الممدود بين الجنّة و النّار؛ و انّ الصّراط ممدود على متن جهنّم، و لمّا كان السّلوك على الصّراط الانسانىّ و الخروج من القوى الى الفعليّات الانسانيّة مستلزما للتّوسط بين الإفراط و التّفريط في الأعمال البدنيّة و الأحكام الشرعيّة و في الأعمال القلبيّة يعنى الأخلاق النّفسيّة و الأحوال الطّاريّة و في أوصاف العقليّة و العقائد الدّينيّة و كان التّوسّط في ذلك مستلزما للسّلوك على الصّراط الانسانىّ فسّر الصّراط بالتّوسط في الأعمال و الأحوال و الأخلاق و العقائد و التّوسّط في الأعمال مثل التّوسط في الاكل و الشّرب المشار اليه بقوله تعالى‏ كُلُوا وَ اشْرَبُوا فانّه إباحة للأكل و الشّرب أو استحباب أو وجوب و منع عن الإمساك‏ وَ لا تُسْرِفُوا فانّه منع صريحا عن الإفراط، و مثل التّوسط في الانفاقات المشار اليه بقوله تعالى‏ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ، و مثل قوله تعالى في الصّدقات الواجبة أو المستحبّة وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا ، و مثل قوله تعالى في الصّلوة أو في مطلق العبادات البدنيّة وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا ، و التّوسط في الأحوال كالتّوسط بين الجذب و السّلوك الصّرف، و التّوسط بين القبض و البسط، و التّوسط بين الخوف و الرّجاء، و التّوسط في الأخلاق كالتّوسط بين الشره و الخمود المسمّى بالعفّة، و التّوسط بين التّهوّر و الجبن المسمّى بالشجاعة، و التّوسط بين الجربزة و البلاهة المسمّى بالحكمة، و التّوسط بين الظلم و الانظلام المسمّى بالعدالة، و التّوسّط في العقائد كالتّوسط بين التّنزيه المحدّد و التّشبيه المجسّم في الحقّ الاوّل تعالى شأنه، و التّوسط بين حصر النّبى (ص) و الامام (ع) على المرتبة

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 33

الجسمانيّة و اعلائهما الى مرتبة الآلهة في اعتقاد النّبوّة و الامامة، و التوّسط بين الجسمانيّة الطّبيعيّة و الروحانيّة الصّرفة في اعتقاد المعاد و طبقات الجنان و لذّاتها و دركات النيران و آلامها، و لمّا كان الخارج الى الفعليّات الانسانيّة و السّالك على الصّراط المستقيم يصير متحقّقا بتلك الفعليّات فاذا بلغ الى مقام من مقامات الآلهة و صار به نبيّا أو خليفة و صار بنفسه طريقا و صراطا مستقيما من مقام بشريّته و مقامات روحانيّته و صار ولايته الّتى هي البيعة معه و الاتّصال به بنحو مخصوص و كيفيّة خاصّة طريقا انسانيّا لانّها طريق الى روحانيّته و روحانيّته طريق حقيقة الى اللّه صحّ ما

ورد عن الصّادق (ع) من انّها الطّريق الى معرفة اللّه و هما صراطان صراط في الدّنيا و صراط في الآخرة فامّا الصّراط في الدّنيا فهو الامام المفترض الطّاعة؛ من عرفه في الدّنيا و اقتدى بهديه مرّ على الصّراط الّذى هو جسر جهنّم في الآخرة، و من لم يعرفه في الدّنيا زلّت قدمه عن الصّراط في الآخرة فتردى في نار جهنّم‏

، و ما

ورد عنه‏ انّ الصّراط أمير المؤمنين (ع) و زيد في خبر: و معرفته‏

، و ما

ورد انّه معرفة الامام (ع)

و ما ورد من قولهم: نحن الصّراط المستقيم‏

و صحّ ان يقال انّ بشريّة الامام و معرفة بشريّته من دون معرفة نورانيّته و الاتّصال ببشريّته و البيعة معه طريق الى الطّريق الى اللّه و انّ الطّريق الى اللّه هو نورانيّة الامام (ع) و معرفتها و الاتّصال بها و يسمّى الاتّصال بالإمام (ع) و معرفته بحسب نورانيّته عند الصّوفيّة بالحضور و الفكر و اوّل مرتبة ذلك الاتّصال و المعرفة هو ظهور الامام بحسب مقام مثاله على صدر السّالك الى اللّه و ليس المراد بهذا الفكر و الحضور ما اشتهر بين مرتاضي العجم من جعل صورة الشيخ نصب العين بالتّعمّل و ان كان ورد عن ائمّتنا (ع) الاشعار بمثل هذا المعنى فانّه‏

ورد عن الصّادق (ع) وقت تكبيرة الإحرام تذكّر رسول اللّه (ص) و اجعل واحدا من الائمّة (ع) نصب عينيك‏

، فانّه تقيّد بالصّورة و شبيه بعبادة الأصنام بل المراد انّ السّالك ينبغي ان يجلو مرآة قلبه بالذّكر و الأعمال المأخوذة من شيخة، فاذا اجتلى الذّهن و قوى الذّكر و خلا القلب من الأغيار ظهر الشّيخ بمثاله على السّالك فانّ الذّكر المأخوذ منه نازلة موجوده فاذا قوى تمثّل بصورته و إذا ظهر الشّيخ بمثاله رفع كلفة التّكليف عنه و التذّ بحضوره عند محبوبه و رأى انّ كلّ ما يرد عليه انّما هو من محبوبه فيلتذّ بها و لو لم يكن ملائما لانّه يراها من محبوبه و حينئذ قد يكون ظهور الشّيخ بنحو ظهور المباين الخارج على المباين، و قد يكون بنحو الحلول في وجوده، و قد يكون بنحو الاتّحاد، و قد يكون بنحو فناء السّالك و بقاء الشّيخ وحده و للسّالك في كلّ من المراتب مراتب و درجات و حالات و ورطات مهلكات إذا اغتّر و خرج من تصرّف الشّيخ و من عرض حاله عليه فانّه كثيرا يغتّر بما يشاهده من غير تميّز و يعتقد ما عاينه من غير عرض على بصير حتّى يبيّن له سالمه عن سقيمه فيظهر منه ما لا يرضيه الشّرع من مثل انّى انا اللّه، و ليس في جبّتى سوى اللّه و يظهر منه اعتقاد الحلول و الاتّحاد و الوحدة الممنوعة و الاباحة و الإلحاد في الشّريعة المطهّرة، و لمّا كان السّالك على الفعليّات الانسانيّة يصير الفعليّة الاخيرة صورة له و سائر الفعليّات تصير كالمادّة و شيئيّة الشي‏ء بصورته لا بمادّته صحّ اضافة الطّريق اليه باعتبار انّه الفعليّة الأخيرة و صحّ تفسيره به باعتبار انّه متحقّق بجميع الفعليّات، و لمّا كانت السّورة تعليما للعباد كيف يحمدونه و يلتجئون اليه و يدعونه فقوله تعالى‏ اهْدِنَا تلقين لكلّ العباد ان يدعوه للهداية فمعنى اهدنا بالنّسبة الى غير المسلم دلّنا على الطّريق الّذى هو النّبىّ الّذى هو الطّريق إليك أو أوصلنا اليه و بالنّسبة الى المسلم دلّنا على الطّريق الّذى هو الولىّ الّذى يؤمن به أو أوصلنا أو ابقنا على الصّراط الّذى هو الإسلام باختلاف نظره فانّه ان كان ناظرا الى إسلامه و راضيا به فالمعنى أدمنا، و ان كان ملتفتا الى انّ الإسلام طريق الى الايمان فالمعنى دلّنا أو أوصلنا الى الايمان، و بالنّسبة الى المؤمن الغير الحاضر عند شيخة بحسب نورانيّته أدمنا على الطّريق أو أوصلنا أو دلّنا بحسب اختلاف نظره و بالنّسبة الى الحاضر عند

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 34

شيخة بحسب نورانيّته أدمنا أو اذهب بنا على الطّريق، و بهذه الاعتبارات اختلفت الاخبار في تفسير «اهْدِنَا» و لمّا كان السّلوك على الصّراط المستقيم الانسانىّ لا يحصل الّا بالولاية و الولاية هي النّعمة الحقيقيّة و بها يصير الإسلام نعمة أبدل تعالى عنه قوله تعالى‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ فانّ الانعام للإنسان ايتائه ما يلايم انسانيّته و الملايم لانسانيّته هي الولاية المخرجة له الى فعليّاته الانسانيّة، و الفعليّات الانسانيّة من مراتب الولاية و الآثار الصّادرة و اللّازمة من فعليّاته الانسانيّة من التّوسط في الأمور المذكورة و هكذا الأعمال المعيّنة على الخروج المذكور انّما هي نعمة باعتبار اتّصالها بالنّعمة الّتى هي الولاية و لذلك‏

ورد عن مولينا أمير المؤمنين (ع) في تفسيره انّه قال: قولوا اهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم بالتّوفيق لدينك و طاعتك لا بالمال و الصحّة

فانّهم قد يكونون كفّارا أو فسّاقا قال و هم الّذين قال اللّه تعالى‏ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏ الى قوله‏ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً . و النّعم الصوريّة ان كانت مرتبطة بالولاية كانت نعمة و الّا صارت نقمة إذا كانت معيّنة على الخروج الى الفعليّات الغير الانسانيّة و هكذا كان حال الفعليّات الانسانيّة بعد ما حصلت بالولاية يعنى إذا صارت مسخّرة للشّيطان بعد ما كانت مسخّرة للرّحمن صارت نقمة بعد ما كانت نعمة، و لمّا كان المنعم عليهم بالولاية هم المتوسّطين بين التفريط و التقصير في ترك الولاية و الإفراط المخرج عن حدّ الولاية و صراطهم كان متوسّطا بين التّفريط و الإفراط في جملة الأمور وصفهم بقوله‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فانّه قد فسّر المغضوب عليهم بالمفرّطين المقصّرين و الضّالّون بالمفرطين المتجاوزين لانّ المفرّط المقصّر لمّا لم يبلغ الى الولاية لم يصر مرضيّا أصلا و المفرط في امر الولاية لمّا صار بالوصول الى حدّ الولاية مرضيّا خرج من المغضوبيّة لكنّه بتجاوزه عن حدّ الولاية ضلّ عن طريق الانسانيّة و عن طريق الرّضا فانّ المعيار للرّضا و الغضب و للإفراط و التّفريط هو الولاية لا غير لانّها حدّ استقامة الإنسان و سبب ارتضائه و قد يفسّر «الْمَغْضُوبِ» عليهم بمن لم يبلغ في وصفه مقام النّبىّ (ص) أو الامام (ع) و الضّالّ بمن وصفهما بما هو فوق إدراكه أو فوق مقامهما و بهذا المعنى فسّرا باليهود و النّصارى و ان كان يجوز ان يكون تفسيرهما باليهود و النّصارى باعتبار المعنى الاوّل و يجوز ان يجعل عطف الضّالّين من قبيل عطف الأوصاف المتعدّدة لذات واحدة فانّ المفرّط و المفرط كليهما مغضوب عليهما و ضالّان بمعنى انّهما فاقدان للطّريق سواء كان الفقدان بعد الوجدان أو قبل الوجدان، و قد يفسّر «الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» بالنّصاب لشدّة غضب اللّه عليهم «و الضّالّون» بمن لم يعرف الامام و بمن كان شاكّا فيه.

اعلم انّ السّورة المباركة تعليم للعباد كيف يحمدون و يثنون على اللّه تعالى و كيف يقرؤن و يرتقون في قراءتهم و كيف يخاطبون و يسألون فالأمر بالاستعاذة في اوّل القراءة للاشارة الى انّ الإنسان واقع بين تصرّف الرّحمن و الشّيطان الّا من عصمه اللّه فاذا أراد القرائة أو الثّناء على اللّه و المناجاة له ينبغي ان يستعيذ من تصرّف الشّيطان و يلتجئ الى حفظ اللّه و امانه حتّى لا يكمن الشّيطان خلف قلبه و لا يخلى ألفاظ ثنائه و مقرّواته من معانيها المقصودة للّه و لا يدخل فيها المعاني الشّيطانيّة فيصير الحامد حامدا للشّيطان و قاريا لكتاب الشّيطان و هو يحسب انّه حامد للّه و قار لكتاب اللّه و يكون داخلا في مصداق قوله تعالى‏ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ‏ يعنى لا لسان اللّه بالكتاب لتحسبوه من الكتاب و ما هو من الكتاب فلا بدّ للمستعيذ ان يكون ملتفتا الى ما يقول و يجعل حاله حال الاستعاذة من الشّيطان و الّا كان استعاذته كقراءته بتصرّف الشّيطان و استعاذة من الرّحمن لا الى الرّحمن و جعل التسميّة

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 35

جزء من اوّل كلّ سورة و الأمر بها في اوّل كلّ امر اشارة الى انّ الفاعل لكلّ فعل و خصوصا عند تلاوة القرآن الّذى هو كلام اللّه ينبغي ان يسم نفسه بسمة من سمات اللّه حتّى يصير لسانه و سائر أعضائه آلات لتلك السّمة و كلامه و أفعاله كلاما و افعالا لذلك الاسم فيصحّ جعلها للّه فانّها ان لم تكن من اللّه لم تكن للّه و لو لم يسم نفسه بسمة من سمات اللّه صار متّسما بسمة من سمات نفسه و سمات الشّيطان فصارت أعضاؤه آلات للشّيطان فكان افعالها افعالا صادرة من الشّيطان و راجعة اليه و صار القارى و الفاعل ممّن يلوون ألسنتهم بالكتاب و ممّن قال اللّه فيهم‏ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ‏ لا بيد اللّه ثمّ ينظر الى سعة ظهوره تعالى بصفاته في كلّ سمة من سماته فينظر الى جملة إضافاته تعالى الظّاهرة من تلك السّمة بالنّسبة الى أهل مملكته ان كان قاصرا عن رؤية إضافاته بالنّسبة الى خارج مملكته فيصفها بأمّهات إضافاته تعالى و هي رحمته الرّحمانيّة الدّالة على الإبداء و الإبقاء و رحمته الرّحيميّة الدّالة على الاعادة و افاضة الكمالات الاختياريّة الانسانيّة حتّى يستعدّ بذلك التّوصيف للنّظر الى اللّه تعالى و توصيفه بصفاته في حمده و ثنائه بدون وساطة سماته و تختلف السّمات بحسب اختلاف حال القارى و المتّسم فتلك السّمة بالنّسبة الى المنقادين القابلين للولاية الغائبين عن اللّه و عن امامهم هي جهة النّفس المنقادة لولىّ أمرها و هي المقوّمة و الرّازقة المبقية بالنّسبة الى أهل مملكتها و المفيضة لكمالاتها الاختياريّة و بالنّسبة الى من عرف و وجد انموذجات أسمائه تعالى في وجوده تلك الانموذجات و بالنّسبة الى من حضر عند شيخة و وجد مثال شيخة في مملكته هي صورة شيخة و هو اوّل مقامات المعرفة بالنّورانيّة، و بالنّسبة الى من خرج من مقام التقدّر و عاين الأشياء مجرّدة عن التقدّر روحانيّة شيخة مجرّدة عن التقدّر، و بالنّسبة الى من خرج عن مقام التحدّد و التقييدات الامكانيّة مقام الإطلاق المعبّر عنه بالمشيّة و بالنّسبة الى الجامع لجميع المقامات سمات تمام المقامات و بعد الاستعداد للنّظر الى الذّات من غير احتجاب بحجب السمات ينبغي للقاري ان يجرّد النّظر عن الأسماء و ينظر الى اللّه في كلّ شي‏ء و في‏ء، و لا يرى من الأشياء الّا الحدود و النقائص و لا يرى صفات الكمال الّا من اللّه، و يطلق لسانه بصيغة الحمد إنشاء أو اخبارا بنحو حصر المحامد أو الحامديّة أو المحموديّة فيه تعالى، و يصفه بربوبيّته الّتى هي حفظ الأشياء بكمالاتها الموجودة و تبليغها الى كمالاتها المفقودة و هكذا الى آخر السورة بنحو ما ذكر سابقا.

ثمّ اعلم انّ للسّالكين الى اللّه أسفارا و منازل و مقامات و مراحل لا يحصيها الّا اللّه و قد قالوا انّها بحسب الامّهات منحصرة في أربعة اسفار، الاوّل، السّفر من الخلق الى الحقّ و هو السّير من حدود الكثرات و النّظر إليها الى الحقّ الاوّل، و منتهى هذا السّفر الوصول الى حدود القلب و مشاهدة الحقّ الاوّل في مظاهره بصفاته و أسمائه، و لا ينفكّ السّالك في هذا السّفر من العنا و كلفة التّكليف و في حقّ هذا السّالك قال المولوى قدّس سرّه:

جمله دانسته كه اين هستى فخ است‏

ذكر و فكر اختياري دوزخ است‏

و الثّانى، السّفر من الحقّ في مظاهره الى الحقّ المطلق و في هذا السّفر يتبدّل الكلفة راحة و المرارة لذّة و الخوف أمنا، و في هذا السّفر ورطات مهلكات كما سيجي‏ء. و الثّالث، السّفر بالحقّ في الحقّ، و في هذا السّفر يسير السّالك بتسيير الحقّ من غير شعور منه بسيره و لا بذاته، و السّلّاك في هذا السّفر أحد مصاديق قوله تعالى انّ أوليائي تحت قبابى لا يعرفهم غيري و الرّابع، السّفر بالحقّ في الخلق و ابتداء هذا السّفر ابتداء الرّبوبيّة و انتهاء العبوديّة و مقامات هذا السّفر لا يحصيها الّا اللّه و تحديد عدد الأنبياء (ع) و الأوصياء (ع) بمائة و اربعة و عشرين ألفا اشارة الى أمّهات تلك المقامات و سيجي‏ء تحقيق تامّ لبيان الاسفار و مراتب الإنسان عند

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 36

عند قوله تعالى‏ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما في سورة البقرة. إذا تنبّهت بذلك فاعلم انّ السّورة المباركة اشارة اجمالا الى الاسفار الاربعة المذكورة فانّ الاستعاذة اشارة الى السّفر من الخلق الى الحقّ لانّ هذا السّفر فرار من الكثرات و مظاهر الشّيطان الى عالم التّوحيد و مظاهر الحقّ تعالى، و الاستعاذة القّولية اخبار بهذا الالتجاء و الاستعاذة الفعليّة نفس ذلك الالتجاء و الفرار، و التسميّة الى قوله‏ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ اشارة الى السّفر من الحقّ الى الحقّ فانّ التسميّة اخبار بالاتّصاف بصفاته تعالى و ما بعده الى مالك يوم الدّين أعلام بحركة السّالك في صفات الحقّ تعالى الى ظهور مالكيّته و فناء العبد من ذاته و هذا السّفر حركة في صفات الحقّ تعالى الى فناء العبد، و قوله‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ اشارة الى السّفر بالحقّ في الحقّ لانّ مالكيّته تعالى لا يظهر الّا إذا صار العبد فانيا من فعله و وصفه و ذاته و بفناء ذاته يتمّ عبوديّته و بعد كمال عبوديّته لا يكون سيره الّا في الحقّ المطلق و لا يكون الّا بالحقّ لعدم ذات له، و قوله تعالى‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ اشارة الى السّفر بالحقّ في الخلق و هذا هو الرّجعة الاختياريّة في العالم الصّغير و البقاء بعد الفناء و الصّحو بعد المحو، و ينبغي ان يكون هذا السّفر بحفظ الوحدة في الكثرات و الصّراط المستقيم في هذا السّفر هو محفوظيّة الوحدة في الكثرة بحيث لا يغلب إحديهما على الاخرى و لا يختفى إحديهما تحت الاخرى و هذه الأحوال قد تطرؤ على السّلاك سواء استشعروا بها أو لم يستشعروا.

اذاقنا اللّه و جميع المؤمنين منها و مكّننا فيها و الحمد للّه اوّلا و آخرا و لا حول و لا قوّة الّا باللّه العلىّ العظيم.

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏1، ص: 37

سورة البقرة

مدنيّة كلها الّا آية واحدة منها و هي قوله تعالى‏ وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ‏ فانّها نزلت في حجّة الوداع بمنى كذا في المجمع‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

تحقيق مراتب الوجود و انّه حقيقة واحدة مشكّكه‏

الم‏ ، اعلم انّ الوجود حقيقة واحدة متأصّلة في التحقّق ظاهرة في مراتب كثيرة متفاوتة بالشّدة و الضّعف و التقدّم و التأخّر متكثّرة بحسب تكثّر التّعيّنات الّتى نشأت من تنزّلاتها و التعيّنات تابعة لها في التحقّق مجعولة بمجعوليّتها معلولة بمعلوليّتها لا حكم لها في أنفسها لانّها من حيث هي ليست الّا هي لا معدومة و لا موجودة و لا موصوفة بشي‏ء من توابعهما، و المدارك الحيوانيّة لتقيّدها بالتعيّنات الكثيرة لا تدرك الّا الموجودات المقيّدة بالتعيّنات من حيث هي مقيّدة و لذا تتوّهم انّ الأصل في التحقّق و المجعول بالذّات و المحكوم عليه هي التعيّنات و انّ الوجودات أمور اعتباريّة لا حقيقة لها و لا عليّة و لا معلوليّة فيها.

و اعلم أيضا انّ مرتبة من تلك الحقيقة غيب مطلق لا خبر عنها و لا اسم لها و لا رسم و الاخبار عنها بأن لا خبر عنها من قبيل الاخبار عن المعدوم المطلق بأنّه لا خبر عنه و الاسم الّذى استأثره اللّه تعالى لنفسه و لم يظهره لغيره هو في تلك المرتبة، و مرتبة منها ظهور المرتبة الاولى و تجليّه تعالى بأسمائه و صفاته و ذلك الظّهور يسمّى باعتبار بالواحديّة و باعتبار بالمشيّة كما يسمّى باعتبار بالعرش و باعتبار بالكرسي و باعتبار باللّه و باعتبار بالعلىّ و هي كلمة اللّه و فعل اللّه و إضافته الاشراقيّة و نور اللّه في السّماوات و الأرض و تسمّى بنفس الرّحمن للتّشبيه بنفس الإنسان و هي البرزخ بين الوجوب و الإمكان و الجامع بين الاضداد كلّها و في تلك المرتبة يجي‏ء الكثرة كم شئت بحسب كثرة الأسماء و الصّفات و بحسب كثرة التعيّنات:

تحقيق معنى بسيط الحقيقة كلّ الأشياء

و ما قيل انّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء و ليس بشي‏ء منها، اشارة الى تلك المرتبة؛ و الّا فمرتبة الوجوب الذّاتىّ لا خبر عنه كما مرّ و وجه كونها كلّ الأشياء انّها ماخوذة لا بشرط و المأخوذ لا بشرط لا ينافي المأخوذ بشرط بل هو هو مقطوع النّظر عن الشّرط و ما ورد في الآيات و الاخبار في بيان هذا الاتّحاد مشيرا الى بقاء المغايرة بين هذه المرتبة و بين الأشياء مثل قوله تعالى‏ هُوَ مَعَكُمْ‏ و قوله تعالى‏ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏ و قوله‏ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ و قوله‏ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ و قول المعصوم (ع) داخل في الأشياء لا بالممازجة و

قوله (ع) ما رأيت شيئا الّا و رأيت اللّه فيه‏

صفحه بعد