کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 25

و كما وقع الخلاف في إثباتها، وقع الخلاف في الجهر بها في الصلاة، و قد أخرج النسائي في «سننه»، و ابن خزيمة و ابن حبان في «صحيحيهما»، و الحاكم في «المستدرك»، عن أبي هريرة: (أنّه صلّى فجهر في قراءته بالبسملة، و قال بعد أن فرغ: إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم)، و صحّحه الدارقطني، و الخطيب، و البيهقي، و غيرهم.

و روى أبو داود، و الترمذي، عن ابن عباس: (أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، كان يفتح الصلاة ببسم اللّه الرحمن الرحيم)، قال الترمذي: و ليس إسناده بذاك، و قد أخرجه الحاكم في المستدرك، عن ابن عباس بلفظ، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، ثم قال: صحيح.

و أخرج البخاريّ في صحيحه، عن أنس، أنّه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: (كانت قراءته مدّا، ثمّ قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ يمدّ بِسْمِ اللَّهِ‏ ، و يمدّ الرَّحْمنِ‏ ، و يمدّ الرَّحِيمِ‏ .

و أخرج أحمد في «المسند»، و أبو داود في «السنن»، و ابن خزيمة في «صحيحه»، و الحاكم في «مستدركه» عن أمّ سلمة أنّها قالت: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقطّع قراءته‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ (4)، و قال الدارقطني: إسناده صحيح. و احتجّ من قال: بأنّه لا يجهر بالبسملة في الصلاة، بما في «صحيح مسلم» عن عائشة قالت: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، يفتتح الصلاة بالتكبير، و القراءة بالحمد للّه رب العالمين).

و في «الصحيحين»، عن أنس قال: (صليت خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أبي بكر، و عمر، و عثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين)، و لمسلم لا يذكرون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ في أوّل قراءة، و لا في آخرها.

و أخرج أهل السنن نحوه، عن عبد اللّه بن مغفّل، و إلى هذا ذهب الخلفاء الأربعة، و جماعة من الصحابة.

و أحاديث الترك و إن كانت أصحّ، و لكن الإثبات أرجح مع كونه خارجا من‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 26

مخرج صحيح، فالأخذ به أولى، و لا سيّما مع إمكان تأويل الترك، و هذا يقتضي الإثبات الذاتي، أعني: كونها قرآنا، و الوصفي أعني: الجهر بها عند الجهر بقراءة ما يفتتح بها من السور في الصلاة. انتهى من الشوكاني.

و البحث الثاني في فضلها:

و ورد في فضلها أحاديث.

منها: ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه، و ابن خزيمة في كتاب البسملة، و البيهقي، عن ابن عباس قال: (استرق الشيطان من الناس، أعظم آية من القرآن‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ).

و أخرج نحوه أبو عبيد، و ابن مردويه، و البيهقي في شعب الإيمان عنه أيضا.

و أخرج الدارقطني بسند ضعيف، عن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «كان جبريل إذا جاءني بالوحي، أوّل ما يلقي عليّ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

و أخرج ابن أبي حاتم في «تفسيره»، و الحاكم في «المستدرك»، و صحّحه، و البيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن عباس أنّ عثمان بن عفّان، سأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، عن‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ؟ فقال: «هو اسم من أسماء اللّه تعالى، و ما بينه و بين اسم اللّه الأكبر، إلّا كما بين سواد العين و بياضها من القرب».

و منها: ما أخرجه ابن مردويه، و الثعلبيّ، عن جابر قال: (لمّا نزلت‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ هرب الغيم إلى المشرق، و سكنت الريح، و هاج البحر، و أصغت البهائم بآذانها، و رجمت الشياطين من السماء، و حلف اللّه بعزّته، و جلاله أن لا تسمّى على شي‏ء، إلّا بارك اللّه فيه).

و منها: ما أخرجه أبو نعيم، و الديلمي، عن عائشة قالت: لمّا نزلت‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ضجّت الجبال، حتى سمع أهل مكة دويّها، فقالوا: سحر محمد الجبال، فبعث اللّه دخانا، حتى أظلّ على أهل مكة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ موقنا، سبّحت معه الجبال، إلّا أنّه لا يسمع ذلك منها».

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 27

و منها: ما أخرجه الديلميّ، عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ كتب اللّه له بكلّ حرف أربعة آلاف حسنة، و محا عنه أربعة آلاف سيئة، و رفع له أربعة آلاف درجة».

و منها: ما أخرجه الخطيب في الجامع، عن أبي جعفر، محمد بن عليّ قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ مفتاح كلّ كتاب. اه. من «الشوكاني».

و منها: ما أخرجه ابن العربي بسنده، عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: باللّه العظيم، لقد حدّثني محمد المصطفى، و قال: «باللّه العظيم، لقد حدّثني جبريل»، و قال: باللّه العظيم، لقد حدّثني إسرافيل، و قال: قال اللّه تعالى: يا إسرافيل! بعزّتي، و جلالي، وجودي، و كرمي، من قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، متصلة بفاتحة الكتاب مرّة واحدة؛ فاشهدوا أنّي غفرت له، و قبلت منه الحسنات، و تجاوزت عنه السيئات، و لا أحرق لسانه في النار، و أجيره من عذاب القبر و عذاب النار و الفزع الأكبر، و يلقاني قبل الأنبياء، و الأولياء أجمعين. اه. من المناوي على «الجامع الصغير».

و هذه الأحاديث ينبغي البحث عن أسانيدها، و الكلام عليها، بما يتبيّن به حكمها بعد البحث عنها إن شاء اللّه تعالى. و قد شرعت التسمية في مواطن كثيرة قد بينها الشارع.

منها: عند الوضوء، و عند الذبح، و عند الأكل، و الشرب، و عند الجماع، و غير ذلك.

و هذا كلّه مما يدلّ على فضلها، و مما ورد في فضلها أيضا.

حديث: «من رفع قرطاسا من الأرض مكتوبا عليه‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ إجلالا له و لاسمه عن أن يدنّس، كان عند اللّه من الصديقين، و خفّف عن والديه و إن كانا مشركين».

و مما ورد في فضلها:

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 28

ما روي عن ابن مسعود قال: (من أراد أن ينجيه اللّه من الزبانية التسعة عشر؛ فليقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ؛ ليجعل اللّه له بكلّ حرف منها جنّة من كلّ واحد منهم، فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار، الذين قال اللّه فيهم: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ، و هم يقولون في كلّ أفعالهم: بِسْمِ اللَّهِ‏ ... إلخ. فمن هنالك قوتهم.

و البحث الثالث في تفسيرها و معناها:

و الأحسن أن يقدر متعلّق الباء هنا (قولوا): لأنّ هذا المقام مقام تعليم، و هذا كلام صادر عن حضرة الربّ تعالى. اه. «جمل». و قال الطبري: إنّ اللّه سبحانه و تعالى، أدّب نبيه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم، بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، و جعل ذلك لجميع خلقه سنّة يستنّون بها، و سبيلا يتّبعونه عليها. اه.

فمعنى‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ؛ أي: اقرأ يا محمد أنت و أمّتك كتابي، حالة كونكم متبركين باسم اللّه الواجب الوجود، المستحقّ لجميع المحامد.

الرَّحْمنِ‏ ؛ أي: كثير الرحمة لعباده بجلائل النعم، كنعمتي الإيجاد و الإيمان.

الرَّحِيمِ‏ ؛ أي: كثير الرحمة لعباده بدقائقها، كالزيادة في الجمال، و العلم، و قوّة السمع، و حدّة البصر. و قال البيضاوي: و الرحمن الرحيم: اسمان بنيا للمبالغة، كالغضبان من غضب، و العليم من علم. و الرحمة في اللغة: رقّة القلب، و انعطاف يقتضي التفضّل و الإحسان، و منه: الرحم لانعطافها على ما فيه.

و الحكمة في تخصيص التسمية بهذه الأسماء الثلاثة؛ ليعلم العارف أنّ المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور، هو المعبود الحقيقي الذي هو مولي النعم كلها عاجلها، و آجلها، جليلها، و حقيرها، فيتوجه بشراشره إلى جناب القدس، و يتمسّك بحبل التوفيق، و يشغل سرّه بذكره و الاستغناء به عن غيره. اه. منه.

و البحث الرابع في حكم الجهر بها و الإسرار:

إذا ثبت بما تقدم من الأدّلة؛ أنّ البسملة آية من (الفاتحة)، و من غيرها من‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 29

السور، حيث كتبت، كان حكمها في الجهر، و الإسرار حكم (الفاتحة)، فيجهر بها مع (الفاتحة) في الصلاة الجهريّة، و يسرّ بها مع الفاتحة في الصلاة السريّة.

و ممن قال بالجهر بالبسملة من الصحابة: أبو هريرة، و ابن عباس، و ابن عمر، و ابن الزبير، و من التابعين فمن بعدهم: سعيد بن جبير، و أبو قلابة، و الزهري، و عكرمة، و عطاء، و طاوس، و مجاهد، و عليّ بن الحسين، و سالم بن عبد اللّه، و محمد بن كعب القرظي، و ابن سيرين، و ابن المنكدر، و نافع مولى ابن عمر، و زيد بن أسلم، و مكحول، و عمر بن عبد العزيز، و عمرو بن دينار، و مسلم بن خالد، و إليه ذهب الشافعي، و هو أحد قولي ابن وهب صاحب مالك، و يحكى أيضا عن ابن المبارك، و أبي ثور. و ممن ذهب إلى الإسرار بها من الصحابة: أبو بكر، و عمر، و عثمان، و علي، و ابن مسعود، و عمار بن ياسر، و ابن مغفّل، و غيرهم، و من التابعين فمن بعدهم: الحسن، و الشعبي، و إبراهيم النخعي، و قتادة، و الأعمش، و الثوري، و إليه ذهب مالك، و أبو حنيفة، و أحمد، و غيرهم.

و أما حجة من قال بالجهر: فقد روى جماعة من الصحابة منهم: أبو هريرة، و ابن عباس، و أنس، و علي بن أبي طالب، و سمرة بن جندب، و أمّ سلمة أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، جهر بالبسملة، فمنهم من صرّح بذلك، و منهم من فهم ذلك من عبارته.

و لم يرد في صريح الإسرار بها، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلّا روايتان:

إحداهما: ضعيفة، و هي رواية عبد اللّه بن مغفّل.

و الأخرى: عن أنس، و هي في «الصحيح»، و هي معلّلة بما أوجب سقوط الاحتجاج بها.

و روى نعيم بن عبد اللّه المجمر قال: صلّيت وراء أبي هريرة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، ثمّ قرأ بأمّ القرآن، و ذكر الحديث. و فيه ثم يقول إذا سلّم: (إنّي لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم)، أخرجه النسائي، و ابن خزيمة في صحيحه. و قال: أما الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فقد ثبت و صحّ عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 30

و روى الدارقطني بسنده، عن أبي هريرة. عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: (كان إذا قرأ و هو يؤمّ الناس، افتتح ببسم اللّه الرحمن الرحيم)، و ذكر الحديث. قال الدارقطني:

إسناده كلّهم ثقات. و عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: (كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم)، أخرجه الدارقطني، و قال: ليس في رواته مجروح.

و أخرجه الحاكم، أبو عبد اللّه، و قال: إسناده صحيح، و ليس له علّة. و في رواية عن ابن عباس قال: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، يفتتح الصلاة ببسم اللّه الرحمن الرحيم)، أخرجه الدارقطني، و قال: صحيح ليس في إسناده مجروح. و أخرجه الترمذي و قال: ليس إسناده بذاك. قال الشيخ أبو شامة؛ أي: لا يماثل إسناده ما في الصحيح، و لكن إذا انضمّ إلى ما تقدم من الأدلة، رجح على ما في الصحيح.

و عن أنس قال: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، يجهر بالقراءة ببسم اللّه الرحمن الرحيم)، أخرجه الدارقطني و قال: إسناده صحيح. و فيه عن محمد بن أبي السريّ العسقلاني قال: صلّيت خلف المعتمر بن سليمان، ما لا أحصي صلاة الصبح، و صلاة المغرب، فكان يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم، قبل فاتحة الكتاب، و بعدها، و سمعت المعتمر يقول: ما ألوي أن أقتدي، بصلاة أنس بن مالك، و قال أنس بن مالك: (ما ألوي أن أقتدي، بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم)، أخرجه الدارقطني و قال: كلهم ثقات. و أخرجه الحاكم، أبو عبد اللّه، و قال: رواة هذا الحديث عن آخرهم كلّهم ثقات.

قلت: و في الباب أحاديث و أدلّة و إيرادات و أجوبة من الجانبين يطول ذكرها، و في هذا القدر كفاية، و باللّه التوفيق. اه. من «الخازن».

البحث الخامس في مفرداتها، و تصاريفها:

فمنه البحث في الباء: فإن قلت‏ «1» : ما الحكمة و السر في أنّ اللّه تعالى جعل افتتاح كتابه بحرف الباء، و اختارها على سائر الحروف لا سيّما على‏

(1) روح البيان.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 31

الألف، فإنّه أسقط الألف من الاسم و أثبت مكانه الباء في‏ بِسْمِ‏ ؟.

فالجواب: إنّ الحكمة في افتتاح اللّه بالباء عشرة معان:

أحدها: أنّ في الألف ترفّعا و تكبّرا و تطاولا، و في الباء انكسارا و تواضعا و تساقطا، فمن تواضع للّه رفعه اللّه.

و ثانيها: أنّ الباء مخصوصة بالإلصاق بخلاف أكثر الحروف خصوصا الألف من حروف القطع.

و ثالثها: أنّ الباء مكسورة أبدا، فلمّا كانت فيها كسرة، و انكسار في الصورة، و المعنى: وجدت شرف العندية من اللّه تعالى، كما قال تعالى: (أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي).

و رابعها: أنّ في الباء تساقطا و تكسّرا في الظاهر، و لكن رفعة درجة، و علوّ همة في الحقيقة، و هي من صفات الصدّيقين، و في الألف ضدّها. أمّا رفعة درجتها: فبأنّها أعطيت نقطة، و ليست للألف هذه الدرجة. و أمّا علوّ الهمة: فإنه لمّا عرضت عليها النقط ما قبلت إلّا واحدة؛ ليكون حالها كحال محبّ لا يقبل إلّا محبوبا واحدا.

و خامسها: أنّ في الباء صدقا في طلب قربة الحق؛ لأنها لما وجدت درجة حصول النقطة وضعتها تحت قدمها، و ما تفاخرت بها، و لا يناقضه الجيم، و الياء؛ لأنّ نقطتها في وضع الحروف ليست تحتهما؛ بل في وسطهما، و إنّما موضع النقط تحتهما عند اتصالهما بحرف آخر؛ لئلا يشتبها بالخاء، و التاء، بخلاف الباء؛ فإنّ نقطتها موضوعة تحتها سواء كانت مفردة، أو متصلة بحرف آخر.

سادسها: أنّ الألف حرف علّة بخلاف الباء.

صفحه بعد