کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة

الجزء الأول

مقدمة المؤلف

الفصل الاول في حقيقة العلم و الجهل المشابه للعلم الفصل الثانى في شرافة هذا العلم و خساسة الجهل الفصل الثالث في ان العلم كلما ازداد ضعفت الانانية، و الجهل كلما ازداد زادت الانانية الفصل الرابع في تلازم العلم و العمل و اقتضاء العلم الحيرة و الخشية و العزلة الفصل الخامس في فضل قراءة القرآن و فضل التوسل به باى نحو كان الفصل السادس في آداب القراءة و كيفيتها و مراتب القراء الفصل السابع في جواز تفسير آيات القرآن و أخبار المعصومين عليه السلام و النظر فيها و التأمل في مفاهيمها و التفكر في معانيها و المراد بها و التدبر في مقاصدها و الغايات المؤول إليها و استعلام تنزيلها و استنباط تأويلها بقدر استعداد المفسر الناظر الفصل الثامن في الفرق بين الظهر و البطن و التنزيل و التأويل و المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ و العام و الخاص الفصل التاسع في تحقيق التفسير بالرأى الذى ورد حرمته و مذمته في الاخبار الفصل العاشر في ان علم القرآن بتمام مراتبه منحصر في محمد صلى الله عليه و آله و أوصيائه الاثنى عشر و ليس لغيرهم الا بقدر مقامه الفصل الحادي عشر في تحقيق ان القرآن ذو وجوه الفصل الثاني عشر في جواز نزول القرآن بوجوه مختلفة في ألفاظه الفصل الثالث عشر في وقوع الزيادة و النقيصة و التقديم و التأخير و التحريف و التغيير في القرآن الذى بين أظهرنا الذى أمرنا بتلاوته و امتثال أوامره و نواهيه و اقامة احكامه و حدوده الفصل الرابع عشر
سورة الفاتحة

سورة البقرة

تحقيق مراتب الوجود و انه حقيقة واحدة مشككه

تحقيق معنى بسيط الحقيقة كل الأشياء تحقيق جريان الحروف المقطعة على لسان المنسلخ عن هذا البنيان معنى تأويل القرآن و بطونه في الوجوه المحتملة في اعراب فواتح السور و عدم اعرابها تحقيق كون جميع الكتب المدونة حقه و باطله صور الكتاب الحقيقى الذى هو حقيقة القرآن تحقيق الكتاب و مصاديقه تحقيق معنى الكلام الفرق بين الكتاب و الكلام تحقيق ان الإنسان ما لم يخرج من أسر نفسه لا يدرك من القرآن الا اللفظ و العبارة تحقيق معنى الهداية تحقيق معنى التقوى و مراتبها بيان سر ظهور بعض الشطحيات من السلاك تحقيق قوله تعالى ليس على الذين آمنوا و عملوا الصالحات تحقيق الايمان و مراتبه تحقيق الصلوة و مراتبها تحقيق استمرار الصلوة و الزكاة للإنسان تكوينا بيان الكفر و اقسامه تحقيق مراتب القلب و إطلاقاته و تحقيق ختم القلب و البصر بيان اشتراء الضلالة بالهدى تحقيق الرعد و البرق و السحاب و المطر تحقيق معنى من دون الله الاشارة الى وجوه اعجاز القرآن بيان قطع ما امر الله به ان يوصل تحقيق الإفساد في الأرض تحقيق تكرار الأحياء و الاماتة للإنسان تحقيق خلق جميع الأشياء حتى السموم و ذوات السموم لنفع الإنسان تحقيق مادة الملك و أقسام الملائكة تحقيق كيفية قول الله و أمره للملائكة تحقيق معنى التسبيح و التقديس و الفرق بينهما تحقيق معنى الاسم و بيان تعليم آدم الأسماء كلها و بيان اللطائف المندرجة في الاية الشريفة تحقيق مراتب العالم و كيفية خلق الاجنة و الشياطين تحقيق توبة العبد تحقيق توبة الرب في توبة العبد تحقيق بيان اختلاف الفقرتين من قوله فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون تحقيق و تفصيل لاشتراء الثمن القليل بالآيات تحقيق الأمر بالمعروف و موارده تحقيق الوالدين و النسبة الروحانية حكاية ملك سليمان و كونه في خاتمه و رمز ذلك تحقيق السحر حكاية هاروت و ماروت و رموزها تحقيق الولى و النصير تحقيق الظلم تحقيق المسجد تحقيق ابتلاء إبراهيم بكلمات تحقيق مراتب الخلق من النبوة و الرسالة و الخلة و الامامة بيان خطوات الشيطان تحقيق القول على الله بما لا يعلمه تحقيق نزول الكتاب جملة و نجوما تحقيق كون القرآن بينات من الهدى تحقيق قربه تعالى تحقيق اجابته تعالى و عدم اجابته للعباد تحقيق إتيان البيوت من الأبواب و منع الإتيان من الظهور تحقيق الإفساد في الأرض و إهلاك الحرث و النسل تحقيق معنى الرجوع الأمور الى الله تعالى تحقيق مراتب كمال الإنسان تحقيق الولى و النبى و الرسول و الامام بيان حرمة شرب دخان الأفيون تحقيق تكيف النفوس من مجاورها تحقيق النعمة و مراتبها بحسب مراتب الإنسان بيان حكمة عدة النساء بيان الصلوة الوسطى بيان قرض الله و تحقيقه بيان التابوت و السكينة تحقيق الجبر و القدر و الأمر بين الأمرين و تحقيق بعض المطالب و تحقيق افعال العباد بحيث لا يلزم من نسبتها الى الله جبر للعباد و لا من نسبتها الى العباد تفويض إليهم و لا تعدد في النسبة يستدعى ذكر مقدمات: بيان الاحاطة بما شاء الله من علمه تحقيق الاستمساك بالعروة الوثقى و بيان العروة الوثقى بيان ابتغاء مرضات الله بحيث لا يخل بإخلاص العمل بيان الحكمة و مراتبها بيان الخبط من مس الشيطان

الجزء الثاني

سورة الانعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة الرعد سورة إبراهيم

الجزء الرابع

سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة الطور سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الدهر سورة المرسلات سورة النبا سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة التطفيف سورة الانشقاق سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة و الشمس سورة و الليل سورة و الضحى سورة الم نشرح سورة و التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزال سورة و العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة و العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة تبت سورة الفلق سورة الناس

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة


صفحه قبل

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 255

اليه بحيث يظهر هو أو أحد من خلفائه بحسب ملكوته على صدره و لذلك‏

ورد عن ابى عبد اللّه (ع) انّه قال: جاء رجل الى رسول اللّه (ص) فقال: اجعل نصف صلواتي لك؟- قال: نعم، ثمّ قال: اجعل صلواتي كلّها لك؟- قال: نعم، فلمّا مضى قال رسول اللّه (ص): كفى همّ الدّنيا و الآخرة

، و

في خبر عنه (ع): انّ رجلا أتى رسول اللّه (ص) فقال: يا رسول اللّه (ص) انّى جعلت ثلث صلواتي لك، فقال له: خيرا، فقال: يا رسول اللّه (ص) انّى جعلت نصف صلواتي لك، فقال له:

ذلك أفضل، فقال: انّى اجعل كلّ صلواتي لك؟ فقال: اذن يكفيك اللّه عزّ و جلّ ما اهمّك من امر دنياك و آخرتك، فقال له رجل: أصلحك اللّه كيف يجعل صلواته له؟ فقال ابو عبد اللّه (ع) لا يسأل اللّه عزّ و جلّ الّا بدأ بالصّلاة على محمّد و آله‏

، و أمثال هذه الاخبار كالقرآن ذات وجوه و هي مرادة بكلّ وجوهها بحسب مراتب النّاس فانّ الصّلوة تكون بمعنى الدّعاء، و الغائب عن الحضور لا يكون صلوته لمحمّد (ص) الّا دعاءه له، و يكون بمعنى الصّلوة المشروعة المشتملة على الأفعال و الاذكار المخصوصة، و الحاضر عند محمّد (ص) يجوز ان يكون معنى صلوته له دعاءه له و ان يكون معنى صلوته له ان يكون في صلوته المشروعة غير ناظر الى غيره، و يكون المخاطب في الصّلوة بل المتكلّم بل الفاعل محمّدا (ص) كما هو شأن من حصل له حالة الحضور عند شيخة، و من حصل له هذه الحالة كفى جميع مهمّاته، بل حصل له جميع خيرات الدّنيا و الآخرة، بل يكون له الغناء عن الدّنيا و الآخرة، و لذلك كان المشايخ رضوان اللّه عليهم مهتمّين بتحصيل هذه الحالة للسّالكين و لم يكن للسّالكين منظور الّا حصول هذه الحال، و كان مشايخ العجم يأمرون السّلّاك بجعل صورة الشّيخ نصب عيونهم تعمّلا حتّى يحصل بتلك التّعمّل هذه الحال، و بعد ما يقال لهم: انّ هذا كفر و تقيّد بالصّورة و اشتغال عن المعبود و المسمّى بالاسم، يجيبون بانّ هذا كفر و تشبّه بعبادة الأصنام لكنّه كفر فوق الكفر و الايمان، و اليه أشار المولوىّ قدّس سرّه:

آينه دل چون شود صافىّ و پاك‏

نقشها بيني برون از آب و خاك‏

هم ببينى نقش و هم نقّاش را

فرش دولت را و هم فرّاش را

چون خليل آمد خيال يار من‏

صورتش بت معنى أو بت شكن‏

شكر يزدان را كه چون أو شد پديد

در خيالش جان خيال أو نديد

و هذا الشّعر اشارة الى انّ الحضور لدى الشّيخ و ان كان ظاهره قيدا و كفرا لكنّه بحسب المعنى و الواقع اطلاق عن القيد لا انّه بتقيّد به.

و

معنى الصّلوة من اللّه الرّحمة عليه و من الملائكة تزكيته‏ كما في الخبر

، أو طلب نزول الرّحمة من اللّه عليه، و من العباد طلب الرّحمة من اللّه تعالى عليه، و لمّا كان المؤمن فعليّته الاخيرة هي الصّورة النّازلة من ولىّ امره و هي صورة نازلة من محمّد (ص) كان طلبه الرّحمة من اللّه على محمّد (ص) طلبا للرّحمة على فعليّته الاخيرة فكان صلوته على محمّد (ص) دعاء لنفسه و لذلك‏

ورد في خبر عن الرّضا (ع): و انّما صلوتنا رحمة عليه و لنا قربة

، و لمّا كان محمّد (ص) مظهرا تامّا للّه كان من توجّه اليه و طلب الرّحمة من اللّه عليه توجّه اللّه اليه بمضمون: من تقرّب الىّ شبرا تقرّبت اليه باعا، أكثر من توجّهه الى اللّه بعشر أو بمائة أو بألف أو بأكثر بحسب استعداد المصلّى، و توجّه اللّه اليه ليس الّا صلوته و نزول رحمته على العبد، و لمّا كان اللّه حقيقة كلّ ذي حقيقة كان إذا توجّه الى شي‏ء توجّه كلّ الأشياء اليه، فاذا صلّى اللّه على عبد لم يبق شي‏ء الّا و صلّى عليه خصوصا الملائكة المقرّبون لقربهم من اللّه تعالى و لذلك اقتصر في بعض الاخبار على ذكر الملائكة، و في بعضها أشير الى انّه لا يبقى شي‏ء الّا و صلّى عليه‏ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً يستفاد من بعض الاخبار انّ المراد بقوله سلّموا تسليما التّحيّة الاسلاميّة، و من بعضها انّ المراد التّسليم و الانقياد له فيما جاء به من عند اللّه، و من بعضها انّ المراد الانقياد له فيما جاء به من خلافة علىّ (ع)، و من بعضها انّ المراد الانقياد لوصيّه (ع)

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ‏

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 256

وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ الجملة جواب لسؤال مقدّر و تعليل لقوله: ما كان لكم ان تؤذوا رسول اللّه، و انّما قال يؤذون اللّه مع انّ المقصود إيذاء الرّسول (ص) اشارة الى انّ إيذاء رسول اللّه (ص) إيذاء للّه تعالى‏ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً تعريض بمن آذى عليّا (ع) و فاطمة (ع) فانّه صلّى اللّه قال: فاطمة بضعة منّى فمن آذاها فقد آذاني، و قال: من آذاها في حيوتى كمن آذاها بعد موتى، و من آذاها بعد موتى كمن آذاها في حيوتى، و من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللّه، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ ، و

عن علىّ (ع) انّه قال و هو آخذ بشعره فقال: حدّثنى رسول اللّه (ص) و هو آخذ بشعره، فقال: من آذى شعرة منك فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللّه، و من آذى اللّه فعليه لعنة اللّه‏

وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا بغير معصية منهم استحقّوا بها الإيذاء فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً كذبا يعنى انّ أذاهم بنسبة شي‏ء إليهم لم يفعلوه و لم يكن فيهم، أو المقصود انّ إيذاء المؤمن ليس الّا امرا باطلا و كلّ باطل كذب و بهتان‏ وَ إِثْماً مُبِيناً نزول هذه الآية في إيذاء علىّ (ع) و فاطمة (ع) لا ينافي عمومها لجميع المؤمنين و المؤمنات، قال في تفسير البيضاوي في هذه الآية:

روى‏ انّها نزلت في منافقين يؤذون عليّا (ع)

، و السّرّ في ذلك انّ المؤمن من حيث ايمانه ليس الّا ولىّ امره، و ايذاؤه من حيث ايمانه ليس الّا إيذاء ولىّ امره، و إيذاء ولىّ أمره قرين لإيذاء محمّد (ص) و علىّ (ع) و هو إيذاء اللّه‏ يا أَيُّهَا النَّبِيُ‏ أدب آخر لنساء النّبىّ (ص) و سائر الامّة قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ‏ كنّ لا يغطّين وجوههنّ و سائر مواضع زينتهنّ بجلبابهنّ فأمرهنّ اللّه تعالى بستر الوجوه و الصّدور بالجلابيب حتّى يتميّزن عن سائر النّساء بذلك، و الجلباب للنّساء ثوب وسيع يلبسنه فوق الثّياب دون الملحفة أو هو الملحفة ذلِكَ أَدْنى‏ أَنْ يُعْرَفْنَ‏ بتميّزهنّ من الإماء و القيان و سائر النّساء فَلا يُؤْذَيْنَ‏ قيل: كان سبب نزولها انّ النّساء كنّ يخرجن الى المسجد و يصلّين خلف رسول اللّه (ص) فاذا كان باللّيل و خرجن الى صلوة المغرب و العشاء الآخرة و الغداة يقعد الشّباب لهنّ في طريقهنّ فيؤذونهنّ و يتعرّضون لهنّ‏ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً فيغفر تقصيرهنّ فيما سلف و يرحمهنّ بتعليم آداب المعاشرة لهنّ‏ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ لمّا أراد تهديد أهل الرّيبة الّذين كانوا يتعرّضون للنّساء في الطّرق ضمّ معهم المنافقين و المرجفين‏ وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ الّذين يرجفون اى يخوضون في اخبار الفتن و يثيرون الفتن بين النّاس‏ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا زمانا أو جوارا قليلا، أو هو مستثنى من الفاعل‏ مَلْعُونِينَ‏ حال من فاعل لا يجاورونك‏ أَيْنَما ثُقِفُوا حال آخر منه أو من مرفوع ملعونين‏ أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا يعنى ان لم ينتهوا يخرجوا من المدينة بأسوء حال جامعين بين اللّعن و الطّرد من الرّحمة في الدّنيا و الآخرة و بين التّضييق بالقتل و الأخذ و بين لعن النّاس لهم و بين التّضييق عليهم بالقتل أينما ثقفوا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ‏ من الأنبياء (ع) و مرجفى أممهم‏ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قد مرّ مرارا انّ السّاعة فسّرت بساعة الموت و هي القيامة الصّغرى و بساعة ظهور القائم (ع) و هي أيضا قيامة اخرى اختياريّة أو اضطراريّة و بالقيامة الكبرى و فيهما أيضا يكون ظهور القائم (ع)، و لمّا كان كلّ ذلك في طول الزّمان لا في عرضه و لا يمكن للمحجوبين بحجب الزّمان و المكان إدراكها، و لا يعلمها الّا من خرج من حدود الزّمان و المكان و لحق بالملإ الأعلى و علم بعلم اللّه الّذى هو عند اللّه لا عند

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 257

الخلق امره اللّه ان يجيبهم بالإجمال، فقال‏ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ‏ و أنتم تكونون عند النّاس و لا يعلم العلم الّذى يكون عند اللّه الّا من كان عند اللّه و علم بعلم اللّه‏ وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً يعنى انّ السّاعة و ان كانت في طول الزّمان و المتقيّدون بالزّمان متباعدون منها غاية البعد لكنّها قريبة منهم غاية القرب لانّها بمنزلة الرّوح للزّمان و الزّمانيّات و روح الشّي‏ء أقرب من كلّ شي‏ء اليه‏ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ‏ كان المناسب هاهنا ان يكون المراد بالكافرين الكافرين بالسّاعة وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ‏ متعلّق بقوله لا يجدون أو بيقولون‏ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا في حقّ علىّ (ع) وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا و قرئ ساداتنا على جمع الجمع‏ وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا قرئ الرّسول و السّبيل بالألف للوقف على الفتح بالألف و اجراء الوصل على حال الوقف‏ رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ‏ لضلالهم و اضلالهم ايّانا وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً و قرئ كثيرا بالثّاء المثّلثة، القمىّ كناية عن الّذين غصبوا آل محمّد (ص) حقّهم يا ليتنا أطعنا اللّه و أطعنا الرّسولا يعنى في أمير المؤمنين (ع) و السّادة و الكبراء هما اوّل من بدأ بظلمهم و غصبهم فأضلّونا السّبيلا اى طريق الجنّة و السّبيل أمير المؤمنين (ع) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى‏ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا في حقّه و آذوه، و كان مناسب المقام من حمل الآيات في إيذاء الرّسول و إيذاء المؤمنين على إيذائه في علىّ (ع) و إيذاء علىّ (ع) و فاطمة (ع) ان يكون المعنى لا تكونوا في إيذاء الرّسول أو في إيذاء علىّ (ع) كالّذين آذوا موسى‏ وَ كانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً و ذلك انّ موسى كان حيّيا لا يغتسل الّا في موضع لا يراه أحد فقال بعض انّه عنّين و قال بعض: انّه ليس له ما للرّجال، و قال بعض: انّ به عيبا امّا برص أو أدرة «1» فذهب مرّة يغتسل و وضع ثوبه على حجر فمرّ الحجر بثوبه فطلبه موسى (ع) فرآه بنو إسرائيل عريانا كأحسن الرّجال فبرّأه اللّه ممّا قالوا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً لمّا نهى المؤمنين عن إيذاء الرّسول (ص) بنسبة ما لا يليق به اليه من انّه يريد ان يجعل ابن عمّه أميرا علينا، أو ليس ما يقوله في حقّ علىّ (ع) من اللّه تعالى أو أمثال ذلك أراد ان يأمرهم بان يقولوا قولا صدقا لا شوب بطلان فيه و لا يتولّد منه شين على القائل أو المقول فيه أو أحد من المؤمنين و لا يكون فيه أذى أحد من المؤمنين‏ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ‏ الّتى تعملونها ان كان فيها خلل و فساد يعنى انّ اللّسان رئيس سائر الأعضاء فان صلح و صلح ما يجرى عليه يصلح اللّه جميع اعمال الأعضاء وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏

عن الصّادق (ع) انّه قال لعبّاد بن كثير الصّوفىّ البصرىّ: ويحك، يا عبّاد غرّك ان عفّ بطنك و فرجك؟! انّ اللّه عزّ و جلّ يقول في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ‏ ، اعلم، انّه لا يقبل اللّه منك شيئا حتّى تقول قولا عدلا

، و هذا الخبر يدلّ على انّ أهل العلم و العرفان إذا لم يكونوا مجازين في القول لا ينبغي ان يقولوا حقّا فانّ أصل سداد القول بان يكون بإذن من اللّه، و لا سيّما إذا كان فيما يتعلّق بدين اللّه، و إذا أجيزوا لا ينبغي ان يقولوا الّا ما علموه و عرفوه انّه حقّ، فالويل كلّ الويل لمن تشبّه باهل الحقّ من الصّوفيّة و العلماء! فيجري على لسانه كلّ ما خطر على قلبه من غير اذن و اجازة من اللّه في القول‏

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً يعنى من يطع اللّه و رسوله في ولاية علىّ (ع) كما في الاخبار

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا المراد بالامانة كما أشير اليه في سورتي النّساء و المؤمنون و غيرهما و في هذه السّورة قبيل هذا اللّطيفة السّيّارة الانسانيّة الّتى‏

(1) الأدرة بالضّمّ الفتق.

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 258

لم يكن في خزانة الحقّ تعالى شأنه جو هو أبهى و أمثل منها، فأخرجها من خزانته الغيبيّة و عرضها على سماوات العقول و النّفوس و سماوات الأفلاك الطّبيعيّة بان أمّرها عليها ثمّ عرضها على أراضي العناصر ثمّ على جبال المواليد فأبى الكلّ من حملها لما لم يكن لها بأهل، لانّ هذه الجوهرة بذاتها كانت تقتضي محلّا مأمنا عليه حفّاظ كثيرة لكثرة سرّاقها و حسّادها و مستعدّا للخروج من التّقيّد و الحدود و الوصول الى عالم الإطلاق، و كلّ تلك المذكورات امّا لم يكن مستعدّا للخروج من الحدود أو لم يكن مستعدّا أو لا مأمنا و لا عليه حفّاظ، فأشفق كلّ منها عليها و من فنائها و هلاكها و تضرّع على اللّه ان يعفيه منها، ثمّ عرضها على المولود الأخير و غاية الكلّ و نهاية الجميع فوجده أهلا لحملة، و نظر الإنسان الى استعداده و قوّة الخروج عن الحدود فاشتاق إليها و تقبّلها و سأل الحفّاظ و المعاونين من سنخ الجنّة و الشّياطين و سأل الحفّاظ من سنخ الاناسىّ فأعطاه اللّه ذلك، و بهذا البيان للامانة يجتمع المختلفات من الاخبار و يتوافق المتخالفات منها، فقد فسّرت فيها بمطلق التّكليف، و بالصّلوة، و بالامامة و الامارة، و بالخلافة، و بمنزلة محمّد (ص) و آل محمّد، و بتمنّى منزلتهم، و بمطلق الامانة، و بولاية علىّ بن ابى طالب (ع)، و بشهادة حسين بن علىّ (ع)، و بالخلافة المغصوبة، و باختلاف التّفاسير في الامانة يختلف تفسير الإنسان بعلىّ (ع) و حسين (ع) و آدم (ع) و غاصبي الخلافة و مطلق الإنسان و هكذا الظّلوم و الجهول، فمن أراد الاطّلاع على اختلاف الاخبار فليرجع الى كتب التّفاسير و الاخبار لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ‏ تعليل لعرض الامانة أو لحملها الإنسان كما انّ قوله: انّا عرضنا الامانة كان تعليلا لقوله اتّقوا اللّه و قولوا قولا سديدا أو لقوله يصلح لكم و يغفر ذنوبكم كأنّه قال: اتّقوا سخط اللّه و عذابه لانّا لم نعرض الامانة على السّماوات و الأرض الّا لتميّز المنافق و المشرك عن المؤمن و الّا لعذاب المنافق و ثواب المؤمن أو يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم لانّا لم نعرض الامانة الّا لذلك، و تقديم عذاب المنافق و نسبة العذاب الى اللّه لكون السّورة نازلة في تفضيح المنافقين و لذلك كان اوّل السّورة نهيا لمحمّد (ص) عن طاعة المنافقين، و نقل عنهم انّ سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب و كانت أطول من سورة البقرة و لكن نقّصوها و حرّفوها فادّى تعالى شأنه عذاب المنافقين كأنّه هو الغاية، و نسب العذاب الى نفسه لذلك، و لان يختم السّورة بثواب المؤمنين و رحمتهم‏ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً فالغاية بالذّات ليست الّا مغفرة اللّه و رحمته للمؤمنين فهو استدراك لما يتوهّم من كون الغاية بالذّات هو عذاب المنافقين أو عذابهم و رحمة المؤمنين.

سورة سباء

مكّيّة كلّها، خمس و خمسون آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ قد مضى تفسيره في اوّل الحمد الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ‏ اى سماوات الأرواح‏

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 259

و سماوات الأفلاك‏ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ اى ارض عالمي المثال و عالم الطّبع فانّ الكلّ بالنّسبة الى الأرواح أراض و ارض العنصر و قد تكرّر انّ اللّام في مثل هذا تستعمل في المبدئيّة و المرجعيّة و المالكيّة و تكرّر أيضا انّه إذا قيل: لزيد ما في الصّندوق، يدلّ على انّ الصّندوق و ما فيه له خصوصا إذا كان ما في الصّندوق نفيسا وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ اى يخصّه الحمد في الدّار الآخرة أو يخصّه في آخرة مراتب الحمد فانّه يتراءى ان يكون غيره محمودا أيضا ما دام الإنسان في الدّنيا أو في مراتب الحمد و بعد النّظر الدّقيق و في دار الآخرة الّتى يتراءى كلّ شي‏ء كما هو يعلم انّ الحمد خاصّ به‏ وَ هُوَ الْحَكِيمُ‏ في فعاله أو في فعاله و علومه‏ الْخَبِيرُ بكلّ شي‏ء مع إتقان العمل و الدّقّة في العلم‏ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏ اى ما يدخل في ارض عالم المثال العلوىّ من اشعّة العقول و النّفوس، و من صور علوم العقول و النّفوس، و من الإفاضات اللّاتى تفيض عليها من العالم العلوىّ الّتى بها بقاؤها و رزقها، و الّتى تفيض عنها الى ما دونها من عالم الطّبع و عالم الجنّة و يعلم ما يلج في الأرض الّتى هي جملة عالم الطّبع من اشعّة العقول و النّفوس و عالم المثال، و ممّا يفيض عليها ممّا به بقاؤها و رزقها، و من الصّور الّتى تفيض على أجرامها، و من الوجود الّذى يتجدّد على جملة اجزائها آنا فآنا و يعلم ما يلج في الأرض العنصريّة من اشعّة العقول و النّفوس و عالم المثال و اشعّة كواكب الأفلاك و صور المواليد و القوى و الاستعدادات الّتى تدخل فيها بعد امتزاجها بسائر العناصر و تولّد المواليد منها و هكذا الاستعدادات الّتى تدخل في جملة المواليد و يعلم المياه الّتى تدخل فيها من البحار و الأنهار و الأمطار و ما يستحيل من الهواء إليها و من الاجزاء الرّشيّة الهوائيّة الّتى تدخل في تجاويفها، و من الحبوب و العروق الّتى تدخل فيها، و يعلم ما يلج في الأرض الّتى هي عالم الجنّة من القوى و الاستعدادات، و من الاناسىّ الّذين يدخلون في عالمهم من الأشقياء الّذين يصيرون من سنخهم، و ممّا يفيض عليها من العلويّين و من القوى و الاستعدادات الّتى تتولّد فيها من تأثير العلويّين، و يعلم ما يلج في عالم البرزخ المسمّى بهور قوليا في لسان الأقدمين فانّه مدينة لها الف الف باب، و في النّزول يدخل فيها كلّ يوم من أبوابها المشرقيّة ما لا يحصى عددهم من الملائكة النّازلة، و يدخل فيها من تلك الأبواب ما لا يحصى ممّا يفيض على ما دونها من عالم الطّبع و عالم الجنّة، و في الصّعود يدخل فيها كلّ يوم بل كلّ آن ما لا يحصى عددهم من الملائكة الصّاعدين و النّفوس البشريّة المنخلعة عن الأبدان الصّاعدة الى المثال العلوىّ و عالم الأرواح، أو النّازلة الى عالم الجنّة و الجحيم‏ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها يمكن ان يعلم ذلك بالمقايسة وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ الرَّحِيمُ‏ الّذى يرحم عباده و خلقه بان لا يقطع مدد حيوتهم و رزقهم منهم مع ما يرى منهم من قبائح أعمالهم و مع ما يعرج منهم الى السّماوات من الأعمال السّيّئة الّتى ينبغي ان يعذّبوا عليها الْغَفُورُ الّذى يستر قبائح أعمالهم عن الاناسىّ و الملائكة بل عن أنفسهم‏ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ اى القيامة أو ظهور القائم أو الرّجعة أنكروها و استبطأوها استهزاء قُلْ بَلى‏ وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ‏ قد مضى في سورة يونس (ع) تفسير الآية و قدّم الأرض هناك و اخّرها هاهنا، و وجه تقديم السّماوات ظاهر، و وجه تقديم الأرض مضى هناك‏ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ لا تعب فيه و لا تبعة له، تقديم جزاء المؤمنين و نسبة الفعل الى اللّه اشعار بانّ الغاية جزاء المؤمنين و انّه غاية بالذّات منسوبة الى اللّه بالذّات و لذلك غيّر الأسلوب و لم يقل و ليجزي الّذين سعوا في آيات اللّه و قال‏ وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا الآفاقيّة من الأنبياء و الأولياء عليهم السّلام بالاستهزاء بهم و توهينهم و إيذائهم و ضربهم و قتلهم و إخفاء أحوالهم و أخلاقهم و سننهم عن النّاس‏

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 260

و تلبيس أحكامهم و آياتنا الآفاقيّة الاخر بإخفائها عن النّاس و عن أنفسهم و آياتنا التّدوينيّة بإخفائها و تحريفها و تأويلها الى ما يوافق باطلهم‏ مُعاجِزِينَ‏ النّاس عن إعلان حقّهم و إظهار آية حقّهم أو معاجزين المدّعين لدلالة الآيات على الحقّ عن ادّعائهم أو معاجزين اللّه و خلفاءه، و قرئ معجزين بمعنى مثبّطين عن الايمان و عن النّظر الى دلالة الآية على الحقّ‏ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ‏ تنوين عذاب للتّفخيم و التّهويل، و الرّجز مطلق العذاب و حينئذ يكون من للتّبعيض، أو بيانيّة و يكون تنكيره للتّفخيم، أو المراد منه عبادة الأوثان و يكون من للتّعليل أو للابتداء، أو المراد منه الشّرك و يكون التّنكير للتّفخيم و التّنويع و لفظة من كسابقها، و المراد بالشّرك العظيم هو الشّرك بالولاية، أو المراد منه القذر و يكون لفظة من كسابقها و اليم قرئ بالرّفع صفة لعذاب و بالجرّ صفة لرجز وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ يرى بمعنى يعتقد أو يعلم و المراد بالعلم الّذى أوتوه هو النّور الّذى يقذفه اللّه في قلب من يشاء و لذلك قال تعالى: أوتوا العلم و لم يقل كسبوا العلم و اولى درجات هذا العالم هو النّور الّذى يجعل الإنسان متحيّرا في امره لا يدرى ما يقول و لا ما يفعل فيسكت عن الكلام و يتحيّر في طلب أصله كيف يطلب، و لذلك‏

قال (ص) حين سئل عن العلم: انّه الإنصات‏

الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ‏ قرئ الحقّ منصوبا و عليه فالّذى انزل إليك مفعول اوّل ليرى و هو ضمير الفصل و الحقّ مفعوله الثّانى و قرئ الحقّ مرفوعا و عليه يجوز ان يكون الّذى انزل إليك صفة للعلم و مفعول يرى محذوفا و جملة هو الحقّ مستأنفة، و يجوز ان يكون الموصول مفعولا ليرى و يكون يرى متعدّيا لواحد، أو المفعول الثّانى محذوفا و هو الحقّ جملة مستأنفة، و يجوز ان يكون الموصول مفعولا اوّلا و جملة هو الحقّ مفعولا ثانيا و المراد بالّذى انزل اليه (ص) جملة ما انزل اليه أو المعهود ممّا انزل اليه في ولاية علىّ (ع) و المراد بالّذين أوتوا العلم علىّ (ع) أو جملة المؤمنين‏ وَ يَهْدِي إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ عطف على جملة هو الحقّ أو عطف على جملة يرى الّذين أوتوا العلم و يكون حينئذ ضمير الفاعل راجعا الى البعض المستفاد من الّذين أوتوا العلم يعنى يهدى كلّ بعض منهم بوجوده و فعله و قوله و خلقه و حاله كعلىّ (ع) و بعض المؤمنين أو ببعضها كبعض آخر منهم‏ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هذه الجملة مقابلة لقوله تعالى و يرى الّذين أوتوا العلم و هما معطوفتان و فيهما معنى التّعليل و كان المناسب للمقابلة ان يقول و يقول الّذين كفروا لكنّه للاشعار بثبات أقوال المؤمنين و أفعالهم و استمرارها أتى هناك بالمضارع و للدّلالة على عدم ثبات أقوال الكافرين و أفعالهم فانّها كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض أتى بالماضي هاهنا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى‏ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ‏ بأمر عجيب كانوا يعنون النّبىّ (ص) و يستهزؤن به‏ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بالبعث بعد الموت‏ أَفْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً في نسبة ذلك الى اللّه أو في ادّعاء الرّسالة من اللّه‏ أَمْ بِهِ جِنَّةٌ اى جنون لا يقول ما يقول عن قصد و شعور بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم‏ فِي الْعَذابِ‏ الّذى جعلهم كالمجنون في عدم الاعتناء بقولهم‏ وَ الضَّلالِ الْبَعِيدِ نسبة البعد الى الضّلال مجاز عقلىّ يعنى انّهم مفترون و انّهم كالمجنون لا الرّسول‏ أَ فَلَمْ يَرَوْا اى الم ينظروا أو عموا فلم يروا؟ إِلى‏ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‏ سماء الأرواح و ارض الأشباح فانّ الإنسان من اوّل الخلقة متوجّه الى عالم الآخرة و عالم الأرواح و مدبر عن عالم الأشباح، و أيضا ارض الطّبع تحت قدميه فهي كشي‏ء خلفه و سماء الطّبع فوق رأسه فهي بما بين يديه أشبه أو لفظة من تبعيضيّة و المعنى الم ينظروا الى ما بين أيديهم؟

حالكونه بعضا من السّماء و بعضا من الأرض، أو ابتدائيّة و المعنى الم يروا الى ما بين أيديهم من الحوادث الماضية؟

تفسير بيان السعادة فى مقامات العبادة، ج‏3، ص: 261

حالكونه ناشئا من حركات السّماء و تأثّرات الأرض أو من الحوادث الآتية؟ على اختلاف تفسير ما بين أيديهم و ما خلفهم و الإنسان ان نظر الى سماء الطّبع و ما فيها من الكواكب و ما منها من الآثار الحادثة في الأرض و نظر الى ارض الطّبع و ما يحدث فيها بواسطة اشعّة الكواكب و دوران الأفلاك أيقن انّ له مبدء حكيما و مرجعا باقيا، و كذلك ان نظر الى نفسه و بدنه و اتّصالهما و تعانقهما و تعاشقهما، و نظر الى انحلال البدن و استكمال النّفس بكمالاتها اللّائقة بها أيقن بفناء البدن و بقاء النّفس و انّ لهما محدثا مدبّرا حكيما عليما قادرا مختارا إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ‏ الجملة بدل عن قوله الى ما بين أيديهم نحو بدل الاشتمال فيكون العامل معلّقا عنه و المعنى الم يروا الى السّماء و الأرض و الى انّا ان نشأ نخسف بهم الأرض‏ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أو الجملة مستأنفة معترضة إِنَّ فِي ذلِكَ‏ النّظر و الفكر أو في ما بين أيديهم و ما خلفهم من السّماء و الأرض أو في قدرتنا على خسف الأرض و إسقاط الكسف من السّماء لَآيَةً دالّة على المبدء و المعاد لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ‏ الى باطنه مشتغل بنفسه عن غير نفسه أو منيب الى ربّه بالرّجوع الى ولىّ امره أو الى ولىّ امره بالتّوبة على يده و البيعة معه‏

وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا جملة حاليّة أو معطوفة على مقدّر و المعنى، لم لا ينظرون الى ما بين أيديهم؟ أو الى ما خلفهم من الحوادث الماضية؟ حتّى أيقنوا بالمبدء العليم الحكيم، و الحال انّا آتينا داود منّا فضلا يدلّ على ذلك أو التّقدير لقد أحدثنا في ما مضى آيات عجيبة دالّة على كمال قدرتنا و خبرتنا و لقد آتينا داود منّا فضلا يا جِبالُ‏ حال أو مستأنف أو بدل تفصيلىّ من آتينا و الكلّ بتقدير القول اى قلنا يا جبال‏ أَوِّبِي‏ رجّعى نداءه بالتّسبيح بصدائك‏ مَعَهُ وَ الطَّيْرَ قرئ بالرّفع عطفا على الجبال أو على المستتر في اوّبى و اكتفى عن التّأكيد بالمنفصل بفاصل ما، و قرئ بالنّصب عطفا على محلّ جبال أو على الضّمير المجرور على ضعف في العطف على الضّمير المجرور بدون اعادة الجارّ، أو مفعولا معه، و قد مضى الآية مع بيانها في سورة الأنبياء وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ مثل الشّمعة يطيعه في اىّ شكل أراد أَنِ اعْمَلْ‏ ان تفسيريّة أو مصدريّة سابِغاتٍ‏ دروعا واسعات و اكتفى بالسّابغات لشهرة صنع الدّروع من الحديد من داود (ع) وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ في حلقها و نسجها و مساميرها بحيث يمكن لبسها و تمنع السّيف و السّهم و السّنان من النّفوذ فيها، و لا يكون ثقيلا يعجز اللّابس عن حملها، و لا خفيفا لا يمنع المذكورات من النّفوذ وَ اعْمَلُوا صالِحاً ضمّ اهله أو عشيرته أو أمّته معه في الخطاب، و تنكير صالحا امّا للتّحقير و الاكتفاء منهم بصالح ما أو للتّفخيم و الاشعار بالصّالح الحقيقىّ الّذى هو الولاية إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَ لِسُلَيْمانَ‏ اى ألنّا لسليمان (ع) الرِّيحَ‏ بمعنى سخّرناها له‏ غُدُوُّها اى سيرها في طرف الصّبح‏ شَهْرٌ وَ رَواحُها اى سيرها في طرف العصر شَهْرٌ قيل كانت الرّيح تحمل كرسيّه أو بساطه فتسير به بالغداة مسيرة شهر و بالعشىّ مسيرة شهر وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ اى الصّفر، قيل: أسال له النّحاس من معدنه ينبع منه نبوع الماء من الينبوع و لذلك سمّاه عينا و كان ذلك باليمن‏ وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ‏ اى بين يدي سليمان (ع) بِإِذْنِ رَبِّهِ‏ الضّمير للموصول أو لسليمان‏ وَ مَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ في الدّنيا أو في الآخرة يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ‏ اى قصور رفيعة سمّيت بها لمنعها من الاستيلاء عليها و القدرة على المحاربة فيها وَ تَماثِيلَ‏ اى صور،

عن الصّادق (ع) : و اللّه ما هي تماثيل الرّجال و النّساء و لكنّها الشّجر و شبهه‏

صفحه بعد